البحث

التفاصيل

كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه

الرابط المختصر :

كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه

د. زغلول اللنجار

قال تعالى: *إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ* (ص: 31-33).

في هذه الآيات الثلاث إشارة إلى عرض الخيل الصافنات على سليمان عليه السلام، والعرض بمعنى أن الخيل أُبرزت له حتى نظر إليها، والفعل مبني للمجهول حتى لا يُشار إلى الذين قاموا بهذا العرض، والعشي هو الفترة من الزوال إلى الغروب، فإذا غابت الشمس فهو العشاء الأول والآخر، والصافنات من الجياد هي التي تقف على ثلاثة قوائم وعلى طرف حافة الرابعة، والجياد كذلك هي السُّرّاع من الأحصنة، والحادثة تدل على قيمة الخيل في حياة الناس، وعلى اهتمام سليمان عليه السلام بها، فقد استعرضها في يوم من الأيام، ولكثرتها لم تغب حتى غابت الشمس تحت الأفق فضيعت على سليمان صلاة موقوتة له، فطلب ردها إليه وأخذ يُؤنِسها بالمسح على سوقها و أعناقها، كما هو معهود عند مروضي الخيل اليوم.

والمقصود بكلمة "الحجاب" هنا هو الأفق، أي: أُفُق الأرض، بمعنى حتى غابت الشمس تحت الأفق، وفي ذلك إشارة ضمنية رقيقة إلى كروية الأرض، وفي الآية كذلك إشارة أخرى إلى دور أنثى الخيل في تدبير أمر جماعتها، ولذلك جاءت الإشارة في هذه الآية المباركة إلى الخيل بالتأنيث، فالخيل حيوانات اجتماعية بطبيعتها الفطرية، فهي تحيا منطلقة في البراري في قطعان محدودة العدد (من ٤-١٠ في المتوسط)، وكل جماعة من جماعات الخيل تعتمد على مهرة واحدة أو مهرتين وأنسالهما حتى أعمار سنتين إلى ثلاث سنوات، وعلى مُهر أو أكثر من مُهر واحد في المجموعة، والإناث في جماعة الخيل هي الحاكمة للجماعة، وصاحبة القرار على جميع أفرادها، أما المُهر أو الأمهار فعليه أو عليهم حراسة القطيع، من هنا جاءت الإشارة في هذه الآيات القرآنية إلى الجياد بالتأنيث، فإذا أخطأ أحد أفراد القطيع نهرته أمه وشكته إلى القائمة على جماعة الخيل التي تعاقبه بما يستحق، وقد يصل هذا العقاب إلى حد الطرد المؤقت أو الدائم من مرافقة القطيع.

وهذه الإشارات إلى فضائل الخيل في كل من السكون والحركة، وإلى خُيلائها بما حباها الله تعالى من صفات الجمال، والرشاقة، والذكاء، والفطنة، وإلى إحساسها المُرهف للمس للخيل خاصة فوق أعناقها وسيقانها يعتبر سبقاً علمياً للقرأن الكريم من قبل ١٤٠٠ سنة، والإشارة كذلك إلى دور الأنثى في قطعان الخيل، هي من الحقائق التي لم يصل إليها علم الإنسان إلا بعد اهتمامه بعلم سلوك الحيوان في القرنين الماضيين، من هنا كان إيراد القرآن الكريم لهذه الحقائق بالدقة والوضوح الواردين في سورة ص ما يشهد لهذا الكتاب العزيز بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية، بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه من قبل ١٤٠٠ سنة، وتعهد بحفظه إلى قيام الساعة.

الاعجاز العلمي سورة_ص القران والعلم تفسير القران


: الأوسمة



التالي
معنى الدين
السابق
بعد قرار بريطانيا.. الأمم المتحدة تعلن استمرار تعاملها مع "حماس"

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع