مهرجان فلسطين في لندن.. احتفاء بالتراث في معركة الهوية مع الاحتلال على الساحة البريطانية
لندن – بالأعلام الفلسطينية الضخمة تستقبلك بوابة قاعة مغطاة في منطقة "هارو" بالعاصمة البريطانية لندن المحتضنة لفعاليات مهرجان فلسطين الذي درج المنتدى الفلسطيني على تنظيمه في "الإكسبو" ببريطانيا كل سنة.
وبمجرد دخول القاعة تتجلى أمامك كل الرموز الثقافية والتراثية الفلسطينية، من أعلام وكوفية، ومفاتيح العودة، وزي تقليدي، وأكل، وأنشطة تعريفية بالثقافة الفلسطينية.
وركز المنظمون على الجانب الثقافي في هذه الدورة، بغرض "الحرص على تكريس الرواية الفلسطينية لدى الجيل الجديد من الفلسطينيين الذين ربما لم يسبق لهم أن شاهدوا فلسطين لكنها حاضرة معهم"، حسب ما أكد رئيس المنتدى الفلسطيني زاهر البيراوي.
وحضر المهرجان عدد من الشخصيات البريطانية التي تعتبر صديقة لفلسطين، وفي مقدمة تلك الشخصيات الزعيم السابق لحزب العمال جيرمي كوربن الذي شارك بكلمة ذكّرت الحاضرين بكلماته القوية كلما شارك في أي نشاط مرتبط بفلسطين، وبادر الحاضرين بتحية "السلام عليكم"، وسط هتاف الحاضرين باسمه.
صديق فلسطين
ركز جيرمي كوربن في حديثه مع الجزيرة نت على أهمية الطابع الثقافي للمهرجان، وأهمية الحرص على إبراز الهوية الثقافية الفلسطينية، فقال إن "المهرجان يجمع الجالية الفلسطينية، ويقدم الأكل واللباس والموسيقى والرقص والفن الفلسطيني، وهذه كلها مظاهر الفرح والبهجة في حياة الفلسطينيين، لكنها أيضا تعبير عن إصرار فلسطيني لإنهاء الاحتلال والحرية للفلسطينيين".
ولا يخفي كوربن فخره بأنه كان من أوائل من قدموا تعهدا بالاعتراف بدولة فلسطين في حال الوصول إلى رئاسة الوزراء.
وأكد الزعيم السياسي البريطاني أن التضامن الشعبي مع فلسطين في تزايد مستمر في بريطانيا وفي دول أوروبية أخرى، وقال "هذا بفضل وجود سياسة ناجحة وواضحة للتعريف والتضامن مع فلسطين، وقبل أشهر شاهدنا كيف خرج مئات الآلاف من الناس من أجل التضامن مع فلسطين، وكنت حاضرا هناك، وكان الأمر مذهلا".
وعبر كوربن عن إعجابه الشديد بالحماسة التي يظهرها الشباب الفلسطينيون في التعريف بقضيتهم والدفاع عنها، وقال "أنا سعيد جدا لوجودي بينهم".
حرب الروايات
حرص المنظمون على حضور كل أشكال التراث الفلسطيني في الأكل واللباس والفن، أما سبب هذا الحرص فهو -حسب رئيس المنتدى الفلسطيني زاهر البيراوي- "الإبقاء على السردية الفلسطينية حاضرة أمام محاولات الاحتلال السطو على كل ما هو فلسطيني".
ويضيف البيراوي أن "مهرجان هذا العام يأتي بحلة متميزة تنقل المشاركين فيه إلى فلسطين وتراثها وأكلاتها الشعبية وأغانيها ودبكتها ومطرزاتها وعبق زيتها وزعترها وميرميتها"، لافتا إلى أن الهدف "هو ربط الجيل الجديد من الأطفال والشباب -الذين لم يسبق لهم أن زاروا فلسطين- ببلدهم، والأغلبية من الحاضرين كانت من الشباب، وهذا يظهر ارتباط هذا الجيل بفلسطين وإن كان بعيدا عنها جسديا".
من جهته، اعتبر مدير المهرجان عدنان حميدان أن "رسالة الدبكة والفلافل أبعد من فكرة الرقص الشعبي والطعام التقليدي، حيث تبذل إسرائيل جهدا غير عادي لنسبتهما إليها تثبيتا لفكرة إنشائها على أرض بلا شعب أو هوية كما تزعم، وعليه، نحن لا نقول إننا سنحرر فلسطين بهما، ولكن ننتصر لها في معركة الهوية والحفاظ على التاريخ".
لغة الفن
لا يخلو مهرجان فلسطيني من رقصة الدبكة الشهيرة التي تحولت إلى رمز عالمي يحملها الفلسطيني معه أينما حل وارتحل، وهذا ما تحقق في هذا المهرجان بحضور فرقة "ياسمين الشاب" للأطفال للدبكة، وكذلك فرقة "الفرسان الشعبية" للدبكة التي رقص أعضاؤها على إيقاع الأغاني التراثية الفلسطينية التي تتغنى بالأرض وأصحابها.
أما الفنان الأردني طوني قطان الذي شارك في المهرجان بأدائه عددا من الأغاني التراثية الفلسطينية فأكد خلال حديثه مع الجزيرة نت على "أهمية الفن في الإبقاء على القضية الفلسطينية حية في ضمير جميع الشعوب"، معتبرا أن "الفن هو لغة عالمية يفهمها الجميع وسهلة الانتشار والتأثير، لهذا يجب عدم إغفال الجانبين الفني والثقافي في معركة الوعي والحفاظ على الهوية الفلسطينية".
وعبر الفنان الأردني عن إعجابه بحجم الارتباط الكبير الذي لدى الشباب والأطفال الفلسطينيين بقضيتهم وأرضهم، وقال "صحيح أن الكثير منهم لم يزوروا فلسطين لكني اندهشت من حجم ارتباطهم بقضيتهم ومعرفتهم بكل تفاصيلها وحرصهم على رموزها التراثية، فالجميع كان حريصا على ارتداء الزي الفلسطيني التقليدي والكوفية".
وأكد قطان أن الفن الفلسطيني يمتلك كل المقومات "لكي يصل إلى العالمية، وأعتقد أنه على كل من يشتغل في هذا الفن أن يكون هاجسه الدائم هو إيصاله لكل العالم، طبعا مع إعطاء الأولوية أيضا للبقاء دائما حاضرين وبقوة في الساحة العربية، لأنها الحاضنة الأولى لكل ما هو فني وتراثي فلسطيني".
المصدر : الجزيرة