البحث

التفاصيل

القره داغي يشارك في المؤتمر الدولي "سيد أبو الأعلى المودودي وفكره" (فيديو)

الرابط المختصر :

القره داغي يشارك في المؤتمر الدولي "سيد أبو الأعلى المودودي وفكره" (فيديو)

 

شارك فضيلة الشيخ الدكتور علي القره داغي الأمين العام للاتحاد، في المؤتمر الدولي الذي أقامته الجماعة الإسلامية بباكستان بعنوان: "سيد أبو العلاء المودودي وفكره"، يومي 9-١٠ يناير٢٠٢٣ في قاعة إقبال بمدينة لاهور.

وشاركت في المؤتمر شخصیات علمية وأكاديمية، من بينهم عضوا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. مختار الشنقیطي و أ. عمر فاروق قارقوماز، كما شاركت وفود من بریطانیا ومالیزیا وترکیا وأمریکا.

وقدم الشيخ علي القره داغي كلمة حول تجديد الفكر عند الإمام المودودي "رحمه الله"، وهذا نصّها.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبرحمته تتنزل الخيرات والبركات وبتوفيقه تتحقق المقاصد والغايات والصلاة والسلام على المبعوث رحمة لجميع الكائنات وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه بهدى وثبات

أصحاب الفضيلة والسعادة

يشرفني ويسعدني أن أكون معكم اليوم بروحي وفكري وإن كان جسدي قد غاب بسبب ظروف حالت دون أن أصل إلى حضراتكم ودون شرف الحضور.

 أيها الإخوة الكرام أيتها الأخوات الكريمات

إن الحديث عن الإمام المودودي بما يعطي حقه ليس سهلا ولا ميسورا ،لأننا نتكلم عن بحر فهامة يدور فكره حول معظم القضايا الإسلامية الفكرية والسياسية والاجتماعية وغير ذلك.

ومن هنا حاولت حقيقة أن ألملم مجموعة من أفكار حول قضية واحدة من القضايا التي تتعلق بهذا الإمام الجليل: الإمام المودودي رحمه الله.

 هذا الإمام الجليل الذي ولد في أسرة دينية وأسرة علمية حرص والده ألا يتعلم في المدارس الإنجليزية التي كانت تتبع المحتلين وإنما قام بتعليمه اللغة العربية والقرآن الكريم، والفقه، والتفسير، والحديث..

ثم تعمق الشيخ رحمه الله في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى أصبح إماما في معظم هذه العلوم.

حقا كان الإمام المودودي رحمه الله إماما مجددا في القرن الماضي. وبخاصة في المجالات الفكرية ،والدعوية، والسياسية ،والاجتماعية.

وكان الإمام المودودي رحمه الله  يتصدى ويتحدى تيارين خطيرين مؤثرين فيوقت واحد:

 التيار الأول تيار الجمود والانغلاق والتقديس للماضي، وبخاصة الماضي المتخلف الذي كان فيه البدع والخرافات. وهذا التيار  كان سائدا لدى معظم العلماء في ذلك العصر.

التيار الثاني: التيار الحداثي الذي كان يريد تقليد الغرب في كل شيء في حلوه ومره، وخيره وشره، وكان هذا التيار تيار إنسلاب حضاري ،وتيار دعوة لانصهار أمتنا الإسلامية في بوتقة الغرب أو الشرق .

أمام هذين التيارين صال الإمام المودودي رحمه الله، وجال لأجل تجديد الفكر وشق الطريق الوسطي المعتدل الذي يتبناه الإسلام لتحقيق الاستخلاف والعمران والحضارة. فكان الإمام المودودي رحمه الله مستوعبا غاية الاستيعاب لرسالة الإنسان التي كلف الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم أبانا بها إني جاعل في الأرض خليفة ،والرسالة المكملة هي تعمير الأرض بما الخير للجميع فقال تعالى(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها). ومن هنا كانت رسالة الإنسان التي يريده الله سبحانه وتعالى أن يحققها هو تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى بمعناها الشامل.

فانطلق الإمام المودودي رحمه الله من هذا المفهوم الشامل للعبودية، ومن هذه الرسالة الجامعة بين الدين والدنيا، بين الدنيا والآخرة، بين العلوم الشرعية والعلوم الكونية والإنسانية. انطلق من هذا الفكر الشامل الذي يريده الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان. ومن هنا تصدى لهؤلاء ولهؤلاء. تصدى للتيار المنغلق التقليدي بكل ما استطاع من العلم والفهم والاستدلال الشرعي في هذا المجال.

 وتصدى للتيار العلماني الإنسلابي الذي يريد انصهار الأمة أيضا بالعلم والحكمة. وتحدث بقوة حول قضية الإنسلاب الحضاري وتحدث كذلك بكل ما تعني الكلمة عن تهافت الفلسفة المادية الحضارية سواء كانت متمثلة بالفلسفة الرأسمالية أم الفلسفة الشيوعية أم الفلسفة المادية الجدلية المحضة. فأقام الأدلة على بطلان هذه الفلسفة وبخاصة في مجال الإلحاد وفي مجال الشبهات والشهوات. فنجح فيها رحمه الله نجاحا باهرا ونجاحا عظيما واستطاع أن يكوّن مدرسة في هذا المجال، مدرسة وسطية تقوم على هذه الفكرة الشمولية الجامعة، على هذه الفكرة الحضارية الرائدة، على هذه الفكرة التجديدية المتميزة. وحينئذ انطلق لرسم هذه المسيرة من خلال كتبه العظيمة حول قضية الاستخلاف وحول قضية الحاكمية لله سبحانه وتعالى وحول قضية المصطلحات وبخاصة المصطلحات الأربعة التي تناولها بدقة وعمق. وإن كان الإمام المودودي لا شك في ذلك، أنه إمام مجدد، ولكنه كأي مجتهد فهو ليس معصوما ،وأن كل إنسان يؤخذ منه ويرد إلا صاحب اهذا القبر. فرضي الله سبحانه وتعالى عن الإمام المودودي حيث أبدع في رسم هذه الخطة إن صح التعبير، بل وضع الاستراتيجية الفكرية السياسية الاجتماعية لتحقيق الحضارة الإسلامية وأن تكون هذه الحضارة دائما. كان يدعو أصحابه ويدعو إخوانه وأخواته يدعوهم إلى هذه الثقافة العالية، الثقافة الإسلامية التي تجمع بين خيري الدنيا والآخرة.

 يعد الإمام المودودي بلا ريب مجتهدا وجامعا بين أمرين قلما يوجدان في كثير من العلماء ،وذلك لأن معظم العلماء إما أن يكونوا مفكرين مبدعين مؤلفين لكتب كثيرة، أو أنهم يهتمون بتأليف الجماعات وتزكية النفس وما أشبه ذلك إلا أن الإمام المودودي رحمه الله جمع بين الخيرين. كان مجتهدا وإماما في الجانب العلمي والتأليف حتى بلغت مؤلفاته إلى أكثر من 70 كتابا ومن أعظمها ترجمان القرآن أو تفسير القرآن الكريم الذي أبدع فيه الإمام المودودي رحمه الله في معظم ما ذكره، وما تناوله.

 ومع هذا الثراء العظيم في التأليف والتجديد في مجالات السياسية والمجالات الاجتماعية والمجالات الفكرية وكذلك أيضا في المجالات الاقتصادية وهو من أوائل من تحدث عن الاقتصاد الإسلامي وعن علاج مشكلة الفقر والبطالة وغير ذلك مما لم يكن السابقون يتناولون هذه المسألة بهذه الصورة التي تناولها الإمام المودودي. ومع هذا البعد العظيم، لكن الإمام المودودي رحمه الله لم يكتف بذلك وإنما أنشأ رجالا وأنشأ جماعة عظيمة تسمى الجماعة الإسلامية في عام 1941. وقد كان متأثرا متأثرا بالإمام حسن البنا رحمه الله  كما كان البنا أيضا متأثرا به ،كما أن الإمام المودودي قد تأثر به وبفكره وبأفكاره العظيمة في مجالات كثيرة عدد كبير من علماء هذه الأمة على رأسهم السيد قطب رحمه الله وغيره من كبار العلماء، وغير ذلك.

 وقد أثنى على الإمام المودودي عدد كبير من العلماء والمفكرين، ويكفي أن أذكر لحضراتكم أن السيد قطب حينما يذكره في معظم مقالاته يسميه بالمسلم العظيم أو بالمفكر العظيم والمجتهد العظيم فكان وصف العظيم دائما وصفا دائما في معظم الرسائل والبحوث التي تناولها السيد قطب رحمه الله كذلك أثنى عليه الإمام أبو الحسن الندوي وقال في مقابلة معه في مجلة الاعتصام سنة 1979 أي سنة وفاة الإمام المودودي قال الإمام أبو الحسن الندوي فقال لا أجد رجلا في هذا القرن أثّر في هذا الجيل بفكره وثقافته وعلمه مثل الإمام المودودي رحمه الله، فأثنى عليه ثناء عاطرا مفصلا

  وكذلك أثنى عليه فضيلة شيخنا العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله رحمة واسعة، ووصفه بالإمام المجدد والمفكر العظيم والفاهم المستوعب للحضارة ،والعالم العلم اليقيني بصلاحية هذه الشريعة ،وبالنظام الاسلامي في مختلف أفرعه.

 هذه الشهادات وغيرها كلها شهادات حقيقة  في غاية الأهمية تؤدي أو تدل على أهمية هذا الإمام ،ودوره  في خدمة أمتنا الإسلامية وفي خدمة التجديد.

 وأخيرا أيها الإخوة الكرام و أيتها الأخوات الكريمات هذا الإمام العظيم الذي جدد وفكر وألف الرجال وألف الكتب نحن نحتاج إليه في أن نقتدي بمنهجه في التجديد،   وأن نقتدي كذلك بأفكاره في التجديد ونحن بأمس الحاجة أن ألا نكون أيضا مقلدين وإنما نكون سائرين على هذا المنهج في التجديد والإبداع في كل المجالات، وبخاصة في المجالات السياسية والمجالات الاقتصادية والمجالات الاجتماعية. فما أحوجكم أيها الإخوة وبخاصة الشباب أن تهتموا بهذه الدراسات الفكرية للإمام المودودي ولغيره من الأئمة المجددين حتى تضيفوا أنتم إضافات مبدعة إلى هذا التراث. لأنه أيها الأخوة الأحبة من سنن الله سبحانه وتعالى أن أي شخص او أن أي جماعة إذا توقفت عند حد معين لا تتقدم بل تتأخر ،لأن الله سبحانه وتعالى يقول:( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر)، ولم يقل رب العالمين أو يتوقف، لأن التوقف داخل في التأخر، بل إن الله سبحانه وتعالى يبتلي أمتنا الإسلامية ويبتلي الجماعات الإسلامية ويبتلي المفكرين والعلماء بمن هو أحسن عملا فقال تعالى:(ليبلوكم) أي يمتحنكم في مجال تعمير الكون وفي مجال إصلاح الإنسان وفي كل المجالات (أيكم أحسن عملا) و أحسن عملا كما يقول العلماء نكرة تدل على عدم الوقوف عند حد معين. هذا يعني أنه ينبغي للجماعة الإسلامية وينبغي كذلك لأمتنا الإسلامية ولجميع الحركات الإسلامية أن تسعى ليكون يومها أحسن من أمسها وأن يكون غدها أفضل من يومها فكرا وتجديدا وعملا، وتطبيقا، وتربية، وتزكية. فإذا حققنا هذه الأهداف هذه المنهجية التي أصّلها الإمام المودودي رحمه الله إذا سرنا على هذا المنهج فحينئذ تتجدد الأفكار وتتقدم الأمة وتتطور الجماعة وتكون قادرة على أن تقود المسيرة. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك فيكم وفي جهودكم وأن يجدد لنا الفكر الإسلامي بأمثال الإمام المودودي في كل مجالات الحياة

وأشكركم في نهاية الكلمة على توجيه الدعوة لي والسماح بإلقاء هذه الكلمة المتواضعة التي أقول: أقل مما هو المطلوب في حق هذا الإمام العظيم الإمام المودودي رحمه الله رحمة واسعة وكذلك أدعو لكم ولهذه الجماعة المباركة التي نعتز بها, الجماعة الإسلامية وكذلك بباكستان أيضا نعتز بها, نعتز بكم جميعا، ونرى إن شاء الله خيرا فيكم والخير العميم أيضا في باكستان الذي أنشأ أساسا بجهود هؤلاء المفكرين لتكون دولة إسلامية متطورة قادرة على التجديد ،وعلى الإبداع. وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المصدر: الاتحاد

 


: الأوسمة



السابق
المسلم الأوروبي بين الافتقار والاستغناء

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع