تمهيد :
تعتبر القواعد الفقهية خلاصة نتاج النظرة الكلية والشاملة للفقه الإسلامي التي توصل إليها العقل الإستنباطي للمسلم المجتهد. ومعلوم أن القواعد الفقهية من الأدلة الشرعية التي يحتكم إليها الفقهاء في استدلالاتهم الشرعية، ذلك أن القاعدة هي مجموعة من نصوص جزئية من قرآن و سنة، كوّنت هذه القاعدة و دلّت عليها. و ما قاعدة تغيّر الفتوى بتغير الزمان إلا فرعٌ من أصل قاعدة العادة محكّمة، تُذكر و يُؤتى بها غالبا، حين يراد البرهنة على مرونة الشريعة و قابليتها لإيجاد الحلول الشرعية غير المنفكّة عن الأصول الكلية، و القواعد الحاكمة للشريعة الإسلامية، و التي أرادها الله تعالى آخر الشرائع، التي عممها و فرضها على جميع الخلق، مع اختلاف ثقافاتهم و تطور أزمنتهم، حتى تكون هذه الشريعة هي المؤطرة للفرد و للمجتمع.
نقول هذا ونؤكد عليه، لأن البعض استنجد بالقاعدة نفسها كي يصرفها عن عملها المنشود و مقصدها الممدود، في مواكبة الزمان و المكان، فأعطاها ما لا تستحق
وكلّفها ما لا تطيق، فخالف بها الأصول الشرعية فأصبحت غير مرضية، إذ أضحى عند هاؤلاء الزمان و المكان هما الحاكمان على الشرع، الموجهان له، و الأصل الأصيل في الدين، أنه هو الموجِه لا الموجَه، و هو المؤطِّر لا المؤطَّر للزمان و المكان، و ذلك بما يملك من نصوصٍ التي لا يحكمها لا الزمان و لا المكان، إذ النصوص وُجدت قبلهما، و من تلك النصوص استخرجت قواعد ضابطة و مراعية لكل زمان و لكل مكان.
و من هذه القواعد، ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله في هذا الباب حين خصص لتغير الفتوى فصلا قال فيه " هذا فصلٌ عظيم النفع جداً، و قع بسبب الجهل به غلطٌ عظيم على الشريعة أوجَبَ من الحرج و المشقة و تكليفِ ما لا سبيل إليه، ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رُتبِ المصالح لا تأتي به، فإن الشريعة مبناها و أساسها على الحِكَمِ و مصالح العباد في المعاش و المعاد، و هي عدل كلها، و مصالح كلها، و حكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، و عن الرحمة إلى ضدها، و عن المصلحة إلى المفسدة، و عن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة و إن أُدخلت فيها بالتأويل...
فالشريعة التي بعث الله بها رسوله هي عمود العالم، و قطب الفلاح و السعادة في الدنيا و الآخرة.[1]
هكذا حذّر الإمام ابن القيم رحمه الله، عن التغافل و التساهل في عملية الجمع بين النصوص و إعمالها في الواقع و ضرورة التوفيق بينهما، لا إحداث التباعد و توسيع الهوة بينهما، و هذا للأسف الشديد العجز الذي وقع فيه بعض الباحثين، حتى أن منهم من بالغ حقّ المبالغةِ إذ أخرج الشرائع السماوية من دائرة التأثير بالكلية و أبعدها بمنهج قال عنه، أنه جديد يتماشى مع التطور المعرفي لأي مجتمع" بفضل اختراق الكثير ممّا يسمى الثوابت في المنظومة التراثية، و خاصة ما يسمّى الفقه و أصوله التي وضعها أناس عاشوا في القرون الهجرية الأولى" [2] و هذا تعدي على المعرفة الإنسانية قبل أن يكون تعدي على الأمة الإسلامية، يكمن ذلك في نكران العلوم و القواعد المؤطرة لها، و المقعّدة لفهم النصوص الشرعية، ثم التعامل المرشد للواقع
المعيش و التوجيه فيه.
من المسائل التي يفرضها علينا تغير الزمان و تطور الأحوال، و التي طُرحت في القديم
و لا تزال عالقة البحث لعوامل كثيرة، منها عوامل شرعية و اختلافات فرعية،
و النظرة البحثية لهذه المسألة متعددة الزوايا، و منها النظرة السياسية، التي لا تخلوا منها هذه المسألة، إذ إنها تعود إلى السياسة الشرعية الراشدة، المستنيرة بمبادئ الشرع، و قواعده الضابطة لتصرفات الحاكم، لا السياسة الخبيثة الماكيافيلية، التي اتخذت من الشعائر الإسلامية مركباً، و ذريعةً للتحكم في قرارات و آراء العلماء، و من ثمّ رقاب المسلمين، ذلك أن معظمهم فاقدين لدور الحاكم الإيجابي لأمته، الجالب للمصالح و الدافع للمفاسد الحقّة، و المتسلطين عليهم بلا شرعية.
المطلب الأول: معنى تغير الفتوى بتغير الزمان و المكان.
معنى الفتوى لغة : الفاء و التاء و الحرف المعتل أصلان : أحدهما يدلُّ على طراوة
و جدّة، و الآخر على تبيين حكم.
الفتي : الطّريُّ من الإبل، و الفتى من الناس : واحدُ الفتيان، و الفتاءُ : الشبابُ.
و الأصل الآخر : الفُتْياَ، يقال : أفتى الفقيه في المسألة، إذا بيّن حكمَها.[3]
معنى الفتوى اصطلاحاً : تبيين الحكم الشرعي عن دليل لمن سأل عنه.[4]
و قيل : بيان الحكم الشرعي لقضية من القضايا عند السؤال عنها.[5]
المطلب الثاني: معنى تغير الزمان و المكان.
أما التغير: فنقول تغيّر الشيء عن حاله، تحوّل و غيَّرهُ حوّله و بدّله، كأنه جعله غير ما كان.[6]
و أما الزمان: فهو الوقت كثيره و قليله. و هو المدة الواقعة بين حادثتين أولاهما سابقة
و ثانيتهما لاحقة، و منه زمان الحصاد، و زمان الشباب، و زمان الجاهلية.[7]
و أما المكان: فهو الموضع، و جمعه أمكنة و هو المحل المحدد الذي يشغله الجسم
و عند المتكلمين: الفراغ المتوهم الذي يشغله الجسم، و ينفذ فيه أبعاده. و يرادفه الحيّز.
و إذا جمعت بين الزمان و المكان في تصور واحد، أمكنك أن تولد منهما مفهوماً جديداً يطلق عليه اسم المكان- زمان (espace-temps) و هو ذو أربعة أبعاد، تؤلف متصلاً مكانياً – زمانياً، يرمز إليه بأربعة متغيرات، أعني بالطول و العرض و العمق و الزمان،
و هذه الأبعاد ضرورية لتحديد كل ظاهرة طبيعية، لأن الظاهرة الطبيعية لا تحدث في المكان وحده، بل تحدث في المكان و الزمان معاً.[8]
المطلب الثالث الوسائل التي يتخذها الحاكم.
ما هي الوسائل التي يتخذها الحاكم لإعلان دخول شهر رمضان الكريم؟
و للإجابة عن هذا السؤال، يجب العودة إلى روايات الأحاديث التي أرشدت إلى ذلك
و هي:
الحديث الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم الهلالَ فقال: إذا رأيتموه فصوموا، و إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعُدُّوا ثلاثين. [9]
و في رواية عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته، فإن غُبِّي عليكم فأكملوا عدَّةَ شعبان ثلاثين. [10]
و عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر رمضان، فقال: لا تصوموا حتّى تروْا الهلال، و لا تفطروا حتّى تروهُ، فإن غمَّ عليكم، فاقدروا له.[11]
و في رواية عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إن الله قد جعل الأهلة مواقيت فإذا رأيتموه فصوموا، و إذا رأيتموه فافطروا، فإن غمّ عليكم فاقدروا له و اعلموا أن الأشهر لا تزيد على ثلاثين.[12]
بمجموع هذه الأحاديث يتبين لنا أنه لإعلان شهر رمضان الكريم وسائل عدّة يأمر بها المشرِّع، ليس طلباً لذاتها، و لكن طلب وسيلة، ليتحقق المقصد الشرعي، و هو الصيام، لأنه المراد و المقصود من التكليف.
إذن عندنا بمجموع هذه الآثار الصحيحة أربعة وسائل أرشد إليها الشارع الحكيم، تخفيفا على أمته و رفعاً للضيق، الذي يمكن أن يقع عليها في حين ما إذا فُرض و عيّن عليها وسيلة واحدة، إذ هذا ديدنه صلى الله عليه و سلم، و منهجه في التوسعة على أمته، ألم تر أنه عليه الصلاة و السلام استزاد لأمته من أحرف القرآن الكريم، كي لا يكلّف أمته ما لا تطيق لجريان لسانها على اللغات المتعددة و المتنوعة ، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: أقرأني جبريل عليه السلام على حرفٍ، فراجعته، فلم أزل أستزيدُهُ فيزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف. [13]
فكثرة القراءات، طلبٌ منه عليه السلام أن يهون على أمته، و يخفف عليها، كما جاء في رواية قال فيها " فرددت عليه أن هوِّن على أمتي "[14]
فكذلك الوسائل التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه و سلم، الخاصة بكيفية
و طريقة إعلان شهر رمضان، تنتهي إلى أربعة طرق: أولها الرؤية البصرية، ثانيها تكملة شعبان، ثالتها تضييق شهر شعبان و الحساب الفلكي اللذان يفهمان من قوله "اقدروا له" الذي يحتملهما معاً في اللسان العربي، كل هذه الوسائل ما هي إلا تخفيفات جائزة لمقصدٍ واحدٍ و هو عبادة الصيام.
هل وسيلة الرؤية البصرية مجمعٌ عليها؟
ادعى بعض الفضلاء أن مسألة الرؤية البصرية في تحديد دخول شهر رمضان الكريم مجمعٌ عليها. [15] و في هذا الادعاء نظر، حيث الخلافُ معروفٌ مشهورٌ عند الفقهاء.
قال الإمام القرافي رحمه الله في الفروق و هو يتحدث عن هذه المسألة:
و فيه قولان عندنا، و عند الشافعية رحمهم الله تعالى. [16] فهو بهذا القول يقرر أن في المسألة قولان عند المالكية والشافعية.
أما المالكية: فقد ثبت القول عندهم بالاستعانة بالحساب الفلكي و ذلك في عدة مراجع المالكية و منها:
قول الإمام المازري رحمه الله: ذهب بعض العلماء إلى أن الهلال إذا التبس يحسب له بحساب المنجمين، و زعم أن هذا الحديث يدل على ذلك (أي حديث: فإن غمّ عليكم فاقدروا له) و احتجّ أيضاً بقوله تعالى: و بِالنّجمِ هُمْ يَهْتَدونَ" النجم 16. [17]
و جاءت رواية عن مالك رحمه الله[18] ذكرها العلامة خليل رحمه الله[19] و حكم عليها بالشذوذ، قول عن بعض البغداديين أن مالكاً قال بالحساب الفلكي، حيث قال: و نقل بعضهم مثلها عن الداودي[20].
قلت: و لعل القرافي رحمه الله عناه بالذكر، أعني الإمام الداودي رحمه الله، حين قال "و فيه قولان عندنا. و الله أعلم.
أما عند السادة الشافعية: فقد جاء في كتاب المجموع شرح المهذب:
و اختلف العلماء في معنى قوله عليه السلام" فإن غمَّ عليكم فاقدروا لهُ"... و قال مطرف بن عبد الله[21] و أبو العباس بن سريج[22] و ابن قتيبة[23] و آخرون، معناه قدروه بحساب المنازل. [24]
و في بداية المجتهد: روي عن بعض السلف أنّه إذا أغمي الهلال رجع إلى الحساب بمسير القمر و الشمس، و هو مذهب مُطرَّف بن الشِّخير و هو من كبار التابعين.
و حكى ابن سريج عن الشافعي أنه قال: من كان مذهبه الاستدلال بالنجوم و منازل القمر ثمّ تبين له من جهة الاستدلال أنّ الهلال مرئي و قد غمّ، فإنّ له أن يعقد الصوم
و يجزيه. [25]
من هذه النقول يتبيّن لنا جلياًّ أنّه " ليس في المسألة إجماع بالمعنى الأصولي الذي يصبح معه الحكم قطعياًّ لا تصح مخالفته. [26]
و أن خلاف الواحد يُسقط الاجماع، لأن الصحابة أجمعت على قتال منكري الزكاة،
و خالفهم أبو بكر الصديق رضي الله عنهم في ذلك، فلم يُعتدّ بإجماعهم. [27]
و لهذا السبب البيّن وُجد الخلاف في القديم كما ذكرنا، و هو متواصل إلى اليوم من كبار علماء الأمة الإسلامية.
علماً أنه ثبت عن الإمام أحمد رحمه الله قوله : من ادعى الاجماع فهو كاذب، لعل الناس قد اختلفوا، و لكن يقول : لا نعلم الناس اختلفوا إذا لم يبلغه. [28] فهذا ليس اعتراضاً على الاجماع، لا على وقوعه و لا على حجيته، و إنما هو تنفير من دعوى الاجماع من غير حجة و برهان، و هو ما وقع فعلاً من حكاية إجماعات كثيرة، ثبيَّن فيها بعد أنها ليست محلاً للإجماع، بل رجّح المتأخرون خلافها. [29]
فهذا الشيخ العلامة محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله[30] يُسأل عن الحساب الفلكي، هل يجوز الاعتماد عليه في دخول رمضان أم لا يجوز؟ فيقول في جوابه معتمدا على تغير الأحوال و أنها لم تعد على ما كانت عليه في الماضي، و أن تقليل الاختلاف بين أحوال المسلمين يقتضي عند الشيخ أن يغفل عن هذه الوسيلة الشرعية، حيث صارت هذه الطريقةُ علماً لا يتطرق إليه الشكّ، و حساباً تحققت سلامتهُ من الغلطِ، و ردّ عن الامام القرافي المالكي رحمه الله، الذي حاول أن يُفرق بين حساب الصلاة و عدم الحساب للصيام بل الأولوية للرؤية، فقال ابن عاشور رحمه الله : فلم يأت بطائل، و آل كلامه (أي كلام القرافي) إلى أن حديث " صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته " لا يشمل العمل بالحساب.
قال الإمام ابن عاشور رحمه الله: و يردّ عليه أن الحديث ليس فيه صيغة حصر ... فلا وجه لتعطيل قياس التقويم على الرؤية بجامع تحصيل الظن قياساً جلياً. [31]
و اعتمد الجمهور على الرؤية البصرية، لقوله صلى الله عليه و سلم «صوموا لرؤيته» فقالوا أن العلة في تعليق الحكم هي الرؤية و أن اللام هنا للتعليل.
و قال البعض، أن اللام في هذا الحديث للتأقيت لا للتعليل[32]، أي صوموا وقت رؤية الهلال. و الرؤية يمكن أن تؤقت بالحساب الفلكي و يستعان به لتحديد متى تكون رؤية الهلال. و هذا هو الحساب الذي نعنيه و نؤيده، و هو الذي يحدد لنا متى يمكن أن تتمّ الرؤية البصرية. و الغرض من هذا الجمع بين القائلين بالرؤية البصرية و القائلين بالحساب الفلكي، و نعمل بأكثر من حديث في تحديد شريعة الصوم.
و إذا عدنا إلى القرآن الكريم، سنجده يحثّ على الحساب الفلكي، و يذكره في سياق التنبيه عليه، بله الاعتماد عليه في الأمور التعبدية، و ذلك في قوله تعالى
{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسَابَ } يونس 05.
و قوله تعالى { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا } الإسراء 12.
و لما سُئل رسول الله عليه السلام عن الأهلة، أرشد المولى إلى حكمة خلقها فقال { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ } البقرة 189.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله، في قوله تعالى { و علامات و بالنجم هم يهتدون} فخلق لهم العلامات...و إنما توَجههم إليه بالعلامات التي خلق لهم و العقول التي ركّبها فيهم، التي استدلوا بها على معرفة العلامات و كل هذا بيانٌ
و نعمة منه جلّ ثناؤه. [33]
إن القول بالحساب الفلكي في البلاد الإسلامية عموماً، و الدُّولِ الغربية التي استوطنتها مجموعة من المسلمين على الخصوص، لَيُسهِّل على المكلفين عملية التطبيق المقاصدي للأحكام الشرعية، و جمع كلمتهم على شعيرة الصيام
إذ الخلاف في المسألة معتبر، و الأخذ بالحساب يجمع المبعثر، ثم هناك وجهٌ آخر يقدم وخاصة في الأوساط العلمية، أن الدين الإسلامي يُشجع العلم و يرفع من قيمة العلماء، و في هذا تصالحٌ مع العلم المسمى دنيوي الذي قد تخاصم معه البعض حتى أخرجوه من دائرة العلوم الشرعية، و أن طلبه جهادٌ في سبيل الله تعالى، موصلٌ هو كذلك للجنة إذا التزم صاحبه بالضوابط الأخلاقية الدينية، فلا خير في دينٍ يبعد العلماء و لا يقربهم، ولا نفع في علمٍ يتكبّر على الدين و يزدريه، علماً أن إظهار التديُن الحسن و الكامل من السنة الشريفة، و إعطاء الصورة العلمية لروح الحضارة الإسلامية واجبٌ شرعي على العلماء و العاملين في حقل الدعوة الإسلامية و أنه لا تضاد و لا قطيعة بين العلم الدنيوي على زعم البعض و العلم الشرعي، حيث إننا نرى أن كلاهما شرعي مأمورٌ به.
الأستاذ عمر دورمان عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] إعلام الموقعين لابن القيم تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد :3/14-15.
[2] محمد شحرور : دليل القراءة المعاصرة للتنزيل الحكيم :16-19. دار الساقي الطبعة الثانية 2017.
[3] معجم مقاييس اللغة لابن فارس: 4/473-474.
[4] الموسوعة الفقهية الكويتية (ج32). نقلا عن صناعة الفتوى و فقه الأقليات للشيخ بن بيه 19.
[5] الإجتهاد والفتوى للدكتور علي القره داغي: 297. دار البشائر الإسلامية الطبعة الأولى 2017.
[6] لسان العرب لابن منظور المصري:5/40.
[7] المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا:1/636.
[8] المرجع نفسه:2/412-413.
[9] مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري: تحقيق الدكتور ديب البغا. كتاب الصيام باب: الصوم لرؤية الهلال: 178. دار العلوم الإنسانية دمشق بدون تاريخ.
[10] البخاري مع الفتح لابن حجر العسقلاني:4/614.
[11] الموطأ للإمام مالك بن أنس، تحقيق الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي: كتاب الصيام، باب ما جاء في روية الهلال للصوم والفطر في رمضان:230. دار الحديث القاهرة 2001م.
[12] المستدرك على الصحيحين للحاكم، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا: 1/585. دار الكتب العلمية الطبعة الرابعة 2009.
[13] إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض:3/192.
[15] قال الإمام القرافي رحمه الله : قال سند من أصحابنا : فلو كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه.
الفروق :2\624. و ذكر الاجماع الشيخ محمد أحمد عليش المالكي في كتابه فتح العلي المالك في الفتوي علي مذهب الامام مالك : 1\168. و كذلك الشيخ علي القاري رحمه الله في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 4/242. دار الكتاب الإسلامي بدون تاريخ.
[16] راجع الفروق للإمام القرافي رحمه الله: 2\624.
[17] المعلم بفوائد مسلم للمازري: 2/29. وانظر: إكمال المعلم للقاضي عياض:4/7. وإكمال إكمال المعلم للأُبي:4/11.
[18] انظر مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب :3/289. التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب للعلامة خليل:2/211. الإستذكار للحافظ ابن عبد البر: 3/278..
[19] هو ضياء الدين أبو المودة خليل بن إسحاق الجندي الإمام الهمام الفقيه المالكي. أخذ عن أبو عبد الله بن الحاج صاحب المدخل و أبو عبد الله المنوفي، له كتاب التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب الفقهي، و له مختصر في الفقه المالكي مشهور. قال ابن حجر توفي سنة 767، و قال الشيخ زروق توفي سنة 769، و قال تلميذه الاسحاقي توفي سنة 776 للهجرة. انظر : شجرة النور الزكية للشيخ محمد مخلوف. 223.
[20] هو الإمام أحمد بن نصر الداودي الأسدي الجزائري، أبو منصور من أئمة المالكية. كان فقيها فاضلاً متقناً مؤلفاً مجيداً. حمل عنه الإمام البوني عبد الملك و أبو بكر بن محمد بن زيد القيرواني. توفى بتلمسان سنة 402 للهجرة. الديباج المذهب لابن فرحون. 154.
[21] هو مطرف بن عبد الله بن الشخير يكنى أبا عبد اللّه البصري مولداً، أسند عن عثمان بن عفان و علي و أبي بن كعب و أبي ذر رضي الله عنهم. توفي
سنة 87 للهجرة. انظر: صفة الصفوة لابن الجوزي:3/122. دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع. الطبعة الثالثة 1998م.
[23] أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري،و قيل المروزي، كان فاضلاً ثقة له من الكتب، غريب القرآن و غريب الحديث و المعارف و غيرها من المؤلفات المفيدة. توفى سنة 270 و قيل 271 و قيل 276 و الأخير أصح الأقوال :التاج المكمل للقنوجي:49.
[24] المجموع شرح المهذب للإمام النووي:7/330. وانظر: طرح التثريب في شرح التقريب للإمام تقي الدين العراقي:4/108. دار الكتب العلمية الطبعة الثانية 2012م.
[25] بداية المجتهد لابن رشد الحفيد رحمه الله مع الهداية في تخريج أحاديث الهداية للحافظ أبي الفيض الغماري:5/128. عالم الكتب الطبعة الأولي1987م.
[26] السبب الشرعي لوجوب صيام رمضان للشيخ فيصل مولوي رحمه الله:15. دار الرشاد الإسلامية ط1 2008م.
[27] انظر عارضة الأحوذي شرح الترمذي لابن العربي رحمه الله:5/292.
[28] المسودة في أصول الفقه لآل تيمية:2/616-617.
[29] الإجماع عند الأصوليين للدكتور على جمعة:30. دار الرسالة القاهرة الطبعة الثانية 2009م.
[30] هو الإمام محمد الطاهر ابن عاشور ولد سنة 1879م و توفي سنة 1973م كان مفتي الماكية في الديار التونسية. ترك علماً كثيراً منه التفسير الكبير المسمى بالتحرير و التنوير، مقاصد الشريعة الإسلامية، كتاب الردّ على علي عبد الرازق، كشف المغطى على الموطأ، و غيرهم كثير. انظر: فتاوى الشيخ ابن عاشورجمع و تحقيق د: محمد بن إبراهيم بوزغيبة. 5-15.مركز جمعية الماجد للثقافة و التراث دبي ط1 2004م.
[31] فتاوى الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور:311-318.
[32] رياض الأفهام شرح عمدة الأحكام للإمام تاج الدين الفاكهاني:3/379. تحقيق نور الدين طالب. الطبعة الثانية 2010م. دار النوادر.
نيل الأوطار للشوكاني 4/205.
[33] الرسالة للإمام الشافعي:113-114. و الآية 16 من سورة النجم.