الرابط المختصر :
.jpeg)
الدوحة في 27 ذي الحجة 1430
الموافق: 14 ديسمبر 2009
بيان للاتحاد حول ما يحدث في العراق من تفجيرات مؤلمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا وأمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن أتبع هداه.
(وبعد)
يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما يشهده العراق بين فترة وأخرى من تفجيرات عنيفة ومدمرة تحصد المئات من الأرواح البريئة من أبناء هذا الشعب الذي طال الأمد على محنته دون غيرهم، فبعد أن كان القتل يشمل القوات المحتلة وبالاخص القوات الأمريكية، فإن عملية انسحاب هذه القوات من المدن واعادة انتشارها حولها، يبدو أنها استطاعت أن تؤمن أفرادها مما كانت تتعرض له من المقاومة لتبقى آلة القتل تتفنن في تقتيل أبناء الشعب العراقي الآمنين في بيوتهم ومراكز عملهم وفي أسواقهم ومدا رسهم وجامعاتهم.
فلسائل أن يسأل: من الذي يقف وراء هذه التفجيرات، وما الفائدة من ورائها إذا كان ما يفوق 150ألف جندي أجنبي محتل لأرض العراق تنام قريرة العين دون أن ينالها أي أذًي من هذه التفجيرات التي تحول شوارع بغداد الغالية بين الحين والآخر الى أنهار من الدماء الزكية الطاهرة لأبناء هذا الوطن الممتحن المغلوب على أمره؟؟
كما يبدو أنه اصبح من المعروف أن هذه التفجيرات وهذا القتل الجماعي تزداد وتيرته مع كل محطة انتخابية، منذ أن ابتلي العراق بهذا الاحتلال البغيض، فإن الاستعدادات الجار ية لتنظيم انتخابات تشريعية في منتصف العام القادم زادت في شراسة وقوة هذه التفجيرات، وارتفاع عدد ضحاياها، ظنا من أصحابها والجهات التي تقف وراءها أنها بإمكانها أن تمنع بها تنظيم هذه المحطة الانتخابية.
إننا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وأمام هذه الأوضاع المتردية في العراق وأمام هذا القتل الجماعي للآمنين من ابناء الشعب العراقي وحرصا منا على صيانة هذه الدماء التي حرم الله إراقتها فإننا نرى ما يلي:
- نناشد الجهات التي تقف وراء هذه التفجيرات أن يتقوا الله في شعوبهم وأهليهم، ويكفوا عن الاعتداء على الدماء والاموال والأعراض، كما أوصانا نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" وإن كل الذرائع التي يردوا من خلالها استباحة هذه المحرمات، إنما هي متشابهات تردها المحْكمات من كتاب الله البين، ومن سنة رسوله الكريم. ألم يقرؤوا ما قرره القرآن وكتب السماء: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] ألم يقرؤوا في حديث الرسول: " لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم بغير حق ". كما نناشد كذلك جميع دول الجوار بأن يساعدوا العراق على الاستقرار للخروج من أزمته، ونطالب جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالتدخل الايجابي لصالح العراق وآمنة واستقراره.
- إننا نوجه خطابنا إلى الشعب العراقي أولا- سنة وشيعة وعربا وأكرادا- أن يستجيبوا إلى نداء الإيمان، وصوت العقل، واحساس الضمير ليوحدوا كلمتهم، ويكفوا عن التفرق والقتال، ونوجه نداءنا إلى علمائهم ومفكريهم وسياسييهم أن يخشوا الله في أهل العراق ومستقبل العراق، وأن يتجمعوا في ظل عراق مستقل آمن موحد عادل، وأن يسدوا كل الثغرات التي يلج منها أعداء العراق وأعداء الإسلام. إننا نناشدهم الله والرحم، والمصلحة العامة أن يعيدوا إلى العراق سيادته وكرامته وعزته ووحدته ، وليخرج الاحتلال خائبا خاسرا، ويبقى العراق عزيزا قويا كريما.
- نحن في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين نرى أن الانخراط في عملية الانتخابات لمصلحة مستجلبة لا هو كفر ولا هو فسوق، بل هو داخل في السياسة الشرعية، المراعية لكتاب الله وسنة رسول(صلى الله عليه وسلم) مع أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية السياسية للعراقيين – فهم أدرى بشعابهم- ولكننا نناشدهم أن يكفوا عن قتل بعضهم بعضا، امتثالا لوصية نبينا صلى الله عليه وسلم " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".
إن الأمر عظيم والخطب جسيم، فالله الله في دماء الأبرياء وحرماتهم وأموالهم، والله الله من الاستمرار في هذه الفتنة العمياء. ونذكر الجميع بقوله تعالي: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الرئيس
أ.د/يوسف القرضاوي