البحث

التفاصيل

طلاقة القدرة الإلهية في إبداع الخلق

طلاقة القدرة الإلهية في إبداع الخلق

د. زغلول النجار

قال تعالى: *اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (الزمر: 62-74).

هذه الآيات الكريمة تؤكد على حقيقة أن الله تعالى هو خالق كل شئ وربها ومليكها والمتصرف فيها، فالوجود كله بما فيه ومن فيه خاضع لتدبيره وتصريفه وأمره. لذلك أردفت الآية ٦٣ بقوله تعالى: *لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ*، والمقاليد هي المفاتيح، وتشير إلى خزائن كل من السماوات والأرض، لأن الأمور كلها بيد الله تبارك وتعالى، له الملك وله الحمد وهوعلى كل شئ قدير، لذلك ختمت الآية باللوم على الكفار الذين جحدوا آيات الله مؤكدة أنهم هم - بالقطع - الخاسرون.

والذي يتأمل ذاته والأحياء والجمادات من حوله يرى طلاقة القدرة الإلهية في إبداع الخلق في تناسق وتكامل تامين مما ينفي هذه الخاصية عن كل ما هو سوى الله، فعملية الخلق إذا نُسبتء إلى الله تعالى كان معناه الإيجاد من العدم على غير مثال سابق، ولا يقدر على ذلك إلا الله.

ثم توجه الآيات الخطاب إلى رسول الله ﷺ مُستنكرة دعاوى الشرك بالله، ومؤكدة له أن رسالته وجميع الرسالات السماوية السابقة على بعثته الشريفة جاءت برسالة رئيسية واحدة مؤداها *أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره*، وفي ذلك نفي قاطع لكل صور الشرك بالله، لأن الشرك يُحبط الأعمال و يجعل المشرك من الخاسرين، من هنا كان واجب عباد الله أن يعبدوه وحده - بلا شريك، ولا شبيه، ولا منازع، ولا صاحبة ولا ولد - وأن يكونوا له من الشاكرين.

ثم تؤكد الآيات هذا المعنى باستعراض وجه من أوجه الآخرة حيث ستكون الأرض جميعاً في قبضة ربنا تبارك وتعالى، وتكون السماوات مطويات بيمينه تأكيداً على حقيقة ألوهيته ووحدانيته، وأنه كما خلق السماوات والأرض الحاليين فهو قادر على إفنائهما والإتيان بغيرهما في يوم القيامة، وهذا تصوير لقدرة الله تعالى وعظمته، والقبضة هنا مجاز عن الملك والقدرة على التصرف، وكذلك اليمين وكل منهما تنبيه على جلال الله تعالى وعظمته، ورمز إلى أن الخلق جميعاً في السماوات والأرض في قبضة الخالق سبحانه وتعالى أي تحت إمرته وحكمه، وفي هذا الموقف العصيب ينفخ في الصور نفختين: (أولاهما نفخة الصعق التي يموت على إثرها كل حي، وثانيتهما نفخة البعث التي يبعث على إثرها كل ميْت)، ثم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ويبعث الخلق من الأرض الجديدة التي سيكون عليها الحساب والجزاء (أرض المحشر) وكل من الجنة والنار.

يومئذ يتجلى الحق تبارك وتعالى للفصل بين الخلائق فتشرق الأرض بنور ربها (وهي الأرض الجديدة) وتوزع الكتب على أصحابها، ويتقدم الأنبياء والشهداء صفوف المحاسَبين ويساق أهل الجنة إلى الجنة كما يساق أهل النار إلى النار، وفي ختام هذه الآيات إشارة إلى أن جنة الخلد ستكون جنة على الأرض الجديدة، كما كانت جنة أبوينا آدم وحواء عليهما السلام جنة أرضية على أرضنا الحالية، وهاتان قضيتان تلتبسان على كثير من الناس، وتجلية ختام سورة الزمر لحقيقة أن جنة الخلد ستكون على الأرض مما لا يعرفه كثير من الناس.

زغلول النجار الاعجاز العلمي سورة الزمر القران والعلم تفسير القران





التالي
البيان الختامي للاجتماع الثاني لمجلس الأمناء
السابق
الصين تصفها بالخدعة.. محكمة شعبية بلندن تدين بكين بالإبادة الجماعية ضد الإيغور

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع