محمد ألكسندر رسل وب .. أول مسلم أمريكي
وُلد الأديب والدبلوماسي الأمريكي محمد ألكسندر رسل وب Mohammad Alexander Russell Webb في مدينة هدسون، نيويورك 9 نوفمبر 1846م، وأمضى مراحل دراسته الأولى في موطنه، ثم رحل إلى مدينة نيويورك حيث أَتَمَّ مرحلة دراساته العليا؛ واستجابةً لميوله الأدبية التي كان يُعَزِّزُها اطِّلاعُه الواسع وخياله الخصب وآراؤه الحرَّة اشتغل منذ بداية دخوله إلى معترك الحياة العملية بالصحافة، واشتهر بكتابة المقالات الهادفة المؤثِّرة، واشتهر -أيضًا- بتأليف القصص القصيرة التي اجتذبت جمهورًا عريضًا من القرَّاء؛ كان يترقَّبُ صدورها ويُتابعها بشغف وإعجاب، وبلغ من نجاحه في ميدان الأدب والعمل الصحفي أن تولَّى بعد فترة وجيزة رئاسة تحرير صحيفتي (سانت جوزيف جاريت) و(ميسوري ريبليكان).
وكان ألكسندر رسل وب يهتمُّ أثناء انشغاله بالصحافة بأصول الأديان ومبادئها؛ فدرس العقيدة اليهودية والفرق التي انبثقت وتشعَّبت عنها، كما درس المسيحية ومذاهبها، ودرس الإسلام وتراثه وقرآنه، كما درس العقائد الشرقية الأخرى؛ مثل: الزرادشتية والكنفوشيوسية والبوذية، واطَّلع على كثير مما كتبه علماء الغرب عن العقائد والأديان والمذاهب.
قصة إسلامه
تطلَّعت نفسه للاتجاه إلى الشرق مصدر الأديان، وهيَّأت له صفاتُه المتميزة وشخصيته المرموقة أن يتولَّى منصب القنصل الأمريكي في مانيلا عاصمة الفلبين عام 1887م، وفي تلك البلاد أُتيح له أن يتَّصل لأول مرَّة في حياته بالمسلمين، وأن يراهم رأي العين، وعن هؤلاء المسلمين استمدَّ المعلومات عن الإسلام من مصادره الحقيقية، فبهرته عظمة الإسلام وتأثيره العميق في نفوس أتباعه، ويبدو أنه من مراسلاته مع المسلمين الهنود أنه اعتنق الإسلام عام 1887م ، وتَسمَّى باسم (محمد) مقرونًا بالاسم الأصلي، فأصبح يُدعى محمد ألكسندر رسل وب.
لا يعلم كيف تم التنسيق بين عبد الله عرب والسلطان عبد الحميد إلا أن المعلومات يشير إلى أن عملاق النقل البحري السيد عبد الله عرب (الذي كانت له خطوط بحرية إلى الشرق الأقصى وإلى أمريكا ، ووضع في سجل الشرف في أرشيف النقل البحري في الولايات المتحدة ) سافر إلى مانيلا وقابل الكسندر ويب واتفقا على إقامة وقف إسلامي في أمريكا . فاستقال ويب من منصبه وعاد إلى نيويورك ومر في طريقه إلى حيدر آباد الدكن بالهند وألقى محاضرة طويلة عن الإسلام
وقد علَّل ألكسندر رسل وب سبب إسلامه في مقال نشره بتلك المناسبة يقول فيه: "تسألني لماذا أسلمتُ وأنا الأمريكي المولود في بلد يدين اسمًا بالمسيحية، ونشأتُ في بيئة تقطر مسيحية، أو على الأصح تتشدَّق بالمسيحية الأرثوذكسية على منابر الوعظ".
وأستطيع الإجابة على الفور:"إنني اتخذت هذا الدين سبيلاً لحياتي؛ لأنني بعد دراسات متواصلة ومقارنات طويلة وجدته خير الأديان، بل هو الدين الوحيد من بين الأديان كلها الذي يُلَبِّي الاحتياجات الروحية للجنس البشري كله.
وأودُّ أن أُقَرِّر هنا بأنني عندما بلغت العشرين عامًا ضاق صدري بجمود الكنيسة وكآبتها؛ فهجرتُها إلى غير رجعة، وكنتُ لحُسن الحظ ذا عقلية فاحصة مدقِّقَة، أميل دائمًا إلى أن أتحرَّى الدقَّة الكاملة في كل أمر يخصُّني، وأن أجد لكلِّ شيء علَّة وسببًا، ووجدتُ أن الناس -بين علمانيين ورجال دين- عجزوا تمامًا بجميع وسائلهم العقلية والمنطقية عن إقناعي بحقيقة هذه العقيدة، وكلا الفريقين كان يقول: هذه أمور غامضة وخفية ولها أسرارها، ولا بُدَّ أن تُقبل كما هي؛ لأنها أمور لا يمكن تعقلها، وأنها مسائل فوق مستوى إدراكي".
"إن الإسلام وحده هو دين الحقِّ؛ لأنه مُؤَسَّس على الحنيفية الخالدة السمحة السهلة التي تناقلها الإنسان جيلاً بعد جيل عن طريق الرسل، الذين اختارهم الله ابتداءً من نوح إلى إبراهيم إلى محمد صلى الله عليه وسلم لتبليغ رسالات السماء إلى الخلق، وهو الطريق الوحيد المعروف، وهذا الدين يَتَّفِقُ تمامًا مع العقل والقلب والعلم، ويُحَقِّق التوازن النفسي بين مقتضيات الجسم والروح".
"إن اعتناقي للإسلام وإيماني واقتناعي به لم يكن عن ضلالة ولا نزوة طارئة أو فكرة خاطئة، أو انقياد أعمى أو اندفاع عاطفي، لكن كان ذلك وليد دراسة دقيقة فاحصة أمينة غير متأثِّرَة برأي أو ميل سابق، ونتيجة لرغبة حقيقية وعزم صادق لمعرفة الحقيقة والوصول إليها"(4).
إسهامات محمد ألكسندر رسل وب
- هو أول من نشر الإسلام في أمريكا؛ بعد أن انتهت رحلته إلى الهند آثر أن يعود إلى وطنه للدعوة إلى الإسلام، وإطلاع مواطنيه على مبادئه السامية وشريعته السمحة، وبدأ في نشر الإسلام في أمريكا،
- وقد قام عبد الله عرب بإنشاء أول وقف للدعوة الإسلامية في الولايات المتحدة لدعم نشاطات محمد الكسندر ويب ، حيث أنشئ له مركز إسلامي في نيويورك من أربعة طوابق ، أحدها مسجد وآخر للنشاط وطابق للسكن
- فتح للجمهور الأمريكي قاعة للمحاضرات ومكتبة يتمكن بها من يشاء من الاطلاع على الكتب الإسلامية والتخاطب مع علماء المسلمين المتمكنين في الإسلام من الزائرين للولايات المتحدة،
- إقام دار نشر تطبع الكتب والنشرات الإسلامية وأصدر مجلة (العالم الإسلامي ) وكتيبات أخرى عن الدين الإسلامي، كان أهمها:
- موجز دين محمد.
- الأعمدة الخمسة للإسلام.
- تعدُّد الزوجات.
- البردة.
- لقد أسهم المفكر والأديب محمد ألكسندر بنصيب وافر في الدعوة إلى الإسلام في الولايات المتحدة، والدفاع عنه وتفنيد المزاعم التي نسبها إليه أعداء الإسلام، وجاهد في سبيل دعوته حتى آتت ثمارها، وانشرح صدره عندما استجاب لدعوته عدد غير قليل من مواطنيه المثقَّفين ذوي الرأي الحرِّ، وكانوا نواة للجماعة الإسلامية بنيويورك
- تم تعيينه القنصل الفخري لـ(الخلافة العثمانية) في نيويورك من قِبَلِ السلطان عبد الحميد الثاني.
وفاة ألكسندر رسل وب
توفي محمد ألكسندر رسل وب سنة 1916م، عن عمرٍ يناهز السبعين عامًا، وألّف (عمر عبد الله Umar F. Abd-Allah) كتابًا عنه بعنوان: (A Muslim in Victorian America: The Life of Alexander Russell Webb) .
المصدر:
- ويكيبيديا
- كتاب (عظماء أسلموا) للدكتور راغب السرجاني.
- مقال للدكتور صالح السامرائي عن محمد ألكسندر رسل ويب