البحث

التفاصيل

منهجي في التعامل مع الجماعات الإسلامية

الرابط المختصر :

(منهجي في التعامل مع الجماعات الإسلامية)

بقلم: د. عبد الكريم بكار

 

ترد إليّ أسئلة عديدة عن موقفي من الجماعات والحركات والتنظيمات.. الإسلامية، ومن أجل الوضوح والتحديد أود هنا أن أتحدث عن بعض النقاط التي كنت قد أصّلتها في كتابي: (فصول في التفكير الموضوعي).

أنا في البداية لا أنتمي لأي جماعة، وإنما أنتمي إلى مدرسة الوعي الحضاري التي أعدّ مالك بن نبي أهم أعمدتها.

هناك خمس نقاط أساسية، أعتقد بوجوب أخذها في الاعتبار عند تقييم الجماعات والحركات والمشروعات الإسلامية بأنواعها، وهي:

1- الجماعات والحركات الإسلامية بمجملها ليست أيديولوجيات ونظريات محددة يمكن تقييمها بصورة نهائية، فهي في الغالب تحاول بدرجات متفاوتة أن تستقي أفكارها من المصادر الشرعية، ولكن ما تنتهي إليه  هو في الغالب أفكار وجهود وأنشطة مرتبطة بظروفها وذات طبيعة متحركة ومتطورة، يتغير العديد منها بتغير تلك الظروف، وإن الحكم عليها يجب أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار.

2- تعتمد الجماعات والحركات الإسلامية على أفكار عامة، وحتى يمكن الحكم عليها لابد من أخذ كل فكرة على حدة وتقييم تلك الفكرة باستخدام الأسس الشرعية والمنطقية والعلمية والتاريخية، وضمن الأطر الموضوعية.

3- تتأثر الجماعات والحركات الإسلامية في عصرنا الحديث بشكل كبير بشخصيات القادة الذين يقودونها، أو أولئك الذين يسهمون في نشر أفكارها وإدارة أنشطتها، و إن تقييم هؤلاء الأشخاص يجب أن يتم من خلال تقييم كل شخص على حدة، فهناك في كل جماعة أو حركة إسلامية من هو إلى الحق أقرب، ومنهم من اجتهد، فجانبه الصواب، وبعضهم يظهر الإخلاص في عمله، وآخرون يندفعون بناءً على مصالحهم الشخصية، وبعضهم كان مجدداً، وبعضهم مميَّزون، وبعضهم كان عمله وبالاً على العمل الإسلامي وسبّب له الكثير من الأذى والضرر... وعلى هذا فإنه ليس هناك جماعة، كل رجالاتها من الأخيار الموفقين، كما أنه ليس هناك جماعة كل رجالاتها من الأشرار السيئين، و أنا حين أدافع عن أحد رجالات العمل الدعوي والإسلامي فإن ذلك لا يعني أن أفكاره كلها صحيحة، أو أنني أتفق معه في كل ما ذهب إليه، بل توزن الأمور بموازينها بناء على التقييم الشامل لعمله وتوجهاته.

4- يقوم تاريخ أي جماعة إسلامية كبرت أم صغرت على سلوكيات وقرارات وأعمال متعددة، وهذه يُحكم على كلٍ منها على حدة، والحكم عليها عبارة عن اجتهاد، يحتمل الخطأ و الصواب، وإذا أخطأت جماعة أو حركة في سلوكها فهذا لا يعني أن أفكارها خاطئة، والعكس صحيح أيضاً .. ولنا أن نتذكر أن القرارات والسلوكيات الاجتهادية قد تُشكِل أحيانا على أكثر الناس فهماً وورعاً وتقوى؛ فقد اختلف كبار الصحابة رضي الله عنهم تجاه (صلح الحديبية)، وبعضهم لم تظهر له الحكمة منه، مع طاعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما مضى فيه.

5- لا شيء أسوأ من الغلو في الجماعات والحركات الإسلامية؛ فالانقياد والولاء الأعمى لها جرّ على الأمة كثيراً من الويلات في  العصر الحديث، والغلو في الهجوم عليها بالجملة هو أيضا شيء مذموم، وتعميم مرفوض، وإذا كان المرء يستفتي قلبه، ويتحرى الأدلة في الآراء الفقهية التي جاء بها أئمة كبار، فإن من الأولى  أن يفعل المرء ذلك تجاه آراء واجتهادات حديثة صدرت عن أشخاص ذوي اختصاصات متنوعة.

أسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا في الأمر كله، وأن يغفر زلاتنا، ويتقبل منا صالح أعمالنا؛ إنه سميع مجيب..





التالي
رد على افتراءات قناة الحدث
السابق
بسبب عضوية "إسرائيل".. الجزائر تنسحب من رئاسة "لجنة مكافحة الإرهاب" في البرلمان الدولي

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع