الرابط المختصر :
.jpg)
إماطة الأذى السياسي
بقلم: د. ونيس المبروك
بعض المتحدثين عن الإسلام من دعاة السوق الناعمين ال cute ، الذين يريدون منا تقديمَ إسلامٍ بصبغة نصرانية، إسلامٍ منزوع الحيوية والحياة، إسلام لا علاقة له بالشأن العام ولا بقضية تغيير المُنكر السياسي من دكتاتورية وظلم فرعوني أو تجبّر وقمع هاماني، أو احتكار وكنز قاروني .... هؤلاء الدعاة أو القُصاص قد نعذرهم إن هم صمتوا وكتموا بسبب ضعف نفوسهم أمام ذهب المُعز أو رهبةً من سيفه، ولكن لا نعذرهم بأي حال أن يمارسوا بخبث مهمة "تحريف" الدين الذي جاء به سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وبيننا وبينهم ساحات الحوار العلمي الحر والجدال بالتي هي أحسن، وشعارنا قول الحق: "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ".
بالنسبة لي أرى أن تغيير المنكر السياسي واجبُ كلِ وقتٍ ولكنه -كأي تكليف إلهي- لا يشغل ذمةَ المسلم إلا بالوسع والاستطاعة إذا ما توفرت شروطه وانتفت موانعه.
وللإخوة الذين يرون أن هذا المسلك ينافي أولوية الإيمان، ويبعد الناس عن الاهتمام بالعقيدة أقول: إن إزالة هذا المنكر شُعبة من شِعًَب الإيمان!
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين: "الإيمانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أو بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعْبَةً: فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لا إله إلا الله، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ".
وقد كنت متردداً في الاستدلال بهذا النص على إزالة الأذى السياسي من طريق الناس، حتى عثرت على كلام نفيس للإمام بدر الدين العيني في كتابه عمدة القاري يقول فيه: "وهذا عامٌّ [أي دلالة نص الحديث] يتناول كل أذى يحصل للناس على الطريق، ويَنْدرجُ فيه عزْلُ الولاة الظلمة الفسقة والحكامِ الرُّشَاة، فإنهم كلهم أذًى وأي أذىً في طريق المسلمين وطريق الشرع؟!
كما أسلفت: كل صامت لعجز أو طمع أو تقديرِ مصلحة؛ فعذره معه، واللهُ يعلم الوسع والنيّات ويحاسب عليها، أما أن نترك هؤلاء العابثين ودعاة السوق يحرفون الدينَ ترضيةً لمن يدفعهم أو يدفع لهم، فهذا والله لا نرتضيه ولن يكون مادام فينا عرقٌ ينبض وقلبٌ يوحِّد.
#_بداية_الإصلاح_وعيٌ