البحث

التفاصيل

(من صلى في جماعة هل يعيد الصلاة إذا وجد جماعة؟)

الرابط المختصر :

(من صلى في جماعة هل يعيد الصلاة إذا وجد جماعة؟)

اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)

الحلقة: الأربعون

 

أما بالنسبة لمن صلى المكتوبة في جماعة، ثم وجد جماعة أخرى، فقد ذهب الشافعية - في الأصح والحنابلة - إلى استحباب إعادة الصلاة مرة أخرى في الجماعة الثانية، لحديث "إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما الإمام، فصليا معه، فإنَّها لكما نافلة". ولما رُوي عن أنس قال: صلَّى بنا أبو موسى رضي الله عنه الغداة بالمِرْبد، فانتهينا إلى المسجد الجامع، فأُقيمت الصلاة، فصلَّينا مع المغيرة بن شعبة. وما روي عن حذيفة: أنه أعاد الظهر والعصر والمغرب وكان قد صلاهن في جماعة.

وذهب المالكية- وهو مقابل الأصح عند الشافعية – إلى من صلى في جماعة فلا يعيدها في جماعة أخرى؛ لأنه حصَّل فضيلة الجماعة، فلا معنى للإعادة بخلاف المنفرد، واستثنى المالكية المسجد الحرام، ومسجد المدينة، وبيت المقدس، قالوا: يجوز لمن صلَّى جماعة في غير هذه المساجد أن يعيد فيها جماعة لفضل هذه البقاع.

تكرار الجماعة في المسجد الواحد:

إذا صلَّى إمام المسجد وحضر اثنان فأكثر، لم يدركوا الجماعة؛ استُحبَّ لهم أن يصلُّوا جماعة، وهو مذهب الحنابلة، وقول ابن مسعود وعطاء والحسن والنخعي وقتادة وإسحاق، لما روى أبو سعيد قال: جاء رجل وقد صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "من يتصدق على هذا؟" فقام رجل فصلى معه. ولأن أحاديث فضل الجماعة مطلقة.

وفرق الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية بين مسجد الحي الذي له إمام وجماعة معلومون فإنهم كرَّهوا تكرار الجماعة فيه، وبين المسجد الذي في السوق والمسجد الذي في ممرِّ الناس وطرقهم، وكذلك المسجد الذي ليس له إمام راتب، ولا مؤذن، ويصلي الناس فيه فوجًا فوجًا؛ فإنهم جوزوا تكرار الجماعة فيها بلا كراهة.

المسبوق في صلاته:

المسبوق هو: من سبقه الإمام بركعة أو أكثر.

وقد ذهب الفقهاء إلى أن المسبوق إذا تخلَّف في صلاته بركعة أو أكثر، فإنه يتبع إمامه فيما بقي من الصلاة، ثم يأتي بما فاته من صلاته من غير زيادة،

فإذا دخل المصلي والإمام راكع، وأدركه المسبوق في ركوعه، فإنها تحسب له ركعة، ويسقط عنه فرض القراءة، أما إذا أدركه ساجدًا، كبَّر وسجد، ولا تُحسب له ركعة، لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئتم للصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدُّوها شيئًا، ومَن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة". وفي لفظ لابن خزيمة والدراقطني والبيهقي: "مَن أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها، قبل أن يقيم الإمام صلبه". وهذا قول الجمهور.

وخالف بعض أهل الظاهر وابن خزيمة، فقالوا: لا تحتسب الركعة بإدراك الإمام راكعًا، بل لا بد من إدراك شيء من الوقوف والقراءة، فإنها أركان لا تسقط، ولا تتحقق الركعة بدونها. وارتضى الشوكاني هذا الرأي.

ويقضي المسبوق ما فاته بعد سلام الإمام، وما أدرك من الصلاة مع الإمام فهو آخر صلاته، وما يقضيه أولها في رأي الجمهور، خلافا للشافعية فقد قالوا: ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أول صلاته، وما يفعله بعد سلام إمامه آخرها. واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تُسرعوا، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا". قالوا: وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد أوله. وقالوا: ولو أدرك ركعة من المغرب مع الإمام، وأراد أن يتم صلاته؛ تشهد في ثانيته ندبا؛ لأنها محل تشهده الأول، وتشهده مع الإمام للمتابعة، وهذا إجماع منا ومن المخالف، وهو حجة لنا على أن ما يدركه أول صلاته.

واستدل الجمهور بما جاء في بعض الروايات: "فاقضوا". والقضاء يطلق على أداء الشيء، فهو بمعنى أتمُّوا. قال الحافظ ابن حجر: «والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ: "فأتموا"، وأقلها بلفظ: "فاقضوا"، وإنما يظهر فائدة ذلك: إذا جعلنا بين التمام والقضاء مغايرة. لكن إذا كان مخرج الحديث واحدًا، واختلف في لفظة منه، وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى، وهذا كذلك؛ لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائتة غالبًا، لكنه يطلق على الأداء أيضًا، ويرد بمعنى الفراغ، كقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا...} [الجمعة:10] ويرد لمعانٍ أُخر، فيُحمل قوله هنا: "فاقضوا" على معنى الأداء والفراغ، فلا يغاير قوله: "فأتموا"».

فلا حجة لمن تمسك برواية: "فاقضوا" على أن ما يدركه المسبوق مع الإمام هو آخر صلاته، وإنما الصواب أن ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته.

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص94-97

 


: الأوسمة



السابق
القرآن الكريم وحي ربًاني يزخر بالصفات العظيمة والمعاني الرفيعة...

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع