البحث

التفاصيل

إدارة وقف تميم الداري في الخليل

الرابط المختصر :

إدارة وقف تميم الداري في الخليل

بقلم: الشيخ الدكتور تيسير رجب التميمي

 

يقوم اليوم على إدارة وقف سيدنا تميم الداري رضي الله عنه مجموعة من أبناء الذرية مكونة من متولٍّ وثلاثة وعدد من النظّار من مختلف بطون عائلة التميمي، يعينهم جميعاً قاضي الخليل الشرعي بموجب حجة شرعية لكل منهم صادرة عن المحكمة الشرعية بعد اختبار كفايتهم وقدرتهم من قبل لجنة من كبار العلماء ، وهم موزعون في لجان عمل هي : لجنة الأحكار ، لجنة الأبنية والعقارات ، اللجنة المالية ، اللجنة الثقافية.

 

وجاء هذا اعتماداً على النصوص الشرعية والقواعد الفقهية ، وبناء على نص المادة 146 من قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف لمحمد قدري باشا والمستمدة من تلك النصوص والقواعد فإن: [ولاية نصب المتولي تكون للواقف أو لوصيه إن كان له وصي ، ثم للقاضي إن لم يكن له وصي...] ، لذا فقد نصت المادة 161 من قانون العدل والإنصاف [ إذا كانت ولاية نصب القيّم للقاضي فلا يجعل القيم من الأجانب ما دام يوجد من أولاد الواقف وأقاربه من يصلح للتولية ... ] حيث إن شرط الواقف كنص الشارع ، والأمر في وقف سيدنا تميم رضي الله عنه ليس مجرد شرط بل هو نص الشارع نفسه ، فقد جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للداريين دعاءه بلعنة من آذاهم ومن ظلمهم ، ومما لا شك فيه أن التولية على أوقافهم من غيرهم مع وجود المؤهَّل منهم من أكبر أنواع الإيذاء ، ومن يعارضهم  فيه ومن ينكره عليهم يكون ظالماً ومستحقاً لهذا الوعيد وهذه اللَّعنة ، وقد ثبت أن إدارة هذا الوقف جيلاً بعد جيل كانت بأيدي أبناء سيدنا تميم رضي الله عنه،

 

ويشترط لتعيين المتولي على الوقف كما ورد في المادة 144 من قانون العدل والإنصاف [ لا يُوَلَّى على الوقف إلا من كان أميناً قادراً بنفسه أو نائبه على القيام بأمور الوقف ] ولا فرق في ذلك بين ذكر أو أنثى ولا بين أعمى أو بصير ما دام متصفاً بالأمانة والكفاية ، وبناء على نص المادة 145 من قانون العدل والإنصاف أيضاً [ يشترط لصحة هذه التولية أن يكون المتولي عاقلاً بالغاً ، ولا تشترط الحرية ولا الإسلام ... ]، فلو [ أوصى الواقف بالولاية لصبي من أولاده فالوصاية باطلة ما دام صبياً ، ويولّي القاضي من هو موضع للولاية إلى أن يبلغ الصبي ... ] نصت على ذلك المادة 152 من قانون العدل والإنصاف.

يتحمل المتولي ـ سواء كان مولًّى من قبل الواقف أو من قبل القاضي ـ بموجب ولايته هذه مسؤوليات وواجبات تجاه الوقف، وحتى يتمكن من تنفيذها فيجوز له ممارسة بعض الأعمال وإجراء بعض التصرفات فيه ، ويمنع من بعضها.

 

فأولى مسؤولياته المحافظة التامة على أعيان الوقف وحمايتها من أيِّ تعدٍّ عليها، والعمل على رفع ما يقع عليها من التعدي بكل الوسائل الشرعية والقانونية ، ومن مسؤولياته أيضاً ما نصت عليه المادة 170 من قانون العدل والإنصاف [ إعمار ما يحتاج من أعيان الوقف إلى عمارة أو ترميم ، واستغلال الوقف ورفع غَلَّاته وبيعها وصرف ما اجتمع منها في وجوه الوقف ، ولا ينبغي له أن يقصر فيه...].

 

ومن مسؤوليات متولي الوقف تحصيل حقوق الوقف ودفع ما يترتب دفعه من العوائد والضرائب في مواعيدها ولجهاتها ، وتقديم الحساب السنوي عن واردات ونفقات الوقف للقاضي الشرعي ، وتنظيم العقود المطلوبة في حالة تأجير مستغلات الوقف ، والقيام بكل ما يفيد الوقف وينفع الموقوف عليهم مراعياً شروط الواقف ما لم تخالف الشرع.

 

ومن صلاحيات المتولي الزيادة أوالنقص في المرتَّبات بمقتضى شرط الواقف ، وتوكيل غيره وتفويض النظر على الوقف إلى الوكيل ، [ ... وزراعة أرض الوقف وبساتينه وكرومه بنفسه أو استئجار المزارعين لتهيئتها ودفع أجرة مثل عملهم ... ]، وله أيضاً [تسليم أرض الوقف مزارعة ببعض الخارج منها ، أو تأجيرها للموقوف عليهم أو لغيرهم ... ] كما نصت المادة 186 من قانون العدل والإنصاف ، ولمتولي الوقف كذلك [قبض الأجرة من المستأجرين وإحالة المستحقين عليهم ، وقبول الحوالة على غيرهم إذا كانوا أغنى منهم ، وله أخذ كفيل بالأجرة ... ] كما نصت المادة 188 من قانون العدل والإنصاف ، [وله فسخ عقد الإيجار إن كان في ذلك منفعة للوقف ...] كما نصت المادة 189 من قانون العدل والإنصاف ، وله بناء بيوت للمزارعين وحظائر للمواشي إن كانت مصلحة الوقف تقتضي ذلك ، وله أيضاً بناء بيوت على أرض الوقف لإيجارها إذا كانت أجور الدور مرتفعة من شأنها إفادة المستحقين ، [... وشراء ما يلزم لإضاءة المسجد وفرشه ، واستئجار أشخاص لخدمته وتنظيف مرافقه من ريع الوقف ] كما نصت المادة 192 من قانون العدل والإنصاف.

 

ومن التصرفات الجائزة للمتولي دفع أجرة المثل من مخصصاته المقررة له عن التولية لوكيله ، وله إقالة المستأجر من عقد الإجارة إذا كانت الإقالة خيراً للوقف وأنفع للمستحقين وله دفع ما قد يكون لديه من غلة الوقف المستحقة للفقراء ، أو لمعالجة مريض فقير ، أو شراء دواء له أو لإجراء عملية جراحية له ولأمثاله ، أو دفعها لإغاثة الملهوف ولابن السبيل أو كسوة اليتيم أو فك الأسير حسبما جاء في نص المادة 193 من قانون العدل والإنصاف ، وله أيضاً خصم المبالغ التي ينفقها في شؤون الوقف من مال الوقف الذي تحت إدارته كأثمان القرطاسيه ودفع رسوم الدعاوي وأتعاب المحاماة في قضايا الوقف سواء كانت له أو عليه ، ودفع المغارم على الوقف ، وأخذ نفقات تنقلاته لقضاء مصالح الوقف أو لجلب منفعته ، مع الاحتفاظ بإيصالات ذلك لتؤيد ما أنفقه عند تقديم حسابه إلى القاضي ولإطلاع مستحقي الوقف إبراء لذمته ، وله النظر في حسابات المتولي الذي سبقه إذا كان حياً ، وإجراؤها على الوقف مع ورثته إن كان متوفىً ، وإلا فالخلف لا يسأل عن حساب السلف.

 

وفي المقابل لا يجوز للمتولي إجراء أي تصرف يضر بالوقف أو الموقوف عليهم كإخراج أحد مستحقي الوقف أو إنقاص أو زيادة استحقاقه أو تخصيص أحدهم بالريع دون غيره خلافاً لشرط الواقف ، ولا يجوز له استبدال عقارات الوقف إلاَّ إذا اشترط له الواقف ذلك أو أذن القاضي بعد تحقق مسوّغات الاستبدال ، [ ... وليس للمتولي أيضاً رهن عقارات الوقف بدين شخصي عليه لئلا يؤدي ذلك إلى زوالها بالبيع سداداً للرهن عند عجزه عن إيفاء الدين ، وإن كان ذلك فهو تصرف باطل ... ] كما نصت المادة 197 ، كما [ لا يجوز للمتولي إيداع مال الوقف أو إقراضه إلاَّ إذا كان في ذلك حفظاً له ... ] كما جاء في نص المادة 205 من قانون العدل والإنصاف ، ويحظر على المتولي كذلك عمارة الوقف بنفسه والقيام بأعمال البناء والنجارة لقاء أجر ، [ ويحظر على المتولي الزيادة في بناية الوقف إلاَّ إذا اشترط له الواقف أو رضي المستحقون أو أذن له القاضي ... ] حسب نص المادة 196 من قانون العدل والإنصاف ، [ ويحظر على المتولي الإقرار على الوقف ... ] كما نصت المادة 201 من قانون العدل والإنصاف ، ولا يجوز توجيه اليمين على المتولي لأنها إما بذل أو إقرار وهو لا يملك واحداً منها ، وليس له تأجير عقار الوقف لنفسه سلفاً سكناً أو استغلالاً إلاّ بإذن شرعي ، [ ولا يجوز له تأجير عقار الوقف لأحد أصوله أو فروعه إذا لم تكن الأجرة لهم أكثر من أجرة المثل ] كما نصت المادة 195 من قانون العدل والإنصاف ، وليس من حق المتولي قطع أشجار الوقف أو خلع كرومه إلا بإذن القاضي إن توفرت المصلحة ، [ وليس له صرف غله وقفٍ على أحد الوقفين الواقعين في إدارته والمختلفين جهة ... ] كما نصت المادة 198 من قانون العدل والإنصاف.

 

ولا يجوز للمتولي ادعاء ملكية أي عقار من عقارات الوقف ، أو إيداع غلته عند غير الأمين ، فإن فعل وضاعت الغلة فعليه ضمانها ، ولا يحق له إقراض شيء من مال الوقف إلاَّ لمصلحة الوقف وبأمر القاضي ، فإذا أقرض بإذن القاضي وتعذر تحصيله فلا ضمان عليه ، أما إذا كان بغير إذن فعليه ضمانه.

 

ولا يجوز للمتولي الإذن للمستأجر بعمارة عقار الوقف إذا كان بحاجة للعمارة ، إلاَّ إذا كان للوقف غلة . فان لم تكن للوقف غلة فلا بد من حصوله على إذن القاضي في مثل هذه العمارة.

وليس للمتولي على الوقف أيضاً أن يستدين إلاَّ إذا شرط له الواقف ذلك أو أذن له القاضي ، وليس للقاضي أن يأذن بالاستدانة إلاّ لمصلحة الوقف الضرورية التي لا بد منها ... ] وذلك بنص المادة 200 من قانون العدل والإنصاف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الشيخ الدكتور تيسير رجب التميمي؛ عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قاضي قضاة فلسطين، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً، أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس


: الأوسمة



التالي
بذريعة الاحتفال بـ”الأعياد اليهودية".. آلاف المستوطنين يستبيحون المسجد الإبراهيمي ويعتدون على أحياء في الخليل
السابق
الأردن.. أكثر من 50 مؤسسة من المجتمع المدني تدعو الحكومة لتوسيع جبهة مقاومة التطبيع

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع