الموافق:07/07/2012م.
(مشروع بيان، أو فتوى)
الاتحاد إلى الأخذ بسعة الشريعة في جواز تولي المرأة وغير المسلم مناصب تنفيذية.
ويطالبهم بتحقيق مجتمع العدل والمساواة في الحقوق والواجبات..
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛؛
فقد وردت الى الأمانة العامة للاتحاد مجموعة من الاسئلة حول مدى شرعية أن تتولى المرأة، أو القبطي منصب نائب رئيس الجمهورية.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرى ما يلي:
أولاً: أن على الحركات الاسلامية والدعاة والمفكرين الاسلاميين مُراعاة فقه التنزيل والشروط والضوابط للتطبيق، وأن تتسع صدورهم للأمور الخلافية، والمسائل التي تدخل في الوسائل، مع عدم التفريط في ثوابت الإسلام وقواطعه.
ثانيا: يؤكد الاتحاد في المسائل السياسية على أنها تقوم على المصالح والمقاصد وأنها في معظمها – كما قال امام الحرمين – "عرية عن النصوص القطعية" وبالتالي فيجب على الذين انتخبهم الشعب لقيادة البلاد أن يراعو مقاصد الشريعة، وفقه المآلات من الافعال والأقوال والتصرفات كما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد صدر من المجلس الأوروبي قرار حول أثر اعتبار مآلات الأفعال في تقرير الأحكام وتنزيلها جاء فيه " إنّ لمآلات الأفعال اعتباراً مهماً في استنباط الأحكام وتنزيلها؛ لما ينبني عليه من سد للذرائع وتحقيق للمقاصد كما ذهب إليه معظم أهل العلم، وعلى ذلك أدلّة كثيرة من القرآن والسنة، منها قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة، لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين، بابٌ يدخلُ الناسُ، وبابٌ يخرجون" (متفق عليه، واللفظ للبخاري). ولأن أحكام الشريعة منوطة بتحقيق مقاصدها، فالمقاصد لئن كانت تتحقق عند تنزيل الأحكام على الأفعال المتعلقة بها بصفة عامّة إلا أنّ بعض الأفعال قد تحفّ بها ظروف خاصّة فلا يتحقّق فيها المقصد الشرعي عندما يطبّق عليها الحكم الخاصّ بها، فيكون ذلك مبرّراً لأن يُعتبر هذا المآل الذي تؤول إليه فيكون الحكم الشرعي تبعاً لذلك.
وإذا كان المآل معتبراً في الأحكام، فإنه ينبغي التحوط في تقديره، حتى لا ينتهي الأمر إلى المآل الموهوم فيبنى عليه حكم في غير موضعه، ويكون في ذلك خطأ في تقرير أحكام الشريعة أو تنزيلها؛ ولذلك ينبغي أن لا يُعتبر في المآلات إلا ما يتحقق العلم به على وجه اليقين أو الظنّ الغالب."
ومن هذا المنطلق فعلى أولياء امور المسلمين وبخاصة في دول الربيع العربي التي يُتَرَبَصُّ بهم في الداخل والخارج ان يراعوا ما يترتب على قراراتهم من مآلات في الداخل والخارج، فقد امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل رؤوس المنافقين الذين آذوه حتى في عرضه حتى "لا يقال: إن محمداً يقتل اصحابه"
ثالثاً: بناءً على ما سبق فإن الاتحاد يدعو الإسلاميين عموماً، والمسؤولين منهم خصوصاً الى الأخذ بسعة الشريعة وحكمتها ومراعاة الظروف السياسية والاجتماعية، والإقليمية والدولية، كما يدعوهم الى التركيز على معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق نمو اقتصادي، وتنمية شاملة، فالشباب والفقراء ينتظرون بفارغ الصبر أن تحل مشاكلهم.
رابعاُ: إن من حقوق المرأة التي أقرها الاسلام حقوقها السياسية الخاصة بالترشح للمجالس الشورية (البرلمانية) لأنها داخلة في باب الولاية المشتركة فقال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) سورة التوبة الآية 71، وأما المناصب الوزارية أو أن تكون المرأة أحد النواب لرئيس الجمهورية، أو رئيس الوزراء، فالذي يظهر رجحانه جوازه، لأنه غير داخل في منطوق حديث أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن الفرس ولّوا بنت كسرى عليها بعد وفاة أبيها، فقال "لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة" رواه البخاري، وذلك لأن الحديث في الولاية الكبرى/ كما أن للسياق واللحاق دوراً في التخصيص والتوضيح، والتنزيل.
ومن المعلوم أن القران الكريم ذكر قصة بلقيس ملكة سبأ التي أنقذت شعبها بحكمتها، وأفلحت، حيث ذكرها القران في معرض المدح والثناء عليها وعلى نهجها.
خامساً: اما تعيين أحد النصارى نائباً ضمن نواب الرئيس المصري المنتخب في ظل الظروف الحالية، وفقه الموازنات فلا مانع منه شرعاً، حيث إن المؤشرات كلها تدل على أن ذلك يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويحقق مزيداً من الانسجام والتلائم بين مكونات الشعب الواحد، ويقطع دابر كيد الكائدين والمتربصين ويعطي الصورة السمحة للاسلام، كما أنه لا يوجد دليل قطعي الدلالة على منع المواطنين غير المسلمين من تقلد المناصب التنفيذية، ولذلك أجازه جماعة من الفقهاء منهم الامام الماوردي الشافعي، والقاضي أبو يعلى الحنبلي ويقول الماوردي في الاحكام السلطانية ص28 "ويجوز أن يكون هذا الوزير من أهل الذمة" والمقصود بوزير التنفيذ نائب خليفة المسلمين ووكيله الوسط بينه أي الخليفة وبين الرعايا والولاة، يؤدي عنه ما أمر، وينفذ عنه ما ذكر، ويمضي ما حكم، ويخبر بتقليد الولاة وتجهيز الجيوش، ويحرص عليه ما ورد من مهام.... فهو معين في تنفيذ الامور وليس بوال عليها..." ويراعى منه سبعة أوصاف ... وهي الأمانة، والصدق، وقلة الطمع حتى لا يرتشي، وعدم تحليه بالعداوة والشحناء، والذكاء والفطنة حتى لا تدلس عليه الأمور، وأن لا يكون من أهل الأهواء، والحنكة والتجربة.
وقد كرر هذه المعاني القاضي أبو يعلي الحنبلي في كتابه الاحكام السلطانية ص31-33.
ومن المعلوم أن نائب الرئيس حسب القوانين المعتمدة هو نائب عنه في تنفيذ قرارات الرئيس، والقوانين واللوائح.
هذا والله اعلم وهو الموفق
أ.د علي القره داغي أ.د يوسف القرضاوي
الأمين العام رئيس الاتحاد