طلاقة القدرة الإلهية في الخلق
د.زغلول النجار
قال تعالى: *اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ* (غافر: 61-64).
هذه الآيات أوردت ستة أدلة على طلاقة القدرة الإلهية في الخلق وعلى شهادة ذلك على قدرته على البعث، ومن هذه الأدلة أن الله تعالى جعل الليل مظلماً لنسكن فيه، والنهار مبصراً لنجتهد فيه بالعمل لإعمار الأرض والجري على المعايش والعبادة. وأكدت الآية الكريمة أن هذا من أعظم نعم الله تعالى على الناس الذين لا يشكر أغلبهم هذه النعم، ومن أوجه هذه النعم الكبيرة أن الإنسان وما حوله من جميع المخلوقات لا يمكنهم العيش في ليل مستمر، ولا في نهار مستمر. فتبادل الليل والنهار من ضرورات استقامة الحياة على الأرض، ومن وسائل تعرف الإنسان على مرور الزمن، والتأريخ للأحداث، وأداء العبادة المفروضة.
والدليل الثاني من أدلة الله تعالى على عباده كما أوردتها هذه الآيات هي التأكيد على أن الله تعالى هو خالق كل شئ، وأنه لا شريك له في ملكه، ولذلك تسأل الآية ٦٢ في ختامها كل أهل الأرض كيف يمكن لعاقل أن يُصرف عن عبادة هذا الخالق العظيم وعن توحيده توحيداً مطلقاً!.
والدليل الثالث أن الله تعالى قد جعل الأرض قراراً حتى تكون كوكباً صالحاً للعمران، واستقرار الآرض يشمل الكوكب ككل، كما يشمل الغلاف الصخري للأرض الذي نعيش عليه، وقد تم ذلك بخلق الجبال وإلقائها على سطح الأرض بنظام فائق الدقة، فالجبال تثبت ألواح الغلاف الصخري للأرض بأوتادها الطافية في نطاق الضعف الأرضي وذلك لأن الأرض في دورانها حول محورها تترنح يمنة ويساراً، وهذا الترنح لا يسمح بحياة مستقرة على سطح الأرض، كذلك فإن كتل القارات تتزلج فوق نطاق الضعف الأرضي مع دوران الأرض حول محورها، وهذا الزحف كان في القديم بدرجات عالية لا تسمح للحياة أن تستقيم على سطح الأرض، لذلك يمن علينا ربنا تبارك وتعالى بأنه جعل لنا الأرض قراراً.
والدليل الرابع أن الله تعالى جعل السماء من حول الأرض بناء عظيماً يدفع عن كوكبنا الأشعة الكونية وغيرها من المخاطر المحيطة بنا، والسماء الدنيا مليئة بالأجرام المختلفة والتي آحكمها ربنا تبارك وتعالى في بناء شديد الترابط، شديد التماسك وشديد الالتحام.
أما الدليل الخامس فهو أن الله تعالى صور الإنسان فأحسن صورته.
وعن الدليل السادس فإن الله تكفل برزق أهل الأرض جميعاً ورزق الإنسان من الطيبات ولذلك ختمت هذه السلسلة من الآيات بقوله تعالى: {… فتبارك الله رب العالمين*}.
الاعجاز_العلمي سورة_غافر _والعلم تفسيرالقران