ذاق طعم الإيمان
بقلم: م. أحمد المحمدي المغاوري
السعادة الإيمانية رزق، يمنحه الله تعالى للمجتهد وبحسب اجتهاده وصدق عزيمته، تزداد سعادته.
فكلما زاد الإيمان زادت سعادة المؤمن، فهي إحدى ثمرات زيادة الإيمان، قال تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم).
وسعادة في الدنيا بمعزل عن الإيمان!! ما هي إلا ظل زائل، قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ).
وقال عز من قائل: (وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلْءَاخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٌ).. مُتع امتدت لسنين معدودة ثم جاء الموت وتُركوا ما جمعوه فتجبروا به لغيرهم، وما أغنت عما كان ينتظرهم في الآخرة؛ وإذا نظرنا إلى طبيعة الدنيا في القرآن وفي الواقع، لوجدنا أنها بالنسبة لكل إنسان مهما أوتي من كنوز ووجاهة وسلطة قصيرة -فهي حياة مليئة بالنكد، نكد نفسي أو صحي أو اجتماعي أو مالي أو كل ذلك معا طالما خلت من الايمان والعمل الصالح.
أما سعادة المؤمن الصالح فلها مذاق خاص، ذاق طعم تلك السعادة إبراهيم عليه الصلاة والسلام عندما حطم الأصنام برغم قُذفه في النار، قال تعالى: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾.
وذاق طعم السعادة الصديق يوسف عليه الصلاة والسلام عندما قال: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾.
فوجد السعادة في حياة الطاعة والطهر لا في الملذات المحرمة، بل وجعل السجن الرهيب مدرسة للإيمان وتوحيد الله والدعوة إليه.
ووجد تلك السعادة فتية آمنوا بربهم فزادهم الله هدى؛ عندما أووا إلى الكهف فرارا الى الله فنشر لهم الله من رحمته؛ وهيأ لهم من أمرهم مرفقا. وها هو محمد صلى الله عليه وسلم يوم الطائف برغم ما حدث له قذفوه بالحجارة فأدميت قدماه الشريفة فناد ربه فقال إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي فلم يدعوا عليهم فكانت حفاوة الإسراء وسعادة المعراج لقاء الانبياء وحظوة التشريف فكان قاب قوسين أو أدنى.
أنها سعادة الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).
فلنملأ أوقاتنا بطاعة الله ولنعمل على زيادة الإيمان بالذكر والصلاة والصوم ولنسعى في حوائج الناس بالعمل الصالح بالزكاة والخلق الحسن والانفاق ونشر الخير بين الناس والرفق بهم فخير الناس انفعهم للناس.
قال ابن القيم -رحمه الله-:《من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به ومن رحمهم رحمه ومن أحسن إليهم أحسن إليه ومن جاد عليهم جاد الله عليه ومن نفعهم نفعه ومن سترهم ستره ومن منعهم خيره منعه خيره ومن عامل خلقه بصفةٍ عامله الله بتلك الصِّفة بعينها في الدنيا والآخرة فالله تعالى لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه》[الوابل الصيب (35)].
بذلك تتحق سعادة الدنيا والآخرة.
فاللهم ارزقنا سعادة الدنيا ونعيم الآخرة وارزقنا اللهم ايمانا تهدي به قلوبنا، قال تعالى: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه).
وصل اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.. صلوا عليه وسلموا تسليما
فحيهلا أحبكم في الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* م. أحمد المحمدي المغاوري، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وباحث اكاديمي