مثلت دعوة رئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الخارج خالد مشعل لتشكيل "جيش الأقصى"، مناسبة لإظهار دعمها وتأييدها من قبل أوساط سياسية فلسطينية؛ كونها تتزامن مع الإنجاز الذي حققه الشعب الفلسطيني في رحاب المسجد الأقصى في الأيام الأخيرة. بحسب تصريحات أدلى بها مراقبون ومتخصصون فلسطينيون لـ"قدس برس".
وقد أكد مشعل أمام اجتماع "الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين" الذي انعقد قبل أيام في مدينة إسطنبول التركية، بحضور 120 من قادة العمل الفلسطيني، من 40 دولة حول العالم، أن "الشعب الفلسطيني كسب هذه الجولة في المسجد الأقصى بعد أيام من المواجهة والجهاد والرباط، والإدارة الذكية للمقاومة في غزة؛ مما يستدعي إحباط استراتيجية الاحتلال المستندة لاستكمال السيطرة على الأرض، وحسم معركة الأقصى، من خلال تشكيل جيش القدس والأقصى من مختلف أرجاء الأمة؛ ليكون للجميع سهم في هذا الجيش، والانخراط في المعركة مع شعبنا الفلسطيني من موقع الشراكة الحقيقية والمسؤولية المشتركة".
مشاغلة العدو
وقال ساري عرابي، المحلل السياسي الفلسطيني، تعقيبا على دعوة مشعل، قائلا إن "مقاومة غزة كان لها حضور مركزي في الصراع عموماً، وفي مجريات الأحداث؛ فهي الكتلة المنظمة شديدة الوضوح في بلورة موقف عملي رافض لسياسات التسوية، وباتت تعرف كيف ومتى، وبأي مستوى تتدخل، وبأي خطاب تعبّر عن نفسها، وهذا المطلوب مقاومة جادة وصادقة وذكية، بعد عمليات التجريف والتفكيك التي تعرضت لها المقاومة في الضفة الغربية".
وأضاف أن "دعوة مشعل بعدم اقتصار المواجهة مع الاحتلال في مناسبات محددة هو المطلوب من حيث الأصل، فالمقاومة عملية مشاغلة للعدو، واستنزاف له، ومراكمة طويلة، مما يتطلب تطوير أشكال وأنماط المقاومة في الساحات الأخرى، بجانب غزة المحاصرة، للقيام بهذا الدور، ولإسناد المقاومة في غزة" وفق قوله.
وأشاد عرابي بدعوة مشعل لتشكيل جيش الأقصى من الأمة، لأن "الحديث عن جيش الأقصى تذكير للأمة بواجبها تجاه واحد من مقدساتها.. كما يمكن التفكير بأنماط متعددة من الحشد للمسجد الأقصى على المستوى الشعبي والقوى الوطنية والإسلامية، ويحتاج ذلك لخطة ورؤية مركزية لدى حركة حماس للاشتغال عليها بكثافة".
واجب الوقت
وأكد الدكتور عبدالجبار سعيد، عضو قيادة إقليم الخارج في حركة "حماس" على أن "إشادة مشعل بمبادرة المقاومة الفلسطينية في غزة مبكراً في الإعلان عن موقف حازم من نصرة الأقصى، والمصلين فيه، وإبلاغ الوسطاء بأنها يقظة، تأكيد على أنها لن تقبل بالتلاعب والخداع من قبل العدو الصهيوني، وأن مطالبها تتجاوز عدم الاقتحام، أو ذبح القرابين، إلى رفع يده تماماً عن الاعتداء على الأقصى، وأهلنا في بيت المقدس وجنين، مما جعل العدو يدرك أن المقاومة جادة في موقفها، وأن العدوان على الأقصى لعب بالنار، سيدفع ثمنه غالياً"، وفق تقديره.
وأكد أن "دعوة مشعل لتشكيل جيش الأقصى من الأمة مبادرة تستجيب لواجب الوقت"، موضحا أن حماس "ترى الأمة شريكة في مشروع التحرير، وليست مساندة فقط، خاصة في هذه المرحلة التي نشهد فيها بدايات نهاية هذا الاحتلال، مذكرا بأن الأمة تحتوي من الطاقات والخبرات الذكية ما يوازي، بل يفوق ما يتوافر للاحتلال المدعوم غربيا وأمريكيا، لكنه آخذ في التلاشي والضعف، بحكم الانشغال ببؤر صراع أخرى في العالم".
وختم بأن "دعوة مشعل تكتسب أهميتها من ضرورة انخراط الأمة، وطاقاتها المميزة في معركة تحرير الأقصى، فالأقصى عقيدة، وحق الأمة الإسلامية فيه مثل الفلسطينيين تماماً، ولذلك فإن جيش الأقصى هو بوابة شراكة للأمة في معركة التحرير".
واعتبر الدكتور حسام الدجني، أستاذ العلوم الساسية في قطاع غزة، أن "مشعل أصاب في وصفه للمقاومة بـ (الذكية)، لأنها حققت أهدافها دون أن تأخذ قطاع غزة لمواجهة عسكرية بعد أقل من عام على المواجهة السابقة.. ولذلك جاء تحقيق المقاومة لأهدافها باستخدام لغة القوة، والتلويح بسلاحها، من حماية المسجد الأقصى، عنوانا لذكائها، وهو ما وصفه مشعل".
وأشار أن "استراتيجية الاحتلال في القدس غير مرتبطة بمناسبات أو أعياد، بل تسعى لإحلال الإسرائيلي بدل الفلسطيني، عبر قوانين يشرعنها الكنيست لقضم المزيد من أراضي القدس، بهدف تغيير الوقائع الجغرافية والديمغرافية والسياسية والدينية، والعمل على التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، ما يجعل من نداء مشعل لعدم "موسمية" المواجهة أمرا في محله، بحيث يبقى الحراك وجذوة الصراع مستمرة في القدس للحفاظ على هويتها الفلسطينية والعربية والإسلامية".
وأكد أن "دعوة مشعل لتشكيل جيش القدس يأتي ضمن الإطار المطلوب لتحرك الأمة، وإشراكها في المواجهة مع الاحتلال الذي لا يفهم إلا لغة القوة، ولا ينبغي أن نحصر المواجهة في القوة العسكرية فقط؛ فكل أشكال الدعم مرحب بها".
المصدر : عربي 21