دعا الدكتور سلمان العودة، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، إلى السعي لتهدئة النفوس في مصر ومحاولة ردم الهوة ما بين النظام والمعارضة عبر الحوار وليس التنافر والخروج في مليونيات مناهضة، مشيرًا إلى أنَّ الرسالة المحمدية لم تنتشر عن طريق المغالبة بالقوة وإنما بالحجة واستمالة القلوب.
واستنكر د. العودة، خلال جلسته بمدينة بريدة، لغة الحوار في وسائل الإعلام المختلفة المبنية على الإساءة والشتم، مشيرًا إلى أنها لغة لا يمكن أن يُتعبَّد الله بها إطلاقًا لأنه لا تحق حقًا ولا تبطل باطلاً، وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخَذْف ـ بمعنى الرمي بالحجارة الصغار ـ: « إِنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيْدًا وَلاَ تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ »، فهكذا ما يتعلق بمثل هذه الألفاظ.
ونوّه إلى أن تركيا كانت- قبل عشرين عامًا- أقل من أي بلد أوروبي، بل ربما كانت الأسوأ أخلاقيًا وسلوكيًا، والغريب أن هذه الثقافة السلبية تغيرت بشكل واضح بعد وصول حزب العدالة والتنمية الحكم وصعوده بالاقتصاد التركي، مشيرًا إلى أنه على الرغم من عدم وجود أي قوانين تلزم بالحجاب- مثلاً- إلا أنّ البلاد امتلأت بثقافة الحجاب والالتزام السلوكي والأخلاقي بشكل عام، دون فرض من أحد وهو ما يجب أن تحتذي بهم مصر وليبيا وتونس وكافة الدول العربية.
ووجه د. العودة رسالة إلى المعارضة والحكومة بضرورة ردم الهوة وضرورة الحوار للخروج من الأزمة، مشيرًا إلى أنَّ الرسالة المحمدية لم تأتِ بالمغالبة بالقوة وإنما بالحجة واستمالة للقلوب مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، حينما كان يحب موافقة اليهود فيما لم ينزل به وحي، من باب تأليف قلوبهم وأنهم من أهل الكتاب.
إصلاح الاقتصاد
وأوضح د. العودة أنَّ أهم ما يقع على عاتق الحكومة المصرية الآن هو تحسين الاقتصاد والخروج من الأزمة الراهنة باعتباره سر النجاح الحقيقي الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنَّ تركيا قبل عشرين عامًا ليست مثل تركيا اليوم بعد تولي حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم فيها والذي أحدث طفرة اقتصادية كبيرة جعلته محل توافق جميع التيارات السياسية والشعبية.
وشدد على أن أهم ما ينبغي أن تعتني به هو موضوع الاقتصاد والاستثمار، وأن يشعر المواطن المصري بأن وضعه تحسّن، وهو الذي فعله حزب العدالة والتنمية في تركيا حتى صار اليهود والعلمانيون يصوتون له، مشيرًا إلى أن الحزب لم يُظهر مذهبية ولا أيديولوجية خاصة وإنما أظهر قضية تفعيل الاقتصاد وحل المشكلات.
أزمة الدستور
ونوه الشيخ العودة إلى أن ما حدث في مصر عقب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي من احتشاد كل التيارات المعارضة مع فلول النظام السابق ضد الرئيس حول قصر الاتحادية أثار قلقًا كبيرًا وقتها"، مشيرًا إلى أن إقرار الدستور بعد ذلك أدى إلى تخفيف حالة الاحتقان لرغبة الناس في الاستقرار وهو ما يجب استغلاله من قبل الرئاسة والمعارضة أيضا في تهدئة الأجواء.
وأشار إلى أنَّ الدستور المصري واجه حربًا إعلامية شرسة لدرجة أنه تم طبع نسخ مزورة منه لتشويهه وعلى الرغم من ذلك تمت الموافقة عليه بنسبة متفوقة لم تصلها كثير من دول العالم، مشددًا على ضرورة استغلال رغبة الشعب في الاستقرار ومجاذبة النفوس بالحسنى لردم الهوة بين الحكومة والمعارضة.
وأضاف أنَّ الوضع الآن يتجه إلى مزيد من التحسن "وأدعو الله أن يلهم المعارضة والحكومة ردم الهوة لأنّ الاحتقان لا يفرز إلا مزيدًا من المعاني السيئة كالكذب والاستخفاف والتلفيق"، داعيًا المصريين إلى أن يعودوا إلى التعامل بسعة صدر ورحمة وتوافق بعيدًا عن الانشقاق والتشاحن.