البحث

التفاصيل

مقاصد التوحيد عند الشيخ عمر بن سليمان الأشقر - رحمه الله

الرابط المختصر :

مقاصد التوحيد عند الشيخ عمر بن سليمان الأشقر - رحمه الله

بقلم: الدكتور انجوغو امباكي صمب – عضو الاتحاد

الحلقة الرابعة: "مقاصد التوحيد عند الشيخ عمر بن سليمان الأشقر رحمه الله من خلال كتابه (سلسلة العقيدة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة)".

ليس من المبالغة والإطراء أن نصف الشيخ عمر بن سليمان الأشقر بأنه جدد في مجال التأليف في مجال العقيدة الإسلامية وأبدع في تناول مباحثها ومطالبها مع المحافظة على أصالتها ونصاعتها، و كتابه المبارك (سلسلة العقيدة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة) ، من أفضل ما كتب في هذا الفن المهم في القرن الرابع عشرة الهجري، حيث تميز بسهولة العبارة، وكثرة الأدلة وتنوعها، ونصرة منهج السلف الصالح وتقريبها، والاهتمام البالغ بقضايا العصر المتعلقة بالعقيدة والفلسفة ونحوهما، والربط بين علم العقيدة وغيره من العلوم ذات الصلة مثل علم النفس وعلم الاجتماع، وعلم تاريخ الأديان والفرق، أضف إلى ذلك ما تفرد به من استخراج الفوائد والثمرات والمقاصد في جميع المسائل بأسلوب خال من التكلف والتعقيد .

  1. مقاصد التوحيد من خلال كتابه (العقيدة في الله).

وفي الجزء الأول من سلسلة العقيدة وهو (العقيدة في الله): المبحث الأول من المقدمة: عرف العقيدة الإسلامية وبين خصائصها، وذكر أنها عقيدة علمية قلبية، ويقين لا يقبل الشك، وغيب غير منظور، وأنها هي العقيدة الصحيحة الوحيدة من بين سائر العقائد، ثم تحدث عن أهمية العقيدة الإسلامية وضرورتها. [1]

وفي المبحث الثاني : بين العلاقة بين العقيدة والإيمان والشريعة، وقال رحمه الله في بيان صلة العقيدة بالإيمان : (( العقيدة قاعدة الإيمان وأصله، والإيمان عقيدة تستقر في القلب استقرارًا يلازمه، ولا ينفك عنه، ويعلن صاحبها بلسانه عن العقيدة المستكنة في قلبه، ويصدق الاعتقاد والقول بالعمل وفق مقتضى هذه العقيدة، إن العقيدة التي تستكن في القلب ولا يكون لها وجود في العلانية عقيدة خاوية باردة، لا تستحق أن تسمى عقيدة ))[2]، ويقول رحمه الله في بيان الصلة بين العقيدة والشريعة (( الإيمان له شطران : عقيدة نقية راسخة تستكن في القلب، وعمل يظهر في الجوارح، فإذا فقد أحد الركنين، فإن الإيمان يزول أو يختل...، مثل الإيمان كشجرة طيبة ضاربة جذورها في الأرض الطيبة، وباسقة بسوقها في السماء، مزهرة مثمرة معطاءة، تعطي أكلها كل حين بإذن ربها، فالإيمان هو الشجرة، وجذورها العقيدة، التي تغلغلت في قلب صاحبها، والسوق والفروع والثمار هي العمل))[3]. وفي المبحث الرابع: المطلب الأول: تحدث رحمه الله عن الفروق بين العقيدة الإسلامية والفلسفة وعلم الكلام، وذكر منها: (المصادر والمنابع، المنهج والسبيل، قوة التأثير، الأسلوب، طريقة الاستدلال، الجنى والعطاء) [4].

 وبعد المباحث التمهيدية الأربعة شرع رحمه الله في شرح ركن الإيمان بالله تعالى، مع الربط بين التقريرات العلمية في كل مسألة وما يتعلق بها من مقاصد ومنافع وثمرات، وفي الفصل الأول: جاء ب: (أدلة وجود الخالق عز وجل) وناقش مذاهب الملاحدة الدهريين والفلاسفة المتأخرين من أصحاب القول بنظرية التطور[5].

وفي الفصل الثاني شرح المسائل المتعلقة بالأسماء والصفات، وذكر جملة من الصفات التي جاءت بها النصوص، وذكر عددا من الفوائد التي يجنيها المسلم من معرفة أسماء الله وصفاته: (التعرف على الله سبحانه وتعالى، دعاؤه بأسمائه وصفاته، زيادة الإيمان، الشعور بالقوة والثبات، تعليق القلب بالله، الأجر العظيم الذي نحصله من وراء هذه المعرفة). [6]

  1. مقاصد التوحيد من خلال كتابه (عالم الملائكة الأبرار).

وهو الجزء الثاني من ( سلسلة العقيدة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة )، وفي مقدمته أشار إلى أهمية مقاصد الإيمان بالملائكة وآثاره الكثيرة والمتنوعة، فقال رحمه الله ((ولو ذهبنا نعدد الآثار الطيبة التي يجنيها المرء من إيمانه بالملائكة، ودراسة النصوص التي تتحدث عنهم، لطال القول في هذه المقدمة ))[7]، وعقد ثلاثة فصول تحدث فيها عن وظائف الملائكة وحكم خلقها، وعلاقتها بسائر المخلوقات، وعند شرح كل مسألة من هذه المسائل يشير الشيخ عمر رحمه الله إلى المقاصد والحكم المتعلقة بها، سواء ما كان منها مقاصد خاصة بخلق الملائكة، وما كانت خاصة بوظائفهم، أو ما كانت خاصة بواجب المؤمن تجاههم.

  1. مقاصد التوحيد من خلال كتابه (عالم الجن والشياطين).

ولكون الجن والشياطين من الغيب الذي جاء في القرآن والسنة، ويجب التصديق به، ولأهمية معرفة المسلم حقيقة أمر الجن والشياطين، ولوجوب معرفة الموقف الشرعي منهم، خص الشيخ عمر الأشقر رحمه الله الجزء الثالث من ( سلسلة العقيدة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة ) بهذا العالم الغيبي الكبير، قال في مقدمته وهو يبين مقصده في تأليف هذا الجزء ((فقد قام العلماء بالبحث عن إمكانية الحياة والأحياء في الكواكب القريبة منا، وكلفهم ذلك من الوقت والمال الكثير، فما بالكم بعالم من الأحياء العقلاء الذين يعيشون معنا في أرضنا ويخالطوننا في مساكننا، ويأكلون ويشربون معنا، وقد يفسدون علينا تفكيرنا وقلوبنا...))[8].

 وفي الفصل الثاني من الكتاب: تحدث عن الحكمة من خلق الجن، وقال رحمه الله ((خلق الله الجن للغاية نفسها التي خلق الإنس من أجلها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[9]، فالجن على ذلك مكلفون بأوامر ونواهٍ، فمن أطاع رضي الله عنه وأدخله الجنة، ومن عصى وتمرد فله النار))[10].

وفي الفصل الثالث:  وتحت العنوان الفرعي ( أهداف الشيطان) تحدث رحمه الله عن أهداف الشيطان، وقسمها إلى أهداف قريبة وبعيدة، فقال عن الهدف البعيد أو الغاية بأنها ((هناك هدف وحيد يسعى الشيطان لتحقيقه في نهاية الأمر، هو أن يلقي الإنسان في الجحيم، ويحرمه من الجنّة {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }[11])) [12]، وذكر من الأهداف القريبة: (إيقاع العباد في الشرك والكفر، إيقاعهم في الذنوب والمعاصي، إيقاعهم في البدعة، صدّه العباد عن طاعة الله، إفساد الطاعات،  الإيذاء البدني والنفسي، التدرج في الإضلال).

 وفي الفصل السادس والأخير (الحكمة من خلق الشيطان ) ، ذكر بعض المقاصد والحكم المتعلقة بخلق الشيطان وهي (ما يترتب على مجاهدة الشيطان وأعوانه من إكمال مراتب العبودية، خوف العباد من الذنوب، جعله الله عبرة لمن اعتبر، جعله فتنة واختبارًا لعباده، إظهاره كمال قدرته سبحانه بخلق الأضداد، الابتلاء به إلى تحقيق الشكر، في خلق إبليس قيام سوق العبودية، وترتب على ذلك ظهور آياته وعجائب قدرته، الخلق من النار آية، ظهور متعلقات أسمائه، ظهور آثار تمام ملكه وعموم تصرفه، وجود إبليس من تمام حكمته تعالى، حمده تعالى على منعه وخفضه، وبخلقه يظهر الله لعباده حلمه وصبره، خلق الله خلقه بحيث يظهر فيهم أحكام أسمائه وصفاته وآثارها، ما حصل بسبب وجود الشيطان من محبوبات للرحمن، محبته سبحانه أن يكون ملاذًا ومعاذًا لأوليائه). [13]

  1. مقاصد التوحيد من خلال كتابه (الرسل والرسالات).

وهو الجزء الرابع من سلسلة (العقيدة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة)، وهو على بابين: خص الأول بركن الإيمان بالرسل، والثاني: بركن الإيمان بالكتب (الرسالات)، وفي الفصل الثاني من الباب الأول: (حاجة البشرية إلى الرسل والرسالات)[14] أبطل دعوى استغناء البشرية اليوم عن الرسل والرسالات بحجة ما وصلت إليه من التقدم والتطور[15]، ورد على مذهب البراهمة الذين يقولون بأن العقل يغني عن الوحي[16].

 وفي الفصل الثالث ( وظائف الرسل ومهماتهم ) : شرح أهم وظائف الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وهي (البلاغ المبين، الدّعوة إلى الله، التبشير والإنذار، إصلاح النفوس وتزكيتها، تقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة، إقامة الحجّة، سياسة الأمة)، [17] وفي المبحث الخامس ( صفات الرسل ) ذكر بعض الحكم والمقاصد المتعلقة ببشرية الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وعدم كونهم ملائكة، وهي (أن الله اختارهم بشرًا لا ملائكة لأنّه أعظم في الابتلاء والاختبار، أن في هذا إكراما لمن سبقت لهم منه الحسنى، أنّ البشر أقدر على القيادة والتوجيه، وهم الذين يصلحون قدوة وأسوة، صعوبة رؤية الملائكة )، [18] كما ذكر بعض الحكم والمقاصد في كون الأنبياء والمرسلين رجالًا، وهي (أنّ الرسالة تقتضي الاشتهار بالدعوة، ومخاطبة الرجال والنساء، ومقابلة الناس في السرّ والعلانية، والتنقل في فجاج الأرض، ومواجهة المكذبين ومحاججتهم ومخاصمتهم، وإعداد الجيوش وقيادتها، والاصطلاء بنارها، وكل هذا يناسب الرجال دون النساء، الرسالة تقتضي قوامة الرسول على من يتابعه، فهو في أتباعه الآمر الناهي، وهو فيهم الحاكم والقاضي، ولو كانت الموكلة بذلك امرأة لَمْ يتم ذلك لها على الوجه الأكمل، ولاستنكف أقوام من الاتباع والطاعة، المرأة يطرأ عليها ما يعطلها عن كثير من الوظائف والمهمات، كالحيض والحمل والولادة والنفاس، وتصاحب ذلك اضطرابات نفسية وآلام وأوجاع، عدا ما يتطلبه الوليد من عناية، وكل ذلك مانع من القيام بأعباء الرسالة وتكاليفها)[19].

وفي الفصل الثاني من الباب الثاني تحدث رحمه الله عن الغاية من إنزال الكتب، قال رحمه الله موضحا المقصد الكلي من إزال الكتب ((والكتب السماوية كلها أنزلت لغاية واحدة وهدف واحد، أنزلت لتكون منهج حياة للبشر الذين يعيشون في هذه الأرض، تقودهم بما فيها من تعاليم وتوجيهات وهداية، أنزلت لتكون روحًا ونورًا تحيي نفوسهم وتنيرها، وتكشف ظلماتها وظلمات الحياة))[1]، ثم جاء بشواهد من القرآن في المقصد من نزول كل كتاب أو رسالة على حدة.

"في ظلال مقاصد التوحيد (عناية العلماء بمقاصد التوحيد)"

يتبع ....

 

[1] المصدر السابق، ص 235

يتبع ....

 

 

[1] العقيدة في الله ، تأليف عمر بن سليمان الأشقر ، ص 12 فما بعدها ، الناشر دار النفائس للنشر والتوزيع- الأردن 1419هجرية.

[2] المصدر نفسه، ص 19 فما بعدها

[3] المصدر نفسه، ص 20 فما بعدها

[4] المصدر السابق ، ص 35 فما بعدها

[5] المصدر السابق، ص 69 فما بعدها

[6] المصدر السابق، ص97

[7] عالم الملائكة الأبرار، تأليف عمر بن سليمان الأشقر، ص 6 ، الناشر دار النفائس للنشر والتوزيع – الأردن 1403 هجرية

[8] المصدر السابق ، ص 5 ( بتصرف )

[9] سورة الذاريات، الآية 56

[10] عالم الملائكة الأبرار، ص 41

[11] سورة فاطر، الآية 6

[12] عالم الجن والشياطين، ص 55

[13] عالم الجن والشياطين ، ص 167

[14] الرسل والرسالات ، تأليف عمر بن سليمان الأشقر ص 29 ، الناشر دار النفائس للنشر والتوزيع- الأردن 1403 هجرية

[15] انظر : المصدر نفسه ، ص 29

[16] انظر: المصدر نفسه، ص 37

[17] المصدر نفسه  ، ص 40

[18] المصدر نفسه  ، ص 67

[19] المصدر السابق  ، ص 84

[20] المصدر السابق، ص 235





التالي
من الانتصارات الرمضانية.. الفتح الإسلامي للأندلس
السابق
السلطات الصينية تفرض قيود صارمة على مسلمي الإيغور وتمنعهم من صيام شهر رمضان

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع