البحث

التفاصيل

التحذير من السلاح المخرب لكيان الأفراد والمهدد للدول والمجتمعات بالخراب

الرابط المختصر :

التحذير من السلاح المخرب لكيان الأفراد والمهدد للدول والمجتمعات بالخراب

الشيخ بن سالم باهشام

 

(سلسلة خطبة الجمعة)

عباد الله، إن السلاح المخرب لكيان الأفراد، والمهدد للدول والمجتمعات بالخراب، هو الذي يستخدمه إبليس لعنه الله في إغواء الناس، ليكونوا معه من أصحاب السَّعير، والذي أشار إليه الحق سبحانه عندما قال في سورة النساء: (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ؛ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) [النساء: 120]. وهو السلاح الذي سيعترف يوم القيامة بنجاعته لمن فتك بهم  كما جاء في سورة إبراهيم: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ) [إبراهيم: 22].

عباد الله، إنَّ أخطر ما يخرب كيان الأفراد، ويهدد الدول والمجتمعات  بالخراب، ويقوّض أركانها، ويهدّد العلاقات بين مكوّناتها، هو تفشّي هذا السلاح الفتاك بينها، واستعماله في جميع المجالات، مما يؤدي إلى تضييع الحقائق وتزييفها، وفقدان الناس ثقتهم بعضهم ببعض.

عباد الله، أتدرون ما الاسم الحقيقي لهذا السلاح الذي له كل هذه الخطورة؟ إنه الكذب، والذي هو إخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، وهو مذموم عند كل العقلاء، ولو لم يكن من مضاره إلا أنه يجعل صاحبه في ريبة لا يكاد يصدق شيئًا لكفى، كما قال بعض الحكماء: (من عرف من نفسه الكذب؛ لم يصدِّق الصادق فيما يقول)، ثم إن من عُرف بالكذب، فإنه لا يكاد يُصَدَّق في شيء أبدًا، وإن صَدَق، بل إن سمع الناس بكذبةٍ، ربما خرجت من غيره، فإنهم ينسبونها إليه، هذا هو الكذب الذي من خلاله  تفتح أبواب الشرّ، وسبل الانحراف، فهو مغلاق لكل خير، مفتاح لكل شر، حتى إن ابن أبي الدنيا في الصمت، وأبا الشيخ في التوبيخ يرويان كما جاء في كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، أن الإمام علي رضي الله عنه قال:  (زين الحديث الصدق، وأعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب، وشر الندامة ندامة يوم القيامة). [كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال 16/ 268].

عباد الله، يكفي للدّلالة على خطورة الكذب، أنه السلاح الذي استخدمه إبليس لعنه الله، لإخراج آدم وحوّاء عليهما السلام من الجنة، فهو عندما عرف أنّ الله سبحانه وتعالى نهاهما عن أن يأكلا من الشجرة التي حدَّدها لهما، جاء إليهما بثوب الناصحين، وبلسانٍ كاذبٍ، وقال لهما:  كما ذكر تعالى في سورة الأعراف:(مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) [الأعراف: 20]، وحتى يكون سلاحه هذا ماضياً وفاعلاً، أقسم لهما إنه لمن الناصحين، وكان له بذلك ما أراد.

عباد الله، لقد أشارت آيات عديدة، وأحاديث كثيرة إلى المخاطر التي تترتب على استعمال هذا السلاح الفتاك، وكيف أن التخلي عنه كاف لأن يصبح الفرد من الصالحين والأمة من الدول الأولى عالميا.

عباد الله، ورد أنَّ رجلاً كافرا جاء إلى عالم من أرباب السلوك، فأراد دخول الإسلام، والتوبة من المعاصي التي يرتكبها، فنصحه بترك الكذب، فأدى به إلى ترك جميع المعاصي، بحيث قال له عندما أتاه أول الأمر: إني ابتليت بخلال أربع: الزنا، وشرب الخمر، والسّرقة، والكذب. وهي خلال أعرف أنَّ الله حرَّمها، ولكن لا طاقة لي على تركها كلّها، إلا أنني أقدر على ترك واحدة منها، فبم تنصحني؟ قال له العالم المربي: اترك الكذب، فقبل الرَّجل ذلك وأسلم. فلمّا ولَّى الرجل، عرضوا عليه شرب الخمر، فقال في نفسه: إن أنا شربت الخمر وسألني العالم المربي عن شربها، فماذا  أقول له؟ فإن كذبت؛ أكون بذلك نقضت معه العهد، وإن صدقت؛ أقيم عليَّ حدَّ شرب الخمر، فتركها لذلك. ثم عرضوا عليه الزنا، فجاءه الخاطر نفسه، وترك لأجل ذلك الزنا، وعندما أراد السَّرقة، تكرّر الأمر نفسه، فعاد إلى العالم المربي  وقال له: ما أحسن ما فعلت! لما منعتني عن الكذب، انسدَّت أبواب المعاصي كلها، وتاب الرَّجل عن الذنوب الثلاثة، وعن أيّ ذنب كان سيفعله، ومن هنا جاء في كتاب الاستقامة : (الصدق مفتاح كل خير، كما أن الكذب مفتاح كل شر ، ولهذا يقولون عن بعض المشايخ إنه قال لبعض من استتابه من أصحابه : أنا لا أوصيك إلا بالصدق ، فتأملوا فوجدوا الصدق يدعوه إلى كل خير ). [الاستقامة  لابن تيمية ((467 ]

عباد الله، إن الكذب لا تقف آثاره السيئة ومخاطره الوخيمة على من يتمّ الكذب عليهم، وتشوه لهم الحقائق، سواء كان الكاذب فردا أو مؤسسة أو دولة، بل تتعداهم لتصل إلى الكاذب نفسه؛ إذ يكتسب الكاذب بكذبه أربعا؛ سخط الله عليه، ومقت الملائكة له، وقلة الثقة به، واستهانة النَّاس به. وذلك أن الكذب يُفْسِدُ على الكاذب تصوُّرَ المعلومات على ما هي عليه، ويُفسِد عليه تصويرَها وتعليمَها للناس، فيُصوِّرُ المعدومَ موجودًا، والموجودَ معدومًا، والحقَّ باطلًا، والباطلَ حقًّا، والخير شرًّا، والشرَّ خيرًّا؛ فيفسُدُ عليه تصوُّرُه وعلمه، عقوبةً له في الدنيا قبل الآخرة. ثم يُصوِّر ذلك في نفس المخاطب المغترّ به الراكن إليه؛ فيُفسِدُ عليه تصوُّرَه وعلمه. كما أن نفس الكاذب؛ تكون مُعرِضة عن الحقيقة الموجودة، نزَّاعة إلى العدم، مُؤثِرة للباطل، وإذا فسدتْ عليه قوةُ تصوُّره وعلمه التي هي مبدأ كلِّ فعل إراديٍّ؛ فسدتْ عليه تلك الأفعالُ، وسَرى حكم الكذب إليها، فصار صدورُها عنه كصدور الكذب عن اللسان؛ فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله، ولهذا كان الكذبُ أساسَ الفجور؛ كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم-:  فيما رواه البخاري ومسلم: (إنَّ الكذب يهدي إلى الفُجور، وإن الفجور يهدي إلى النَّار) [أخرجه البخاري (6094) ومسلم (2607) عن ابن مسعود.(ض)]، وأولُ ما يَسرِي الكذبُ من النفس إلى اللسان فيُفسِدُه، ثم يسري إلى الجوارح فيُفسدُ عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله، فيَعُمُّ الكذبُ أقواله وأعمالَه وأحوالَه، فيَستحكِمُ عليه الفسادُ، ويَترامَى داؤه إلى الهلكة؛ إن لم يتداركه الله بدواء الصدقِ الذي يَقلَعُ تلك المادَّة من أصلها. وما يسري على الفرد الكاذب، يسري على المؤسسات الكاذبة، وعلى الدولة الكاذبة بكاملها.

عباد الله، إن الله تعالى يعاقب الكذابَ بأن يُقعِده ويُثبِّطه عن مصالحه ومنافعه، ويُثيِب الصادقَ بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته؛ فما استُجِلبَتْ مصَالحُ الدُّنيا والآخرة بمثل الصدق، ولا استُجِلبَتْ مفاسدُ الدنيا والآخرة ومضارُّهما بمثل الكذب. قال تعالى في سورة التوبة: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119]، وقال تعالى في سورة المائدة: (هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ) [المائدة: 119]، وقال تعالى في سورة محمد: ( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيرًا لَهُمْ ) [محمد:21].

عباد الله، إننا عندما نتحدث عن الكذب، فإنَّه لا يقف عند حدود الكلام؛ كالذي نسمعه في الأخبار الكاذبة التي تنقل إلى الناس، سواء من خلال وسائل الإعلام والتواصل أو غيرها، بل نراه أيضاً في المتملّقين؛ لمن يمتلكون المال أو السلطة لكسب ودّهم وما عندهم من مال أو موقع، وفي الوعود الكاذبة وشهادة الزور، كما نراه في الَّذين يسوّقون السِّلع، ويظهرون خصائص ومميزات لها وهي ليست بتلك الصّورة…

عباد الله، إنَّنا أحوج ما نكون إلى مواجهة هذه الآفة الخطيرة واستئصالها، وذلك بتعزيز الوعي لدى كل أفراد المجتمع، بحيث أن تجارب الحياة تؤكد أنَّ الكذب قد ينجي الفرد والمؤسسة والدولة ظاهرا، وقد يحصلون على بعض الفوائد المؤقتة منه، ولكنَّ حبل الكذب قصير، وما يخسره هؤلاء بسببه، أكثر مما يربحونه، فإن هم ربحوا في نظرهم، فهم يخسرون علاقتهم بربِّهم الذي بيده أمر رزقهم، وحياتهم، ونجاتهم، وسينعتون بالخائنين والمنافقين، وسيكونون مهانين ذليلين، ولن يكون هناك أمان واطمئنان واستقرار في المجتمع إلَّا بالصدق، فالصّدق صلاح كلّ شيء، والكذب فساد كل شيء، والصِّدق ينجيك وإن خفته، والكذب يُرديك وإن أمنته.

ومنعاً لكلِّ التَّداعيات الخطيرة التي قد يؤدِّي إليها الكذب، دعا الإسلام الإنسان إلى أن يكون واعياً عندما يستمع وعندما يقرأ، وعندما يتابع الواقع السياسيَّ أو الاقتصاديَّ أو الاجتماعيَّ أو ما ينسب إلى الدّين، حتى لا يقع في أحابيل من يزيفون الحقائق ويتلاعبون بفكر النَّاس ومشاعرهم ومواقعهم، مما أشار إليه تعالى من سورة البقرة: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) [البقرة: 204 – 206].

عباد الله، من المستحيلات اجتماع الإيمان والكذب، لهذا يستحيل أن تجد فردا مؤمنا كاذبا، أو مؤسسة مؤمنة كاذبة، أو دولة مؤمنة كاذبة، لهذا قال تعالى في سورة  النحل: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ؛ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) [النحل: 105].

عباد الله، إن الشريعة الإسلامية الغراء؛ كما تخاطب كل فرد من أفراد المجتمع بالتحلي بالصدق والتخلي عن الكذب، لما في ذلك من خير يرجع عليه في الدنيا والآخرة، تخاطب كذلك الحكومات التي تتعاقب على شعوبها، وتجدد مطالبتها لهم بأن يكونوا أكثر جدية في معالجات أزمات البلد، ولا سيما على الصعيد المعيشي والحياتي، وأن لا تتحول إلى حكومات تصريف أعمال، وتقوم أسوة بالحكومات السابقة بترحيل المشاكل إلى الحكومة التي تأتي بعدها، فالبلد لا يتحمّل مثل هذه الحكومات، كما أن الناس لا يتحملون.

عباد الله، ما دمنا نتحدث عن الصدق ونحذر من الكذب ونبين أخطاره، فإن على الحكومة “الحاكمة”، أن تفي بما وعدت به، فعندما أعلنت أنها حكومة إنقاذ في بلد أحوج ما يكون إلى الإنقاذ، عليها أن تفي بما وعدت به، لأن من يتحمل المسؤولية، عليه أن يقوم بها أو يدعها لغيره ليقوم بها، حتى لا يتكرر التبرير الذي عهدناه ممن يتولون مواقع ومسؤوليَّات بأنهم لم يدعونا نعمل، فمن لم يستطع العمل، أو لم يُسمَح له، عليه أن يغادر موقعه. حتى لا يتخرب البلد، ويعم الفساد في العباد والبلاد. قال تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)

عباد الله، لا يكفي الحديث عن الداء وتشخيصه دون وصف الدواء، فإذا علمنا خطورة الكذب على الفرد والجماعة، وفي كل المجالات، علينا أن نتعرف على دواعي الكذب، والأمارات التي تدل عليه، لأن معرفة هذه الدواعي وتلك الأمارات، مما يساعد في محاولة العلاج؛ ولأن الخُطوة الأولى في علاج أي مرض؛ تنحصر في معرفة أسبابه، وتحديد أعراضه، للقضاء عليها والتخلص منه، وقد ذكر الماوردي رحمه الله، من هذه الدواعي أو الأسباب خمسة وهي:

1 – اجتلاب النفع واستدفاع الضر، فيرى الكذَّابُ أن الكَذِبَ أسلمُ وأغنمُ، فيُرخِّصُ لنفسه فيه اغتراراً بالخُدع واستشفافًا للطمع.

2 – أن يُؤْثِرَ أن يكون حديثُهُ مُستعْذبًا، وكلامُهُ مُستظرفًا، فلا يجد صدقًا يعذُبُ، ولا حديثًا يُستظرفُ، فيستحْلِيَ الكذب الذي ليست غرائُزُه مُعْوزَةً، ولا طرائِفُهُ مُعجزَةً.

3 – أن يقصد بالكذب التشفي من عدُوِّهِ، فيسمُهُ بقبائح يخترعُها عليه، ويصفُهُ بفضائح يَنْسبُها إليه.

4 – أن تكون دواعي الكذب قد ترادفت عليه حتى ألفها، فصار الكذب له عادةً، ونفسُهُ إليه مُنقادةً.

5 – حُبَّ التَّرَؤسِ، وذلك أنَّ الكاذِبَ يرى له فضلاً على المُخبر بما أعلمَهُ، فهو يتشبَّهُ بالعالِمِ الفاضل في ذلك.

عباد الله، هذه هي دواعي وأسباب الكذب، فماهي أماراته؟ إن من أمارات الكذب:

1 – أنك إذا لقنت الكاذب الحديث تلقنه، ولم يكن بين ما لقَّنتَهُ إياه، وبين ما أورده فرقٌ عِندَهُ، أي أنه يَخْلِطُ بين ما سمِعَهُ منك، وما اخترَعَهُ من عِنْدِهِ.

2 – أنك إذا شكَّكْتَهُ في الحديث تشَكَّكَ حتى يكادُ يرجعُ فيه.

3 – أنك إذا رددت عليه قوله، حَصِر وارْتَبَكَ، ولم يكن عندهُ نُصْرَةُ المُحتَجّين، ولا بُرهان الصادقين.

4 – ما يظهر عليه من ريبة الكذَّابين، ولذلك قال بعض الحكماء: (الوجوه مرايا، تُريك أسرارَ البرايا). وإذا اتَّسم بالكذبِ، نُسبتْ إليه شواردُ الكذِبِ المجهولةِ، أي الشائعات وما في حُكمها، وأضيفت إلى أكاذيبه زياداتٌ مُفْتَعَلَةٌ، حتَّى يصيرَ هذا الكاذبُ مكذُوبًا عليه، فيجمعُ بين معرَّةِ الكذب منه، ومضرَّةِ الكذب عليه.  فاللهم نجنا من كل أنواع الكذب، وجنبنا مصاحبة الكذابين، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.





التالي
الزلازل والكوارث بين الابتلاء والعقوبة
السابق
علماء الأمة يشددون على الدعاء والإغاثة في ظل الكوارث الطبيعية في المغرب وليبيا

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع