الاحتلال يمنع دخول من هم دون 55 عاما لصلاة «فجر الجمعة العظيم» و«الحراكات الشعبية» تنجح في وقف هدم المنازل مؤقتا
القدس المحتلة ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي التقى فيه وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد بالعاهل الأردني عبد الله الثاني للمرة الثانية منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية بادعاء تخفيف التوتر في مدينة القدس المحتلة، شددت سلطات الاحتلال من إجراءاتها بحق المقدسيين والفلسطينيين القادمين من مدن الضفة الغربية وفلسطين 48.
وعمدت سلطات الاحتلال على منع دخول الشبان الذين تقل أعمارهم عن 55 عاما إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة «الفجر العظيم» وهو التقليد الأسبوعي الذي كرسه المقدسيون لتكثيف التواجد في المسجد الأقصى.
وأقدمت شرطة الاحتلال المتواجدة على أبواب الأقصى على ترك مئات المصلين قرابة الساعة تحت المطر وفي البرد الشديد منتظرين فرصة الدخول لأداء الصلاة. وتجمع المئات وسط حالة من الاكتظاظ الشديد والتزاحم قابلها المقدسيون بتأدية تكبيرات العيد. ورغم ذلك أدى آلاف المصلين فجر أمس الجمعة، صلاة الفجر في المسجد الأقصى المبارك، رغم قيود الاحتلال وتشديداته.
مبادرة «الفجر العظيم»
وبينت جهات إعلامية أن المسجد الأقصى شهد احتشاد آلاف الفلسطينيين من القدس والضفة الغربية والداخل المحتل، ضمن مبادرة «الفجر العظيم» رغم الأجواء الباردة وتشديدات الاحتلال وعراقيله.
وأفاد مرابطون أن قوات الاحتلال استنفرت بشكل مكثف وشددت من إجراءاتها وقيودها على الأبواب قبل الصلاة، وضيقت على المصلين والوافدين، وعرقلت دخولهم لفترة طويلة.
وأكدوا أن قوات الاحتلال اعتدت على المصلين بالدفع والضرب، عند باب حطة أحد أبواب المسجد الأقصى، كما منعت عناصر الاحتلال المدججة بالأسلحة دخول العديد من المصلين القادمين من الضفة الغربية للمسجد الأقصى، بعد وصولهم عند أبوابه فجر أمس.
وكان النائب في المجلس التشريعي المبعد عن مدينة القدس أحمد عطون قد حث جماهير الشعب الفلسطيني في القدس والداخل الفلسطيني وكل من يستطيع، الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك والمشاركة في جمعة فجر أطلق عليه «لن نرحل».
وقال إن المشاركة في فجر «لن نرحل» للتأكيد على هوية وإسلامية المدينة المقدسة، وأن المسجد الأقصى المبارك لنا وحدنا ولا يوجد لأي كان على وجه الأرض أن ينازعنا في مقدساتنا وفي حقنا في المسجد الأقصى. وأضاف: «الأقصى يستصرخ أهله ويستصرخ المرابطين ويستصرخ زواره وأحباءه للانتصار له، من خلال التواجد، لأن المعركة الحقيقية في القدس والمسجد هي معركة وجود وصمود، لأننا أهل الحق وأصحاب الحق».
وتابع «لنؤكد في هذه الجمعة أننا لن نرحل، ولن نترك المسجد الأقصى وحيدا لينفرد به الاحتلال، بل نفتديه بالغالي والنفيس، وهو البوابة الأخيرة للدفاع عن وجودنا في القدس وفي كل الأراضي الفلسطينية».
وفي السنوات الأخيرة أُطلقت عشرات الدعوات لأداء الصلاة في المسجد الأقصى، بالتزامن مع الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة التي يمارسها الاحتلال في المسجد الأقصى بشكل خاص، والمدينة المقدسة بشكل عام.
وكان المئات يلبون النداء، ويصلون جماعة في الجوامع المسقوفة، ويخرجون من المسجد الأقصى مكبرين ومهللين، ويجوبون باحاته وهم يهتفون بشعارات للأقصى والقدس أمام جنود الاحتلال أما في الفترة الأخيرة فقد تضاعفت الأعداد وأصبح ما يشبه التقليد الأسبوعي.
وفي سياق متصل منعت قوات الاحتلال سبع حافلات من المرور عن معبر «آيال» الاحتلالي في مدينة قلقيلية كانت متجهة إلى المسجد الأقصى المبارك.
ووسط الأجواء الباردة والتضييق المستمر أدى آلاف المصلين صلاة الجمعة في المسجد الأقصى رغم عراقيل الاحتلال وتشديداته منذ ساعات الصباح.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بأن نحو 30 ألف مصلٍ أدوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط الأجواء الباردة والماطرة، وتضييقات الاحتلال.
كما أوقفت قوات الاحتلال عددا من النساء في منطقة باب العامود، وعددا من الشبان بالقرب من بابي الساهرة والأسباط، وفتشتهم واحتجزتهم لفترة من الوقت. ووثقت شبكة «القسطل» المقدسية اقتحام عشرات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، خلال الأسبوع الماضي.
وأوضحت في تقريرها الأسبوعي أن عناصر من شرطة الاحتلال والقوات الخاصة التابعة لها سمحت لـ 817 مستوطنا باقتحام المسجد الأقصى، من الأحد الماضي وحتى الخميس (6 ـ 10 آذار/مارس).
وخلال هذه الاقتحامات، تجول المستوطنون في الباحات بشكل استفزازي، وأدوا طقوسا تلمودية في المنطقة الشرقية قرب باب الرحمة، تزامنا مع انتشار قوات الاحتلال المدججة بالأسلحة.
وبينت «القسطل» أن هذه الاقتحامات كانت تتم من «باب المغاربة» الخاضع لسيطرة شرطة الاحتلال بشكلٍ كامل، وحتى «باب السلسلة» الذي يشهد صلوات للمستوطنين وغناء وانتهاكا لحرمة المسجد الأقصى. وكان من بين المقتحمين مستوطنون وطلاب معاهد دينية توراتية ومن يعملون في حكومة الاحتلال ومن تسميهم شرطة الاحتلال بـ«ضيوفها».
ولفتت إلى أن شرطة الاحتلال عملت على تأمين الحماية للمستوطنين، وسط حرمان بعض المقدسيين من دخوله، وإبعادهم عنه بقراراته الهادفة إلى تفريغه. وقضت سلطات الاحتلال خلال الأسبوع الماضي بإبعاد 3 مقدسيين عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى بينهم أحد الحراس.
الحراك يقود لوقف الهدم
وكانت مصادر صحافية إسرائيلية قد كشفت ان «سلطات الاحتلال ستوقف عمليات هدم المباني، خلال شهر رمضان المقبل؛ تجنبا لتصعيد الوضع الأمني». وقالت صحيفة «هآرتس» إن مفوض شرطة الاحتلال «كوبي شبتاي» أصدر تعليمات للشرطة بالامتناع عن تنفيذ عمليات الإخلاء، وتجميد أوامر هدم المنازل في كل من القدس والنقب، خلال شهر رمضان.
ووفقا للصحيفة، فقد أوضح مسؤول في الشرطة أن «القرار صدر لمنع اندلاع مواجهات مع الفلسطينيين قد تتسبب باندلاع موجة تصعيد» لافتا إلى أنه «خلال شهر رمضان في سنوات سابقة كان يتم داخليا الاتفاق على عدم تنفيذ أوامر الهدم ولكن كانت هناك استثناءات وتم تنفيذها، وهذه المرة كان هناك قرار واضح بوقف أي عملية هدم».
ويرى مقدسيون أن الحراكات الشعبية مثل جهود عشائر ومؤسسات جبل المكبر في القدس الذين رفعوا شعار «لن نهدم منازلنا بأيدينا» هي التي عملت على إجبار بلدية الاحتلال على وقف عمليات الهدم.
وحسب المحامي المقدسي رائد بشير فإن الفعل الشعبي في بلدة جبل المكبر، والوقوف صفا واحدا أمام سياسات الاحتلال، كان له أثر في قرارات الاحتلال الأخيرة. وقال إن الحراك الشعبي بدأ منذ نحو أربعين يوما عبر إقامة سلسلة من الفعاليات الاحتجاجية، بدأت أمام مبنى بلدية الاحتلال في القدس، ثم عبر الاعتصامات أيام الجمعة في ملعب جبل المكبر، واستمرت خلال الأسابيع اللاحقة، ولم تتوقف أبدا.
وبيّن أن الأعداد المشاركة في الفعاليات بدأت بمئة ثم مئتين وهكذا، حتى أصبحت بالآلاف، وهذا ما جعل الاحتلال يرتبك ويتخوف من فكرة ازدياد الأعداد، وتصبح هذه الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية مشابهة لهبة البوابات الإلكترونية.
وأكد بشير أنه كان من المفترض أن تهدم بلدية الاحتلال خلال شهر فبراير/ شباط الماضي 13 منزلا في جبل المكبر، لكنها لم تستطع ذلك بسبب الفعل الشعبي والتفاف الناس حول بعضها، وبموجب الاتفاق الذي صدر عن عشائر السواحرة ومؤسسات البلدة والذي يقضي بمنع الهدم الذاتي «القسري» بشكل قطعي.
ويضيف أن الحراك الذي التف حوله جميع أهالي المكبر، هو حراك وطني وقانوني بامتياز، فبلدية الاحتلال عليها توفير المسكن للسكان الأصليين للمدينة المحتلة، لا أن تقوم بهدم المنشآت التي يعيشون فيها وتشردهم.
ويؤكد بشير: «كل هذه الفعاليات كان لها الأثر والهدف الذي أُقيمت من أجله، عملت إرباكا للاحتلال، حتى قامت بلدية الاحتلال بالأمس في مفاوضتنا».
وأضاف أن بلدية الاحتلال تريد منح عائلات المكبر المخطرة بهدم منازلها تمديدات طويلة الأمد، لكن وفقا للمحامي بشير لم تتسلم هذه العائلات أي ورقة مكتوبة بهذا الأمر، ما جعلهم يتخذون خطوة أخرى وهي الإضراب العام.
الحراك الشعب
واعتبر أن الإضراب أثبت نجاعته، فالعمال لم يخرجوا لأعمالهم، والطلاب لم يذهبوا لمدارسهم وتعطلت الحياة في كل أنحاء المكبر، وأُغلقت كل المؤسسات والمنشآت، باستثناء المخابز والصيدليات، لافتا إلى أنه كان عصيانا وليس إضرابا. ودعا المحامي بشير جميع البلدات المقدسية إلى الانضمام لهذا الحراك الشعبي، الذي كان له أثر برأيه في موضوع هدم المنازل في أنحاء البلاد.
وختم «لو كانت البلدات جميعها ملتفة حول بعضها البعض، سنحقق إنجازات كبيرة على مستوى القدس فيما يخص هدم منشآتنا ومنازلنا».
المصدر : القدس العربى