البحث

التفاصيل

مقاصد الاتباع وغاياته (1)

الرابط المختصر :

مقاصد الاتباع وغاياته (1)

بقلم: د. انجوغو امباكي صمب - عضو الاتحاد

 

الفهرس:-

- تعريف مقاصد الاتباع

- أهمية العلم بمقاصد الاتباع وغاياته.

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد.

فهذه كلمات يسيرة في بيان مقاصد الاتباع وغاياته، أقدمها بين يدي القراء الكرام للتذكير أهمية الاقتداء بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وضرورته للمسلم الذي يريد أن يعبد الله تعالى على هدى من الله واتباع لرسول الله، بانيا دينه على أساسين متينين وهما التوحيد والسنة، اللذان هما مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

  • تعريف مقاصد الاتباع

الاتباع لغة: من اتبع يتبع اتباعا، فهو متبع، قال ابن فارس رحمه الله ((التَّاءُ وَالْبَاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، لَا يَشِذُّ عَنْهُ مِنَ الْبَابِ شَيْءٌ، وَهُوَ التُّلُوُّ وَالْقَفْوُ، يُقَالُ تَبِعْتُ فُلَانًا إِذَا تَلَوْتَهُ وَاتَّبَعْتَهُ، وَأَتْبَعْتُهُ إِذَا لَحِقْتَهُ. وَالْأَصْلُ وَاحِدٌ))[1]، وفي القاموس المحيط ((تَبِعَهُ: كفرحَ، تَبَعاً وتَباعةً: مَشَى خَلْفَهُ، ومَرَّ به فَمَضَى معه...، والتَّبَعُ، محركةً: التابعُ، يكونُ واحداً وجَمعاً، ويُجْمَعُ على أتباعٍ))[2].

وأما الاتباع اصطلاحا فقد عرفه أبو القاسم الأصبهاني، فقال هو: ((الأخذ بسنن رسول الله التي صحت عنه عند أهلها ونقلتها وحفاظها ،  والخضوع لها ، والتسليم لأمر النبي))[3].

 وقال بعض العلماء المعاصرين ((هو الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله على الوجه الذي جاء به من وجوب أو ندب مع توفر القصد والنية في متابعته والتأسي به))[4].

ومعنى مقاصد الاتباع هو: ما يترتب من الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وموافقة هديه من المصالح والمنافع الدينية والدنيوية، وسواء ما تعلق منها بالفرد أو الجماعة أو الدولة أو الأمة.

 لأن خطاب الشارع المقتضي لاتباع النبي صلى الله عليه وسلم وموافقة هديه خطاب يتناول جميع مناحي الحياة، عقيدة وعبادة وسلوكا ومنهج حياة، ولا يقتصر على جانب منها دون آخر، وذلك واضح في نصوص الكتب والسنة النبوية المطهرة وسيرة الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى يوم الدين.

  •  أهمية العلم بمقاصد الاتباع وغاياته.

إن الدين الإسلامي الحنيف هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، ولا يقبل دينا سواه، قال تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[5]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[6]، والإسلام يقوم على قاعدتين عظيمتين وهما التوحيد والإتباع، والأنبياء والمرسلون هم المعرفون بالله تعالى والأدلاء على الطريق الموصل إليه، ولا يستطيع أحد أن يعرف الله تعالى أو يسلك الطريق الموصلة إلى مرضاته إلا باتباع المرسلين والعمل بالشرائع التي جاؤوا بها من عند الله تعالى.

 وبعد أن ختم الله الرسالة والنبوة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، اقتصرت القدوة الشرعية والأسوة الدينية على ما جاء به من الهدى، ولا يسع أحد من الخلق أن يخالف عن أمره أو يخرج عن شريعته، قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[7].

ومما يدل على أهمية معرفة مقاصد الاتباع وغاياته ما يلي:

  1. تقي من الضلال والانحراف: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ((مَن سرَّه أن يلقى اللهَ غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهنَّ؛ فإنَّ الله شرع لنبيِّكم سنن الهدى، وإنَّهنَّ من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صلَّيتُم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّف في بيته لتركتُم سنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سنَّة نبيِّكم لضللتُم))[8].
  2. تبصر بأضرار البدع والمحدثات وتمنع من الافتتان بها: كتب إلى بعض عماله: ((أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وترك ما أحدث المحدثون بعده، فيما قد جرت به سنته، وكفوا مئونته، واعلم أنه لم يبتدع إنسان بدعة، إلا قدم قبلها ما هو دليل عليها، وعبرة فيها فعليك بلزوم السنة، فإنها لك بإذن الله عصمة، واعلم أن من سن السنن قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل، والتعمق والحمق، فإن السابقين عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، وكانوا هم أقوى على البحث، ولم يبحثوا))[9].
  3. تدفع الوحشة عن نفوس المؤمنين المتبعين: قال الفضيل بن عياض رحمه الله ((اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين))[10].
  4. تعين على الثبات على الحق: قال أبو العالية رحمه الله تعالى: ((تعلموا الإسلام، فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام، ولا تحرفوا يمينا ولا شمالا، وعليكم بسنة نبيكم وما كان عليه أصحابه))[11].

من مقاصد الاتباع وغاياته.

أمر الشارع الحكيم المسلمين بالاتباع ونهاهم عن الابتداع لما في ذلك من المصالح العظيمة والفوائد الجليلة التي تعود على المكلفين في دينهم ودنياهم وعاجلهم وآحادهم، أفرادهم وجماعاتهم، وكلها مصالح حقيقية غير وهمية، وقطعية غير ظنية، وعامة غير خاصة، لا يؤثر فيها تغير الزمان، ولا تبدل المكان، ولا اختلاف الإنسان.

(يتبع: وفيما يلي أهم مقاصد الاتباع وغاياته)

 

[1] معجم مقاييس اللغة، 1 /362

[2] القاموس المحيط، تأليف مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى، ص 706، الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان الطبعة: الثامنة، 1426 هـ

[3] الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة، أبو القاسم اسماعيل ابن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني، 2/247 ، الناشر دار الراية، 1419 هـ

[4] محبة الرسول بين الاتباع والابتداع، تأليف عبد الرؤوف محمد عثمان، ص 105، الناشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة – الرياض الطبعة: الأولى، 1414هـ

[5] سورة آل عمران، الآية 19

[6] سورة آل عمران، الآية 85

[7] سورة القصص، الآية 50

[8] رواه مسلم، برقم (257 )

[9] الإبانة الكبرى، تأليف أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العُكْبَري المعروف بابن بَطَّة العكبري، 1/ 338، الناشر: دار الراية للنشر والتوزيع، الرياض.

[10] الاعْتِصَام، تأليف إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، 1/ 136، الناشر: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، 1429 هـ

[11] المرجع نفسه، 1/46


: الأوسمة



مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع