ربيع الأول موسم لتعزيز الهوية وإحياء السيرة النبوية
بقلم: محمد عياش الكبيسي
في العراق ليس هناك احتفال بيوم ولادته عليه الصلاة والسلام بالطريقة التي يتخيلها بعض المنكرين، بل هو موسم يستمر لشهر أو أكثر يقدّم أنشطة علمية وثقافية وتربوية مختلفة ومتنوعة تتضمن:
١- دروسا في السيرة النبوية وأخبار الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
٢- تأكيد وجوب محبته عليه الصلاة والسلام واتباع هديه وسنته.
٣- معالجة مشكلات المجتمع وقضايا الأمة في ضوء الهدي النبوي الشريف.
٤- ترسيخ القيم والأخلاق الإسلامية.
٥- ترسيخ معاني الوحدة والتعاون والتكافل الاجتماعي.
ليس هناك (طقوس) و لا (شعائر) كما هي الحال في مناسبات الطوائف الأخرى. وليس هناك من يقول إن المولد النبوي (عيد ثالث) كعيد الفطر وعيد الأضحى.
فإذا كان الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فإن هذا الموسم المبارك لا ينبغي أن يدخل في دائرة الجدل حول مفهوم (البدعة) إذ معنى البدعة (تشريع عبادة مستحدثة من غير دليل) وأن كل الأنشطة التي تقدم في هذا الموسم ليس فيها معنى العبادة المستحدثة لا من قريب ولا من بعيد. ولذلك كان الكثير من العلماء المعروفين بتوجههم السلفي عندنا في العراق يشاركون في هذه الأنشطة بخطبهم ومحاضراتهم.
هناك من يخلط بين (العبادة بمعناها العام) والتي يدخل فيها التعليم والتربية والدعوة حتى التطبب وكل فروض الكفايات الأخرى، وهذه الأنشطة منها بلا شك، لكن هذا النوع لا يجوز تقييده بالصورة التي كانت موجودة على عهده عليه الصلاة والسلام، ولذلك نحن نقيم الدورات القرآنية بما فيها من مسابقات واحتفالات..الخ و (العبادة بمعناها الخاص) كالصلاة والصوم ومناسك الحج، فهذه لا تقبل الزيادة ولا النقصان، وتعريف البدعة يخص هذه بشكل أدق.
أما بعض الإخوة الذين يثيرون موضوع أن هذا اليوم هو يوم وفاته عليه الصلاة والسلام -على خلاف بين المؤرخين في ذلك- فهذا أيضًا لا يؤثر، فشهر الربيع مرتبط برسول الله صلى الله عليه وسلم وبسيرته العطرة بداية ونهاية وأحداث أخرى، فناسب جعل هذا الشهر موسما لمدارسة هذه السيرة واستنباط الدروس والعبر منها، وهذا ليس معناه تخصيص هذا الموسم بهذه المدارسة، فكل السنة هي موسم مفتوح، فليس هناك من خطبة جمعة إلا وفيها تأكيد لهذه الدروس.
يضاف إلى ذلك أن الذي يعرف أحوال العراق يدرك حاجة العراقيين إلى مثل هذا الموسم السنوي لتعزيز هويتهم وتوثيق أواصر المحبة والوحدة فيما بينهم.
والله أعلم