البحث

التفاصيل

دروس من قمة العلماء المسلمين بماليزيا

الرابط المختصر :

دروس من قمة العلماء المسلمين بماليزيا

بقلم: أ. د. عبدالرزاق قسوم

 

هو إبداع سياسي وعلمي، خرج به على الناس، حكام ماليزيا، هذا البلد المسلم الشقيق ليرسخ به تقليدا جديدا في عالم الذود عن الثوابت، وشحذ العزائم للمقاومة ضد الظلم والاحتلال.

فبعد أن كان مصطلح القمة، حكرا على الحاكم السياسي، وتحديدا على رؤساء الدول والحكومات، جاء حكام ماليزيا المسلمة، لينحتوا منه في فقه اللغة مصطلحا جديدا، يبوؤون به العلماء مكانة، لا تقل أهمية عن متبوئي ذروة السياسة.

كان العلماء في ثقافتنا الإسلامية القديمة يعرفون بأهل الحل والعقد، وبأهل الله وخاصته، كما يعرفون اليوم، بأنهم الصفوة، والنخبة، وفي كل الحالات، فهم ليسوا حملة الشهادات العليا، كما قد يتبادر إلى الذهن، ولا المبدعين من الكتاب والشعراء، والفلاسفة والحكماء، وإنما هم صنف مميز من العلماء، يختص بالخصائص التالية:

1. الالتزام بأحكام الله عن قناعة.

2. التضلع في العلم القائم على حدود الله.

3. الالمام بحق الأمة في النهوض، وبسط السيادة، والمساهمة في ذلك النهوض وصياغة السيادة.

4. الشجاعة في الجهر بقول الحق.

إن هذه الفئة من المثقفين العلماء، هم الذين اجتمعوا في كوالا لامبور الجميلة عاصمة ماليزيا الجليلة، تحت عنوان «قمة العلماء المسلمين»، وخصصوا اجتماعهم لتطورات قضية القدس، وفلسطين بصفة عامة، تحت شعار: «الوحدة أساس لتحرير الأقصى»، وذلك أيام 19-20-21 شوال 1443هـ الموافق لأيام 20-21-22 مايو 2022م.

حضر المؤتمر ما يزيد على 150 عالما وعالمة، جاؤوا من كل أجزاء الأمة الإسلامية، يحدوهم جميعا القيام بكل الواجبات، لنصرة قضية المسلمين الأولى اليوم، وهي قضية القدس، وفلسطين، وقد أشرف على انطلاق اللقاء، رئيس وزراء ماليزيا معالي السيد «داتوه سري إسماعيل صبري بن يعقوب»، تأكيدا لتبني المبادرة من طرف الدولة الماليزية، وبمشاركة كريمة من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والائتلاف العالمي لنصرة الدين وفلسطين.

كان حظ الجزائر من التمثيل ثلاثة علماء هم: رئيس جمعية العلماء كاتب هذه السطور، ومعالي الأستاذ أبو جرة سلطاني عضو مجلس الأمة، والدكتورة فريدة بدران، الأستاذة بجامعة قطر.

وقد تميز الحضور الجزائري، بالفعالية المطلوبة فأسندت إلى الأستاذ أبي جرة سلطاني مهمة التعقيب على محاضري إحدى الجلسات، كما تدخلت بالتعقيب، الدكتورة فريدة بدران، وأسندت إلى رئيس جمعية العلماء رئاسة جلسة علمية كان أقطابها الدكتور عصام البشير من السودان كمحاضر، وفضيلة الشيخ العلامة محمد الحسن الددو، من موريتانيا كمحاضر، وفضيلة الشيخ سعيد همام الفلسطيني الأردني كمعقب وفضيلة الدكتور نواف النكروري، رئيس رابطة فلسطين كمعقب.

وقد كانت الفرصة سانحة لرئيس جمعية العلماء كي يقوم بالمحاضرة التمهيدية حول قضية القدس وفلسطين، في أدبيات علماء الجزائر.

وقد ذكّر المتحدث بالمواقف النبيلة التي جسدها علماء الجزائر في تعاملهم مع القدس وفلسطين.

فهذا الإمام عبد الحميد بن باديس يقول إن مكانة القدس في قلوب الجزائريين هي في أهميتها وقدسيتها، أخت مكة والمدينة فمن خانها (أي القدس) خانهما (أي مكة والمدينة).

وتصدى الإمام الإبراهيمي، الذي عاش معاناة فلسطين والقدس، بكل مشاعره، ووعيه وضمائره، فخصص لفلسطين والقدس المقالات العديدة، اشتملت على درر ونفائس، من ذلك قوله: إن غرس صهيوني في فلسطين غرس لا ينبت، وإذا نبت فإنه لا يثبت، ويقول في موضع آخر: «إنك يا قدس الحلقة الواصلة بين الأرض والسماء صعودا، بعد رحلة آدم الواصلة بينهما هبوطا… فما بال هذه الطائفة الصهيونية، تدعي ما ليس لها حق، فتصل وعد موسى بوعد بلفور، وإن بينهما مدا وجزرا من الأحداث، وجذبا ودفعا من الفاتحين، ولذلك فإن الحق بمدافن الأنبياء هم الذين يؤمنون بجميع الأنبياء. ويخاطب الإمام الإبراهيمي المسلمين فيقول:

أيها المسلمون!

إن فلسطين وديعة محمد عندنا، وأمانة عمر في ذمتنا، وعهد الإسلام في أعناقنا، فلئن أخذها اليهود منا ونحن عصبة، إنا إذن لخاسرون.

في هذا الجو الرائع من التحليل لقضية القدس، وفلسطين، والتشخيص لمعاناة ورباط المقدسيين، تواصلت أعمال الملتقى، لنسهم في الأخير إلى توصيات هامة تصب كلها في نصرة القضية الفلسطينية، وقدسها الشريف بالأعمال لا بالأقوال.

دعى المؤتمر قادة الأمة الإسلامية والعربية والإعلاميين المختصين، وجميع الفصائل الفلسطينية، كل فيما يخصه، إلى بذل الجهود الشاملة للوصول إلى التحرير، واستخدام جميع أنواع الإعلام ووسائله، والتواصل بالاجتماع لعرض القضية بصورة أكثر وضوحا في العالم.

وركزت التوصيات على ضرورة توحيد الفصائل الفلسطينية، «ليقاتلوا الصهاينة كافة وصفّا واحدا، كما يقاتلوهم كافة وصفّا واحدا»، وكذلك دعوة أرباب المال إلى مزيد من البذل والعطاء لخدمة أهلنا في فلسطين بصورة عامة ولصالح المسجد الأقصى بصفة خاصة.

وبعد، فقد وفى علماء الأمة الإسلامية، ولا سيما منهم، الفئة الحية، وفوا ببعض ما عليهم نحو القدس وفلسطين، وبقي على قادة الأمة، ومثقفيها، وإعلامييها، وأغنيائها، ومواطنيها، بقي على هؤلاء جميعا، أن يرتفعوا إلى مستوى ومتطلبات المرحلة الفاصلة التي تمر بها القضية الفلسطينية.

إن المعيار الحاسم والوحيد اليوم، والذي نزن به التزام كل حاكم، إنما هو الموقف من التطبيع مع العدو، وحشد الدعم للمرابطين والمقاومين، وجمع الكلمة بين كل الفصائليين الفلسطينيين، واضطلاع العلماء العاملين بقضية التجنيد والحشد لكل المرابطين، وكما يقول أحد علماء الجزائر: «من خانكم في المحراب لا تأمنوه في أي باب».





التالي
الأشهر الحُرم.. لماذا سُميت؟ وماهي فضائلها وما يستحب فيها من أدعية وأعمال؟؟
السابق
إجازة علمية لــ 23 طالب علم شرعي تابعين لمؤسسة العلماء والمدارس الشرعية في كوردستان العراق

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع