البحث

التفاصيل

فدية الصيام وزكاة الفطر؛ أحكام ومقاصد

الرابط المختصر :

فدية الصيام وزكاة الفطر؛ أحكام ومقاصد

بقـلم: د. أحمد الإدريسي

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

أولا: من أحكام وجوب فدية الصيام

الفِدية هي: عِوضٌ يقدّمه العبد المكلّف؛ للتخلّص من مكروهٍ وُجّه إليه[1]. وهي عبادة تعوض عن عبادة الصيام، وقد أمر الله عز وجل كل من لم يستطع الصيام في رمضان أو لم يستطع تعويض الأيام التي لم يصمها بعد هذا الشهر الكريم بسبب المرض المزمن، أو عدم القدرة على الصيام أن يطعم مسكيناً.

وفدية الصيام؛ عِوض يقدّمه مَن عجز عن الصيام؛ كفّارة لما أفطره.

1. ما هي أسباب وجوب فدية الصيام:

أ- العجز عن الصيام:

اتّفق العلماء على جواز الإفطار في رمضان للعاجز عن الصيام؛ لهرم أو مرض لا يُرجى الشفاء منه، لكن تعدّدت آراؤهم في وجوب الفِدية عليه، فذهبوا في ذلك إلى قولَين، هما[2]:

- القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الحنفيّة، والحنابلة والشافعيّة، بوجوب الفِدية على العاجز عن الصيام، واستدلّوا على ذلك بقوله تعالى: “فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ”،(البقرة:183)، فمَن كان قادراً على الصيام، ثمّ عَجِز عنه، فإنّ الفدية تجب عليه.

- القول الثاني: قال المالكيّة بعدم وجوب الفِدية، إلّا أنّه يُستحَبّ إطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ؛ قياساً على المريض مرضاً لا يُرجى شفاؤه منه إلى موته، والذي لا تجب الفِدية عليه.

ب- تأخير قضاء رمضان إلى دخول رمضان آخرٍ:

ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب قضاء ما أفطره المسلم في رمضان قبل حلول رمضان التالي، وإن أُخِّر القضاء إلى حين دخول رمضان التالي، وكان التأخير لعذرٍ ما، فلا يترتّب أيّ إثمٍ، لكن عليه القضاء، وإن لم يستطع القضاء؛ بسبب العذر، فلا شيء عليه باتّفاق العلماء، كالمرض، والحمل، والجهل بوجوب القضاء، أو نسيانه[3]، ومَن أخّر قضاء ما أفطره في رمضان حتى دخول رمضان آخرٍ بغير عذرٍ، فإنّه يُعدّ آثماً، ويجب عليه القضاء،

أما السادة الحنفية فقد رخصوا في المسألة، وذهبوا إلى أنّ وجوب قضاء رمضان وجوباً موسعاً، ولا يُقيد بوقت؛ وبناءً عليه لا يأثم المسلم بتأخير القضاء إلى أن يدخل رمضان الثاني[4].

أمّا الفدية؛ فجمهور أهل العلم على وجوبها إضافة إلى القضاء، وتكون بإطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ، في حين ذهب الحنفية إلى وجوب القضاء دون الفدية[5].

ج- إفطار الحامل أو المُرضع:

اتّفق العلماء على جواز إفطار الحامل أو المُرضع في شهر رمضان؛ سواءً خافتا على نفسَيهما، أو ولدَيهما، أو على كلَيهما، إلّا أنّ آرائهم تعدّدت في وجوب الفِدية عليهما، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، وهي [6].

القول الأول: قال المالكيّة بجواز الإفطار للحامل أو المُرضع في حالة الخوف على النفس، أو الولد، أو كليهما، وتترتّب الفِدية على المُرضع دون الحامل، وقالوا بوجوب إفطارهما إن خافتا الهلاك، أو الضرر الشديد، ومحلّ جواز إفطار المُرضع التعيين؛ فإن تعيّن عليها الإرضاع، جاز لها الفطر، أمّا إن وُجِدت غيرها، وقَبِلَها الولد، وجب عليها الصيام، وتكون أُجرة المُرضعة من مال الولد إن كان له مال، فإن لم يكن فمن مال أبيه؛ لوجوب نفقته عليه، واستدلّوا بأنّ الحامل كالمريضة تُفطر، وتقضي دون فديةٍ، أمّا المُرضع؛ فإفطارها لغيرها، فتُلزَم بالفِدية والقضاء.

القول الثاني: قال الحنفيّة بجواز إفطار الحامل والمُرضع؛ خوفاً على النفس، أو الولد، أو كليهما، ويجب عليهما القضاء عند المقدرة، دون ترتّب الفِدية، ولا يَلزمهما الصيام متتابعاً، ولا فرق في المُرضعة إن كانت أُمّاً، أم مُستأجرةً للإرضاع؛ سواءً تعيّن عليها الإرضاع أم لا، ويُقصد بالتعيين: ألّا تُوجَد مُرضعةٌ سواها، واستدلّوا على ذلك بقول الله تعالى: “أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” (البقرة:183) وتُقاس كلٌّ من الحامل والمُرضع على المريض، ولم يُوجب الله تعالى على المريض إلّا القضاء، دون فديةٍ، وزيادة الفدية كالزيادة على النصّ[7].

القول الثالث: قال الحنابلة بجواز الإفطار للحامل أو المُرضع إن خافتا الضرر على نفسيهما، أو ولديهما، أو كليهما، ويجب عليهما القضاء دون الفِدية إلّا في حالة الخوف على ولدهما فقط، فيجب عليهما القضاء والفِدية، وإن وُجِدت مرضعةٌ أخرى، وقَبِلَها الولد، تُستأجَر إن ملكت الأم الأجرة، أو دفعتها من مال الولد، وبذلك لا تفطر الأم.

القول الرابع: قال الشافعيّة بوجوب إفطار الحامل أو المُرضع إن خافتا على نفسيهما، أو ولدهما، أو كليهما الضرر الشديد الذي لا يُحتمل، ويجب عليهما القضاء دون الفِدية، إلّا في حالة الخوف على ولدهما فقط؛ فتُلزمان بالقضاء والفِدية، ولا يختلف الحكم سواءً كانت المُرضعة أُمّاً، أو مُستأجرةً، أو مُتبرّعةً، ومَحلّ وجوب الفِطْر على المُرضع إن تعيّن عليها الإرضاع، فإن وُجِدت غيرها، جاز لها الإفطار، وجاز لها الصيام مع ترك الإرضاع، واستدلّوا على رأيهم بقول الله تعالى: “أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ”(البقرة:183)، فعموم الآية يشمل الحامل والمُرضع؛ لأنّهما من الذين يستطيعون الصيام[8].

2- مقدار فدية الصيام.

تعدّدت آراء الفقهاء في مقدار فدية الصيام، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، وهي[9]:

القول الأوّل: قال الحنفيّة بأنّ الفدية تُقدَّر بصاع من التمر، أو الشعير، أو بنصف صاعٍ من القمح، عن كلّ يومٍ.

القول الثاني: قال كلٌّ من الشافعيّة، والمالكيّة بأنّ الفدية تُقدَّر بمُدٍّ من الطعام عن كلّ يومٍ.

القول الثالث: قدّر الحنابلة الفِدية بمُدٍّ من القمح، أو نصف صاعٍ من التمر، أو الشعير.

3- مسائل في فِدية الصيام

- وقت دفع الفِدية:

تُخرَج الفِدية عن كلّ يومٍ بعد استباحة إفطاره؛ أي حين تحقّق طلوع فجره، وبذلك تثبت بالذّمة، أمّا قبل ذلك فلا تثبت؛ إذ لا تكليف بالصيام إلّا بتحقّق طلوع الفجر، ويصحّ أداء الفِدية عن كلّ يومٍ، أو أداؤها مرّةً واحدةً عن كامل ما تمّ إفطاره في شهر رمضان بعد انقضائه[10].

تكرار الفِدية: تعدّدت آراء فقهاء المالكيّة والحنابلة والشافعيّة، القائلين بترتُّب الفِدية على الإفطار في رمضان في حكم تكرار الفدية بتكرار الأعوام، وذهبوا في ذلك إلى قولَين[11]:

الأول: قال الشافعيّة تتكرر الفِدية بتكرّر الأعوام؛ لأنّ الحقوق الماليّة لا تتداخل. سقوط الفِدية بالعجز تسقط الفِدية حال العجز عن أدائها، كالعجز؛ بسبب الفقر، ولا يترتّب أيّ إثمٍ على ذلك، قال تعالى: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (البقرة:285) لأن العجز خارجٌ عن إرادة الإنسان، ولا علاقة لـه به.

الثاني: قال المالكيّة، والحنابلة بأنّ الفِدية لا تتكرّر بتكرار الأعوام، بل تتداخل قياساً على الحدود.

ثانيا: من أحكام زكاة الفطر

زكاة الفطر صدقة تجب بالفطر في رمضان، وأضيفت إلى الفطر لأنها سبب وجوبها، فهي واجبة على كل مسلم ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، بالسنة والإجماع؛ عـن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة)[12]. (والمراد هنا صلاة العيد). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أَقِطٍ أو صاعا من زبيب)[13].

ولها أسماء أخرى وردت في نصوص شرعية، منها: صدقة الفطر، وزكاة الصوم، وصدقة رمضان. من أحكام زكاة الفطر، نذكر ما يلي:

1- مقدارها: صدقة الفطر صاع عن كل شخص، والصاع أربعة أمداد، والمد حفنة ملء اليدين المتوسطتين. فالمد يساوي: 544 جراما حسب الوزن بالقمح.

والصاع يساوي بالوزن الحالي: كيلوين و176 جراما حسب الوزن بالقمح.

وإذا وجبت صدقة الفطر على المكلف ولم يكن مستطيعاً إخراج كامل الصدقة بل بعضها أخرج ذلك البعض وجوباً، لحديث أبي بكر رضي اللَّه عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: (وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)، فمثلاً إذا وجب عليه إخراج صدقة الفطر عن عدة أشخاص، وكان غير قادر على إخراجها عنهم جميعاً، ولكن يستطيع إخراجها عن بعضهم، فإنه يبدأ بإخراجها عن نفسه أولاً، ثم عن زوجته، ثم عن والديه الفقيرين، ثم عن ولده.

2- وقت إخراجها:  الأصل أنه؛ يندب إخراجها بعد فجر يوم العيد، ويجوز إخراج صدقة الفطر قبل يوم العيد بيوم أو يومين، كما كان يفعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ولا يجوز أكثر من ذلك على المعتمد. وقيل يحرم تأخيرها عن يوم العيد، ولكن لا تسقط بمضي ذلك اليوم، بل تبقى في ذمته أبداً حتى يخرجها، طالما كان غنياً وقت وجوبها.

3- إخراجها نقدا: المشهور في المذهب المالكي عدم إخراج القيمة، قال مالك رحمه الله: “ولا يُجْزِئُهُ أَنْ يدفع في الفطرةِ ثمناً”[14]. وسئل عن الرجل لا يكون عنده قمح يوم الفطر، فيريد أن يدفع ثمنه إلى المساكين يشترونه لأنفسهم، ويرى أن ذلك أعجل؛ قال: لا يفعل ذلك، وليس كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن رواية عيسى قال ابن القاسم: ولو فعل لم أر به بأساً.

قال ابن رشد: رواية عيسى هذه عن ابن القاسم خلاف رواية أبي زيد عنه بعد هذا، وقد قيل: إنها ليس بمخالفة لها، وإنما خفف ذلك[15].

لكن الجمهور على جواز إخراجها نقدا لما فيه مصلحة المزكي والمستفيد. وعملا بروح النصوص الواردة في زكاة الفطر، وخاصة الحديث الذي رأينا: “أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم”. وكذلك لتؤدي المقاصد المرجوة منها، وخاصة في زماننا هذا.

4- الأصناف التي تخرج منها:

يخرج المكلف صدقة الفطر من غالب قوت أهل البلد، الذي هو أحد الأصناف التسعة   التالية: القمح، الشعير، السلت، الذرة، الدخن، الأرز، التمر، الزبيب، الأقط (لبن يابس أخرج زبده)، وجمع بعضهم الثمانية الأولى في بيت فقال:

قمح شعير وزبيب سلت *** تمر مع الأرز دخن ذرة

ولا يجزئ إخراجها من غير غالب هذه الأصناف التسعة، إلا إذا كانت إحداها أفضل فيندب الإخراج منها كما لو غلب اقتيات الشعير فأخرج قمحاً.

كما لا يجوز إخراجها من غير هذه الأصناف التسعة كالفول والعدس مثلا، إلا إذا فُقدت الأصناف التسعة المذكورة، واقتيت غيرها فيخرج من الغالب في الاقتيات. وإذا أراد المكلف أن يخرج صدقته من اللحم اعتبر الشبع في الإخراج، فمثلاً إذا كان الصاع من القمح يشبع اثنين لو خُبِزَ، فيجب أن يخرج من اللحم ما يشبع اثنين.

قال الحطاب: (... فإن كان أهل بلد ليس عندهم شيء من الأصناف التسعة، وإنما يقتاتون غيرها فيجوز أن تؤدى حينئذ من عيشهم، ولو كان من غير الأصناف التسعة، قال في المدونة: قال مالك: وتؤدى زكاة الفطر من القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والتمر والزبيب والأقط صاع من كل صنف منها ويخرج ذلك أهل كل بلد من جل عيشهم من ذلك، والتمر عيش أهل المدينة ولا يخرج أهل مصر إلا القمح لأنه جل عيشهم إلا أن يغلو سعرهم فيكون عيشهم الشعير فيجزئهم، قال مالك: ولا يجزئ في زكاة الفطر شيء من القطنية، وإن أعطى في ذلك قيمة صاع من حنطة أو شعير أو تمر مالك ولا يجزئه أن يخرج فيها دقيقا ولا سويقا وكره مالك أن يخرج فيها تينا، وأنا أرى أنه لا يجزئه، وكل شيء من القطنية، مثل اللوبيا أو شيء من هذه الأشياء التي ذكرنا أنها لا تجزئ إذا كان ذلك عيش قوم فلا بأس به أن يؤدوا من ذلك ويجزئهم)[16].

ثالثا: مقاصدها زكاة الفطر.

شرعت زكاة الفطر لتحقيق مقاصد تربوية واجتماعية، منها:

* تجبر نقصان الصوم، فعَنْ وَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ رحمه الله قَالَ: (زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاة)[17].

* سبـبُ الفـوز عند الله تعالى: فقد قيل هي المقصودة بقوله تعالى في سورة الأعْلَى: “قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى”( الأعلى، الآيتان: 14-15). رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ قَالا: أي؛ “أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الصَّلاةِ” (يقصد صلاة العيد).

* تطهير الصائم من اللمم؛ قد يقع الصائم في شهر رمضان ببعض المخالفات التي تخدش كمال الصوم من لغو ورفث وصخب وسباب ونظر محرم، فشرع الله عز وجل هذه الصدقة لكي تصلح له ذلك الخلل الذي حصل فيه، “عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَات) (18).

* إظهار شكر الله تعالى على نعمه، وعلى توفيقه بإتمام صيام شهر رمضان وما يسر من قيامه، وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة.

* إطعام للمساكين والمحتاجين أيـام العيد، وبذلك تعُـم الفرحة في يوم العيد لكل الناس حتى لا يبقى أحد في هذا اليوم محتاجا إلى القوت والطعام ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم”، وفي رواية: “أغنوهم عن طواف هذا اليوم) (19).

* مواساةٌ للفقراء والمساكين، وإغناء لهم من ذل الحاجة والسؤال يوم العيد.

* تزكيةٌ للنفس وتطهيرُ لـها من داء الشح والبخل. فهي زكاةٌ للنفوس والأبدان، حيث تُـعد صدقة الفطر زكاة عن الأبدان والنفوس وقربة لله عز وجل عن نفس المسلم، أو زكاة لبدنه، وبعبارة أخرى تعبر عن شكر العبد لله عز وجل على نعمة الحياة والصحة التي أنعم الله عز وجل بها على عبده المسلم.

* إشاعةٌ روح التكافل والمحبة والمودة بين أفراد المجتمع المسلم، وذلك بالإحسان إلى الفقراء، وَكَفُهـم عن السُؤال في أيــام العيد ليشارِكوا الأغنياء فِي فرحـهم يوم عيد.

خاتمة:

من أهم مقاصد زكاة الفطر؛ “إغنـاء الفقير يوم العيد عن المسألة“، لذلك أجاز العلماء إخراجها قبل يوم العيد بيومين أو ثلاثة، قال الإمام البغوي: (والسُّـنة أن تخرج صدقة الفطر يوم العيد قبل الخروج إلى المصلى، ولو عجَّـلها بعد دخول شهر رمضان قبل يوم الفطر يجوز، و”كان ابن عمر يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة)[20]. والحمد لله رب العالمين.

 

- [1] لمزيد تفصيل يٌنظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، (دار الصفوة، مصر، الطبعة الأولى)، ج: 32 / ص: 65.

- [2] رجاء بن عابد المطرفي، الكفارات في الفقه الإسلامي (مكتبة الملك فهد الوطنية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى:2008). الصفحة: 292-294.

- [3] محمد رفيق الشوبكي، دليل الأنام في أحكام الصيام، (طبعة: 1995). الصفحة 105.

- [4] عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة. (دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 2003). ج: 1 / ص: 525.

- [5] محمد رفيق الشوبكي، دليل الأنام في أحكام الصيام، (مرجع سابق). الصفحة 106-104.

- [6] عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة. (مرجع سابق). ج: 1 / ص: 520-521.

- [7] رجاء بن عابد المطرفي، الكفارات في الفقه الإسلامي (مكتبة الملك فهد الوطنية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 2008)، الصفحة: 280-282.

- [8] رجاء بن عابد المطرفي، الكفارات في الفقه الإسلامي (مكتبة الملك فهد الوطنية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى:2008). الصفحة: 278.

- [9] يٌنظر أيضا: الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، (مرجع سابق)، ج: 32 / ص: 67.

- [10] وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته. (مرجع سابق)، ج:3 / ص: 1747.

- [11] فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج:3 / ص:367.

- [12] الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب: الزكاة، باب: صدقة الفطر، حديث رقم: 1503.

- [13] رواه الإمام البخاري، كتاب: الزكاة، باب: صدقة الفطر صاع من طعام، حديث رقم: 1506. ورواه الإمام مالك في الموطأ، كتاب: الزكاة، باب: مكيلة زكاة الفطر، حديث رقم: 628/55.

- [14] ابن رشد، النوادر والزيادات، 2 / 303.

- [15] ابن رشد، البيان والتحصيل، 2 / 486.

- [16] الحطاب، مواهب الجليل، 2 / 368.

- [17] رواه الإمام النووي في مجموع الزوائد.

-[18]  رواه أبو داود، كتاب: الزكاة، باب: زكاة الفطر، حديث رقم: 1609.

- [19]  رواه الدارقطني في سننه، كتاب: “زكاة الفطر”، حديث رقم:67.

- [20] شرح السنة للإمام البغوي، ج: 4 / ص: 44.





التالي
الاتحاد يعزي في وفاة العلامة الأصولي وعضو هيئة كبار العلماء في السعودية الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع