ما لا يسع المسلم جهله عن المسجد الأقصى المبارك..
هل المسجد الأقصى هو ذو القبّة الذّهبيّة أم القبّة الرّصاصيّة؟(مقال)
بقلم: محمد خير موسى – عضو الاتحاد
المسجد الأقصى المبارك يهيمنُ اليومَ على قلوبنا ونحن نرى تكثيف العدوان وإرادة فرض السيادة الصّهيونيّة عليه، والعمل على تقسيمه زمانيًا ومكانيًا؛ ممّا يفرض على كلّ مسلمٍ في الأرض بل كلّ حرّ أن يعمل جاهدًا لردّ العدوان عنه، ونقطة الانطلاق في العمل لأجل الأقصى المبارك هي المعرفة التي تنتج عملًا، وهناك حدٌّ من المعرفة لا يليق بأيّ مسلمٍ أن يفقده وهو يحشد طاقته للعمل من أجل المسجد الأقصى المبارك.
هل المسجد الأقصى هو ذو القبّة الذّهبيّة أم القبّة الرّصاصيّة؟
يتداول النّاس صور المسجد الأقصى المبارك على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ ويعلّقونها في بيوتهم وسيّاراتهم، بعض هذه الصّور تركّز على مسجد قبّة الصّخرة وهو المسجد ذو القبّة الصفراء الذّهبيّة، وأخرى تركّز على المسجد القبليّ وهو المسجد ذو القبّة الرّصاصيّة؛ فأيّهما يُطلَق عليه اسم المسجد الأقصى المبارك؟
اعلم ــ رحمني الله وإيّاك ــ أنّ المسجد الأقصى المبارك هو اسمٌ لكلّ ما دارَ عليه السّور، ومساحته 144000م مئةٌ وأربعةٌ وأربعون ألف مترٍ مربّع، وكلّ من مسجد قبّة الصّخرة ذي القبّة الذّهبيّة والمسجد القبليّ ذي القبّة الرّصاصيّة هما أجزاء من المسجد الأقصى المبارك.
ويدخل تحت اسم المسجد الأقصى المبارك ويأخذ أحكامه الشرعيّة إلى جانب مسجد قبّة الصّخرة والمسجد القبليّ قرابة مئتي مَعلَمٍ إضافيّ تشمل المساجد والمصليّات، والمبانيَ والقصور، والقباب، وأسبلة المياه، والمصاطب، والأروقة، والبوائك، والمدارس، والأشجار، والمحاريب، والمنابر، والمآذن، والأبواب، والآبار، والمكتبات، والأسوار؛ إضافةً إلى الباحات والسّاحات؛ كلّها جزء من المسجد الأقصى المبارك وتأخذ أحكامه الشرعيّة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ فالمصلى المرواني هو جزءٌ من المسجد الأقصى المبارك، وحائط البراق الذي يسمّى اليوم زورًا حائط المبكى هو جزء من المسجد الأقصى المبارك، وهلمّ جرًّا.
من أين جاءت مكانة المسجد الأقصى المبارك؟
المسجد الأقصى المبارك هو “أولى القِبلتين” فهو أوّل قِبلةٍ صلّى إليها المسلمون بعد فرض الصّلاة عليهم؛ ففي صحيح البخاريّ عن البراء بن عازب: “أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده أو قال أخواله من الأنصار، وأنّه صلّى قِبَل بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعةَ عشر شهرًا”
والمسجد الأقصى المبارك هو “ثاني المسجدين” فهو ثاني مسجدٍ وضع في الأرض بعد الكعبة المشرفّة بأربعين سنة؛ ففي صحيح البخاريّ أن أبا ذرّ رضي الله عنه قال: “قلت يا رسولَ الله؛ أيّ مسجدٍ وضع في الأرض أوّل؟ قال: المسجد الحرام، قال: قلت ثمّ أيّ؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة”
والمسجد الأقصى المبارك هو “ثالث المساجد التي لا تُشدّ الرّحال إلّا إليها” فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تُشدّ الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجد الرّسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى”
والمسجد الأقصى المبارك هو “مسرى النبيّ صلى الله عليه وسلّم” فإليه كان الإسراء، وفيه التقى النبيّ صلى الله عليه وسلّم بالأنبياء وصلّى بهم إمامًا، ومنه كان معراجه صلى الله عليه وسلّم إلى السماء السّابعة، قال الله تعالى في الآية الأولى من سورة الإسراء: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”
هل لغير المسلمين حقّ في المسجد الأقصى المبارك؟
المسجد الأقصى المبارك هو حق حصريّ وخالص للمسلمين دون سواهم بكل أجزائه وأبنيته وجدرانه وأسواره؛ وبكلّ مساحته وما فوقه وما تحته، فليسَ لغير المسلمين فيه حقّ دينيّ أو تاريخيّ أو غير ذلك، ولا في أيّ جزء من أجزائه ولا سور من أسواره، ولا يجوز أن يتمّ تمكين غير المسلمين منه، وأيّ محاولة لتقسيمه بين المسلمين وغيرهم هو اعتداء على قدسيّة المسجد الأقصى واعتداء على الدّين الإسلاميّ كلّه.
ما هو أجرُ الصلاة في المسجد الأقصى المبارك؟
يتضاعفُ أجر الصّلاة في المسجد الأقصى المبارك على غيره من المساجد، وقد وردت روايات عديدةٌ في درجة مضاعفة الصّلاة فيه على غيره، فبعض الرّوايات دلّت أنّ أجرَ الصّلاة فيه بألف صلاة ممّا سواه، وفي بعض الرّوايات أنّ أجر الصّلاة فيه بخمسمئةِ صلاةٍ فيما سواه، غير أنّ الصّحيح بعد تحقيق الرّوايات الحديثيّة ودراستها هو أنّ أجرَ الصّلاة في المسجد الأقصى المبارك يعدل مئتين وخمسين صلاةً فيما سواه عدا المسجد الحرام والمسجد النبويّ.
وينال هذا الأجر من صلّى في المسجد الأقصى المبارك في أيّ جزءٍ من أجزائه التي يُطلق عليها وصف المسجد الأقصى المبارك وهي كما ذكرنا ابتداء مئة وأربعة وأربعون ألف متر مربع.
واقع المسجد الأقصى اليوم والواجب تجاهه
المسجد الأقصى المبارك يخضع للاحتلال الصّهيونيّ الذي يسعى إلى فرض سيادته عليه ويمارس مخططاته بالسّيطرة على المسجد الأقصى المبارك من خلال محاولة فرض تقسيمه زمانيًا ومكانيًا، وصولًا إلى هدمه وتفكيك قبّة الصّخرة وإقامة الهيكل المزعوم مكانه.
والمسجد الأقصى هو محورُ الصّراعِ مع الصّهاينةِ وعنوانه، وهو مركزُ قضية الأمّةِ الإسلاميّةِ كلّها، فهو قضيّة كلّ مسلمٍ في الأرض وليسَ قضيّة الفلسطينيّين وحدهم، وإنَّ أيّ اعتداءٍ عليه أو على أي جزء منه يوجب على الأمّة كلّها النّفير والتّحرّك بالإمكانات المتاحة لوقف هذا العدوان الإجراميّ، وتحريره من دنس الاحتلال ورجس المحتلّين.
قال تعالى في سورة التّوبة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.