البحث

التفاصيل

في ذكرى معجزة الإسراء والمعراج (2\6)

الرابط المختصر :

في ذكرى معجزة الإسراء والمعراج (2\6)

د. زغلول النجار

وفي وصف رحلة الإسراء، يقول الله تعالى:*سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير* (الإسراء: 1).

 والإسراء واقعة تاريخية لم ينكرها كفار قريش، وإن تعجبوا من كيفية وقوعها، فقد روى القاضي عياض في كتابه المعنون "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" أن حادثة (الإسراء والمعراج) كانت قبل هجرته الشريفة بسنة، وأنه لما رجع رسول الله ﷺ من رحلته المعجزة تلك أخبر قومه بذلك في مجلس حضره من صناديد قريش كل من المطعم بن عدي، وعمرو بن هشام، والوليد بن المغيرة، فقال ﷺ: "إني صليت الليلة العشاء في هذا المسجد، وصليت به الغداة، وأتيت فيما دون ذلك بيت المقدس، فنشر لي رهط من الأنبياء منهم إبراهيم، وموسى، وعيسى، وصليت بهم وكلمتهم"، فقال عمرو بن هشام مستهزئا: صفهم لي، فقال ﷺ: "أما عيسى ففوق الربعة، ودون الطول، عريض الصدر، ظاهر الدم، جعد أشعر تعلوه صهبة (أي بياض بحمرة) كأنه عروة بن مسعود الثقفي، وأما موسى فضخم آدم طوال، كأنه من رجال شنوءة، متراكب الأسنان مقلص الشفة، خارج اللثة، عابس، وأما إبراهيم فوالله إنه لأشبه الناس بي خلقا وخلقا".

فقالوا يا محمد! فصف لنا بيت المقدس، قال ﷺ: "دخلت ليلا وخرجت منه ليلا، فأتاه جبريل بصورته في جناحه، فجعل رسول الله ﷺ يصفه لهم قائلا: "باب منه كذا  في موضع كذا، وباب منه كذا  في موضع كذا". ثم سألوه عن عيرهم (أي قوافل إبلهم)، فقال لهم ﷺ: "أتيت على عير بني فلان بالروحاء، قد أضلوا ناقة لهم  فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد، وإذا بقدح ماء فشربت منه، فاسألوهم عن ذلك قالوا: هذه والإله آية". وأضاف ﷺ قوله: "ثم انتهيت إلى عير بني فلان، فنفرت مني الإبل، وبرك منها جمل أحمر، عليه جوالق (وهو العدل الذي يوضع فيه المتاع) مخطط ببياض، لا أدري أكسر البعير  أم لا، فاسألوهم عن ذلك، قالوا: هذه والإله آية"، وأضاف ﷺ قائلا: "ثم انتهيت إلى عير بني فلان بالتنعيم، يقدمها جمل أورق (أي لونه أبيض وفيه سواد)، وها هي تطلع عليكم من الثنية، فقال الوليد بن المغيرة: ساحر؛ فانطلقوا فنظروا، فوجدوا الأمر كما قال ﷺ.

وبدلا من أن يصدقوه، رموه بالسحر – شرفه الله عن ذلك – مضيفين إلى بهتانهم هذا قولهم الباطل: صدق الوليد بن المغيرة فيما قال. وتسارعوا إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه قائلين: هل لك إلى صاحبك، يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس، فقال أبو بكر: أو قال ذلك؟ قالوا نعم، قال: لئن كان قال ذلك فقد صدق، قالوا: أوتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال أبو بكر: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة. ولذلك لقب أبو بكر بلقب "الصديق".

وهذا الحديث الصحيح هو وثيقة تاريخية على وقوع حادثة الإسراء، أما حادثة المعراج فقد أكدتها الآيات في مطلع سورة "النجم" وهي من خوارق المعجزات التي أخبرنا بها الله تعالى في محكم كتابه وهو خير الشاهدين، وفي ذلك يقول: *وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى* ُثمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى* مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* ِعندَ سِدْرَةِ المُنتَهَى* عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى* (النجم: 1-18).

#زغلول_النجار #الإعجاز_العلمي #الاسراء_و_المعراج #مكة_المكرمة #القدس #المسجد_الحرام #الأقصى





التالي
بوتين نحو المجد الأوراسي والارتباك الإستراتيجي الغربي  
السابق
غوتيريش يدعو للمحافظة على الهوية الدينية للإيغور

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع