مؤتمر الإصلاح والمصالحة
إسطنبول: 3 ـ 9 نوفمبر 2018
توطئة
كثيرا ما تحدث بين المسلمين خلافات تبتدئ في الغالب من اختلاف في التصوّرات لمفاهيم دينية ثمّ تمتدّ لتتمثّل في اتّجاهات وفرق ومذاهب قد يكون بعض منها مظهر ثراء وعطاء وسعة على المسلمين في تديّنهم، ولكنّ بعضا منها قد ينتهي إلى الفرقة والتنازع فيشقّ وحدة المسلمين ويشتّت قواهم ويوهن عزمهم على التعاون من أجل البناء.
ويعيش المسلمون اليوم وضعا من الفرقة يؤرّق حياتهم، وينتهي بهم أحيانا إلى الفتنة التي قد تصل إلى حدّ التقاتل، انطلاقا في الغالب من اختلاف مذهبي في فهم الدين، وهو وضع تجد فيه العوامل الخارجية منفذا للتأجيج، ومدخلا لتوسيع الشقّة من أجل تحقيق المصالح والاستئثار بالمقدّرات المادّية التي تزخر بها بلاد المسلمين.
وكثيرا ما يكون هذا الاختلاف ناشئا عن أخطاء منهجية في فهم الدين تؤدّي إلى اختلاف في التصوّرات والأفهام، ثمّ تؤدّي إلى انغلاق على تلك التصوّرات والأفهام وتعصّب لها ورفض لما سواها في غياب لثقافة الحوار والتسامح والإعذار، فإذا بكرة الاختلاف تتدحرج مثل كرة الثلج، وفي كلّ دورة من دورات تدحرجها يزداد الوضع استفحالا، ويزداد واقع المسلمين سوء.
إنّ الاختلاف بين المسلمين قديم وسيكون باقيا، ولكنه قد يكون اختلافا إيجابيا فيه الثراء وفيه العطاء، كما هو شأن الخلافات المذهبية الفقهية التي انتهت إلى تلك المدوّنة الفقهية التي هي مفخرة للمسلمين، وقد يكون سلبيا مدمّرا كما نراه اليوم بين الجماعات التي تنشر الفوضى وتعيث في الأرض بالفساد.
إنّ المصالحة بين المسلمين لا يمكن أن تهدف إلى نزع الاختلافات بينهم بإطلاق، فذلك غير ممكن بحسب طبيعة العقول في الفهم، وبحسب طبيعة الدين في ظنّية بعض نصوصه المؤسّسة قرآنا وسنّة، ولكنّ المصالحة الفاعلة تكون بترشيد الاختلاف وتوجيهه وجهة الثراء والعطاء والنماء بدل وجهة الفتنة والفناء، ولا يكون ذلك إلا بإصلاح عميق لمنهج فهم الدين وتنزيله أولا، ثمّ بإصلاح في ثقافة التعايش بما تقتضيه من الحوار ومن التسامح والإعذار، فهي إذن مصالحة تقوم على الإصلاح.
لا يمكن أن تتمّ المصالحة بين الفرقاء المسلمين من المذاهب والطوائف إلا على أساس من إصلاح منهجي في فهم الدين ينتهي إلى إصلاح في المفاهيم التي تسبّب الفرقة، فحينما يلتقي كلّ الفرقاء على صعيد مشترك في منهج الفهم فإنّ ذلك يؤدّي إلى انصلاح المفاهيم التي تسبّب الفرقة ويؤسّس لثقافة العيش المشترك وحينئذ فإنّ باب المصالحة بينهم سيكون مشرعا يسهل الولوج منه.
من أجل تبيان هذا الإصلاح وتبيان المصالحة التي تنبني عليه يُعقد مؤتمر علمي بعنوان " الإصلاح والمصالحة " على هامش الهيئة العمومية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لتكون مخرجات هذا المؤتمر مادّة يتحرّك بها العلماء في مختلف مناشطهم إسهاما منهم في علاج الواقع الإسلامي الذي تشقّه الخلافات في وضع المسلمون فيه في أشدّ الحاجة إلى الوحدة.
وبالإضافة إلى ما سبق فإن الخلافات السياسية بين الدول العربية، والإسلامية قد تجاوزت الحدود، وأضرّت بالمصالح العامة لجميع الفرقاء، وبقضايانا العامة، مثل قضية فلسطين، وكذلك الخلافات بين الأحزاب السياسية والجماعات الإسلامية قد بلغا النخاع.
وأمام هذه الأوضاع المؤلمة لا بد أن يكون للعلماء دورهم في الإصلاح والنصح والترشيد والتوجيه، وذلك من خلال مؤتمرات علمية وورش عمل للوصول إلى العلاج الفكري والمنهجي الصحيح لتنطلق منه المشاريع والبرامج لتحقيق الأهداف المنشودة.
1 ـ أهداف المؤتمر
يهدف هذا المؤتمر إلى تحقيق الأهداف التالية:
ـ تشخيص وضع الفرقة بين المسلمين والوقوف على أسبابها الحقيقية عامّة
ـ تشخيص السبب العلمي المنهجي في الخلاف بين المسلمين
ـ وضع تصوّر للإصلاح المنهجي في فهم الدين وإصلاح ما ينتج عنه من مفاهيم
ـ وضع تصوّر للمصالحة بين الفرقاء المسلمين بناء على ذلك الإصلاح
ـ وضع تصوّر لآليات عملية للمصالحة بين لفرقاء المسلمين
2 ـ محاور المؤتمر
يتناول المؤتمر بالبحث المحاور التالية:
أ ـ واقع الفرقة بين المسلمين
ـ واقع الفرقة وآثارها
ـ القصور المنهجي في فهم الدين سببا في الفرقة
ـ غياب ثقافة الاختلاف سببا في الفرقة
ب ـ أسباب الفرقة بين المسلمين:
. أسباب داخلية
. أسباب خارجية
ت . الحلول
. حسب نوعية السبب
. حلول أخرى
ج . منطلقات الإصلاح
. منطلق المشتركات الدينية
. منطلق الثوابت المشتركة.
. منطلق السماح في دائرة المتغيرات (الواسعة)
. منطلق المصالح المشتركة
د . الإصلاح المنهجي في فهم الدين
ـ ترشيد الفهم للنصّ الديني
ـ ترشيد التراتبية بين الأصول والفروع والكليات والجزئيات
ـ تأصيل ثقافة الاختلاف وآدابه
ـ تأصيل ثقافة الإعذار
ه ـ إصلاح المفاهيم المسببة للفرقة
ـ إصلاح مفهوم الإيمان والكفر
ـ إصلاح مفهوم الولاء والبراء
ـ إصلاح مفهوم الوحدة والتناصر والتكافل
ـ إصلاح المواقف من أحداث التاريخ
ـ إصلاح المواقف من الآخر غير المسلم
و ـ المصالحة بين الفرقاء
ـ جمع المسلمين على الأصول
ـ توحيد المسلمين تجاه الأخطار المشتركة
ـ تحرير المسلمين من الارتهان الخارجي
ى ـ الخطوات الإجرائية للمصالحة بين المسلمين
ـ تكثيف الحوار بين الفرقاء
ـ توسيع دائرة المنظمات والهيئات المشتركة
ـ تأسيس المدارس والمعاهد والكليات التي تنشر ثقافة الوحدة
ـ توسيع دائرة المقررات العلمية التي تنشر ثقافة التسامح والإعذار