البحث

التفاصيل

بيان قوي للدعاة بأمريكا حول موقف الإسلام الرافض لـ«الشذوذ الجنسي»

الرابط المختصر :

بيان قوي للدعاة بأمريكا حول موقف الإسلام الرافض لـ«الشذوذ الجنسي»

بقلم: د. كامليا حلمي

 

في مواجهة الاعتداء الغاشم على الفطرة السوية، والانتشار المخيف لفاحشة الشذوذ الجنسي، حتى وصل الأمر إلى تضمينه داخل المناهج التعليمية التي يتلقاها الأطفال في المدارس، ليصبح من حق الطفل أن يختار جنسه، وذلك بتناول مثبطات النمو، وهي أدوية توقف نمو الطفل الجنسي، حتى يتمكن من اختيار الجنس الذي يفضله، دون الحاجة إلى موافقة الوالدين، بل إن معارضة الوالدين لهذا الأمر قد يعرضهما للمساءلة القانونية!

 

اقرأ: الاتحاد يؤكد إجماع الأديان السماوية الثلاثة على التحريم القاطع التام للشذوذ الجنسي، (اللواط) ومخالفته للفطرة السليمة وبقاء الجنس البشري

وفي حدث ربما يكون هو الأول من نوعه، قامت مجموعة كبيرة من العلماء في أمريكا بإصدار بيان علني حول قضية الشذوذ الجنسي، في 23 مايو 2023م تحت عنوان «توضيح الأخلاق الجنسية والجندرية في الإسلام» (Navigating Differences: Clarifying Sexual and Gender Ethics in Islam)(1)، جاء فيه ما يلي:

«على مدار العقود القليلة السابقة، مثّل الخطاب العام حول العلاقات الجنسية تحديًا للمجتمعات الدينية، حيث تتعارض نظرة الإسلام للأخلاق الجنسية والجندرية مع بعض الآراء المجتمعية التي انتشرت مؤخرًا؛ مما أوقع المسلمين في تناقض بين معتقداتهم الدينية والتوقعات المجتمعية.

وفي الوقت نفسه، يُقابل الرفض العلني لممارسات ومعتقدات ومناصرة «مجتمع الميم» (LGBTQ) المتزايدة، بتهم عدم التسامح والاتهامات غير المبررة بالتعصب الأعمى.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هناك دفعة متزايدة للترويج للقيم التي تركز على «مجتمع الميم» (LGBTQ) بين الأطفال، من خلال التشريعات واللوائح، وتجاهل آراء الوالدين، وحرمان الآباء والأطفال من فرصة التعبير عن الاستنكاف الضميري «بمعنى الرفض من المنطلق الأخلاقي»، وتقوض تلك السياسات قدرة الآباء المسلمين على تعليم أطفالهم الأخلاق الجنسية القائمة على أسس دينية، وتنتهك حقهم الدستوري في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وتساهم في خلق جو من التعصب تجاه المجتمعات الدينية.

نحن علماء وخطباء مسلمون نمثل مجموعة متنوعة من المدارس الدينية، وفيما يلي توضيحنا الجماعي والموضوعي لموقف الإسلام من الأخلاق الجنسية والجندرية، وبصفتنا أقلية دينية تعاني كثيرًا من التعصب والإقصاء، فإننا نرفض فكرة أن الخلاف الأخلاقي يؤدي إلى عدم التسامح أو التحريض على العنف، ونؤكد حقنا في التعبير عن معتقداتنا، مع الاعتراف في الوقت نفسه بالتزامنا الدستوري بالعيش بسلام مع أولئك الذين تختلف معتقداتهم عن معتقداتنا.

– مصدر الأخلاق عند المسلمين:

الشرط الأساسي لقبول الإسلام هو الخضوع لله بشكل كامل وطوعي وبكل الحب، قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ (الأحزاب: 36)، عندما نخضع لله، فإننا نعلن أنه وحده يمتلك المعرفة والحكمة المطلقة؛ وبناء على ما سبق، فإن المصدر النهائي والأساس للأخلاق هو التوجيه الإلهي، ليس فقط العقل أو التوجهات المجتمعية.

يتمتع الإسلام بميراث ثري من الفقه يسمح بتنوع وجهات النظر، ويتلاءم مع الأعراف الثقافية المختلفة؛ ومع ذلك، فإن المبادئ المحددة صراحة في الوحي، والمعروفة بأنها عناصر ضرورية للإسلام، التي تم الاتفاق عليها بالإجماع من قبل العلماء المؤهلين تعتبر غير قابلة للتغيير وغير قابلة للمراجعة من قبل أي شخص أو كيان، بما في ذلك أعلى السلطات الدينية، كما يؤكد الله سبحانه وتعالى ذلك في قوله الكريم: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (الأنعام: 115).

– موقف الإسلام من العلاقات الجنسية والجندر:

بأمر من الله تعالى، يُسمح بالعلاقات الجنسية في حدود الزواج، ولا يتم الزواج إلا بين الرجل والمرأة، وفي القرآن، يدين الله تعالى صراحة العلاقات الجنسية مع نفس الجنس كقوله تعالى: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾ (النساء: 16)، وقوله تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ(82)  فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ (الأعراف)، وقوله تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾ (النمل)، علاوة على ذلك، فإن الأفعال الجنسية قبل الزواج وخارجه محظورة في الإسلام، يقول تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ (الإسراء: 32).

هذه الجوانب من الإسلام مكرسة بشكل لا لبس فيه في القرآن، وفي تعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وفي سلسلة من التقاليد العلمية تمتد لأربعة عشر قرنًا؛ ونتيجة لذلك، فقد اكتسبت مكانة الإجماع الديني «الإجماع»، وتم الاعتراف بها كعناصر لا تتجزأ من العقيدة المعروفة لدى جمهور المسلمين.

عرف الله الجنس البشري بأنه يتكون من ذكور وإناث، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: 13)، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ﴾ (النجم: 45)، ويؤكد الإسلام أن الرجال والنساء متساوون روحيًا أمام الله، حتى إن كان لكل منهما خصائص وأدوار مختلفة، وأشار النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى النساء كنظيرات للرجال، إلا أنه استنكر صراحة تقليد أي منهما لمظهر الجنس الآخر.

ومن ثم يدعو الله الناس إلى احترام حكمته في الخلق، محذرًا إياهم من إغواء الشيطان لتغيير خلق الله، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾ (النساء)، على هذا النحو، وكقاعدة عامة، يحظر الإسلام بشدة الإجراءات الطبية التي تهدف إلى تغيير جنس الأفراد الأصحاء، بغض النظر عما إذا كانت هذه الإجراءات تسمى «تأكيد الجندر» أو «تعزيز الجندر»، أما بالنسبة للأفراد المولودين باضطراب بيولوجي، مثل اضطرابات النمو الجنسي، يسمح الإسلام لهم بالتماس الرعاية الطبية لأسباب تصحيحية.

يميز الإسلام بين المشاعر والأفعال والهوية، فالله تعالى يحاسب الأفراد على أقوالهم وأفعالهم، وليس على أفكارهم ومشاعرهم اللاإرادية، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «إن الله تَجَاوَزَ عن أمتي ما حَدَّثَتْ به أَنْفُسَهَا، ما لم تَعْمَلْ أو تتكلم» (البخاري، 2528).

في الإسلام، يجب ألا تملي الأفعال الآثمة على الإنسان هويته، ولا يجوز للمسلمين أن يفخروا بالتماهي مع التسميات التي تصنفهم من خلال خطاياهم.

من المهم ملاحظة أن موقف الإسلام من العلاقات الجنسية غير المشروعة يسير جنبًا إلى جنب مع حماية وتعزيز حق الفرد في الخصوصية، فالإسلام يحظر التطفل على الحياة الخاصة للآخرين، ولا يشجع على الكشف العلني عن السلوك الجنسي لهم، مثل قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ (الحجرات: 12)، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النور: 19).

نحن ندرك أن بعض الجماعات الدينية أعادت تفسير أو مراجعة العقيدة الدينية لتشمل أيديولوجية «مجتمع الميم» (LGBTQ)، إن المجتمع المسلم ليس بمنأى عن تلك الضغوط، وفي الواقع، حاول البعض إعادة تفسير النصوص الإسلامية لصالح دعم «مجتمع الميم» (LGBTQ)، نحن نرفض بشكل قاطع تلك المحاولات، ولا يمكن الدفاع عنها دينيًا؛ لأن تلك الجوانب من الأخلاق الجنسية تعد من فئة المبادئ الثابتة غير القابلة للتغيير، ولا يمكن تعديلها أو مراجعتها.

– حقنا الدستوري في التمسك بآرائنا:

نحن ندرك أن قانوننا الأخلاقي يتعارض مع أهداف أنصار «مجتمع الميم» (LGBTQ)، كما نعترف بحقهم الدستوري في العيش في سلام وبعيدًا عن سوء المعاملة؛ ومع ذلك، فإننا نؤكد حقوقنا الدستورية -التي وهبنا الله تعالى إياها- في التمسك بمعتقداتنا الدينية، والعيش بها، وتعزيزها بأفضل طريقة، كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (النحل: 125)، وذلك دون خوف من الانتقام القانوني أو التهميش المنهجي.

التعايش السلمي لا يستلزم الموافقة أو القبول أو التأكيد أو الترويج أو الاحتفال، نحن نرفض الاختيار الخاطئ بين الخضوع للضغوط الاجتماعية لتبني آراء مخالفة لمعتقداتنا أو مواجهة اتهام لا أساس له بالتعصب، إن مثل هذه الإنذارات القسرية تقوض احتمالات التعايش المتجانس.

 

ندعو صانعي السياسة إلى حماية حقنا الدستوري في ممارسة معتقداتنا الدينية بحرية، دون خوف من المضايقات، ومعارضة أي تشريع يسعى إلى خنق الحريات الدينية للمجتمعات المتدينة، تماشيًا مع مطالبنا بعدم التحيز، نحن ملتزمون بالعمل مع الأفراد من جميع الانتماءات الدينية والسياسية لحماية الحق الدستوري للمجتمعات الدينية في العيش وفقًا لمعتقداتهم الدينية ودعم العدالة للجميع.

– إلى مجتمعنا المسلم:

إننا نحث الشخصيات العامة الإسلامية على التمسك بقدسية إيماننا، والامتناع عن التصريحات الخاطئة باسم الإسلام، نحن نرفض أي محاولة لإسناد مواقف للإسلام فيما يتعلق بالأخلاقيات الجنسية والجندرية تتعارض مع التعاليم الإسلامية الراسخة، لكي نكون واضحين، لا يمكننا المبالغة في العواقب الروحية الضارة لأولئك الذين يرفضون عمدًا أو يدعون إلى رفض أو تحريف إرادة الله؛ لأنهم بذلك يعرضون مكانتهم كمؤمنين للخطر ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ (الأنعام: 21).

نقول لأولئك الذين يعانون من الرغبات التي تقع خارج الحدود التي وضعها الله: اعلموا أنه حتى أكثر الصالحين يمكن أن يرتكبوا الذنوب، وأن كل مسلم -بغض النظر عن مدى خطيئته- لديه الحق أن يُغفَرَ له، إن ممارسة ضبط النفس طاعة لله تعتبر أمرًا بطوليًا، تزداد مكافأته الروحية بشكل متناسب مع مستوى النضال الذي يتطلبه منه الأمر.

هدفنا النهائي هو إعطاء الأولوية لطاعة الله على رغباتنا وعدم التضحية بإيماننا، نسأل الله أن يمنحنا القوة اللازمة والالتزام الراسخ لنرتقي إلى مُثُلنا، نرجو أن نجد السلام الداخلي والرضا من خلال الخضوع المشوب بالحب؛ لنستحق أن يَعُدَّنا الله تعالى من المؤمنين وهو من أشرف الألقاب». انتهى.

أهمية البيان

يعد هذا البيان خطوة تاريخية قام بها دعاة وخطباء أمريكا؛ نصرة لدين الله عز وجل، احتاجت منهم الجرأة والشجاعة في قول كلمة الحق؛ نتيجة لاحتمال تعرضهم للأذى، وذلك بعد أن توغل الشواذ في المجتمعات كلها، وازدادت جرأتهم في الجهر بمطالبهم، ونشروها إلى أبعد حدود، مدعومين من قبل المجتمع الدولي بأسره.

ويستحق الدعاة والعلماء الذين أصدروا هذا البيان كل الدعم والتأييد من كل مسلم غيور على دينه في جميع أنحاء العالم، ويجب أن يتبع هذا البيان صدور بيانات مماثلة من كل الدعاة والخطباء والعلماء في سائر الدول الغربية، والدول التي تغلغلت منظومة «الجندر» في قوانينها وثقافتها، التزامًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بالْمَعْرُوفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَر، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّه أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجابُ لَكُمْ» (رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ).

بالنسبة العالم الإسلامي

يلاحظ في البيان تكرار عبارة «التعايش السلمي» والمقصود بها تقبل الشواذ في المجتمع، وهنا وجب التنويه إلى أن طبيعة المجتمع الغربي تختلف عن المجتمع المسلم، ففي المجتمعات الغربية المسلمون أقلية، ومنظومة القوانين هناك أصبحت تعطي للشواذ كافة الحقوق، ومن يتعامل معهم بشكل مختلف يقع مباشرة تحت طائلة القانون، وبالتالي يضطر الدعاة إلى استخدام عبارة «التعايش السلمي» لطمأنة الحكومات بأن الهدف من البيان هو التأكيد على حق المسلمين في التمسك بدينهم وقيمهم الأخلاقية وتوضيح الرؤية الإسلامية بشأن قضية العلاقات الجنسية، وقضية الجندر والشذوذ الجنسي، وتأصيل ذلك الحق من الدستور، وأنه لا يحق لتلك الحكومات -دستورياً- أن تجبر المسلمين على تقبل ما يتعارض مع دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم بشكل صريح.

أما بالنسبة للدول الإسلامية، فلا يمكن أن يحتوي بيان صادر عن العلماء والدعاة على عبارة «التعايش السلمي»؛ لأن الشذوذ فيها محرم تماماً ومجرم قانوناً، ويعد استخدام مثل تلك العبارة في بيان يصدر عن العلماء والدعاة في العالم الإسلامي تردياً وانتكاسة خطيرة، وكارثة دينية وأخلاقية، واستسلاماً غير مقبول لضغوط لوبي الشواذ.

ومن ثم، فإن الخطاب الذي يتعين استخدامه في المجتمعات المسلمة يجب أن يركز على تطبيق الشريعة الإسلامية التي تجرم الشذوذ ولا تسمح بمظاهره، ويؤكد أن الزنى والشذوذ مجرمَين شرعاً وقانوناً، ولا يجوز التهاون معهما بأي حال ويرفض تماماً منظومة الجندر وتطبيقاتها سواء في القانون أو في الإعلام أو في مناهج التعليم وغيرها من المسارات التي تشكل ثقافة المجتمع والأجيال الناشئة.

* نسخة البيان الأصلية باللغة الإنجليزية في هذا الرابط، وبها أسماء الدعاة والعلماء الموقعين عليه: 

_________________________________

(1) Navigating Differences: Clarifying Sexual and Gender Ethics in Islam, May 23, 2023, https://navigatingdifferences.com/clarifying-sexual-and-gender-ethics-in-islam/ ,

(2) رئيسة لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، متخصصة في قضايا الأسرة في المواثيق الدولية.





التالي
الهند.. اعتداء على حافلة تقل حجاجا مسلمين والغضب يعم المنصات 

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع