البحث

التفاصيل

نكاح المتعة بقلم: الشيخ أحمد كافي

الرابط المختصر :

******* نكاح المتعة *******
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ أحمد كافي عضو الاتحاد وعضو لجنة الاجتهاد والفتوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
أمضيت خمسة أيام بكربلاء والنجف بين الطائفة الشيعية مع زمرة من علماء السنة، وبدعوة من العتبة الحسينية وغيرها من الجهات المنظمة، للمشاركة في مؤتمر حول الأقصى المبارك.
وقد تصادف موعد المؤتمر مع أربعينية الإمام الحسين، حيث وجدنا نصب مواكب الخيام من العاصمة بغداد عبر الطريق المؤدية إلى النجف مرورا بكربلاء(في حدود 200 كلم). وحدثت من طرف بعض الشيعة أن الحاضرين السنة الماضية لهذه المواكب من العراق وإيران ومجموعة من الدول كان في حدود 22 مليون. وهذه الخيام المنصوبة ينضج فيها الطعام، فيقدم للزائرين مع الماء والمشروبات وغيرهما مجانا، كما أنها مكانا للمبيت فيها.
موضوعات شتى:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا شك أن اجتماع أهل العلم فرصة للمذاكرة في قضايا تاريخية وآنية على الانفراد بعيدا عن العدسات. وسوف أنقل ما اختزنته الذاكرة منها للاعتبار والانتفاع، مفيدا أو مستفيدا.
نكاح المتعة:
ــــــــــــــــــــ
لست أريد الحديث عن نكاح المتعة وموقف علماء أهل السنة من منعه، ولا موقف الطائفة الشيعة من جوازه. فذلك معلوم حكمه عند طلبة العلم وعامة الناس.
وإنما أريد الحديث عما حصل لي أثناء وجودي بمدينتي كربلاء والنجف مع بعض علماء الدين هناك من الشيعة على هامش المؤتمر.
ولقد تجنبت الدخول معهم في الحديث عن أحقية هذا النكاح بالاعتراف به شرعا من عدمه، لأنه لن يكون منه سوى الانتصار لما هو مقرر سلفا في مظان كل طائفة.
ولما بدأت التمهيد لسؤالي عن نكاح المتعة، ولم أُنْه تحديد ما أنا طالبه من استفساري عنه، فإذا بالجواب ينطلق كالسهم: إنه جائز من الناحية الشرعية، وتشهد له الأدلة من القرآن الكريم والسنة...
عن غير هذا أتحدث:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت له: لست عن هذا أسأل يا صاح، فإنما تذكره هو الصحيح في كتب الشيعة منذ زمان وإلى اليوم عندكم. ولكن سؤالي المحدد، هو: هل المجتمع العراقي يقبل بنكاح المتعة؟
قال لي: لا، لا، لا يقبله، وهو عنده نظير الزنا، بل أسوأ من الزنا. ولكن قواعد الفقه ومقرراته عندنا تقول به وتقرره.
قلت له: أفهم من هذا أنني إذا ذهبت إلى خيمة أهل بيت من العراق الشيعية، وطرقت عليهم الباب، وحدثتهم عن رغبتي في التمتع بكريمتهم مدة معلومة على قدر من المال معلوم، فإني لا آمن على نفسي من التعرض لمخاطر ما أفصحت عنه لهم.
قال لي محدثي من الشيعة: صحيح، ولذلك تجده عندنا معدودا في نكاح السر، أي لا يمارس إلا بالسر لا بالعلن.
قلت له: وإذا كانت المتعة تندرج في الأنكحة المعتبرة المعتد بها في الفقه، فيجب أن تجد قبولا في واقع الناس، واحتضانا منهم لها. لكن إذا رفضها المجتمع فهذا يؤكد أن تمت خلل هنا أو هناك، بما يؤكد أنه ليس بنكاح، أو على الأقل أن لا يسمى نكاحا حتى لا يقع التغرير بأحد من الغافلين، فيتعرض لما من شأنه أن يؤذيه، وهو يعتقد أنه يقوم بعمل صالح مبرور لعدم علمه بواقع القوم.
سبب رفض مجتمع الشيعة العراقيين للمتعة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم سألته: وما هو سبب هذا الرفض من المجتمع العراقي، وأعني الشيعة العراقيين خاصة لنكاح المتعة، مع أن قواعد الفقه الشيعي المسطورة تجيزه؟ وفتاوى المراجع لم تتوقف عن القول به؟
فرد علي: المجتمع يرفضه، وهذه عاداته وتقاليده، ولم يصل بعد إلى الاعتراف بما هو مسطور في كتب الفقه من هذه الناحية.
قلت له: هذا هو السبب؟ وهذا هو تفسير هذه الظاهرة عندك؟
قال لي: نعم، وليس في هذا ما يعاب أو يستدرك على قائله.
فرددت عليه: أن يرفض المجتمع رأيا فقهيا في مدة زمنية معتبرة محدودة لكونه جديدا عليه، أمر مفهوم عند العقلاء، ولكن أن يستمر الرفض له قرونا عددا، فهذا ما يؤكد أن شيئا أو أشياء يجب أن تُصلح. ولكن لو تكرمت أن أحدثك عما يظهر لي السبب أو الأسباب لهذا الرفض، علك تقبلها أو يكون له وجه نظر مخالف لما سأطرحه عليك.
قال لي: تفضل، فأنا أسمع لك.
قلت له في بيان أسباب هذه المعاكسة المجتمعية لنكاح المتعة عند شيعة العراق، مع كونهم يعلمون أنه مقرر في كتب فقه مراجعهم: إن الأمر في نظري يعود لسببين اثنين، والله أعلم.
الأول واقعي، والثاني يشم ولا يفرك كما يقول علماؤنا أهل السنة والجماعة.
السبب الأول:
ـــــــــــــــــــــ
أما الأول: فإن أهل العراق عرب صميمة، ومدارس العربية خرجت من عندهم(الكوفة والبصرة)، والعِرض عندهم مقدس قبل الإسلام وقبل نزول أحكام القرآن المعتبرة ذلك من كبائر الإثم. فجاءت الآيات والأحكام تعزز هذا التشدد عندهم في باب العرض وتقويه.
ولذلك تجدهم ينشدون الأشعار في بيان موقفهم من العرض والشرف، فيقول عنترة:
وإذا شربت فإنني مستهلك *** مالي وعرضي وافر لم يُكْلم
وهو القائل أيضا:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ***
حتى يواري جارتي مأواها
ونجد حسان بن ثابت يقول:
أصون عرضي بمال لا أدنسه ***
لا بارك الله بعد العرض في المال
أحتال للمال إن أودى فأكسبه ***
ولست للعرض إن أودى بمحتال
القرآن الكريم:
ــــــــــــــــــــــ
بل إن القرآن الكريم قد قال:﴿ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾[ التكوير:8 ـ 9].
وإنما وأدوها خوفا على العرض، ومستتبعات عار تدنيسه.
ومجتمع هذه شيمه وأعرافه المنغرسة في جذور نشأته وتكوينه، تجد المتعة وإن قبلها الفقهاء عندكم، فإنه سيرفضها مجتمعيا، وستبقى مدونة في بطون المصنفات. فالرفض سببه الحساسية الشديدة من العرض وعليه، وهذا أمر قديم عندهم، ونقلهم عن هذه الجذور إلى استسهال أمره دونه خرط القتاد.
وعليه، فإن أي سبيل للوقاع عند هؤلاء العرب على غير ما يرضونه، وهو ديمومة النكاح، معدود عندهم في باب الطعن في الشرف والأنساب. ولذلك يرفض المجتمع العراقي المتعة بما فيهم الشيعة، لأنهم عرب. ويمارسه الناس سرا وخلسة لا جهر، خوفا من سيء التبعات.
وأما في إيران، فإنه يمارس عندهم من غير وجل، ويقبله المجتمع هناك، لأنهم عجم، والعرض عندهم قبل الإسلام غير ذي بال ومكانة مقارنة مع العرب.
السبب الثاني:
ـــــــــــــــــــــ
وأما الثاني وهو الذي عبرت لك عنه بأنه يشم ولا يفرك، وأرجو أن تتفهمه عني إن لم تقبله، ولا تعتب علي فيه، فلست أريد منه الوقيعة بك وبطائفتكم. وإنما أردت أن أبوح به إليك لتعميق النظر فيه، ولست منزعجا من رفضك إياه إن أحسنت تلقيه.
إن المشتهر عند الشيعة الطعن في السيدة عائشة رضي الله عنها، والوقيعة فيها باللعن وغيره. ولقد برأها الله تعالى في حياة حِبها عليه الصلاة والسلام، وأقيم حد القذف على المفترين عليها.
والطعن في العرض كما هو في علم جنابكم، يستوجب إقامة الحد على فاعله، بل وتغلظ العقوبة عندما يتعلق بالجناب النبوي الشريف على من سلك هذا السبيل.
ولو كان فردا واحدا أو عدة أفراد لكان هينا إقامته عليهم، وحقيق أن تطبق أحكام الشريعة في الطاعنين، ولكن هذا العمل عمل طائفة كبيرة العدد من أمصار مختلفة في العراق وإيران ولبنان...وهو عمل يشترك فيه القائم به بلسانه، والمنظر له، والمؤلف فيه، والمتكلم عنه...وهم ولا شك أقوام تعد بالملايين. ويستحيل إقامة الحد على هذا العدد الضخم، وإلا احتجنا أن نمضي الحياة في تطبيقه، وهذا عمل لا يطاق ولا يستقيم.
وربك رافض الاعتداء على العرض النبوي الشريف، وإرادته التي لا راد لها تتعلق بالعقاب وبأشد العقوبة وأوجعها انتصارا لنبيه الكريم عليه الصلاة والسلام.
العقاب على الطعن:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا العقاب الإلهي للطاعنين في العرض الشريف، قد أخذ سبيلين:
الأول: اللطيمة، وهو طقس ألف الشيعة القيام به، حيث يجتمعون في شهر صفر لإحياء أربعينية الإمام الحسين، ويكون من هذا الاجتماع اللطم في الصدور والوجوه، وبأبشع ضرب: من عصي، وسكاكين، وسيوف...وغيرها.
وهذا عقاب وبأيديهم على ما نطقت به أفواههم من الفرية، وما اعتقدوه من الطعن في العرض الشريف.
الثاني: المعاقبة بنقيض المقصود. وذلك بأن بُرِّأ الجناب النبوي الشريف من النقيصة، وتمرغت أعراض الطاعنين بفقه من عند أنفسهم، يدعى: المتعة.
إن العرض الطاهر الذي تعرضوا له، وهو بريء، قد جعل أعراضهم مستباحة عندهم فقها، بما يعرف بالمتعة، حتى إنه ليجوز عندهم الاستمتاع بالأعراض بالاتفاق وإن لساعة واحدة.
وهذا كله من باب إقامة الحد على من اتهم العرض النبوي الطاهر، بتمريغ نسائهم وأعراضهم كل يوم بل وكل ساعة..


: الأوسمة



السابق
اضطهاد مسلمي الروهينغا في ميانمار وصمت الدول الإسلامية

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع