البحث

التفاصيل

دور الدروب الباديسية في نصرة الـملحمة الـمقدسية

الرابط المختصر :

دور الدروب الباديسية في نصرة الـملحمة الـمقدسية

بقلم: أ. د. عبدالرزاق قسوم

 

(بينما كانت الجزائر، تعيش عبر كامل أرجائها، نفحات العلم في يوم العلم، فتستنطق الآثار والمعالم، وتستعيد تاريخية دروب العالِم لتأصيل الانجازات والمغانم، وبينما كانت الأمة الإسلامية تحيي روحانية غزوة بدر، وفتح مكة، وتتطلع إلى بركات ليلة القدر بالتهجد والدعوات المتصلة بطلوع الفجر)

في هذا الجو العلمي الروحاني الجزائري الإسلامي الذي يفيض علوا وعمقا، أبى أعداء الله وأعداء البشرية، قتلة الأنبياء ومجرمو الإنسانية عتاة الصهيونية الغاشمة، أبوا إلا أن ينغصوا على المرابطين، المقدسيين، العابدين، الراكعين، الساجدين، رباطهم، فيطلقون عليهم شذادُهم وأرهاطهم.

يا لله للحق الفلسطيني وللمقاوم الفلسطيني المغدور، وللمسجد الأقصى المقهور، من العدو اليهودي المتصهين المغرور!.

لم تُجْدِ صرخات حرائرنا في القدس وهي تستنجد بالعربي شاهد الزور، وبالضمير العالمي المتواطئ المنخور.

فوا قدساه! ووا إسلاماه! ووا عروبتاه! فقد ماتت في قلوب الجميع العقيدة الإيمانية، وطمست في ضمائر القوم النخوة العربية، وحلت بدل ذلك الخيانة العظمى للقضية الفلسطينية.

ما العمل إذن؟ أنستسلم لعدوان الصهاينة الجبناء؟ وندوس على كرامات المقاومين والمقاومات الشرفاء؟ لا والله! فتأبى علينا ذممنا العالية والغالية، وتنهانا عن ذلك، قيم وطنية، وعربية، وإنسانية.

إن البديل عن كل ذلك نستلهمه من إحياء يوم ابن باديس، من إعادة تتبع مسلكه في الدروب، وصياغة مبادئه في الدفاع عن حق الشعوب، وتحصين الذات لمقاومة كل الجراثيم والكروب.

إن قضية فلسطين، وفي مقدمتها القدس الشريف، قد خرجت من أيدي الساسة الجبناء، إلى ذمم وضمائر العلماء والشرفاء، من أهل الحل والعقد، وما منهم إلا وطني همام، وسخي في الكرام، ومقاوم همام.

قل للسياسات العجاف وراء   حمي الوطيس، وأنت لستِ كفاء

ما اليوم يوم البائعين مدادهم   اليوم يوم الباذلين دماءَ

فقد ضاعت فلسطين، من يوم تولى زمام أمرها الساسة المفاوضون، ودنست مقدسات الأقصى منذ تآمر على مصيرها المطبّعون، وويل لقضية فلسطين والقدس مما يكيده لها الموَكلون عليها المزيفون.

إن وضوح وعدالة قضية القدس وفلسطين هي من البداهة، بحيث أدرك منطقها أطفال الحجارة الماردون، وجحافل الأسرى المقاومون الثابتون، وحرائر وأحرار غزة والقدس وأتباعهم المجاهدون، لكن جهل نبل القضية وقدسيتها، الحكام المتآمرون، والعملاء السماسرة المغامرون.

سقطت الأقنعة –إذن- وبان لكل ذي عقل سليم، الفرق بين المخلص والزنيم، والبون بين عواصم الصمود والتصدي، وبين عواصم التعتيم، والتنجيم، والتقسيم.

آن الأوان أن تتحمل الجماهير الشعبية، مسؤولية التحرير، والتعمير، والتدبير، وأن تسلس قيادتها لمن اكتووا بنار الاحتلال، ومعاناة الإذلال، من المقاومين، المتمنطقين بحزام التفجير، لردع العدو، الذي لا يعترف إلا بلغة التفجير كأداة للتغيير.

ونطمئن الأم الثكلى التي طال ليلها، وابنة الأسير التي تعاني الليالي التي طال ظلامها، نطمئنهم جميعا، بأن هذا الليل له آخر، وأن العناء زمنه دائر.

وهذا لن يتم إلا إذا احتضنت الجماهير الشعبية أمل المقاومين المنشود، وفجر الزاحفين إلى الغد الموعود، وذلك بتقديم كل أنواع الدعم المادي والمعنوي إلى حملة الألوية والبنود.

كما أن الدستور المحمود هو الذي يكتب بأقلام السائرين على درب ابن باديس والعلماء والرافضين لسياسة اللامعقول الهوجاء.

فالذين وضعوا أسس التحرير للجزائر التي عانت ويلات ومعاناة الاستعمار القمعي الاستئصالي الكريه، ففجروا في وجهه جهاد نوفمبر الطاهر النزيه، وحرروا البلاد من رجسه، وخلصوا العباد من نسله وجنسه.

إن لنا في تجربة ابن باديس وتلاميذه النبلاء الثوار، ما ينعش الآمال في ثورة المرابطين والمقاومين، الزاحفين في الميدان بكل حزم وإصرار، فلا يغرنكم، تقلب الغلاة الصهاينة هنا وهناك، في أرجاء فلسطين، فإن دولة الظلم ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة.

لقد بانت للنصر علاماته، بالرغم من التنكيل، والتقتيل، ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة آل عمران، الآيتين 173-174].

إن الصهاينة يصنعون بداية نهايتهم بصلفهم، وعتوهم وغطرستهم، وكل ذلك حافز للمقاومين، بالإقبال على بذل النفس والنفيس من أجل تقريب ساعة الخلاص، وإنهم يرونها بعيدة ونراها قريبة، وإن العاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين.





التالي
(اللَّهُمَّ، إنِكَّ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي) أسرار ومقاصد
السابق
شهر الطعام.. لا شهر الصيام !

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع