12 عملية فلسطينية خلال أسبوع.. هل سيتغير المشهد في الضفة بعد ازدياد اعتداءات المستوطنين؟
بيت لحم- سجلت الطواقم الطبية خلال الأيام القليلة الماضية عشرات الإصابات في صفوف الفلسطينيين، بينها ما وصفت بالخطيرة، بعد هجمات منظمة شنها المستوطنون على قرى وبلدات فلسطينية، وقدّر محللون إسرائيليون أن هذه الاعتداءات قد تؤدي إلى ردة فعل فلسطينية قوية.
ويوم الجمعة دهس مستوطنون امرأة فلسطينية قرب قرية سنجل شمالي رام الله بالضفة الغربية مما أدى إلى استشهادها، وشيّع الفلسطينيون الأربعاء شابا قتل بالرصاص الإسرائيلي في مدينة البيرة قرب رام الله أيضا.
ومنذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، استشهد 7 فلسطينيين بالرصاص الإسرائيلي في حوادث متفرقة، بينما تسببت هجمات واعتداءات المستوطنين بمئات الإصابات في مواجهات واسعة شهدتها قرى شمال نابلس في شمال الضفة الغربية، ولا سيما قرية برقة التي خرج المئات من أهلها للتصدي لاقتحامات المستوطنين وهجماتهم في الأسبوع الأخير.
ويعتقد أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيت لحم بلال سلامة أن جميع العوامل المؤهلة لاندلاع انتفاضة فلسطينية موجودة، وليست بحاجة إلا لبعض الوقت لانطلاقها، ولكن ليس بصورة الانتفاضة الأولى والثانية، بحكم غياب العمل النضالي المنظم فلسطينيا.
وصفة انفجار
الكيانات التنظيمية الحزبية الكبرى في الضفة الغربية تم تفكيكها بعد عام 2007 (عقب الانقسام الفلسطيني)، وفق سلامة الذي قال للجزيرة نت: إن تنفيذ المستوطنين لمخططاتهم في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية، وغياب سياسة فلسطينية رسمية لمواجهة هذه المخططات، قد تذهب باتجاه انفجار الأمور على الأرض.
لكن -بحسب الأكاديمي- ستكون الردود الفلسطينية فردية لا منظمة، وستأخذ طابع "الفزعة"، في ظل عدم دعم السلطة الفلسطينية لأي عمل مقاوم للاحتلال، وبحكم القبضة الأمنية والتنسيق بين أجهزة أمن السلطة وإسرائيل، لذلك يمكن احتواء أي تحرك فلسطيني، غير أن الأمر قد يتطور لمواجهة شاملة، لأنه لا يمكن استمرار تخدير الشارع الفلسطيني مدة طويلة.
فقدان السيطرة
يتقاطع رأي سلامة مع تقدير المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور، الذي قال إن القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية ستفقدان السيطرة على الميدان في لحظة معينة.
فالحكومة الإسرائيلية -وفق منصور- يترأسها نفتالي بينيت بخبرة سياسية ضعيفة، ويمثل حزبا إسرائيليا ليس له وزن سياسي، كما أن حكومته لن توقف تحركات المستوطنين، خاصة أن رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو يضع أمامها أجندات صعبة لم تقتصر فقط على التشريعات في الكنيست، بل امتدت للاختبار على الأرض، وهو ما أبعد وجود سياسية إسرائيلية واضحة تجاه الاستيطان.
فوضى إسرائيلية
كما أن وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، يعتقد بوجوب دعم السلطة الفلسطينية، ويعمل مع الجانب الأميركي على ذلك، ويشاطره في ذلك وزير الشؤون الإقليمية الإسرائيلي المنتمي لحزب ميرتس الذي يدعم هذا التوجه، لكن بينيت والأحزاب اليمينية الأخرى تساير المستوطنين ولا تستطيع لجم تحركاتهم، بحسب منصور.
ويرى منصور -في حديثه للجزيرة نت- أن حالة الفوضى في الحكومة الإسرائيلية انعكست على الميدان، وخاصة في الضفة الغربية المحتلة، والخطير في ذلك أن هجمات المستوطنين أصبحت منظمة، وبشكل جماعي وبهجمات واسعة ولا تقتصر على اعتداء هنا أو هناك يمكن السيطرة عليه.
أما فلسطينيا، بحسب منصور، فهناك حالة من اليأس الداخلي الواضح، سواء على المستوى السياسي أو المعيشي، إضافة إلى حالة الغضب تجاه اعتداءات المستوطنين المنظمة والمتكررة، والضعف الاقتصادي للسلطة الفلسطينية، واحتمالية حرب جديدة على غزة بفعل الواقع المرير هناك، ومجمل هذه الوقائع وصفة للانفجار بلا شك.
خلايا عسكرية.. ولكن
ولم يستبعد منصور أن تشكّل حركتا حماس والجهاد الإسلامي خلايا عسكرية تعمل ضد جنود الاحتلال والمستوطنين في الضفة، وهو ما تخشاه إسرائيل أيضا، فهي دائمة الحديث عما تسميه "مؤامرة حماس" ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، "وكأنها تلقي باللوم على الآخرين في فشلها بضبط الأمور في الميدان"، والتي قد تتجه نحو عمليات مقاومة ولكن ليس بالشكل المنظم أو النوعي.
وكان جال برغر المختص بالشأن الفلسطيني في قناة "كان" العبرية، قال مؤخرا إن الجهات الأمنية الإسرائيلية أحصت 12 عملية فلسطينية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين خلال الأسبوع الماضي، أدّت إحداها إلى مقتل مستوطن قرب مستوطنة حومش المخلاة شمال الضفة.
وتوقع محللون إسرائيليون مؤخرا أن تتجه الأمور نحو التصعيد في أعمال المقاومة الفلسطينية، في ظل هجمات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم، والتي ما زالت تتواصل بشكل شبه يومي في أرجاء الضفة الغربية المحتلة.
المصدر : الجزيرة