"طوفان الأقصى" نعمة النصر وعزم الثبات في وجه المحتل
بقلم: د. سالم سقاف الجفري
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، صدق وعده، ونصر جنده، وهزم الأحزاب وحده..
نحمد الله تبارك وتعالى على نعمة النصر التي حققها الله على أيدي إخواننا في الأرض المقدسة فلسطين الحبيبة، انتصارا فاجأ الجميع وأثخن العدو، انتصارا طالما أعده إخواننا المجاهدون في غزة وغيرها من أراضي فلسطين المحتلة، انتصارا تاريخيا ينقلنا إلى مرحلة جديدة من المواجهة ضد المحتلين،
انتصارا من ثمار الإصرار على عدم التنازل في حقوق أمتنا الإسلامية والعربية، انتصارا من ثمار الإيمان بالله وبنصر الله، وانتصارا من نتاج العمل الدؤوب والتنسيق المتقن والتنفيذ الدقيق.
نبارك أمتنا بهذه الهدية العظيمة التي أسداها لنا إخواننا المجاهدون من كتائب عز الدين القسام خاصة وسائر فصائل المقاومة عامة وكل الشعب الفلسطيني الذي أنجب هؤلاء الأبطال الذين دافعوا عن مقدساتنا وحموا ثغور بلادنا هزوا أركان عروش أعدائنا.
نشكرهم على هذا الوفاء ونشكرهم على الثبات والصمود ونشكرهم على الإبداع في طرق المقاومة ومغالبة الصعوبات وتجاوز المعوقات.
هي فرحة لا توصف وسعادة غامرة فوق حدود الكلمات، أن تنكسر أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" وقد قهرناهم مرات عديدة، ومن جميل التوقيت أن كان الهجوم في 7 أكتوبر 2023 مذكرا بحرب 6 أكتوبر 1973 المجيدة التي حققها الشعب المصري العظيم قبل 50 سنة. لنتذكر أن الأصل في تاريخنا هو الانتصار وأن الانكسار إنما هو استثناء مؤقت، ولن يطول هذا الاستثناء بإذن الله.
كسر شبابنا وإخواننا المجاهدون جدار الفصل الذي حاصرهم سنين طويلة، نسأل الله تعالى ألا يبقى جدار الفصل العنصري في أرض فلسطين إلى الأبد. اقتحموا ذلك الجدار وكسروا الحواجز ليصلوا إلى أرضهم الموروثة، الأرض التي انتموا إليها وانتمت إليهم. اقتحموا الحواجز ليواجهوا الأعداء وليذيقوهم العذاب الذي استحقوه. وليس هناك اعتداء وإنما أخذ الحقوق والذود عن الوطن ونصرة الدين.
لقد اقتحم اليهود المسجد الأقصى بكل بَجَاحة ووقاحة، وأظهروا للعالم وجههم القبيح وأخلاقهم الرديئة، لا مراعاة للحرمات ولا احترام للمشاعر ولا تقدير للإنسانية. هذه الدولة التي لا نحترم غير الجنس الواحد والديانة الواحدة لا تستحق البقاء في عالمنا المتحضر، هذه الدولة التي أُقحِمت علينا ليس لها مبرر للوجود غير تحقيق مصلحة دول الاحتلال التي زرعت هذا الكيان المتطفل في أرضنا، ليس لها دور غير زعزعة الاستقرار وإفساد النسيج العربي والإسلامي الذي وحّد جسمنا الممتد من الشرق إلى الغرب. فزرع هذا الكيان ليفرق جمعنا ويشتت شملنا.
إن هذا الانتصار بداية جديدة لحربنا ضد الظلم، لقد خضنا حربا طويلة ولم نتوقف، وقد ازدادت عزيمتنا واشتدت حماستنا بما حققه إخواننا في غزة وغيرها، لقد غيروا خريطة المواجهة، فصرنا نحدد حدودنا بإرادتنا وسعينا، بعد أن فرضت لنا حدود ليس لنا فيها ناقة ولا جمل.
لم تضع الحرب أوزارها، ولن يهدأ الأعداء أيضا حتى يردوا بكل ما أوتوا من قوة، "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون"،
ولا نشك لحظة في نصر الله ولنا، ولا في قوة عزيمة إخواننا ولكن هذه الحرب تتطلب نفَسا طويلا، ورغم أن ميزان قوتنا ارتفعت بهذا الانتصار إلا أن إخواننا المجاهدون في الساحة لا ينبغي أن يكونوا وحدهم في هذه المواجهة. فإن الدعم المالي والمعنوي من إخوانهم المسلمين يجب أن يستمر بل يزيد. "...فإن لم تأتوه وتصلوا فيه، فابعثوا بزيت يسرج في قناديله..".
أيها المسلمون، لقد عشنا وشاهدنا فترة الانكسار وزمن الاندحار ردحا من الزمن، فهذه نقطة تحول، لنسجل لمساتِنا وآثارنا في صناعة تاريخ جديد، تاريخ الانتصارات وتاريخ البطولات وتاريخ التضحيات، لنكن يدا واحدة على الأعداء، ولنكن صفا واحد كأننا بنيان مرصوص. إن قوتنا في وحدتنا، ونصرتنا في استقامتنا على ديننا، ولا بديل عن الإسلام دينا ولا خيار غير المقاومة في أحذ الحقوق والدفاع عن المقدسات.
نسأل الله تعالى أن يتم علينا النعمة ويسدد خطانا ويوفقنا لما يحب ويرضى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا وحبيبنا وقائدنا وشفيعنا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين