البحث

التفاصيل

تيار التأزيم يتولى زمام الأمور في إسرائيل

الرابط المختصر :

تيار التأزيم يتولى زمام الأمور في إسرائيل

بقلم: م. مروان الفاعوري

 

أنا سعيد جداً لنجاح نتنياهو وتحالفه الشيطاني مع الأحزاب المتطرفة الدينية الموغلة في العداء والعنف للعرب لأن هذا النجاح أماط اللثام عن الوجه الحقيقي والبشع لإسرائيل وقياداتها وأسقط الوهم الذي ركض إليه كثير من العرب وهم السلام الموهوم والسراب المزعوم الذي سنجني بعده السمن والعسل والرخاء كما بشر به دعاة التيار الإسرائيلي في عالمنا العربي.

وأمر مضحك مبكِ في نفس الوقت ان تبقى القلوب والعقول مشدودة والعواصم العربية تقف على قدم واحدة تنتظر نتائج الانتخابات في إسرائيل ولعمري ان ذلك افلاس ما بعده افلاس وعجز عن توفير البدائل في التعامل مع هذا العدو الذي لا تختلف على قتلنا سواء بالقتل الرحيم او القتل العنيف.

ثمة حلقة مفقودة في العلاقات الأردنية الصهيونية ظهرت بشكل واضح وجلي خلال الفترة السابقة لتولي نتنياهو رئاسة الوزراء وسوف تستمر هذه الحلقة المفقودة حالياً في تعقيد المشهد في العلاقات الأردنية الإسرائيلية مستقبلاً، فحتى نتمكن من التعامل مع رئيس الوزراء الحالي بندية، علينا أولاً معرفة الرؤيا والثوابت التي ينطلق منها نتنياهو في تنفيذ استراتيجياته وسياساته على أرض الواقع، فالواقع الذي يؤمن به نتنياهو ويقوم به ويعمل على تكريسه واقعاً على الأرض هو المحافظة على أمن الكيان الصهيوني من خلال ثلاثة ابعاد ( القوة والجغرافيا والديمغرافيا) حيث يجسد حاله ضمان إسرائيل تفوقها العسكري والتكنولوجي في المنطقة وأن تكون اليد العليا في المنطقة عسكرياً وفي إطار رفض عودة الضفة الغربية والجولان لأصحابها بل تعتبرها جزءاً من الكيان الصهيوني والعمل على ضم الأغوار الأردنية في وقت لاحق واعتبار القدس الموحدة عاصمة للكيان الصهيوني والتمسك بهذا القرار مع حشد التأييد الأمريكي والأوروبي له.

والنظرة للشعوب العربية وحكامها نظرة استعلائية متغطرسة فهو يقول: " ان العرب امه لا نفع منها، لا يمكن ان تستقيم في نهج الحضارة إلا من خلال سياسة القوة ولا يمكن الوثوق بهم فهم ( متلونون) ، أما قادة العرب فهم يتخذون القضية الفلسطينية فزاعة لهم لتحقيق أهدافهم الشخصية وهم حكام مستبدون وكجزء من استراتيجيات نتنياهو اختراق دول الخليج والتطبيع معهم " كحلفاء " لإسرائيل لهذا فنحن أمام عدو مخادع، السلام في نظره وسيله يستخدمها لتحقيق مصالحة الأمنية فقط، وهو لا يؤمن أيضاً بالسلام الدائم وشعار السلام من أجل الأرض مرفوض تماماً لديه بل السلام من أجل السلام، فالسلام من وجهة نظره هو الذي يضمن أمن المجتمع الإسرائيلي والعملية السلمية لا تنبع من إيمان في بناء علاقات حسن الجوار مع الآخرين وبناء ثقه معهم وتطوير مبادئه من خلال الالتزام بالاتفاقيات الدولية الموقعة مع دول الجوار، لهذا فالسلام في نظر نتنياهو ليس ضرورة انما وسيلة مرحلية وآنية لتحقيق غايات أمنية للمجتمع الصهيوني، لهذا فالتصريحات الاستفزازية والممارسات المكملة لها على الأرض تؤكد مقولة ان هذا الكيان هو كيان احتلالي استعماري توسعي استيطاني عنصري ينفذ مشاريعه التوسعية بالتدريج ولا يلتزم بالمواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية التي يوقعها مع الآخرين فهو كيان يؤمن بالقوة وبقضم الأراضي واحلال مستوطنين جدد كلما سنحت الفرصة لذلك وهو يعمل في اطار استراتيجية واضحة المعالم عناصرها: القوة والجغرافيا والتغيير الديمغرافي للسكان ، لهذا ونتيجة لهذه الاستراتيجية الصهيونية نجد أن المجتمع الصهيوني يتجه بشكل متسارع نحو التشدد والعنصرية والعنف في ظل هذه الاستراتيجية العنصرية الفاشية التي يتبناها اليمين الليكودي المتطرف بزعامة نتنياهو والمتحالف مع قوى دينه موغلة في التطرف والعداء للعرب.

لهذا فإن الحكومة الصهيونية المتطرفة بزعامة نتنياهو ستعمل على قتل مشروع السلام العربي الإسرائيلي بغير رجعة ولا أمل في حل الدولتين وزيادة في الاستيطان وبناء المستعمرات والعمل على تهويد القدس والمسجد الأقصى وستزداد عمليات هدم البيوت ومصادرتها من قبل قطعان المستوطنين الجدد ومزيداً من العنف داخل الأراضي الفلسطينية وسيعمل على انهاء الوصاية الهاشمة نتيجة لتحالفات الليكود مع الصهيونية الدينية والمتطرفين في الكنيست كما سيتم تحشيد الرأي العام الصهيوني لضم الأغوار وستستمر الاعتداءات اليومية على القدس والمقدسات والأماكن الدينية وعلى المواطنين وسيتم تفعيل مشروع وتسويق الخيار الأردني والوطن البديل وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وبما يسمى الخيار الأردني، والخاسر الأكبر من جراء هذه الاستراتيجيات والسياسات الصهيونية سيكون السلطة الفلسطينية والأردن أمام هذه التطورات المبنية على فهم لمجريات الأمور، وعليه فإن على الأردن ان يعد العدة ويقوم بطرح خطة عمل سريعة يتسلح بها من أجل الحد من أضرار هذه الاستراتيجية الصهيونية الخطيرة التي تستهدف الكيان الأردني وأمنه واستقراره، ومن هذه الأوراق المطلوب إبرازها هو التعامل الندي لأي استفزاز صهيوني أو ممارسة تجاه الأردن مستقبلاً ودون الاعتماد على الإدارة الأمريكية وتيار الوسط الإسرائيلي الذي ما عاد له أي حضور يذكر في الانتخابات الأخيرة وعلى النحو التالي:

العمل أولاً على التعريف بما يخطط للأردن في الغرف المظلمة والعمل على الوعي الثقافي والفكري لدى المواطنين بمضامين الإستراتيجية الصهيونية وجذورها ومخرجاتها وكيفية مواجهتها فعلياً وبأساليب وآليات قانونية وسياسية ودبلوماسية محلياً واقليمياً ودولياً ومن خلال تجميع الجهود الشعبية والثقافية وتصليب الجبهة الداخلية لتكون رديفاً للموقف الرسمي يتناغم معه في تعزيز التصدي لمخططات الليكود العنصري الفاشي الجديد.

إطلاق الحريات العامة وإطلاق يد المواطنين للتعبير عن مشاعرهم لدعم موقف صناع القرار بالتأييد الشعبي والحاضنة الوطنية.

تعميم ثقافة المقاطعة الاقتصادية والثقافية وتحصينها بالقوانين والإجراءات وتشجيع المواطنين عليها ووقف التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع العدو الصهيوني.

وكذلك وقف التنسيق الأمني والاستخباراتي مع الكيان الصهيوني.

تفعيل التحرك السياسي والقانوني والدبلوماسي تجاه العالم العربي والإسلامي والدول الصديقة للضغط على الكيان الصهيوني لكبح جماحه عن الاستمرار في سياساته العدوانية تجاه الأرض والإنسان في فلسطين والأردن معاً.

تعزيز الديمقراطية والسير نحو الإصلاح الحقيقي الشامل في الأردن من خلال المزيد من الحريات للصحافة والتعبير عن الرأي وإقامة الفعاليات المناهضة للكيان الصهيوني ومن يدعمه ووضع الرجال الوازنين للمساهمة في إدارة المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بأفضل الصور.

المصالحة مع كافة القوى الحية في الأردن والافراج عن معتقلي الرأي العام وإجراء عفو عام عن المعارضة في الخارج ودعوتها للعمل من الداخل وفي إطار القوانين والأنظمة الناظمة للدولة لمواجهة الاستراتيجية الصهيونية التي تهدد الكيان الأردني والعمل على احباط مؤامراته ومشاريعه تجاه المنطقة العربية.

التوقف عن السير في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع العدو (الغاز والمياه والنقل وسكة الحديد) والتي من شأنها وضع الخناق في عنق الأردن لتتحكم به اسرائيل.

إعادة الخدمة العسكرية للواجهة والاهتمام بالقوات المسلحة تدريباً وتسليحاً وتزويدها بأحدث المعدات العصرية لمواجهة العاديات والتهديدات الأمنية الخارجية وإعادة النظر بمشروع هيكلتها.

التخفيض الدبلوماسي مع إسرائيل وسحب السفير الأردني وطلب مغادرة السفير الإسرائيلي من عمان إلى حين جلاء الصورة واتضاح المشهد في مدى جديتهم للسلام والتلويح بإلغاء اتفاقية السلام (وادي عربة) مع الكيان الصهيوني كورقة أخيرة في إنهاء العلاقات الأردنية الإسرائيلية بغير رجعة.

دعم صمود الأهل داخل الضفة الغربية وفي القدس والأراضي المحتلة معنوياً وإنسانياً وأخلاقياً فهم يشكلون حائط السد الأول عن الأردن وبناء علاقات طبيعية مع القوى المقاومة للمشروع الصهيوني في طليعتها حركة حماس.

أعادة النظر في التحالفات مع الدول الكبرى وتعزيز العلاقات مع الصين وروسيا وايران.

ختاماً..

هل يفعلها جلالة الملك ويوجه صفعه لإسرائيل البشعة في طبعتها الجديدة المتطرفة والمعادية للسلام بعد الانتخابات ويُخلد اسمه في التاريخ الحديث، بأن يضع وادي عربة في كفة.. والقدس والاقصى والمقدسات وفلسطين في كفة أخرى؟؟!!





التالي
الشيخ القرضاوي عطاء متواصل
السابق
من آثار الربانية على الفرد والمجتمع

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع