مسلمو النيجر.. نهضة تعليمية رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية
تقع النيجر في وسط غرب أفريقيا، وهي دولة حبيسة ليس لها حدود ساحلية، وتحيط بها الجزائر وليبيا شمالاً، ونيجيريا وبنين جنوباً، وتشاد شرقاً، وبوركينا فاسو ومالي غرباً، وتبلغ مساحتها نحو 1270000 كم2، ويبلغ عدد سكانها نحو 24 مليوناً، أغلبهم مسلمون بنسبة %94، وعاصمتها نيامي، ويوجد نسبة قليلة من الشيعة والطرق الصوفية التي تأثرت بها مناطق زارما والهوسا، وتعتبر مدينة ساي الواقعة على نهر النيجر مركزاً للتعليم الديني الصوفي والمالكي.
والنيجر دولة علمانية تتمتع بالحرية الدينية، وهي دولة فقيرة يعيش سكانها وضعاً اقتصادياً صعباً، واللغة الرسمية الفرنسية والعربية.
وقد دخل الإسلام النيجر منذ القرن الأول الهجري على يد عقبة بن نافع الفهري عام 46هـ، الذي وصلت فتوحاته إلى الصحراء الكبرى، وكان التجار المسلمون يجوبون صحراء النيجر للتجارة والدعوة، واستقرت بها بعض القبائل العربية، وانتشر الإسلام في غرب النيجر بوصول المرابطين إليها عام 460هـ، ومنذ ذلك الحين انتشرت اللغة العربية فيها.
وتعرضت النيجر للاحتلال الفرنسي عام 1911م، الذي عمل على محاربة اللغة العربية وإبعادها عن المجال الإداري والسياسي والثقافي، وحصرها في مجال الأغراض الدينية، ورفض إنشاء مدارس إسلامية حتى استقلت البلاد عام 1960م.
التعليم الإسلامي
يوجد كثير من البرامج الإسلامية بوزارة الإذاعة الإسلامية بالنيجر، وتعد المحكمة العليا في الجهاز القضائي من أكبر هذه المحاكم التي تطبق أحكام الشريعة الإسلامية في الكثير من الحالات التي تعرض عليها، خاصة التي تتعلق بالأحوال الشخصية.
ويحرص النيجريون على الاهتمام باللغة العربية وتعلمها، والتخاطب بها، وبها 3 كليات للغة العربية والدراسات الإسلامية، منها واحدة خاصة بالبنات في العاصمة نيامي، ومعهد عالٍ للغة العربية والثقافة الإسلامية، ومركز أفريقي لإحياء التراث الإسلامي.
وتنتشر المساجد في المدن والقرى والبوادي والكتاتيب لتحفيظ القرآن، ولم يتوقف المسلمون عن إدخال أولادهم مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وتدرَّس اللغة العربية رسمياً في المدارس الحكومية مع اللغة الفرنسية.
وكانت بعض المدن تمثل مراكز لتعليم الدين الإسلامي واللغة العربية، مثل: ساي، وزندر، وأغاديس، ومنطقة أزواغ وآير، وسيندر.
وتوجد مساهمات فعالة من بعض الدول العربية كان لها أثر في تعليم اللغة العربية بالنيجر، فتم إنشاء جامعة إسلامية في ساي عام 1982م بمساعدة بعض الدول العربية، وكانت ليبيا منذ عام 1997 حتى الثورة عام 2011م تتكفل ببعض المدرسين في جميع المستويات بداية من الابتدائية حتى الجامعة، وما زال الأزهر الشريف يمد النيجر بالمدرسين ويقبل طلابهم للدراسة بمصر، وافتتحت السعودية مركز الأمير سلطان الثقافي بالتعاون مع حكومة النيجر، وهو أضخم مركز تعليمي ثقافي في غرب أفريقيا، يستفيد منه طلاب العلم في دول المنطقة، وأقامت عدة مدارس، ووفرت الكتب والمراجع لمتعلمي اللغة العربية، وتقدم المنح الدراسية للطلاب.
وفي منتصف السبعينيات، أسست السعودية الجامعة الإسلامية بالنيجر، ومقرها الرئيس في ساي، والمؤسسة العالمية للإعمار والتنمية، وتقوم بعض المؤسسات الإسلامية بأدوار مهمة كرابطة العالم الإسلامي، والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية الكويتية، ولجنة مسلمي أفريقيا الكويتية (العون المباشر)، وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية (الليبية)، وجمعية قطر الخيرية، ومنظمة الدعوة الإسلامية (السودانية)، وقامت منظمة المؤتمر الإسلامي بإنشاء الجامعة الإسلامية في النيجر التي تعد منارة للعلم والنور، وتعليم علوم العربية والشريعة.
___________________________________________
1 - د. علي يعقوب: اللغة العربية في النيجر بين الماضي والحاضر وتطلعات المستقبل، مجلة قراءات أفريقية، العدد الرابع، شوال 1430هـ/ سبتمبر 2009، ص32-40.
2 - محمد بن ناصر العبودي: أيام في النيجر، دون ذكر دار نشر، 1414هـ/ 1994م.
المصدر: مجلة المجتمع