البحث

التفاصيل

التفـقّه في البيوع؛ تـنوع قيمة الأسهم وتقسيماتها

الرابط المختصر :

بسم الله الرحمن الرحيم

التفـقّه في البيوع؛ تـنوع قيمة الأسهم وتقسيماتها

بقـلم: د. أحمد الإدريسي – المغرب

عضو الاتحـاد العالمي لعلماء المسلمين

 

تنقسم الأسهم وتتنوع قيمتها حسب اعتبارات مختلفة؛ بحسب شكل السهم، وموضوع تداول الأسهم، والجانب القانوني لتداولها، ويختلف الحكم الشرعي لتداول الأسهم حسب هذه الاعتبارات. وسنبين أولا أنواع قيمة الأسهم.

  • أولا: أنواع قيمة الأسهم.

تتعدد أنواع قيمة الأسهم ويختلف حكم الفقه منها حسب نوعها. وهي كما يلي:

1- القيمة الاسمية: وهي التي تكون مبينة على السهم, و يدفعها المساهمون حصة لاشتراكهم عند تأسيس الشركة و يحسب رأس مال الشركة طبقا للقيمة الإسمية لمجموع الأسهم. ويجوز إصدار الأسهم بقيمة اسمية لأن الصك الذي يثبت حصة الشريك في رأس مال الشركة لابد أن يكون مطابقا للمبلغ الذي يساهم به فعلا في رأس المال .

2- القيمة الحقيقية: وهي المقدار الذي يستحقه السهم في جميع أموال الشركة, ويُحسب بحاصل قسمة الموجودات الصافية للشركة على عدد الأسهم المصدرة . وهي جائزة شرعا لأن أرباح الشركة وموجوداتها تنمو وتتضاعف، فتصبح قيمة السهم أكثر من القيمة الإسمية. شرط أن تكون تلك المضاعفة عن طريق حلال.

3- القيمة السوقية: وهي قيمة السهم عند عرضه للبيع في الاسواق التجارية. وتختلف عن القيمة الإسمية بحسب العرض والطلب، ومدى نجاح الشركة في أعمالها وضخامة موجوداتها ورأس مالها الاحتياطي، وأيضا بحسب الظروف السياسية والاقتصادية.

4- قيمة الإصدار: هي القيمة التي تصدر بها الأسهم الجديدة عندما تريد الشركة زيادة رأس مالها. وقد تكون مساوية، أعلى أو أقل من القيمة الإسمية. أما بخصوص حكمها الشرعي فهي:

غير جائزة إذا كانت أقل من القيمة الحقيقية, لأن ذلك يلحق الضرر بالمساهمين القدامى, حيث تؤدي الى نقصان قيمة أسهمهم أو حرمانهم من حقهم في هذا المال, إلا إذا تم تعويضهم من خلال منحهم أسهما جديدة بقدر حقوقهم, أو دفع الفرق لهم.

جائزة في حال كانت قيمة الإصدار أعلى من القيمة الحقيقية, إذا كانت تعبر عن سعرها السوقي.

       وبالتالي، فإنه يجوز شرعا إصدار أسهم جديدة بقيمة إصدارية، سواء كانت مساوية للقيمة الإسمية أو أقل منها أو أعلى، لأن العبرة بواقع الحال وبسعر السوق ولتعرضها للربح والخسارة. والله أعلم.

ثانيا: باعتبار الحقوق التي تعطيها لمالكيها.

1- أسهم عادية: هي التي تتساوى في قيمتها و تعطي المساهمين حقوقا متساوية, فيحصل بموجبها المساهم على قدر من الربح يتناسب مع ما دفعه للشركة دون زيادة أو امتياز أخر, و يتحمل الخسارة بمقدار أسهمه. و هذا النوع هو الأصل في الأسهم، وهو يتوافق مع أحكام الشريعة الاسلامية لأنه قائم على العدالة و تساوي الحقوق و الواجبات.

2- الأسهم الممتازة: وهي التي تختص بمزايا لا تتمتع بها الأسهم العادية لجذب الجمهور للاكتتاب فيها، من قبيل منح أصحابها حق الأولوية في الحصول على الأرباح أو على أكثر من صوت في الجمعية العمومية. وهي بالتالي لا تجوز لتضمنها للربا من جهة وتنافيها مع مبدأ العدل في الاسلام.

لكن هناك من يرى بأن هناك نوعا من الامتياز جائز شرعا، وهو حق الأولوية للمساهمين في الاكتتاب عند تقرير زيادة رأس المال على المساهمين الجدد، وذلك لأنهم أولى من غيرهم بأن تظل الشركة منحصرة فيهم, بل لا يصح إصدار أسهم جديدة إلا بموافقتهم وفقا لحق الشفعة المقرر شرعا.

ثالثا: من حيث الاستهلاك واسترداد القيمة؛

1- أسهم التمتع: وهي الأسهم التي استهلكت قيمتها بأن رُدت قيمتها الإسمية الى المساهم تدريجيا أو دفعة واحدة أثناء حياة الشركة، وهذا ما يسمى بإطفاء الأسهم.

2- أسهم رأس المال: وهي الأسهم التي لا يجوز للمساهم استرداد قيمتها إلا عند التصفية النهائية للشركة, فلا تستهلك قيمتها. وحكمها كحكم الاسهم العادية.

والأصل في الأسهم عدم جواز إخراج الشريك باستهلاك أسهمه، لكن هناك حالات محددة تدفع الشركة إلى إخراج أسهم تمتع. من قبيل أن يكون مشروع الشركة قائما على حقوق موقتة, كالحصول على امتياز من الدولة، حيث تؤول ممتلكات الشركة الى الدولة بانتهاء المدة المتفق عليها، كما هو الحال في شركات استخراج النفط .

        والخلاصة أن أسهم التمتع لا تجوز شرعا إلا في الحالات الآتية :

. اقتطاع مبلغ معين من أرباح الشركة سنويا و إيداعه باسم المساهمين, حتى يبلغ قيمة الأسهم جميعا الى حين انتهاء الشركة أو انتهاء امتيازها فيأخذونه .

. التصفية الجزئية المستمرة بإعطاء المساهمين نسبة معينة من قيمة أسهمهم بالتساوي وحسب عدد الاسهم .

. أن يُعطى المساهم قيمة السهم الإسمية أقل من القيمة الحقيقة, فتبقى له نسبة في موجودات الشركة و في رأسمالها الاحتياطي, و يستحق حينئذ أن يأخذ جزءا من أرباح الشركة حسب النسبة الباقية من قيمة أسهمه غير المستردة .

       والعلة أن؛ عقد الشركة في الفقه الإسلامي مبني على المساواة بين جميع الشركاء في تحمل المخاطر واستحقاق الأرباح .

رابعا: باعتبار الحصة المدفوعة؛

1- أسهم عينية: وتعطى مقابل حصص غير نقدية. وهي غير قابلة للتداول قبل نشر الميزانية وحساب الأرباح والخسائر عن سنتين ماليتين كاملتين لا تقل كل منهما عن 12 شهرا من تاريخ تأسيس الشركة. ويرى جمهور من العلماء بجوازها ما دامت هناك إمكانية لمعاينة الحصة العينية و تقويمها تقويما صحيحا بالنقد.

2- أسهم نقدية: وهي التي تدفع نقدا، وتكون قابلة للتداول بمجرد تأسيس الشركة. وهي جائزة شرعا لأن الأصل في الشركة هو تقديم الحصة نقدا .

3- أسهم مختلطة: و هي الأسهم التي يكتتب فيها المساهم و يدفع قيمتها مختلطا بالنقد والعين. وهذه الأسهم جائزة حيث يُقدر الجزء العيني بالنقود كحال الأسهم العينية .

خامسا: باعتبار التصويت؛

1- الأسهم المصوتة: وهي الأسهم التي تجمع بين حقوق الملكية وحق الإدارة والتصويت و الانتخاب, وهي جائزة شرعا .

2- الأسهم غير المصوتة: هي الأسهم التي تمثل حقوق المشاركة في أرباح المشروع دون أن يكون لمالكيها حق الإدارة أو التصويت أو الانتخاب أو الترشيح لعضوية مجلس الإدارة.

سادسا: باعتبار الدفع أو عدمه؛

1- أسهم مجانية: وتسمى؛ أسهم منح، وهي الأسهم التي تمنحها الشركة للمساهمين بدون مقابل في حالة زيادة مال الشركة, و ذلك على شكل ترحيل جزء من الأرباح المحتجزة أو الاحتياطي إلى رأس المال الأصلي. ويتم توزيعها حسب قدر الأسهم .

2- أسهم غير مجانية: وهي الأسهم التي يدفع المساهم قيمتها. ولا غبار شرعيا عليها، ويجوز هذا النوع من الناحية الشرعية إذا تم هذا المنح بالتساوي حسب الأسهم. والله أعلم.

سابعا: باعتبار الشكل القانوني؛

1- أسهم اسمية: وهي الأسهم التي تحمل اسم صاحبها, ويتم تداولها عن طريق القيد في سجل المساهمين. ويجوز إصدارها شرعا لأن الأصل أن يحمل المساهم الصك المثبت لحصته في الشركة باسمه .

2- أسهم لحاملها: وهي التي لا تحمل اسم صاحب السهم عليها، وإنما تقيد فيها عبارة لحاملها فقط، فيعتبر حامل السهم هو المالك في نظر الشركة. ويتم تداولها بطريق الحيازة الفعلية. وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم هذا النوع من الأسهم:

- فمنهم من يرى بتحريم إصدارها مستدلين بما ما في ذلك من جهالة الشريك في الشركة، وما قد يفضي الى الخصومة و النزاع وإضاعة الحقوق في حالة سرقة هاته الأسهم أو ضياعها .

- والفريق الثاني يرى جواز إصدار هذه الأسهم معتبرين ان السهم هو وثيقة إثبات المساهم لحصته من الشركة و ليس هناك ما يلزمه شرعا بأن يدون عليها اسمه. وإلى هذا ذهب مجمع الفقه الاسلامي[1].

        وهنا نُـذكر بأن التشريعات التجارية في الوقت الحاضر تتجه الى حظر إصدار الأسهم لحاملها, وذلك للتحقق من جنسية المساهمين والتأكد من حصة المواطنين في رأس مال الشركات، وفي نفس الوقت القضاء على التهرب من الضرائب ودرء مخاطر السرقة أو الضياع.

خاتمة: 

       من الواجب على المسلم أن يتقي الشبهات، وأن يراقب نفسه في معاملاته بينه وبين الخلق، فقد جعل الله تعالى بين الناس معاملات لها ضوابط شرعية، وسيحاسبهم عليها يوم الدين، كما قال تعالى: "فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُون" (الحجر92-93).

        فالواجب على جميع المكلفين التعلم والتفقّه في الدين، وكل مسلم ليس له علم بالأحكام الشرعية وليست عنده قدرة على التعلم، وجب عليه أن يسأل أهل العلم. عملا بقوله تعالى: "فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون" (الأنبياء:7)، حتى يتعلم ويتفقه في دينه ويتبصر؛ وحتى يؤدي الواجب، ويجتهد في الطاعات، ويتجنب الحرام ويتقي الشبهات.

والحمد لله رب العالمين.

 

 

[1] - مجمع الفقه الاسلامي في دورة مؤتمره السابع بجدة -السعودية أيام؛ 9 – 14 مايو 1992م.


: الأوسمة



التالي
لما بلغت الستين 60 بقلم الدكتور الخادمي
السابق
دراسة عالمية: جائحة كوفيد-19 تؤثر سلبًا على قدرة التلاميذ على اكتساب مهارة القراءة حول العالم

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع