البحث

التفاصيل

أخي لا تقع في الصالحين

الرابط المختصر :

أخي لا تقع في الصالحين

بقلم: د. محمد أكرم الندوي

 

أخي! بلغني البارحة تسجيل لك صوتي اغتبت فيه شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ووقعت فيه متعالما عليه، ظالما إياه، ومسيئا إليه، ومؤذيا إياه وسائر عباد الله المحبين للعلماء الصالحين، فأشفقت عليك، مالك مريدا سخط ربك وغضبه؟ مالك محولا حسناتك إلى غيرك، ومستجلبا سيئاتهم إليك؟ مالك مرديا نفسك ومقحما إياها في مهالك كنت في غنى عنها وعلى نجوة منها؟

 

 أخي!

إن ابن تيمية آمن بربه وعبده، وتزهد وتنسك، وأحب الله ورسوله، وجاهد في سبيله وقاوم أعداءه أشد مقاومة، ونشر هذا الدين وكشف عن حقائقه، وعلم الناس ودعاهم إلى الصراط المستقيم، ورد على الكفار والمشركين، والفلاسفة والملحدين، والخوارج والروافض وسائر المبتدعين، وقرب الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأوذي في ذلك إيذاء وسجن حتى أتاه اليقين، غفر الله له ورحمه وجزاه أفضل ما يجزي عباده المتقين.

 

 أخي!

إنك في زمن غير زمن ابن تيمية، وابتلاك الله كما ابتلى من سبقك من الأئمة الماضين والعلماء السالفين، وإنه لسائلهم يوم القيامة عما ابتلاهم، وسائلك عما ابتلاك به، «ليبلوكم فيما آتاكم»، فما ابتلى ابن تيمية فيما آتاك، ولا ابتلاك فيما آتاه، وأدرك الصحابة والتابعون وأبو حنيفة والثوري ومالك والأوزاعي والليث والشافعي وأبو ثور وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل والبخاري ومسلم وابن خزيمة ومن جاء بعدهم هذا السر، فسعوا أن يخرجوا عن الابتلاء خروجا حسنا تطبيقا لقوله تعالى «ليبلوكم أيكم أحسن عملا».

 

 أخي!

انظر، ولا تغرنك كلمات المهيجين المغرين، ولا يشغلنك تصفيق المصفقين لك، سل نفسك سؤالا، ولا تدعها حتى تجيب جوابا يرضى عنه رب العالمين في يوم يفر المرء فيه من أخيه وأمه وأبيه،

 

سل نفسك: هل سددت المسد الذي سده ابن تيمية؟

هلْ تعبدت ربك كما تعبده؟

وهل قلت كلمة الحق كما قالها هو؟

هلْ عرفت الناس بربهم كما عرفهم هو؟

هل كتبت عن أسمائه وصفاته كما كتب هو؟

هلْ عملت كتابا مثل «كتاب الإِيمَان»، و«كتاب العُبُودِيَّة»،و«مقدمة في أصول التفسير»،

و«منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية»، و«الرد على المنطقيين»، و«درء التعارض بين العقل والنقل»، و«السياسة الشَّرْعِيَّة لإِصْلَاح الرَّاعِي والرعية»،

و«الصارم المسلول على شاتم الرَّسُول»، و«اقْتِضَاء الصِّرَاط الْمُسْتَقيم فِي الرَّد على أَصْحَاب الْجَحِيم»، و«رفع الملام عَن الْأَئِمَّة الْأَعْلَام»؟

 

 أخي!

ألا ترى المحن التي تواجه الإسلام والمسلمين؟

ألم يبلغك ارتداد المرتدين ونفاق المنافقين؟

ألَم تعلم أن ناشئة هذه الأمة في شكوك وريب؟

ألم يوجعك افتتان الشباب والشابات بالخلاعة والفسق والفجور؟

ألمْ تخبر أن المستشرقين وأعداء الدين يؤلفون الكتب الهدامة للنيل من هذا الدين؟

ألم يفزع قلبك من تكالب الأمم وتهافتها على أمة خير المرسلين؟

 ألا ترى أننا في أشد حاجة إلى توحيد صفوفنا، ونزع خلافاتنا، والقضاء على ما فينا من الشحناء والبغضاء؟

 ألا يليق بنا أن ننتفع بابن تيمية وسائر الأئمة الأعلام ونشكر لهم فضلهم ونعترف لهم بالجميل، ونتغاضى عن سيئاتهم، ونستغفر لهم ربنا، وندعو لهم بالرحمة والرضا، ألم يقل ربنا «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون»؟

 

تعالى يا أخي! نتعاهد الله أن نواليه ونوالي أولياءه، وندعو عباده إلى الإيمان به والإسلام له، ساعين في إحسان الظن بإخواننا، وداعين لهم بالفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، اللهم اجعلنا موفين بعهودنا، آمين يا رب العالمين.

 

ـــــــــــــــــــــــ

* د. محمد أكرم الندوي؛ عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عالم ومحدث، وباحث في مركز أوكسفورد للدراسات

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين





التالي
الشيخ فضل مراد يجيب.. ما حكم تنفيذ الاوامر  بقتل المدنيين المتظاهرين؟؟
السابق
إمام مسجد بالداخل الفلسطيني ينهي خطبة الجمعة بعد دقيقة واحدة.. ماهي القصة؟؟

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع