البحث

التفاصيل

(في مسألة الصلاة خلف الفاسق والمبتدع)

 

الحلقة: الثانية والأربعون

 

ربيع الآخر 1444ه/ نوفمبر 2022م

وتجوز الصلاة خلف كلِّ بَرٍّ وفاجر، ويدلُّ على صحَّة الجواز حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخِّرون الصلاة عن وقتها؟" أو "يميتون الصلاة عن وقتها؟" قال: قلتُ فما تأمرني؟ قال: "صلِّ الصلاة لوقتها، فإذا أدركتها معهم فصلِّ، فإنها لك نافلة، ولا تقُل: إني قد صليتُ فلا أصلي". ولأن جمعًا من الصحابة رضي الله عنهم، كانوا يصلُّون الجمعة والجماعة والأعياد خلف الأئمة الفجار، ولا يعيدون الصلاة، فقد صحَّ عن ابن عمر أنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف، وهو من أفسق خلق الله، وصلَّى أبو سعيد الخدري خلف مروان بن الحكم صلاة العيد، في قصَّة تقديمه الخطبة على الصلاة.

وكذا أنس رضي الله عنه يصلِّي خلف الحجاج، وكذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره من الصحابة كانوا يصلُّون خلف الوليد بن عقبة، وقد صلَّى بهم الصبح يومًا أربعًا، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان عند عثمان رضي الله عنه، فأقام عليه الحد.

والأصل أن كلَّ مَن صحَّت صلاته لنفسه صحَّت صلاته لغيره.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: «قد ثبت إجماع أهل العصر الأول من بقية الصحابة ومَن معهم من التابعين إجماعًا فعليًّا - ولا يبعد أن يكون قوليًّا - على الصلاة خلف الجائرين؛ لأن الأمراء في تلك الأعصار كانوا أئمة الصلوات الخمس، فكان الناس لا يؤمُّهم إلا أمراؤهم، في كلِّ بلد فيها أمير».

وقد كره الفقهاء إمامة الفاسق والمبتدع بدعة غير مكفِّرة، وكذلك من أمَّ قومًا وأكثرهم له كارهون، إذا كانت كراهتهم بسبب ديني، لحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون".

فإذا لم تكن الكراهة لأجل أمر شرعي، فلا تكره صلاته، والتبعة على مَن كرهه بغير حقٍّ، ولا فرق في ذلك بين الإمام الراتب، وغير الراتب عند أكثر الفقهاء.

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص99-100





التالي
(لا يَأتيهِ البَاطلُ) (2) هداية القرآن الكريم... الغاية العظمى والقيمة الكبرى

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع