(في مسألة إعادة الصلاة مع الجماعة لمن صلى منفردًا)
اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)
الحلقة: التاسعة والثلاثون
من أدَّى الصلاة المكتوبة منفردًا، ثم وجد جماعة، استُحبَّ له أن يدخل مع الجماعة لتحصيل الفضل، لحديث أبي ذر قال: قال لي رسول الله: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراءُ يؤخِّرون الصلاة عن وقتها؟" أو: "يميتون الصلاة عن وقتها؟" قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم، فصلِّ، فإنها لك نافلة".
وعن يزيد بن الأسود قال: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم الفجر بمِنى، فجاء رجلان حتى وقفا على رواحلهما، فأمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فجيء بهما تُرعد فرائصهما، فقال لهما: "ما منعكما أن تصليا مع الناس، ألستما مسلمَيْن؟". قالا: بلى، يا رسول الله، إنا كُنَّا صلينا في رحالنا. فقال لهما: "إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما الإمام، فصليا معه، فإنَّها لكما نافلة".
وهذا بإجمال من حيث طلب الإعادة لتحصيل الفضل، وللفقهاء تفصيل في استثناء بعض الصلوات من استحباب الإعادة، فعند الحنفية والمالكية لا تعاد صلاة المغرب؛ لأن التنفُّل بالثلاث بعد المغرب مكروه، ولا نظير له في الشرع، فإذا أعادها شفَع بجعلها أربعًا، وتصير نافلة.
وزاد الحنفية عدم إعادة العصر والفجر، لكراهة النفل بعدهما، وهو محكيٌّ عن بعض الشافعية.
وقال المالكية: لو أوتر بعد العشاء، فلا يُعيد العشاء؛ لأنه إن أعاد الوتر لزم مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم: "لا وتران في ليلة". وإن لم يُعدْه لزم مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم وترًا".
والصلاة المعادة تكون نافلة، وهذا قول الحنفية والحنابلة، وقول الشافعي في الجديد؛ لأن الفرض لا يتكرر في وقت واحد، وقال المالكية: يفوِّض في الثانية أمره إلى الله تعالى في قبول أي الصلاتين لفرضه. وهو قول الشافعي في القديم.
وقال سعيد بن المسيب وعطاء والشعبي: تكون المعادة مع الصلاة هي الجماعة المكتوبة، لما روي في حديث يزيد بن عامر بن الأسود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جئت إلى الصلاة، فوجدت الناس فصلِّ معهم، وإن كنتَ قد صليت تكن لك نافلة، وهذه مكتوبة". هذا بالنسبة لمن صلى منفردًا.
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص93-94