أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بياناً يعتبر فيه تهجير المسيحيين من بعض محافظات العراق مخالفاً للشرع الإسلامي ، إضافة إلى الصورة السيئة التي يتركها هذا التهجير في حق الإسلام والمسلمين ، ويطالب المسئولين عن هذا التهجير القسري بالكف عنه ، والسماح للمسيحيين بالعودة إلى ديارهم ، وتقديم صورة إيجابية عن الإسلام الحنيف . كما يطالب العالم بعدم استهداف المسلمين حول العالم بما يثير روح الضغينة في نفوس الجميع ، ويؤجج الصراعات التي لا طائل منها . وهذا نص البيان:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد؛
يندِّد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بعمليات التهجير القسري للإخوة المسيحيين في العراق من بيوتهم ومدنهم ومحافظاتهم، وهي أعمال مخالفة للشرع الإسلامي، وللضمير الإسلامي، ولا تترك إلا صورة سلبية سيئة عن الإسلام والمسلمين ، وتتناقض مع حقائق الإسلام الذي شمل الناس جميعاً بمبادئ العدل والإحسان، وقيم البر والتسامح، التي دلَّ عليها قوله تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }[ الممتحنة: 8] . وبامتثال هذه المبادئ قدَّم المسلمون نماذجَ رائعة في التعامل مع غير المسلمين في أشدِّ الأوقات صعوبة، ممَّا دعا الآلاف إلى اعتناق الإسلام والاندماج في المجتمعات الإسلامية والتعايش معهم في الوطن الواحد.
كما يطالب الاتحاد تنظيم ما يُسمّى بالدولة الإسلامية بالعراق والشام، والذي افتأت على المسلمين بإعلانه الخلافة المزعومة: أن يسمح للمسيحيين في الموصل بالعودة إلى ديارهم ، فهم من أبناء العراق الأصليين، وليسوا دخلاء عليه ، ويجب السعي على وأد الفتنة ، وتوحيد الصف ، وحل مشكلات العراق العريق ، بدلاً من إقحامه في أمور تزيد من تعقيد المشهد الحالي ، ولا تخدم سوى مؤامرات الأعداء الساعية إلى تفتيت العراق ، بل تفتيت الأمة العربية والإسلامية بالكامل .
وكنا نودُّ من هذا التنظيم إن كان يعيش في عصره أن يطالب مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العالمَ أجمع بإعادة النظر في طريقة التعامل مع المسلمين في مناطق عديدة، وخاصة فلسطين وما يقع على الفلسطينيين من تهجير وتشريد وتدمير وقتل ومجازر ، وما يحاك من مؤامرات ضدّ المسلمين في بلاد كثيرة مثل : سريلانكا والهند وأفريقيا الوسطى وغيرها ، ممَّا يسبِّب تأجيج الصراع على أسس مذهبية وطائفية، ويدخل العالم في دوامة صراع لن تنتهي، إلا بعد أن تأتي على الأخضر واليابس .
وينادي الاتحادُ العالم الحر – إن كان يسمع النداء وفيه بقية من الحياة- أن يقف مع المظلومين المضطهدين الذين سُلبت حقوقهم، فتحقيق العدل واستعادة الحقوق لأصحابها سيوقف الصراعات والنزاعات والحروب ،وينهي صور التطرف من كافة الأطراف.
إنَّ إيقاظ الفتنة شر ٌّ عظيم ، ويجب على الناس جميعًا التعاون في معرفة أسبابها، والسعي لقطع دابرها، وإطفاء شرارتها، بل إخماد نارها.
حفظ الله تعالى العراق وكلَّ بلاد العرب والمسلمين من الاقتتال الداخلي، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن .
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]
التاريخ: 24 رمضان 1435 هـ
الموافق 22 يوليو 2014 م
أ.د علي القره داغي أ.د يوسف القرضاوي
الأمين العام رئيس الاتحاد