الرابط المختصر :
العدل من أعظم المبادئ الإسلامية التي ليس فيها استثناء
بقلم: أ. د. علي القره داغي
الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
إن العدل من أعظم المبادئ الإسلامية التي ليس فيها استثناء، وأن جميع الأمور في الشرع قد يكون لها حالة ضرورة أو حاجة ما عدا العدل لأنه مطلوب في جميع الأحوال.
إن الله أوجب علينا حقوقًا متقابلة مبنية على العدل، فلكل حق مقابل، وأصنّف في ذلك نظرية الحقوق المتقابلة والتي استند فيها إلى حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه «أخرجه الإمام مسلم في صحيحه» حيث قال: «كُنْتُ رِدْفَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى حِمارٍ، يُقالُ له: عُفَيْرٌ، قالَ: فقالَ: يا مُعاذُ، تَدْرِي ما حَقُّ اللهِ علَى العِبادِ؟ وما حَقُّ العِبادِ علَى اللهِ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّ حَقَّ اللهِ علَى العِبادِ أنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ، ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحَقَّ العِبادِ علَى اللهِ عزَّ وجلَّ ألا يُعَذِّبَ مَن لا يُشْرِكُ به شيئًا، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ، قالَ: لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا».
وفي باب معاملة الأبناء كما أن على الولد واجبًا فله حق، رُوي أن رجلًا جاء إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنه وأنبه على عقوقه لأبيه، فقال الابن: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب (القرآن). فقال الابن: يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئًا من ذلك: أما أمي فإنها كانت لمجوسي، وقد سماني جعلًا (جعرانًا)، ولم يعلمني من الكتاب حرفًا واحدًا. فالتفت أمير المؤمنين إلى الرجل، وقال له: أجئت إليّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك.
إن الاستقراء يدل على أن العدل واجب بين الأبناء والبنات في حالة الحياة وبعد الموت، وأن هذه العدالة تشمل الحقوق المادية والمعنوية، وحتى الأمور المعنوية من قبل الأب تجاه الأبناء سواء النظرة أو اللطف والعناية والمحبة مطلوب فيها جميعًا العدل بين الأبناء، ولا يجوز لك أن تظن أن الكبار من الأبناء لا يحتاجون إلى الرحمة والشفقة بل يجب أن تطبق شرع الله ولا تنطلق من العواطف.
والتمييز بين الأبناء مخالف لشرع الله وهو إثم، وأن آثاره على نشأة الأولاد تظهر فيما بعد سواء في التشاحن وعدم تماسك الأسرة وقد يترتب عليه العقوق، والتمييز بين الأبناء من أسباب العقوق، وكما أن الأولاد عندهم عقوق فكذلك الوالد والوالدة قد يقعان في العقوق من قبلهما تجاه الأبناء إن لم يعدلا بينهم.