مع الداعية الشيخ نعمة الله (8) - المغني الامريكي في هيروشيما.
د. صالح مهدي السامرائي
كتبت لنا في المركز الإسلامي سيدة يابانية قائلةً: إني من مدينة توتوري (Tottori) على الساحل الياباني الغربي المشرف على بحر اليابان المقابل لكوريا الذي يفصل بين كوريا واليابان، وإني متطوعة لتدريس اللغة اليابانية للطلبة المسلمين في جامعة توتوري، وأريد أن ترسلوا لي كتباً عن الإسلام باللغة اليابانية.
فتذاكرنا في المركز وقررنا أن نرسل وفد إلى توتوري مكون من إبراهيم أوكوبو (OKUBO)(ياباني)، الشيخ نعمة الله، وصالح السامرائي لإدخال السيد اليابانية في الإسلام، حيث أن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب، ونعلم الطلبة المسلمين الدعوة على طريقة الشيخ نعمة الله لينشروا الإسلام في المنطقة.
وبعد أن حسبنا تكاليف الرحلة، نقل وإقامة، وجدنا أنها تكلف 1000 دولار تقريباً، وحيث أن إمكانية المركز في ذلك الحين ضعيفة فقد صرفنا النظر عن الذهاب، واكتفينا بإرسال الكتب. إلا أن الشيخ نعمة الله اتخذ موقفاً آخر، فقرر الذهاب مع المرحومة زوجته إلى توتوري، وقام بإيصالهما من مدينة إلى أخرى المتطوعون الباكستانيون العاملون في مختلف المدن. وبدلاً من أن يزور الشيخ نعمة الله توتوري فقط زار خمسة مدن وخطط لإقامة خمسة مساجد، وانتهى به المطاف إلى هيروشيما.
وفي هيروشيما أخذه طالب للدكتوراه في جامعتها وهو من تركستان الشرقية التي تحت الصين، أخذه إلى الحديقة) Park (الموجودة في موقع قنبلة هيروشيما. لمح الشيخ نعمة الله رجل غربياً جالساً على كرسي طويل (كنب)، وبالنسبة إلى نعمة الله، فإن هذا الأجنبي صيد.
جلس بجانب هذا الأجنبي وقال له: ((You Speak English? (هل تعرف اللغة الإنجليزية؟) قال له: Yes)) (نعم)، سأله الشيخ: (ما بلدك؟) (Your Country?) أجاب الأجنبي: (America) (أمريكا). وهنا قال نعمة الله: Iam Turk, America Turkey friends) ((انا تركي، أمريكا وتركيا أصدقاء)، هنا أزال الحاجز النفسي بينه وبين هذا الأمريكي.
سأله نعمة الله (Your Work?) (ما عملك؟) أجاب الأمريكي: (Musician) فهمها نعمة الله (مغني)، فقال له أنا كذلك مغني (I also same)، فقال الامريكي أرني غناءك. فبدأ الشيخ نعمة الله يتغنى بصوت مرتفع وجميل (لا إله الا الله محمد رسول الله) – يقول الشيخ: ألا تحدثونا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: تغنوا بالقرآن -، وهنا أشار الامريكي الى حنجرته وقال Very Good، Very Good)).
قال الشيخ نعمة الله: مادام (Good Very) أنت ترنم مثلي بهذا الغناء. فبدأ الأمريكي بصوته الجميل يردد (لا إله الا الله محمد رسول الله) فقال له الشيخ: أنت الآن اصبحت مسلماً ولهذا أقدم لك (Present) (هدية) Islam Name)) (اسم إسلامي) "محمد"، وأعطاه الكرت الذي فيه معنى كلمة التوحيد بتسع لغات، ويحتوي على عنوان المركز الإسلامي في اليابان. فرح الأمريكي وقال إني ذاهب الى طوكيو ليوم واحد، وإذا وجدت متسع من الوقت أزورك في المركز (Teach me Islam) (لتعلمني الاسلام)، وإذا لم يكن عندي متسع من الوقت فأنا راجع إلى أمريكا، وعندي أصدقاء مسلمون سأطلب منهم أن يعلمونني الإسلام وافترقا.
الدعوة سهلة، كل مسلم يستطيع أن يقوم بها بكل بساطة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((بلغوا عني ولو آية)) رواه البخاري، والشيخ نعمة الله يقول: لو كل مسلم قام بالدعوة فإن أهل الأرض كلهم سيدخلون الإسلام خلال سنتين.
ملاحظة واستطراد:
توتوري هي المدينة الوحيدة التي تنتشر على ضفاف البحر فيها مساحات واسعة من الرمال التي تجرفها أمواج البحر، فهي صحراء اليابان، ويستفيد اليابانيون من هذه الصحراء بزراعتها بنوع من البصل صغير الحجم والذي يستعمله اليابانيون من جملة مخللاتهم (طرشي)، وهذه الصحراء في توتوري تنتج 80% من احتياجات اليابانيين من هذا البصل. إن زراعة البصل تتم على سطح هذه الصحراء، والري والتغذية تتم عن طريق الرشاشات، كما إن الأمطار التي تهطل تقريباً على مدار السنة تزود المزروعات بالماء، ولقد زرت هذه المنطقة أكثر من مرة.
ما أكثر الصحاري عندنا بل ما أكثر الأراضي الخصبة في بلدان العالم الإسلامي. إننا بوسع أراضينا وتعدد أجوائنا من إندونيسيا إلى المغرب نستطيع أن نزود العالم بالمنتجات الزراعية بدلاً من أن نستورد لقمة العيش. كازاخستان مساحتها 3 مليون كيلومتر مربع وفيها 700 نهر، وطاجكستان فيها أكثر من 900 نهر، والأمطار في إندونيسيا على مدار السنة. أين المستثمرون؟