(ما اشترك فيه العلماء العاملون)
بقلم: د. سعد الكبيسي – عضو الاتحاد
تأملت في سير العلماء العاملين والمفكرين المصلحين قديمهم وحديثه، فوجدت أنهم يشتركون في سمات وخصال بعينها، أذكر منها باختصار -مما قرأت وجربت وعرفت- عشرين سمة وخصلة:
1- شهادة الناس لهم بالاستقامة، وحسن الخلق، وترك الأثر في الواقع، وطلب الإخلاص في القول والعمل، والبعد عن التنافس والتحاسد.
2- يمتاز تكوينهم العلمي والفكري بالأصالة والمعاصرة، فهم مرتبطون بالماضي لكنهم أيضا يعيشون الحاضر والمستقبل، ويجددون الدين على بصيرة من غير انحراف ولا شطط.
3- يتحصل نضوج تكوينهم العلمي والفكري بفعل التراكم المتدرج، وليس بالطفرات وحرق المراحل.
4- يجمعون بين الخبرتين النظرية والعملية، فهم لا يقولون شيئا لا يمكن تطبيقه، ولا يعلمون شيئا لم يسبق بفكر ونظر.
5- النصيحة وعدم التملق للسلطان وجماهير الناس، فهم قريبون منهما عند البيان والبلاغ، بعيدون عنهما عند الهوى والشهوات.
6- الحرص على وجود الحملة من التلاميذ لفكرهم وعلمهم من بعدهم، فهم يحنون عليهم حنان الأم على ولدها، ويرعونهم رعاية الوالد لولده، ويحرصون على جعلهم في نهاية المطاف علماء متبوعين لا طلابا تابعين.
7- لديهم القدرة على الجمع بين فقه الدين وفقه الواقع وفقه التنزيل، فهم ليسوا حفظة بدون فهم للدين، ولا معتزلين بدون إدراك للواقع، ولا متجاهلين في البيان والفتوى للضرورات والحاجات وتحقق مقاصد الشريعة في دنيا الناس.
8- ليسوا حريصين على المواقع والمناصب إلا إذا تعينت عليهم، أو كان وجودهم فيها سببا في إحداث فرق علمي أو إصلاحي.
9- عندهم ملكة الاستشراف للمآلات والاحتمالات المستقبلية، فليسوا أسرى اللحظة الراهنة ولا تحت ضغط العاجل من الأمور.
10- عدم التردد في الفتوى بعد استفراغ الوسع في تحصيلها، خصوصا مع شدة الاحتياج إليها، فلا يحجبهم ورع متوهم عن البيان.
11- يمارسون نشاطا استثنائيا في أوقات الأزمات والملمات التي تمر بها الأمة، ويرشدون الناس للموازنات والأولويات والمواقف المناسبة.
12- جمعوا بين اتقاد العقل في العلم والفكر، واتقاد العاطفة في الدعوة والإصلاح، في توازن لا يبغي بعضه على بعض.
13- جمعوا بين فقه الشأن الخاص فيما يخص أحكام العبادات والزواج والطلاق...، وبين فقه الشأن العام فيما يخص أحكام المجتمعات والدول والأمم ... وقضاياها وسبل نهضتها.
14- لديهم نزوع عال نحو الاستشارة وطلب المعلومة وفقهها من الدارسين والمختصين، وهم منتبهون لمساوئ التفرد والاعتداد بالذات.
15- يمتازون بالرؤية المركبة الشمولية للدين والواقع وليست الرؤية الأحادية في جانب محدد منهما.
16- يمتلكون شجاعة في بيان الرأي وشجاعة أكبر في الاعتذار.
17- لم يحجبهم التصدر والعمر والمشاغل عن الاستمرار في تطوير ذواتهم علميا أو سلوكيا أو مهاراتيا.
18- قريبون من الوحي قرآنا وسنة، كثيرو الترداد والرجوع إليها تلاوة وتدبرا وعملا، فلا تشغلهم علومهم عنهما بحال.
19- يجمعون مع الوقار والهيبة والحضور، لين الجانب والتواضع للناس والدماثة في الخلق، فهو المهاب المحبوب وليس المتكبر المبغوض.
20- امتازت تآليفهم وكتاباتهم بالاتي:
- العمق العلمي والفكري.
- البساطة والوضوح في التعبير.
- تلبيتها للحاجات الواقعية.
- استهدافها أكبر ما تستطيع من شرائح القراء.
- الجمع في الطرح بين العلم والعمل وبين التأصيل والتنزيل.
- الجمع بين الفقه والفكر، والأحكام والمقاصد، والجزئيات والكليات.
- حسن تشخيص المشكلات وتنوع حلولها.
- الإنصاف والموضوعية والتزام الأدب الجم مع الخصوم.
نسأل الله لكل عالم عامل لدينه، ولكل مفكر مؤثر في الأمة، الحفظ والثبات والتوفيق.