البحث

التفاصيل

رسالة في أحكام الأضحية

الرابط المختصر :

رسالة في أحكام الأضحية

كتبها؛ الشيخ د. عبد الحي يوسف

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

الكلام على فضل عشر ذي الحجة

فإن لله تعالى خواص في الأزمنة والأمكنة والأحداث والأشخاص؛ فله سبحانه أن يميِّز ما شاء من مكان أو زمان أو حدث أو شخص؛ فمثلما جعل لمكة ـ زادها الله شرفاً ـ فضلاً على سائر البلدان، ولبدر مزية على سائر الغزوات، وفضَّل محمداً صلى الله عليه وسلم  على سائر البشر؛ وقدَّر أن يكون يوم الجمعة سيِّد أيام الأسبوع، وأعلى شأن يوم عرفة على سائر أيام السنة؛ فكذلك ميَّز عشر ذي الحجة على غيرها من الأيام؛ فأقسم بها في كتابه الكريم؛ حيث قال {والفجر + وليال عشر}[1] قال عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ومسروق بن الأجدع وعكرمة ومجاهد بن جبر وقتادة السدوسي وابن زيد: هي عشر ذي الحجة. ورجَّح ذلك شيخ المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى فقال: والصواب من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحى لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه، وأن عبد الله بن أبي زياد القَطْوانيّ، حدثني قال: ثني زيد بن حباب، قال: أخبرني عياش بن عقبة، قال: ثني جُبير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} قال: عَشْرُ الأضْحَى[2].ا.هـــ

 وثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من أيام العشر. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)[3] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة، وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة، وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام أو علَّق عملاً من الأعمال بأفضل الأيام؛ فلو أفرد يوماً منها تعيَّن يومُ عرفة لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر المذكور؛ فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعيَّن يوم الجمعة؛ جمعاً بين حديث الباب وبين حديث أبي هريرة مرفوعاً (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) رواه مسلم. إلى أن قال رحمه الله: واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة[4] لاندراج الصوم في العمل؛ واستشكل بتحريم الصوم يوم العيد؛ وأجيب بأنه محمول على الغالب؛ ولا يَرِدُ على ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن عائشة قالت (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قط) لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته[5]؛ كما رواه الصحيحان من حديث عائشة أيضاً، والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره[6] وقال النووي رحمه الله تعالى: يتأول قولها ـ يعني عائشة رضي الله عنها ـ (لم يصم العشر)[7] أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم عن ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: الاثنين من الشهر والخميس. ورواه أبو داود وهذا لفظه وأحمد والنسائي وفي روايتهما (وخميسين) والله أعلم.[8]

مسألة

سئل الإمام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟ فأجاب أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة[9]. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافياً كافياً؛ فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة وفيها يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية، وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر؛ فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.ا.هــ[10]

 

الأضحية أفضل العبادات في عشر ذي الحجة لغير الحاج

يأتي في قمة الصالحات التي يؤديها المسلمون في عشر ذي الحجة ويرجون بها الثواب من الله تعالى، التقرب إليه سبحانه بإراقة الدماء وذبح الأضاحي؛ طلباً للأجر وإحياءً للسنة؛ وقد ثبت من حديث أمِّنا عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من هراقة دم، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساً}[11]

ولما كانت الأضحية عبادة كسائر العبادات مشتملة على شروط ومبطلات، ولها آداب وأحكام أحببت أن أنبه إليها إخواني المسلمين؛ حتى يرعوا هذه الأحكام حق رعايتها ويأتوا بها وافية كاملة؛ لتقع عبادتهم بموقع القبول من الله عز وجل مذكِّراً نفسي وإياهم بقول ربنا سبحانه وتعالى {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}[12]

شروط العبادة المقبولة عند الله تعالى

ليس من نافلة القول أن أذكِّر في هذا المقام بأن العبادة المتقبَّلة عند الله تعالى لا بد فيها من شروط ثلاثة:

أولها: أن تكون مبنية على أساس من الإيمان الصحيح؛ فغير المؤمن عمله حابط وسعيه خاسر؛ قال الله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ + أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}[13] وقال سبحانه {مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ}[14]وقال سبحانه {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا}[15] فمن كان تاركاً لجنس العمل لا يصلي الخمس، ولا يصوم الشهر، ولا يؤدي زكاة ماله، ولا يحج البيت، ولا يبالي بحلال ولا حرام؛ فإن ذبيحته يوم العيد لا تزيده من الله إلا بعدا

ثانيها: أن يكون باعثها الإخلاص لله تعالى؛ فإنه سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك[16]، ولا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه[17]، ودينه كله مبناه على الإخلاص؛ كما قال سبحانه {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}[18] وقال سبحانه {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ + وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ + قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ + قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي + فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ}[19] فإياك ـ أُخَيَّ ـ أن تذبح أضحيتك جرياً على العادة، أو شهوةً للحم، أو إرضاءً للأهل، أو نزولاً على رغبة الصغار، أو لغير ذلك مما يكون باعثاً لكثير من الناس؛ حتى إنك ترى الواحد من هؤلاء بعد أن يذبح بهيمته يكون ساخطاً ضيق الصدر لأنه ما أراد بها وجه الله؛ بل ربما يقول قائلهم: خسرت في الأضحية كذا وكذا!! ولو كان مخلصاً لربه راجياً لثوابه لما عَدَّ ذلك خسارة، ولتذكَّر قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة حين ذبح شاة ووكَّلها في قسمتها على المساكين فسألها: ما فعلت الشاة؟ قالت: ذهبت كلها يا رسول الله إلا الذراع!! قال: بل بقيت كلها إلا الذراع.[20]

اذبح أضحيتك وأنت تستحضر قول ربك عز وجل )لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ([21] اذبحها استجابة لأمر ربك سبحانه )فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ([22] وإحياءً لسنة الخليل إبراهيم عليه السلام )وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ + وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ + سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ + كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ + إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ([23] واتباعاً لهدي محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين فإذا صلى وخطب الناس أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعاً من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه ويقول: هذا عن محمد وآل محمد، فيطعمهما جميعاً المساكين ويأكل هو وأهله منهما.[24]

ثالثها: أن تكون متَّبعاً للشرع الحنيف فيما سنه محمد صلى الله عليه وسلم متقيداً في ذلك بالكمية والكيفية والزمان الذي عيَّنه صلوات الله وسلامه عليه، وأنت على يقين من قول ربك سبحانه )قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ + قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ([25]

إذا تبين ذلك فإني سائقٌ جملة من أحكام الأضحية في مسائل أرجو أن تكون يسيرة إن شاء الله

المسألة الأولى: في فضل الأضحية

في فضل الأضحية وردت أحاديث عن نبينا r منها:

1ـ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي e قال {ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من هراقة دم[26]، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله U بمكان قبل أن يقع على الأرض[27] فطيبوا بها نفساً} رواه ابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب[28].

2ـ عن زيد بن أرقم t قال: قلت: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم، قالوا: ما لنا فيها؟ قال: بكل شعرة حسنة، قالوا: فالصوف؟ قال: بكل شعرة من الصوف حسنة. رواه أحمد وابن ماجه[29].

3ـ عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله e: من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا. رواه أحمد وابن ماجه.

4ـ وعن ابن عباس قال: قال رسول الله e: ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد. رواه الدارقطني.

وهذه الأحاديث يستفاد منها: مشروعية الأضحية ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم وقد دلَّ على مشروعيتها الكتاب والسنة كذلك، وأنها أحب الأعمال إلى الله يوم النحر، وأنها تأتي يوم القيامة على الصفة التي ذبحت عليها، وأن دمها يقع بمكان من القبول قبل أن تقع على الأرض، وأنها سنة إبراهيم لقوله تعالى }وفديناه بذبح عظيم{، وأن للمضحي بكل شعرة من شعرات أضحيته حسنة، وأنه يكره لمن كانت له سعة أن يدعها، وأن الدراهم لم تنفق في عمل صالح أفضل من الأضحية[30]

المسألة الثانية: الحكمة منها

المسلم حين يضحِّي يتذكر أبا الأنبياء إبراهيم u حين أمره الله بذبح ولده فاستجاب لأمر ربه، وقال لابنه )يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى([31] فما كان من الولد إلا أن أطاع الله بطاعة أبيه )قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ([32] ثم يأتي الفرج من الله تعالى في وقت يسير )فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ + وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ + قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ + إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ + وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ([33] حين يضحي المسلم متذكراً تلك القصة يتعلم من خلالها وجوب الاستجابة لأمر الله تعالى على كل حال، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ([34] وأن التقوى يعقبها الفرج من الله وتيسير الأمر )وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا + وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ([35]

كما أن في الأضحية إدخالاً للسرور على المسلمين، وإطعاماً للجائعين، وتوسعة على العيال والأهلين، وإكراماً للأصدقاء والأرحام والجيران، إلى غير ذلك من المنافع العظيمة والحكم الجليلة. يقول الدكتور وهبة الزحيلي وفقه الله: والحكمة من تشريعها: هو شكر الله على نعمه المتعددة، وعلى بقاء الإنسان من عام لعام، ولتكفير السيئات عنه: إما بارتكاب المخالفة، أو نقص المأمورات، وللتوسعة على أسرة المضحي وغيرهم، فلا يجزئ فيها دفع القيمة، بخلاف صدقة الفطر التي يقصد منها سد حاجة الفقير. ونص الإمام أحمد على أن الأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها.[36]

المسألة الثالثة: حكم الأضحية

ذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومالك والشافعي والصاحبان ـ أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني ـ إلى أنها سنة، قال النووي في شرح المهذب: وهذا مذهبنا وبه قال أكثر العلماء منهم أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وبلال، وأبو مسعود البدري، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وعلقمة، والأسود، ومالك، وأحمد، وأبو يوسف، وإسحاق، وأبو ثور، والمزني، وداود، وابن المنذر.ا.هــ[37] واستدلوا على ذلك بأحاديث منها:

أولاً: ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن جابر t قال: صليت مع رسول الله e عيد الأضحى فلما انصرف أتي بكبش فذبحه فقال: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي.

ثانياً: ما رواه أحمد عن علي بن الحسين رضي الله عنهما عن أبي رافع t أن رسول الله e كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين[38] أملحين[39] فإذا صلى وخطب الناس أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعاً من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه ويقول: هذا عن محمد وآل محمد، فيطعمهما جميعاً المساكين ويأكل هو وأهله منهما. فمكثنا سنين ليس لرجل من بني هاشم يضحي قد كفاه الله المئونة برسول الله e والغرم.

ووجه الدلالة من الحديثين أن تضحية النبي e عن أمته وعن أهله تجزيء كل من لم يضح سواء كان متمكِّناً من الأضحية أو غير متمكن.

ثالثاً: قوله r {إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره} رواه الجماعة. ووجه الدلالة من الحديث أن النبي r فوَّض الأضحية إلى إرادة الشخص؛ فهو مشعر بعدم الوجوب؛[40] فهو كقوله r {صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال عند الثالثة: لمن شاء}[41]

رابعاً: ما أخرجه أحمد عن ابن عباس مرفوعا {أمرت بركعتي الضحى ولم تؤمروا بها، وأمرت بالأضحى ولم تكتب عليكم} وأخرجه أيضاً البزار وابن عدي والحاكم عنه بلفظ {ثلاث هن عليَّ فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى} وأخرجه أيضا أبو يعلى عنه بلفظ {كتب علي النحر ولم يكتب عليكم وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها} قال الشوكاني رحمه الله تعالى: ويجاب عنه بأن في إسناد أحمد وأبي يعلي جابر الجعفي وهو ضعيف جداً، وفي إسناد البزار وابن عدي والحاكم جناب الكلبي، وقد صرح الحافظ بأنه ضعيف من جميع طرقه، وقد أخرجه الدارقطني بلفظ {ثلاث هن على فريضة وهن لكم تطوع الوتر وركعتا الفجر وركعتا الضحى} وأخرجه البزار بلفظ {أمرت بركعتي الفجر والوتر وليس عليكم} ورواه الدارقطني أيضا وابن شاهين في ناسخه عن أنس مرفوعا {أمرت بالوتر والأضحى ولم يعزم عليَّ} وفي إسناده عبد الله بن محرر وهو متروك[42] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وصححه الحاكم فذهل[43]

خامساً: ما أخرجه البيهقي عن الشعبي، عن أبي سريحة[44] قال: أدركت أبا بكر وعمر، وكانا لي جارين وكانا لا يضحيان[45] في السنن الكبرى عن الشافعي رحمه الله قال: وبلغنا أن أبا بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان كراهية أن يُقتَدَى بهما فيظن من رآهما أنها واجبة[46]

سادساً: ما رواه البخاري تعليقاً عن ابن عمر رضي الله عنه قال {هي سنة ومعروف} قال ابن حجر رحمه الله تعالى: وصله حماد بن سلمة في مصنفه بسند جيد إلى ابن عمر، وللترمذي محسَّناً من طريق جبلة بن سحيم أن رجلاً سأل ابن عمر عن الأضحية أهي واجبة؟ فقال {ضحى رسول الله r والمسلمون بعده} قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم أن الأضحية ليست بواجبة[47]

سابعاً: اتفاق الصحابة y على ما نقل ابن حزم رحمه الله تعالى على القول بعدم الوجوب. قال في المحلى: لا يصح عن أحد من الصحابة أن الأضحية واجبة، وصح أن الأضحية ليست واجبة عن سعيد بن المسيب والشعبي.ا.هـــ[48]

وذهب أبو حنيفة وبعض المالكية إلى وجوبها على الموسر، قال النووي رحمه الله في المجموع: وقال ربيعة والليث بن سعد وأبو حنيفة والأوزاعي: واجبة على الموسر إلا الحاج بمنى، وقال محمد بن الحسن هي واجبة على المقيم بالأمصار، والمشهور عن أبي حنيفة أنه إنما يوجبها على مقيم يملك نصاباً.ا.هــ [49]واستدلوا بالآتي:

أولاً: قوله تعالى )فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ([50] والأمر للوجوب. وأجيب بأن المراد تخصيص الرب بالنحر له لا للأصنام؛ فالأمر متوجه إلى ذلك لأنه القيد الذي يتوجه إليه الكلام، ولا شك في وجوب تخصيص الله بالصلاة والنحر على أنه قد روي أن المراد بالنحر وضع اليدين حال الصلاة على الصدر[51]

ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها والله تعالى يقول }لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ{[52]

ثالثاً: قوله صلى الله عليه وسلم {من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا}[53] لأنه ترك واجباً فكأنه لا فائدة من التقرب مع ترك الواجب. قال الحافظ في الفتح: أخرجه ابن ماجة وأحمد ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه والموقوف أشبه بالصواب. قاله الطحاوي وغيره، ومع ذلك فليس صريحا في الإيجاب[54]

رابعاً: حديث مِخْنَف بن سُلَيْم t أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعرفات {على أهل كل بيت أضحية}[55] قال ابن حجر رحمه الله تعالى: أخرجه أحمد والأربعة بسند قوي، ولا حجة فيه لأن الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق، وقد ذُكر معها العتيرة[56] وليست بواجبة عند من قال بوجوب الأضحية[57]

خامساً: قوله صلى الله عليه وسلم {من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى}[58]. وصيغة الأمر للوجوب. قال الحافظ في الفتح: وأجيب بأن المقصود بيان شرط الأضحية المشروعة فهو كما لو قال لمن صلى راتبة الضحى مثلاً قبل طلوع الشمس: إذا طلعت الشمس فأعد صلاتك[59]

قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: إن هذه الأدلة كلها لا تسلم من معارض ولا تصح دليلاً للإيجاب ولا لعدمه! ثم قال: وفي مثل يتأكد على الإنسان الخروج من الخلاف فلا يترك الأضحية مع قدرته عليها لحديث {دع ما يريبك إلى ما لا يريبك} فلا ينبغي تركها لقادر عليها; لأن أداءها هو الذي يتيقن به براءة ذمته، والعلم عند الله تعالى[60].ا.هـــ

 

المسألة الرابعة: شروط وجوب الأضحية أو سنيتها

يشترط في وجوب الأضحية أو سنيتها جملة من الشروط بعضها يتعلق بالمضحي نفسه وبعضها بالأضحية، بعضها شرط صحة وبعضها شرط وجوب، وهذه الشروط تتمثل في:

أولا: الإسلام، وهذا شرط متفق عليه؛ لأن الأضحية قربة، والكافر ليس محلاً للقربة؛ قال الله تعالى )وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا([61] وهذا الشرط شرط صحة كما لا يخفى

ثانياً: التكليف، ويقصد به البلوغ والعقل، وهذا شرط وجوب مختلف فيه؛ حيث ذهب محمد ابن الحسن وزفر ـ من الحنفية ـ إلى اشتراطهما في إيجاب الأضحية على المسلم، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: بعدم اشتراطهما على الصبي والمجنون لكونهما غير مكلفين. وثمرة هذا الخلاف عند الحنفية أنه إذا ضحى وليهما أو وصيهما عنهما من مالهما فإنه لا يضمن عند أبي حنفية وأبي يوسف، ويضمن عند محمد وزفر. والراجح من القولين في المذهب ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف[62].

وقال المالكية: لا يشترط التكليف للتضحية، وإنما يسن لولي الصغير أو المجنون أو وصيهما أن يضحي عنهما من مالهما حتى ولو كانا يتيمين[63]. قال مالك: الصدقة بثمن الضحية بمنى أحب إليَّ، ويُضحَّى عن اليتيم طفلاً كان أو بالغاً؛ كما تُخرَج عنه زكاة الفطر.[64] وقال الشافعية: لا يجوز لولي الصغير أو المجنون أو الوصي عليهما أن يضحي عنهما من مالهما، لأنه مأمور بالاحتياط لهما، ممنوع من التبرع به والأضحية تبرع. وإذا كان الولي أباً أو جداً، فإنه يجوز له أن يضحي عنهما من ماله الخاص على سبيل التبرع لهما، وهو بهذا التبرع كأنه ملَّكها لهما وذبحها عنهما، فيقع له أجر التبرع ولهما ثواب التضحية[65].

أما الحنابلة فقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في التضحية عن اليتيم من ماله، فروي عنه أنه لا يجوز أن يضحي عنه من ماله، لأنه إخراج شيء من ماله بدون عوض، وهذا غير جائز أشبه الصدقة والهدية، وروي عنه أنه يجوز أن يضحي عنه من ماله إذا كان موسراً على سبيل التوسعة عليه تطييباً لقلبه، وإشراكه لأمثاله في يوم العيد[66]

ثالثاً: الإقامة، وهذا الشرط محل خلاف بين أهل العلم؛ حيث قال الحنفية: لا تجب الأضحية إلا على المقيم؛ أما المسافر فلا[67]؛ وهي واجبة على كل مسلم حر مقيم موسر وإنما لم تجب على المسافر لأنها اختصت بأسباب شق على المسافر تحصيلها[68]، وتفوت بمضي الوقت فلم تجب كالجمعة، بخلاف الفطر[69] والزكاة حيث لا تفوت بالوقت، ويجوز فيهما التأخير ودفع القيم وغير ذلك[70] ولأنه قد سقط عنه ما هو آكد من ذلك كالجمعة وبعض الفرض حتى لا يتشاغل عن سفره[71] قال أبو حنيفة: ليس على المسافر أن يذبح عن نفسه، وعليه أن يذبح عن أولاده إذا كانوا مقيمين؛ فإن كانوا مسافرين معه لم يضح عنهم؛ كذا في الكرخي، وإن كان مقيماً وأولاده مسافرين ضحَّى عن نفسه[72]

والجمهور ـ سوى الحنفية ـ لا يشترطون هذا الشرط، وإنما قالوا: تسن للمسافر كما تسن للمقيم؛ استدلالاً بحديث ثوبان t قال: ذبح رسول الله e أضحيته ثم قال {يا ثوبان أصلح لي لحم هذه؟} فلم أزل أطعمه منه حتى قدم المدينة[73]. إلا أن المالكية استثنوا من ذلك الحاج، حيث قالوا: إن السنة في حقه الهدي، والهدي هو ما يهديه الحاج إلى فقراء الحرم تقرباً إلى الله تعالى به. قال في الثمر الداني في شرح قول ابن أبي زيد رحمه الله تعالى: (والأضحية سنة واجبة على من استطاعها) قال: إذا كان حراً مسلماً كبيراً كان أو صغيراً ذكراً كان أو أنثى مقيماً كان أو مسافراً؛ حالة كونه غير حاج لأن سنته الهدي[74]

رابعاً: القدرة، وهذا شرط متفق عليه بين العلماء؛ لقوله تعالى )لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا( لكنهم مختلفون في ضابط القدرة؛ فالمقصود بالقدرة عند الحنفية، اليسار، وهو أن يكون مالكاً مائتي درهم الذي هو نصاب الزكاة، أو متاعاً يساوي هذا المقدار زائداً عن مسكنه ولباسه، أو حاجته وكفايته هو ومن تجب عليه نفقتهم. والقادر عليها عند المالكية هو الذي لا يحتاج إلى ثمنها لأمر ضروري في عامه. ولو استطاع أن يستدين استدان. وعند الشافعية: هو من يملك ثمنها زائداً عن حاجته وحاجة من يعوله يوم العيد وأيام التشريق، لأن ذلك وقتها، مثل زكاة الفطر، فإنهم اشترطوا فيها أن تكون فاضلة عن حاجته مَئونة يوم العيد وليلته فقط. وعند الحنابلة: هو الذي يمكنه الحصول على ثمنها ولو بالدين، إذا كان يقدر على وفاء دينه.[75]

 

المسألة الخامسة: شروط صحة الأضحية

يشترط لصحة هذه العبادة شروط بعضها يتعلق بالذبيحة نفسها، وبعضها يتعلق بالوقت الذي تذبح فيه، وهذه خلاصتها:

أولاً: لا بد أن يكون الحيوان المضحَّى به من بهيمة الأنعام، وهي الأزواج الثمانية التي ذكرها ربنا في سورة الأنعام )ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ + وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ([76] ومن هنا ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا تجزئ الأضحية إلا من بهيمة الأنعام وهي والبقر والضأن والمعز بأنواعها؛ لقوله تعالى }وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ{[77] فلا تشرع التضحية بالظباء ولا بقر الوحش وحمار الوحش مثلاً، قال النووي في شرح المهذب: ولا تجزيء بالمتولد من الظباء والغنم؛ لأنه ليس من الأنعام[78] قال ابن قدامة رحمه الله: ولا يجزئ في الأضحية غير بهيمة الأنعام ، وإن كان أحد أبويه وحشيا ، لم يجزئ أيضا. وحُكِي عن الحسن ابن صالح أن بقرة الوحش تجزئ عن سبعة، والظبي عن واحد[79]

وفي المسألة خلاف بين أهل العلم؛ لكن جمهور أهل العلم على عدم جواز الأضحية في غير بهيمة الأنعام يستوي في ذلك الذكر والأنثى والخصي والفحل للآية الكريمة في سورة الحج، ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه التضحية بغيرها؛ ولأنها عبادة تتعلق بالحيوان فتختص بالنعم كالزكاة.

والظاهرية يقولون: تجوز في غير بهيمة الأنعام ويستدلون بحديث {من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة}[80] وقد نقل ابن رشد الحفيد إجماع أهل العلم على عدم جواز الأضحية في غير بهيمة الأنعام. قال: غير ما حكي عن الحسن بن صالح أنه قال: تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة والظبي عن واحد.[81]

فائدة: قال الشيخ العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: معلوم أن الذكورة والأنوثة في الضحايا والهدايا، وصفان طرديان، لا أثر لواحد منهما في الحكم، فهما سواء.ا.هـــ[82] فتجزيء النعجة والكبش والمعزة والتيس والبقرة والثور والناقة والجمل سواء بسواء من حيث الإجزاء.

ثانياً: أن يكون الحيوان المضحَّى به سالماً من العيوب الفاحشة؛ كالعيوب الأربعة المتفق على كونها مانعة من الضحية، وهي: العور البين، والمرض البين، والعرج، والعَجَف (الهُزال)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسير التي لا تنقي}[83] قال النووي رحمه الله تعالى: أجمعوا على أن العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء وهي المرض والعور والعرج والعجف لا تجزيء التضحية بها، وكذا ما كان في معناها أو أقبح منها كالعمى وقطع الرجل وشبهه.[84]

وقد اختلف أهل العلم في غير هذه الأربعة من العيوب الواردة في الأحاديث، فقد روى علي بن أبي طالب t قال: نهى رسول الله e أن يُضحَّى بأعضب القرن والأذن[85]. قال سعيد بن المسيَّب: العضب: النصف فأكثر من ذلك.[86] وقال عتبة بن عبد السلمي: إنما نهى رسول الله e عن المصْفَرة[87] والمستأصَلَة[88] والبَخْقاء[89] والمشيَّعة[90] والكسراء.[91]. وروى أبو سعيد الخدري t قال: اشتريت كبشاً أضحي به فعدا الذئب فأخذ الإلية. قال: فسألت رسول الله e فقال: ضَحِّ به[92]. وعن علي t قال: أمرنا رسول الله e أن نستشرف العين والأذن وأن لا نضحي بمقابَلة[93] ولا مدابَرة[94] ولا شرقاء[95] ولا خرقاء.[96]

قال الشوكاني رحمه الله تعالى: هذه الأحاديث تدل على أنه لا يجزئ في الأضحية ما كان فيه أحد العيوب المذكورة، ومن ادعى أنه يجزئ مطلقاً أو يجزئ مع الكراهة احتاج إلى إقامة دليل يصرف النهي عن معناه الحقيقي وهو التحريم المستلزم لعدم الإجزاء ولا سيما بعد التصريح في حديث البراء بعدم الجواز.[97]

وخلاصة القول في هذه المسألة أن يعمد المضحي إلى خير البهائم وأفضلها وأحسنها فيتقرب بها إلى الله تعالى، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: يستحب التضحية بالأسمن الأكمل، قال البغوي وغيره: حتى إن التضحية بشاة سمينة أفضل من شاتين دونها. قالوا: وقد قال الشافعي ـ رحمه الله ـ: استكثار القيمة في الأضحية أفضل من استكثار العدد وفي العتق عكسه، فإذا كان معه ألف وأراد العتق بها فعبدان خسيسان أفضل من عبد نفيس؛ لأن المقصود هنا اللحم، والسمين أكثر وأطيب، والمقصود في العتق التخليص من الرق، وتخليص عدد أولى من واحد. قال أصحابنا: كثرة اللحم أفضل من كثرة الشحم إلا أن يكون لحماً رديئاً، وأجمع العلماء على استحباب السمين في الأضحية واختلفوا في استحباب تسمينها؛ فمذهبنا ومذهب الجمهور استحبابه، وقال بعض المالكية: يكره لئلا يتشبه باليهود وهذا قول باطل؛ وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي أمامة الصحابي t قال {كنا نسمِّن الأضحية وكان المسلمون يسمِّنون}[98]

ثالثاً: أن يكون الحيوان المضحَّى به في سن مجزئة، وقد بيَّن رسول الله r ما يجزئ من تلك الأسنان؛ فعن جابر t قال: قال رسول الله e {لا تذبحوا إلا مُسِنَّة؛ إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن}[99] وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ضحَّى خال لي يقال له أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله e {شاتك شاة لحم} فقال: يا رسول الله، إن عندي داجناً جذعة من المعز. قال {اذبحها ولا تصلح لغيرك} ثم قال {من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين}[100] فيستفاد من الحديثين، أن جذعة المعز لا تجزيء في الأضحية[101]. قال النووي: وهذا متفق عليه، وأنه لا تجزيء إلا المسنة من الإبل والبقر والغنم، ويستفاد كذلك جواز التضحية بجذعة الضأن عند العجز عن المسنة[102] قال النووي رحمه الله تعالى: قال العلماء: المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم، فما فوقها وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال، وهذا مجمع عليه على ما نقله القاضي عياض، ونقل العبدري وغيره من أصحابنا أنه قال: يجوز الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن، وحكي هذا عن عطاء، وأما الجذع من الضأن فمذهبنا، ومذهب العلماء كافة: أنه يجزئ، سواء وجد غيره أو لا، وحكوا عن ابن عمر والزهري، أنهما قالا: تجزئ، وقد يحتج لهما بظاهر الحديث. قال الجمهور: هذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل، وتقديره: يستحب لكم ألا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن، وليس فيه تصريح بمنع جذعة الضأن، وأنها لا تجزئ بحال، وقد أجمعت الأمة أنه ليس على ظاهره; لأن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه، وابن عمر والزهري يمنعانه مع وجود غيره وعدمه، فتعين تأويل الحديث على ما ذكرنا من الاستحباب والله أعلم.ا.هـــ[103] وقد ساق مجد الدين بن تيمية رحمه الله تعالى في منتقى الأخبار جملة أحاديث دالة على جواز الأضحية بالجذعة من الضأن على كل حال؛ فعن أبي هريرة t أن النبي r قال {نعمت الأضحية الجذعة من الضأن} رواه أحمد والترمذي، وعن أم بلال بنت هلال رضي الله عنها أن النبي r قال {يجوز الجذع من الضأن ضحية} رواه أحمد وابن ماجه، وفي سنن أبي داود وابن ماجه {الجذع يوفي مما توفي منه الثنية} وفي سنن النسائي عن عقبة بن عامر t قال {ضحينا مع رسول الله e بالجذع من الضأن}[104]

رابعاً: أن تُذبَح في الوقت المشروع، وقد اتفق أهل العلم على أن أفضل وقت التضحية هو اليوم الأول قبل زوال الشمس؛ لأنه هو السنة لحديث البراء بن عازب أن النبي e قال: إن أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء[105]. كما أنهم اتفقوا على أن الذبح قبل الصلاة أو في ليلة العيد لا يجوز، وأن من ذبح أضحيته قبل أن يصلي إمام المسلمين صلاة العيد فإن ذبيحته لا تجزئه عن الأضحية، وإنما الشاة التي ذبحها شاة لحم يأكلها هو ومن شاء، وليست بشاة نسك، والدليل على ذلك حديث البراء بن عازب الذي سبق ذكره، وكذلك حديث أنس t عن النبي e {من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين} رواه البخاري، وحديث جندب بن سفيان البجلي أنه صلى مع رسول الله e يوم أضحى. قال: فانصرف فإذا هو باللحم وذبائح الأضحى تعرف، فعرف رسول الله e أنها ذبحت قبل أن يصلي، فقال: من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله. متفق عليه

لكن متى ينتهي الوقت المشروع لذبح الأضحية هل بمغيب شمس اليوم الثالث من أيام العيد أم يمتد لمغيب شمس الرابع؟ قال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد: إن وقت الذبح يوم النحر ويومان بعده، ودليلهم: قول عمر وعلي وابن عباس y {أيام النحر ثلاثة أفضلها أولها}[106] قال الزيلعي: غريب جدا، قول ابن عمر رضي الله عنهما {الأضحى يومان بعد يوم الأضحى} رواه مالك في الموطأ، وأن المشهور في تفسير (الأيام المعلومات) أنها يوم النحر ويومان بعده [107]

وأما الشافعي رحمه الله فذهب إلى أن وقت الذبح يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده، ودليله: حديث جبير بن مطعم t عن النبي r {كل أيام التشريق ذبح}[108] وقد رجح الشوكاني في (نيل الأوطار) [109] قول الشافعي للأحاديث المذكورة في الباب، وهي يقوي بعضها بعضا، قال رحمه الله: دل الحديث على أن أيام التشريق كلها أيام ذبح، وهي يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وقد تقدم الخلاف فيها في كتاب العيدين، وكذلك روى في الهدى عن علي u أنه قال {أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده} وكذا حكاه النووي عنه في شرح مسلم وحكاه أيضا عن جبير ابن مطعم وابن عباس وعطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام ومكحول والشافعي وداود الظاهري وحكاه صاحب الهدى عن عطاء والأوزاعي وابن المنذر ثم قال: وروى من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر عن النبي r أنه قال {كل مني منحر وكل أيام التشريق ذبح} وروي من حديث جبير بن مطعم وفيه انقطاع.ا.هـــ

مسألة: ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى كراهة التضحية في ليالي النحر لاحتمال الغلط وقلة الفقراء وقال مالك: من ذبح بالليل لم تجزئه أضحيته متمسكاً في ذلك بلفظ (أيام التشريق) حيث لم يذكر الحديث الليالي.

قال الإمام الشوكاني: مجرد ذكر الأيام في حديث الباب ـ وإن دلَّ على إخراج الليالي بمفهوم اللقب ـ لكن التعبير بالأيام عن مجموع الأيام والليالي والعكس مشهور متداول بين أهل اللغة لا يكاد يتبادر غيره عند الإطلاق. والحديث الذي رواه الطبراني في النهي عن الذبح ليلاً ذكر العلماء ضعفه [110].

 

المسألة السادسة: هل يشترط أن يذبح المضحي بعد ذبح الإمام؟

قال الإمام مالك: لا يجوز ذبحها قبل صلاة الإمام وخطبته وذبحه، وقال أحمد: لا يجوز قبل صلاة الإمام ويجوز بعدها قبل ذبح الإمام، وقال الشافعي وداود: إن وقت التضحية من طلوع الشمس فإذا طلعت ومضى قدر صلاة العيد وخطبته أجزأ الذبح بعد ذلك سواء صلى الإمام أم لا وسواء صلى المضحي أم لا وسواء كان من أهل القرى والبوادي أو من أهل الأمصار أو من المسافرين، وقال أبو حنيفة: يدخل وقتها في حق أهل القرى والبوادي إذا طلع الفجر ولا يدخل في حق أهل الأمصار حتى يصلي الإمام ويخطب فإذا ذبح قبل ذلك لم يجزه.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: ولا يخفى أن مذهب مالك هو الموافق لأحاديث الباب[111]

قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: إن كان الإمام الأعظم هو إمام الصلاة فلا إشكال، وإن كان إمام الصلاة غيره فالظاهر أن المعتبر هو إمام الصلاة؛ لأن ظاهر الأحاديث أنه يشترط لصحتها أن تكون بعد الصلاة وظاهرها العموم سواء كان إمام الصلاة الإمام الأعظم أو غيره.

والأظهر أن من أراد أن يضحي بمحل لا تقام فيه صلاة العيد أنه يتحرى بذبح أضحيته قدر ما يصلي فيه الإمام صلاة العيد عادة ثم يذبح, وقد جاء في صحيح مسلم وغيره ما يدل على عدم إجزاء ما نحر قبل نحره صلى الله عليه وسلم وهو حديث جابر قال (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة، فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر، فأمر النبي  صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيدوا بنحر آخر ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد ومسلم

قال العلامة الشنقيطي: وظاهره أنه لا بد لإجزاء الأضحية من أن تكون بعد الصلاة وبعد نحر الإمام.[112]

 

المسألة السابعة: ما هي أفضل أنواع الأضحية؟

أكثر أهل العلم ـ ومنهم الحنفية والشافعية والحنابلة ـ على أن أفضل أنواع الأضحية البدنة ثم البقرة ثم الشاة، والضأن أفضل من الماعز، واستدلوا على قولهم بالآتي:

أ ـ أن البدنة أعظم من البقرة، والبقرة أعظم من الشاة، والله تعالى يقول }ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب{[113]

ب ـ ما ورد في الصحيح من أن البقرة والبدنة تجزيء عن سبعة في الهدي أي تجزيء عن سبع شياه، وهذا دليل واضح على أنهما أفضل

ج ـ ما رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعاً {من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن.........}

وذهب مالك رحمه الله تعالى إلى أن أفضلها الغنم ثم البقر ثم الإبل، قال: والضأن أفضل من المعز وإناثها أفضل من فحول المعز، وفحول الضأن خير من إناث المعز. وقال بعض أصحاب مالك: الإبل أفضل من البقر. وقد استدل مالك رحمه الله تعالى بالآتي:

أ ـ أن النبي e كان يضحي بالغنم لا بالإبل ولا بالبقر

ب ـ إذا كان لحم الإبل أوفر فإن لحم الغنم أطيب وألذ

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى: ودليل الجمهور ظاهر، لكن دليل المالكية أخص في محل النزاع; لأنه r لم يضح إلا بالغنم، والخير كله في اتباعه في أقواله وأفعاله، وما جاء عنه من تفضيل البدنة، ثم البقرة، ثم الكبش الأقرن، لم يأت في خصوص الأضحية، ولكن فعله r في خصوص الأضحية والله تعالى يقول )لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة([114] والحاصل أن لكل من القولين وجها من النظر، والله تعالى أعلم بالصواب.

واعلم أن الجمهور أجابوا عن دليل مالك بأن تضحيته r بالغنم، لبيان الجواز، أنه لأنه لم يتيسر له في ذلك الوقت بدنة ولا بقرة، وإنما تيسرت له الغنم هكذا قالوا. وظاهر الأحاديث تكرر تضحيته r بالغنم، وقد يدل ذلك على قصده الغنم دون غيرها; لأنه لو لم يتيسر له إلا الغنم سنة، فقد يتيسر له غيرها في سنة أخرى. والله تعالى أعلم.[115]

المسألة الثامنة: هل يجزئ الاشتراك في الأضحية؟

قد جرت عادة بعض الناس أنهم يلجئون في العيد ـ بدافع العجز ـ إلى أن يشتركوا في شاة واحدة، وذلك بأن يجمعوا مالاً من بعضهم بعضاً ويبتاعوا شاة يذبحونها على أنها أضحية؛ قد يفعل ذلك إخوة أشقاء، وقد يفعله من يجمعهم مسكن واحد من زملاء أو أصدقاء؛ فهل يجزئ ذلك عنهم؟ وهل تعد أضحية مشروعة أم هي شاة لحم ليست من النسك في شيء؟ قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى: العلماء مجمعون على أنه لا يجوز اشتراك مالكين في شاة الأضحية، أما كون المالك واحداً فيضحي عن نفسه بالشاة وينوي اشتراك أهل بيته معه في الأجر، وأن ذلك يتأدَّى به الشعار الإسلامي عنهم جميعا، فلا ينبغي أن يختلف فيه; لدلالة النصوص الصحيحة عليه، كالحديث المذكور آنفا وغيره، كحديث أبي أيوب الأنصاري t {كان الرجل في عهد رسول الله r يضحي بالشاة عنه، وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس، فصار كما ترى} قال في «المنتقى»: رواه ابن ماجه والترمذي وصححه، وقال شارحه في «النيل»: وأخرجه مالك في «الموطأ» إلى غير ذلك من الأحاديث، والاشتراك المذكور في الأجر في الشاة الواحدة يصح ولو كانوا أكثر من سبعة، كما هو ظاهر النص، وكما صرح به المالكية وغيرهم واشترط المالكية لذلك شروطا ثلاثة. وهي سكناهم مع المضحي، وقرابتهم منه، وإنفاقه عليهم، وإن تبرعا. ولا أعلم لهذه الشروط مستنداً من الوحي إلا أن يكون يراد بها تحقيق المناط في مسمى الأهل، وأن أهل الرجل هم ما اجتمع فيهم الأوصاف الثلاثة، ولا تساعد على الشروط المذكورة في جميع النسك الأحاديث المتقدمة باشتراك كل سبعة من الصحابة في بدنة أو بقرة في عمرة الحديبية وفي الحج; لأن ذلك الاشتراك عند مالك في الأجر لا في الرقبة، وظاهر الأحاديث أنهم لم تجتمع فيهم الشروط المذكورة، والعلم عند الله تعالى[116].

وأما في الإبل والبقر فإن جمهور أهل العلم أجازوا اشتراك سبعة مضحين في بدنة أو بقرة بأن يشتروها مشتركة بينهم ثم يهدوا بها أو يضحوا بها، عن كل واحد سبعها للنصوص الصريحة بإجزاء ذلك في الهدي ولا فرق بين الهدي والأضحية.[117]

وأما مالك وأصحابه فقالوا: لا يجوز ذبح بدنة مشتركة ولا بقرة وإنما يملكها واحد فيشرك غيره معه في الأجر، أما اشتراكهم في ملكها فلا يجزئ عند مالك لا في الأضحية ولا في الهدي الواجب.[118]

المسألة التاسعة: هل يشرع للحاج أن يضحي

استثنى مالك وأصحابه به الحاج بمنى، قالوا: لا تسن له الأضحية; لأن ما يذبحه هدي لا أضحية، وخالفهم جماهير أهل العلم نظراً لعموم أدلة الأمر بالأضحية في الحاج وغيره، ولبعض النصوص المصرحة بمشروعية الأضحية للحاج بمنى. قال البخاري في صحيحه: باب الأضحية للمسافر والنساء: حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي r دخل عليها وحاضت بسرف قبل أن تدخل مكة، وهي تبكي... الحديث وفيه: فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قالوا ضحى رسول الله r عن أزواجه بالبقر.ا.هـ. وقال مسلم في صحيحه: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله r عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بالحج، وأهل رسول الله r بالحج...الحديث بطوله، وفيه فقالت: وضحى رسول الله r عن نسائه بالبقر.ا.هــ من صحيح مسلم. قالوا: فقد ثبت في الصحيحين، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي r ضحى عن نسائه ببقر يوم النحر بمنى، وهو دليل صحيح على مشروعية الأضحية للحاج بمنى.

قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: أظهر القولين دليلاً عندي في هذا الفرع قول مالك وأصحابه، وإن خالفهم الجمهور، وأن الأضحية لا تسن للحاج بمنى، وأن ما يذبحه هدي لا أضحية، وأن الاستدلال بحديث عائشة المتفق عليه المذكور آنفا لا تنهض به الحجة على مالك وأصحابه، ووجه كون مذهب مالك أرجح في نظرنا هنا مما ذهب إليه جمهور أهل العلم، هو أن القرآن العظيم دالٌّ عليه، ولم يثبت ما يخالف دلالة القرآن عليه سالماً من المعارض من كتاب أو سنة، ووجه دلالة القرآن على أن ما يذبحه الحاج بمنى هدي لا أضحية، هو ما قدمناه موضحا; لأن قوله تعالى )وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق + ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها( فيه معنى: وأذن في الناس بالحج يأتوك مشاة وركباناً لحكم منها: شهودهم منافع لهم، ومنها ذكرهم اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، عند ذبحها تقرباً إلى الله، والذي يكون من حكم التأذين فيهم بالحج، حتى يأتوا مشاة وركبانا، ويشهدوا المنافع ويتقربوا بالذبح، إنما هو الهدي خاصة دون الأضحية لإجماع العلماء على أن للمضحي أن يذبح أضحيته في أي مكان شاءه من أقطار الدنيا ولا يحتاج في التقرب بالأضحية إلى إتيانهم مشاة وركباناً من كل فج عميق. فالآية ظاهرة في الهدي، دون الأضحية، وما كان القرآن أظهر فيه وجب تقديمه على غيره، أما الاحتجاج بحديث عائشة المتفق عليه أنه ضحى ببقر عن نسائه يوم النحر صلوات الله وسلامه عليه، فلا تنهض به الحجة; لكثرة الأحاديث الصحيحة المصرحة بأنهن متمتعات، وأن ذلك البقر هدي واجب، وهو هدي التمتع المنصوص عليه في القرآن، وأن عائشة منهن قارنة والبقرة التي ذبحت عنها هدي قران، سواء قلنا: إنها استقلت بذبح بقرة عنها وحدها، كما قدمناه في بعض الروايات الصحيحة، أو كان بالاشتراك مع غيرها في بقرة، كما قال به بعضهم، وأكثر الروايات ليس فيها لفظ: ضحى، بل فيها: أهدى، وفيها: ذبح عن نسائه، وفيها: نحر عن نسائه، فلفظ ضحى من تصرف بعض الرواة؛ للجزم بأن ما ذبح عنهن من البقر يوم النحر بمنى هدي تمتع بالنسبة لغير عائشة، وهدي قران بالنسبة إليها، كما هو معلوم بالأحاديث الصحيحة، التي لا نزاع فيها، وبهذا الذي ذكرنا تعلم أن ظاهر القرآن مع مالك، والحديث ليس فيه حجة عليه[119]

المسألة العاشرة: ما يجتنبه في العشر من أراد التضحية

المسنون في حق من نوى الأضحية أن يمسك عن أخذ شيء من شعر جسده أو أظافره، وذلك من حين دخول شهر ذي الحجة إلى أن يضحي، سواء كانت أضحيته في يوم النحر أو في الأيام التي تليه؛ للحديث المروي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله e قال {إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره} رواه الجماعة إلا البخاري. وفي لفظ مسلم {من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره وأظفاره حتى يضحي}

وقد ذكر الموفق ابن قدامة رحمه الله تعالى اختلاف العلماء في هذا الأمر فقال شارحاً قول أبي القاسم الخرقي (ومن أراد أن يضحي، فدخل العشر، فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئا): ظاهر هذا تحريم قص الشعر، وهو قول بعض أصحابنا، وحكاه ابن المنذر عن أحمد وإسحاق وسعيد بن المسيب، وقال القاضي وجماعة من أصحابنا: هو مكروه، غير محرم، وبه قال مالك والشافعي؛ لقول عائشة: {كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلدها بيده، ثم يبعث بها، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له، حتى ينحر الهدي} متفق عليه.

وقال أبو حنيفة: لا يكره ذلك؛ لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس، فلا يكره له حلق الشعر، وتقليم الأظفار، كما لو لم يرد أن يضحي. ولنا ما روت أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا، حتى يضحي} رواه مسلم. ومقتضى النهي التحريم، وهذا يرد القياس ويبطله، وحديثهم عام، وهذا خاص يجب تقديمه، بتنزيل العام على ما عدا ما تناوله الحديث الخاص؛ ولأنه يجب حمل حديثهم على غير محل النزاع لوجوه؛ منها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ما نهى عنه وإن كان مكروها، قال الله تعالى إخبارا عن شعيب {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}[120] ولأن أقل أحوال النهي أن يكون مكروها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعله، فيتعين حمل ما فعله في حديث عائشة على غيره؛ ولأن عائشة تعلم ظاهراً ما يباشرها به من المباشرة، أو ما يفعله دائماً، كاللباس والطيب، فأما ما يفعله نادراً، كقص الشعر، وقلم الأظفار، مما لا يفعله في الأيام إلا مرة، فالظاهر أنها لم ترده بخبرها، وإن احتمل إرادتها إياه، فهو احتمال بعيد، وما كان هكذا، فاحتمال تخصيصه قريب، فيكفي فيه أدنى دليل، وخبرنا دليل قوي، فكان أولى بالتخصيص؛ ولأن عائشة تخبر عن فعله وأم سلمة عن قوله، والقول يقدم على الفعل؛ لاحتمال أن يكون فعله خاصاً له. إلى أن قال: إذا ثبت هذا، فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظفار، فإن فعل استغفر الله تعالى، ولا فدية فيه إجماعا، سواء فعله عمدا أو نسيانا [121].

والسؤال ما هي حكمة النهي عن قلم الأظفار وقص الشعر لمريد الأضحية؟ قال بعضهم: من أجل أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار، وقيل: للتشبُّه بالمحرم، حكى هذين النووي وجزم بخطأ الوجه الثاني؛ لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم[122].

المسألة الحادية عشرة: مندوبات الأضحية ومستحباتها

لما كانت الأضحية عبادة، فإنه يطلب من القائم بها أن يقتدي برسول الله r في الإتيان بها؛ حتى يحصل له أجر الإجزاء وأجر اتباع السنة؛ وحتى تقع عبادته على صفة الكمال، وخلاصة هذه المندوبات كما ذكرها أهل العلم تتمثل في:

1ـ ربط الأضحية قبل ذبحها بأيام لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها؛ وهذا أولى من الانتظار إلى يوم العيد ليشتريها ثم يذبحها مباشرة، بل في ربطها قبل ذبحها بأيام إظهار لهذه الشعيرة العظيمة، وربط لقلوب الصغار والكبار بها

2ـ أن يقلِّدها ويجلِّلها كالهدي ليشعر بتعظيمها، وذلك بأن يربط في عنقها قلادة أو شريطاً أو غير ذلك عملاً بما ثبت عن رسول الله r من تقليده لهديه، وقد قال الله تعالى )لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد([123]

3ـ أن يسوقها إلى الذبح سوقاً جميلاً لا عنيفا؛ لأنه ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وإن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف

4ـ أن يذبحها بنفسه إن قدر عليه وإلا وكَّل مسلماً؛ وقد كان نبينا r يذبح أضحيته بنفسه في المصلى أمام الناس؛ كما ثبت من حديث أبي رافع t أن رسول الله e كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين فإذا صلى وخطب الناس أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعاً من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه ويقول: هذا عن محمد وآل محمد، فيطعمهما جميعاً المساكين ويأكل هو وأهله منهما. فمكثنا سنين ليس لرجل من بني هاشم يضحي قد كفاه الله المئونة برسول الله e والغرم.[124]

5ـ في حال التوكيل يستحب أن يحضر الموكِّل الذبح؛ لما روي أنه r قال لفاطمة رضي الله عنها {قومي إلى أضحيتك فاشهديها؛ فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنوبك}[125]

6ـ أن يدعو الذابح بدعاء النبي e )وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا([126] اللهم هذا عن فلان وآل فلان

7ـ ألا يسلخ الذبيح قبل أن تبرد أعضاؤه

8ـ أن تكون آلة الذبح حادة من الحديد؛ لقوله r {إن الله كتب الإحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته}[127]

9ـ إذا دخل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي r قال {إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره} رواه الجماعة إلا البخاري. وفي لفظ مسلم {من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره وأظفاره حتى يضحي}

10ـ أن تُوجَّه إلى القبلة على جنبها الأيسر إذا كانت من البقر أو الغنم. وقد عدَّها بعضهم من مسائل الإجماع فقال: وأجمع المسلمون على مشروعية إضجاع المذبوح على شقه الأيسر[128]

المسألة الثانية عشرة: متفرِّقات في باب الأضاحي

أولاً: بعض الناس يعمد إلى استئجار الجزار بشيء من الأضحية، فيقول له مثلاً: اذبح لي، ولك الجلد والرأس، أو يقول له: لك الرأس وبعض اللحم وكذا من المال؛ والواجب أن يُعلم أنه لا يجوز بيع شيء من الأضحية، ومعلوم أن الإجارة بيع؛ إذ هي بيع منفعة، وقد دلَّت النصوص الشرعية على عدم جواز بيع شيء من الأضحية أو إعطائها كأجرة؛ فعن علي بن أبي طالب t قال: أمرني رسول الله e أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها[129] وأن لا أعطي الجازر منها شيئاً، وقال: نحن نعطيه من عندنا.[130] وعن أبي سعيد t أن قتادة بن النعمان t أخبره أن النبي e قام فقال {إني كنت أمرتكم أن لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام ليسعكم، وإني أحله لكم فكلوا ما شئتم ولا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحي وكلوا وتصدقوا واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها وإن أطعمتم من لحومها شيئا فكلوا أنى شئتم}[131]ويستفاد من الحديثين أن الجازر لا يعطى من الأضحية شيئاً لأجل الجزارة على وجه الأجرة، ولا مانع من أن يعطى الجزار منها على سبيل الصدقة أو الهدية؛ قال الشوكاني رحمه الله تعالى: فيه دليل على أنه لا يعطى الجازر شيئا البتة وليس ذلك المراد به المراد أنه لا يعطى لأجل الجزارة لا لغير ذلك.ا.هــ قال القرطبي رحمه الله تعالى: فيه دليل على أن جلود الهدي وجلالها لا تباع لعطفهما على اللحم وإعطائهما حكمه، قال الشوكاني: وظاهر النهي التحريم، وقد بيَّن الشارع وجوه الانتفاع من الأكل والصدقة والادخار، (واستمتعوا بجلودها) قال الثوري: يجعل سقاءً وشناً في البيت، وقوله r (وإن أطعمتم) فيه دليل على أنه يجوز لمن أطعمه غيره من لحم الأضحية أن يأكل كيف شاء ولو كان غنيا[132].

ثانياً: من كان عليه دين لم يحن أجله، بل هو دين مؤجل؛ فلا حرج عليه أن يضحي، وهو في ذلك مأجور. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ويضحي المدين إن لم يطالب بالوفاء، ويتدين ويضحي إذا كان له وفاء.[133]

ثالثاً: بعض المؤسسات أو الجهات ـ حكومية أو خاصة ـ قد تتيح لمنسوبيها أن يتملكوا الأضحية عن طريق القرض؛ بمعنى أن يضحوا ثم يُقسَّط ثمن الأضحية عليهم بأقساط معلومة؛ وهذه معاملة مشروعة، وهم مأجورون على ذلك ـ أعني المقرض والمقترض ـ إن كانت نيتهم إحياء السنة وإظهار هذه الشعيرة الإسلامية العظيمة، والتوسعة على الأهل والعيال والفقراء والمساكين. وفيما نقل عن ابن تيمية رحمه الله في الفقرة السابقة شاهد لما ذكرت

رابعاً: من أراد أن ينفع ميتاً بأن يضحي عنه فهو مأجور على بره به، والثواب يلحق الميت؛ فضلاً من الله ونعمة، قال الحنفية والحنابلة: تذبح الأضحية عن ميت، ويفعل بها كعن حي من التصدق والأكل والأجر للميت، لكن يحرم عند الحنفية الأكل من الأضحية التي ضحى بها عن الميت بأمره[134]. وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: وتجوز الأضحية عن الميت كما يجوز الحج عنه والصدقة عنه، ويضحي عنه في البيت، ولا يذبح عند القبر أضحية ولا غيرها، فإن في سنن أبي داود عن النبي e (أنه نهى عن العقر عند القبر) حتى كره أحمد الأكل مما يذبح عند القبر لأنه يشبه ما يذبح عند النصب.[135]

خامساً: الطريقة المرضية في لحم الأضحية أن يأكل منها المضحي، ويطعم منها الجيران والأرحام، ويتصدق على الفقراء والمساكين، فعن ثوبان t قال: ذبح رسول الله e أضحيته ثم قال: يا ثوبان أصلح لي لحم هذه؟ فلم أزل أطعمه منه حتى قدم المدينة. رواه أحمد ومسلم، وقد استدل به على جواز التزود من لحم الأضحية، وأن التزود منه لا يقدح في التوكل، وأن الأضحية تشرع للمسافر كما تشرع للمقيم

وعن جابر t أن النبي e نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم قال بعد: كلوا وتزودوا وادخروا. رواه مسلم والنسائي، وقوله r {كلوا} استدل به من قال بوجوب الأكل من الأضحية، وحمل الجمهور هذه الأوامر على الندب. وهذا الأكل غير مقدر بمقدار، بل للرجل أن يأكل من أضحيته ما شاء وإن كثر؛ استدلالاً بقوله r {فكلوا ما بدا لكم}

قوله e (وتصدقوا) استدل به الشافعية على وجوب التصدق من الأضحية، قالوا: والواجب ما يقع عليه اسم الإطعام والصدقة، ويستحب أن يكون بمعظمها، قالوا: وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث، وفي قول لهم: يأكل النصف ويتصدق بالنصف، وفي وجه: لا يجب التصدق بشيء.

فائدة: قال الشوكاني رحمه الله: وفي جواز أكلها جميعاً وجهان عن الإمام يحيى أصحهما لا يجوز إذ يبطل به القربة، وقيل: يجوز والقربة تعلقت بإهراق الدم. فإن فعل ـ أي أكلها كلها ـ لم يضمن شيئاً عند الجميع إذ لا دليل[136].

والذي أوصي به إخواني المسلمين أن يعمدوا إلى إطعام إخوانهم وأهل ملتهم، ممن عضَّهم الجوع بنابه، وقد يأتي على الواحد منهم عام وأكثر من عام، وهو لا يعرف للحم طعماً؛ فلنتصدق على هؤلاء المساكين؛ ولنطعمهم من اللحم الذي نحب؛ عملاً بقوله تعالى )لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون([137] وعلى كل مسلم أن يعلم أن الله تعالى قال )ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد([138] فليحذر امرؤ أن يعمد إلى خبيث أضحيته فيتصدق به، بل ليتصدقْ من الطيب الذي يشتهيه ليقع أجره على الله تعالى. هذا ولنعلم أنه يكره عند المالكية أن يطعم منها يهودياً أو نصرانياً

سادساً: لا حرج في أن يدخر المضحي شيئاً من أضحيته؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمان رسول الله e  فقال {ادخروا ثلاثاً ثم تصدقوا بما بقي} فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله، إن الناس يتخذون الأسقية ضحاياهم، ويحملون من فيها الودك، فقال {وما ذاك؟} قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فقال {إنما نهيتكم من أجل الدافة فكلوا وادخروا وتصدقوا} ولهذا قال جمهور الصحابة والتابعين y بنسخ تحريم الأكل من لحوم الأضاحي بعد الثلاث وادخارها، ويؤيد ذلك حديث سلمة بن الأكوع t قال: قال رسول الله e:{من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء} فلما كان في العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا في عام الماضي؟ قال {كلوا وأطعموا وادخروا؛ فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها}[139]

وبعد: فهذا ما تيسر لي جمعه من أحكام الأضحية، أسأل الله تعالى أن يجعلها حجة لنا لا علينا، وأن ينفع بها كاتبها وقارئها وناشرها، وأن يجزي خيراً من أنفق في طباعتها وأن يبارك له في أهله وماله وولده؛ إنه خير مسئول وأكرم مأمول، والحمد لله في البدء والختام، وصلى الله وسلم وبارك على أفضل الرسل وخير الأنام، محمد وعلى آله وصحبه البررة الأعلام،،،،

 

[1] سورة الفجر/1 ـ 3

[2] جامع البيان 24/397

[3] رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه

[4] المراد صيام الأيام التسعة الأُوَل من ذي الحجة؛ وأما يوم العاشر فصيامه حرام لكونه يوم عيد، وقد أطلق عليها العشر من باب التغليب، والله أعلم

[5] قال القرطبي رحمه الله تعالى: ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم لم يوافق عشرًا خاليًا عن مانع يمنعه من الصيام فيه، والله تعالى أعلم. انظر المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 10/27

[6] فتح الباري 2/460

[7] قال الشيخ العلامة عبد الكريم الخضير وفقه الله تعالى: عائشة رضي الله عنها نفت أنه عليه الصلاة والسلام كان يصوم عشر ذي الحجة, لكنه ثبت من طريق غيرها، وحتى لو ثبت أنه عليه الصلاة والسلام ترك صيام عشر ذي الحجة فإن هذا لا يعني أن صيامها غير مشروع, لأنه حثَّ على ذلك، فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال (ما من أيام العمل الصالح فيهن خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر) وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أن الصيام من أفضل الأعمال فهو داخل في عموم الحديث، وكونه ترك هذا العمل - مع أنه ثبت عنه أنه فعلها من طريق غيرها - وكونه فعل أحياناً وترك أحياناً لا يعني أن هذا العمل غير مشروع، فقد يفعل لبيان المشروعية، وقد يترك لبيان جواز الترك، وأيضاً من كان في صفته عليه الصلاة والسلام في تحمل أمور المسلمين العامة قد يترجح في حقه الترك، فالنبي عليه الصلاة والسلام على سبيل المثال قال (أفضل الصيام صيام داود يصوم يوماً ويفطر يوماً) ولم يثبت عنه أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، فلا نقول بأن صيام داود غير مشروع، وعلى هذا فنحن مطالبون بما وجهنا إليه عليه الصلاة والسلام، وكونه يفعل أو يترك لظرف من الظروف لا يعني أنه غير مشروع، لأن بعض الناس قد تعوقه بعض الأعمال عن أمور متعدية أهم من هذه العبادات.

بعضهم عدَّ صيام عشر ذي الحجة من أخطاء الناس في عشر ذي الحجة!!! مع أن العمل الصالح والصيام منها في هذه الأيام أحب إلى الله من فعلها في غيرها من الأيام، ومع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)، فيفرط في هذه الوعود العظيمة الثابتة من أجل أن عائشة نقلت أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصم، مع أنه نُقل عنه أنه صام وحث على الصيام وبين فضل العمل الصالح. انظر: شرح كتاب الصلاة من بلوغ المرام 13/34؛ نقلاً عن النسخة المكية من المكتبة الشاملة

[8] شرح النووي على مسلم 4/209

[9] الفتاوى الكبرى لابن تيمية 25/287

[10] بدائع الفوائد 3/683

[11] رواه ابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب

[12] سورة الحج/37

[13] سورة النور/ 39ـ 40

[14] سورة إبراهيم/ 18

[15] سورة الفرقان/ 23

[16] روى مسلم من حديث أبى هريرة t قال: قال رسول الله r {قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه}

[17] روى النسائي من حديث أبي أمامة t أن النبي r قال {إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له، وابتغي به وجهه} قال الحافظ في الفتح 6/35: إسناده جيد، وحسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء.

[18] سورة الزمر/ 3

[19] سورة الزمر/ 11ـ 15

[20] روى البزار من حديث أبي هريرة t أن النبي r أمر أن تذبح شاة فيقسمها بين الجيران قال فذبحتها فقسمتها بين الجيران ودفعت الذراع للنبي r وكان أحب الشاة إليه الذراع؛ فلما جاء النبي r قالت عائشة رضي الله عنها: ما بقي عندنا منها إلا الذراع قال {كلها بقي إلا هذا يعني الذراع} رواه البزار برقم 1904. قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة 6/43: قال ابن حجر: إسناده حسن. و قال الهيثمي في "المجمع" (3/109): رواه البزار، و رجاله ثقات". قلت: ورجاله كلهم ثقات معروفون من رجال "التهذيب" غير علي بن محمد، فلم أعرفه الآن. ثم رأيت حديث الترجمة في "المستدرك" (4/136) مختصراً من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به عن عائشة قالت: "كانت لنا شاة فخشينا أن تموت، فقتلناها وقسمناها إلا كتفها". وقال: "صحيح الإسناد". و وافقه الذهبي.

[21] سورة الحج/ 28

[22] سورة الكوثر/ 2

[23] سورة الصافات/ 107 ـ 111

[24] رواه أحمد من حديث علي بن الحسين عن أبي رافع y

[25] سورة آل عمران/ 31 ـ 32

[26] قال السندي: الهراقة أصله الإراقة والهاء بدل من الهمزة كما أن الهمزة أبدلت منها في الماء والآل بدليل المياه والأهيل. انظر: حاشية السندي على ابن ماجه 6/164

[27] قال السندي: يريد القبول؛ قال العراقي في شرح الترمذي: أراد أن الدم وإن شاهده الحاضرون يقع على الأرض فيذهب ولا ينتفع به؛ فإنه محفوظ عند الله لا يضيع؛ كما في حديث عائشة {إن الدم وإن وقع في التراب فإنما يقع في حرز الله برمته يوافيه صاحبه يوم القيامة} رواه أبو الشيخ وابن حبان في كتاب الصحابة

[28] قال الألباني رحمه الله: ضعيف. انظر: ضعيف ابن ماجه 1/246

[29] قال الألباني رحمه الله: ضعيف جداً. انظر: ضعيف ابن ماجه 1/247

[30] نيل الأوطار 5/169

[31] سورة الصافات/ 102

[32] سورة الصافات/ 102

[33] سورة الصافات/ 103 ـ 107

[34] سورة الأنفال/ 23

[35] سورة الطلاق/ 2 ـ 3

[36] الفقه الإسلامي وأدلته 4/245

[37] المجموع شرح المهذب 8/385

[38] قال النووي: لكل واحد منهما قرنان حسنان. وفيه دليل على استحباب التضحية بالأملح الأقرن. قال النووي: أجمع العلماء على جواز التضحية بالأجم وهو الذي لم يخلق الله له قرنين. انظر: شرح النووي على مسلم 6/459

[39] الأملح هو الأبيض الخالص، وقيل: هو الأبيض المشوب بشيء من السواد، وقيل: هو الذي يخالط بياضه حمرة، وقيل: هو الأسود الذي يعلوه حمرة، قال الكسائي: هو الذي فيه بياض وسواد

[40] قال النووي رحمه الله في المجموع: قال الشافعي: هذا دليل أن التضحية ليست بواجبة ; لقوله r {وأراد} فجعله مفوضاً إلى إرادته، ولو كانت واجبة لقال: فلا يمس من شعره، حتى يضحي.ا.هـــ

[41] رواه أحمد والبخاري وأبو داود من حديث عبد الله بن مغفل المزني t

[42] نيل الأوطار 5/171

[43] فتح الباري 10/4

[44] هو حذيفة بن أسيد الغفاري t وقد أخرج عنه البيهقي الرواية نفسها في السنن الصغرى 4/474

[45] معرفة السنن والآثار 14/16

[46] السنن الكبرى/ باب الأضحية سنة نحب لزومها ونكره تركها

[47] فتح الباري 10/3

[48] المحلى 6/10

[49] المجموع شرح المهذب 8/385

[50] سورة الكوثر/2

[51] نيل الأوطار 5/171

[52] سورة الأحزاب/21

[53] رواه أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة t

[54] فتح الباري 10/3

[55] رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وحسَّنه

[56] العتيرة: شاة تذبح في رجب، وكان ذلك من عادات الجاهلية التي نسخها الإسلام. انظر: النهاية لابن ألأثير 3/187

[57] فتح الباري 10/4

[58] متفق عليه من حديث جندب بن سفيان البجلي t

[59] فتح الباري 10/4

[60] أضواء البيان 5/205

[61] سورة الفرقان/23

[62] الموسوعة الفقهية 5/80

[63] شرح الخرشي على مختصر خليل 5/80

[64] الكافي في فقه أهل المدينة المالكي 1/418

[65] المجموع شرح المهذب 8/425

[66] المغني لابن قدامة المقدسي 13/378

[67] قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى: والفرق بين المسافر والمقيم عند أبي حنيفة لا أعلم له مستنداً من كتاب ولا سنة، وبعض الحنفية يوجهه بأن أداءها له أسباب تشق على المسافر، وهذا وحده لا يكفي دليلا; لأنه من المعلوم أن كل واجب عجز عنه المكلف، يسقط عنه; لقوله تعالى )لا يكلف الله نفسا إلا وسعها(. انظر: أضواء البيان 5/203

[68] قال محمد بن محمد البابرتي في شرح الهداية 14/175: ألا ترى إلى جواز التيمم عند زيادة ثمن الماء التي لا تبلغ قيمة الأضحية ولا عشرها فأولى أن يسقط عنه وجوب الأضحية وهو أقوى حرجا من زيادة ثمن الماء

[69] يعني صدقة الفطر

[70] البحر الرائق شرح كنز الدقائق 22/ 45، والاختيار لتعليل المختار 5/18، والعناية شرح الهداية 14/171، واللباب في شرح الكتاب 1/350، والمبسوط للسرخسي 14/169

[71] الجوهرة النيرة 5/285

[72] الجوهرة النيرة 5/287

[73] رواه أحمد ومسلم

[74] الثمر الداني شرح رسالة القيرواني 1/390

[75] الفقه الإسلامي وأدلته 4/250

[76] سورة الأنعام/143 ـ 144

[77] سورة الحج/ 27

[78] المجموع شرح المهذب 8/394

[79] المغني 21/459

[80] رواه الشيخان من حديث أبي هريرة t

[81] بداية المجتهد 1/501

[82] أضواء البيان 5/210

[83] رواه الخمسة من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما وصححه الترمذي

[85] هو ما ذهب نصف قرنه أو أذنه

[86] رواه الخمسة وصححه الترمذي. قال الألباني رحمه الله تعالى: ضعيف. انظر: ضعيف ابن ماجه برقم 3145 وضعيف الترمذي برقم 1504

[87] هي ذاهبة جميع الأذن لأنها عضباء وزيادة، وقد صار صماخها صفراً من الأذن

[88] هي التي ذهب قرنها من أصله

[89] قال في النهاية: أن يذهب البصر وتبقى العين قائمة. وفي القاموس: أقبح العور وأكثره غمصا

[90] هي التي تحتاج إلى من يشيعها؛ أي يُتبعها الغنم لضعفها

[91] رواه أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه. قال الألباني رحمه الله تعالى: ضعيف. انظر: ضعيف أبي داود برقم 2803

[92] رواه أحمد، قال ابن تيمية الجد رحمه الله تعالى: وهو دليل على أن العيب الحادث بعد التعيين لا يضر. انظر: منتقى الأخبار، باب ما لا يضحى به لعيبه وما يكره وما يستحب

[93] هي التي قطع شيء من مقدم أذنها ولم ينفصل بل بقي متدليا

[94] هي التي قطع شيء من مؤخر أذنها ولم ينفصل بل بقي متدليا

[95] الشرقاء: مشقوقة الأذن، والخرقاء: هي التي في أذنها خرق مستدير

[96] رواه الخمسة وصححه الترمذي. قال الألباني: ضعيف. انظر: صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم 1498

[97] نيل الأوطار 5/177

[98] المجموع 8/396

[99] رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي

[100] رواه الشيخان

[101] جذع الضأن عند المالكية: هو ما أكمل سنة على المشهور، وثني المعز عندهم: هو ما أكمل سنة، ودخل في الثانية دخولاً بيناً، فالدخول في السنة الثانية دخولاً بيِّناً هو الفرق عندهم بين جذع الضأن، وثني المعز. والثني عندهم من البقر ابن ثلاث سنين والأنثى والذكر سواء عندهم. والثني عندهم من الإبل: ابن خمس سنين، والذكر والأنثى سواء

[102] نيل الأوطار 5/173

[103] شرح مسلم للنووي 6/456

[104] منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار 5/173 ـ 175

[105] متفق عليه

[106] قال ابن حجر رحمه الله في الدراية في تخريج أحاديث الهداية 2/215: قوله روي عن عمر وعلي وابن عباس أنهم قالوا {أيام النحر ثلاثة أفضلها أولها} أما عمر فلم أره، وأما علي فذكره مالك في الموطأ عنه بلاغاً، وأما ابن عباس فلم أجده، لكن في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول {الأضحى يومان بعد يوم النحر}

[107] قال السيوطي رحمه الله تعالى: أخرج أبو بكر المروزي في كتاب العيدين ، وَابن أبي حاتم عن ابن عباس € قال: الأيام المعلومات أيام العشر. وأخرج عَبد بن حُمَيد وَابن المنذر وَابن أبي حاتم عن ابن عباس € قال: الأيام المعلومات: يوم النحر وثلاثة أيام بعده. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس € )في أيام معلومات( يعني أيام التشريق. وأخرج ابن جرير عن الضحاك t )في أيام معلومات( يعني أيام التشريق )على ما رزقهم من بهيمة الأنعام( يعني البدن. وأخرج ابن المنذر وَابن أبي حاتم عن ابن عمر € قال: الأيام المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام، فالمعلومات يوم النحر ويومان بعده، والمعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر. وأخرج ابن المنذر عن علي t قال: الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده. وأخرج عَبد بن حُمَيد وَابن المنذر عن ابن عباس € في قوله )في أيام معلومات( قال: قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة. وأخرج عَبد بن حُمَيد عن عطاء ومجاهد t قال: الأيام المعلومات أيام العشر. وأخرج عن سعيد بن جبير والحسن t مثله. انظر: الدر المنثور في التفسير بالمأثور 10/460

[108] قال في منتقى الأخبار 5/187: رواه أحمد وهو للدارقطني من حديث سليمان ابن موسى عن عمرو بن دينار. وعن نافع بن جبير عن النبي r نحوه

[109] نيل الأوطار 5/187

[110] نيل الأوطار 5/189

[111] نيل الأوطار 5/187

[112] أضواء البيان 5/208

[113] سورة الحج/32

[114] سورة الأحزاب/21

[115] أضواء البيان 5/218

[116] أضواء البيان 5/219

[117] تبيين الحقائق: 2/6-3، مغني المحتاج: 285/4، كشاف القناع: 618/2، المغني: 619/8. نقلاً عن الفقه الإسلامي وأدلته 4/251

[118] الشرح الصغير 2/141

[119] أضواء البيان 5/205 ـ 206

[120] سورة هود/88

[121] المغني 21/453

[122] المجموع شرح المهذب 8/392

[123] سورة المائدة/2

[124] رواه أحمد

[125] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: رواه الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري، ومن حديث عمران بن حصين، وفي الأول عطية، وقد قال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه إنه حديث منكر، وفي حديث عمران، أبو حمزة الثمالي؛ وهو ضعيف جدا، ورواه الحاكم أيضاً والبيهقي من حديث علي3 وفيه عمرو بن خالد الواسطي، وهو متروك. انظر التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير 4/353

[126] سورة الأنعام/ 79

[127] رواه مسلم من حديث شداد بن أوس t

[128] تشنيف الأسماع ببعض مسائل الإجماع 1/38

[129] جمع جلال بضم الجيم وتخفيف اللام وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه ويجمع أيضا على جلال بكسر الجيم

[130] رواه الشيخان

[131] قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد وهو مرسل صحيح الإسناد. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 4/26

[132] نيل الأوطار 5/191

[133] مجموع الفتاوى 26/305

[134]  الشرح الكبير: 122/2. رد المحتار والدر المختار: 229/5، كشاف القناع: 18/3. نقلاً عن الفقه الإسلامي وأدلته 4/283

[135] مجموع الفتاوى 26/305

[136] نيل الأوطار 5/190

[137] سورة آل عمران/ 92

[138] سورة البقرة/ 267

[139] متفق عليه





التالي
التكبير وأحكامه في العشر من ذي الحجة وأيام التشريق
السابق
الأضحية.. أحكامها الفقهية ومقاصدها الشرعية

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع