بيان إطلاق فعاليات "أسبوع القدس العالمي"
الحمدلله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين؛ وبعد:
فعلى وقع الإبادة الجماعيّة، والمجازر المروّعة المتواصلة في أرض غزة، وما يسطره المجاهدون الأبطال من ملاحم البطولة والفداء ذودًا عن الأمة جمعاء تأتي ذكرى الإسراء والمعراج التي تعيد للعقول والقلوب الارتباط الوثيق بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المبارك وإضفاء البركة الإلهية على أرض المسرى؛ هذا الارتباط والبركة نصّ عليهما كتاب الله تعالى في قوله: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" الإسراء: 1
كما تأتي ذكرى التحرير الصلاحيّ لبيت المقدس لتؤكد مسؤوليّة قادة المسلمين وحكامهم وشعوبهم تجاه الأرض المباركة إن تعرّضت للعدوان والاحتلال؛ وأيّ عدوان أكبر مما يجري اليوم على أرض غزّة من إبادة وتدمير؟! وأيّ عدوان أكبر من سلوك العصابات الإجراميّة في الضفة الغربيّة؟! وأيّ عدوان أكبر مما يقع على مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
ولقد دأبت مؤسسات العلماء في الأمة وعلى رأسها -الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- والجهات الفاعلة من الجماعات والحركات والمؤسسات في مختلف المجالات على إطلاق أسبوع القدس العالميّ، وإننا نجتمع اليوم في تزامن مع مؤتمرات موازية كمؤتمرنا هذا تعقد في هذه الأثناء وعلى مدار يومنا هذا في عدد من بلدان العالم الإسلاميّ لنعلن إطلاق النسخة الرابعة من "أسبوع القدس العالمي" تحت شعار "الأقصى طوفان الأمّة"
وإنّنا إذ نعلن إطلاق أسبوع القدس العالمي هذا العام متزامنًا مع طوفان الأقصى الذي أعاد للأمة روحها وأذلّ الصهاينة وأولياءهم، وفي خضمّ حرب الإبادة الوحشيّة التي تمارسها العصابات الصهيونيّة على أهلنا في غزّة العزّة؛ نتوجه بالتحية البالغة إلى أهلنا في قطاع غزة العزة القابضين على الجمر الصابرين على البأساء والضراء والمجاهدين الأبطال الذين مرغوا أنف العدو الصهيوني في وحل المهانة، كما نؤكّد الآتي:
أولًا: إنّ أسبوع القدس العالميّ يمثّل فرصة لإعادة ضبط الأولويات على مستوى المؤسسات والأفراد العاملين لخدمة الإسلام، بل الحكومات التي تصلح أن تمثل شعوبها، فمسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا بد أن يكون على رأس الأولويات واليوم غزّة الذبيحة هي واجب الوقت وقضية فلسطين هي قضية الأمة المركزية، كما يأتي أسبوع القدس العالمي هذا العام في خضم انطلاق معركة التحرير فلا بد من التفاعل معها بالإعداد والاستعداد وبناء الإنسان الواعي بالقضية، فهو ليس مناسبةً دوريةً تمر كل عامٍ فحسب بل هو محطة تزود للعمل لأجل القدس وفلسطين على مدار سنة كاملة.
ثانيًا: ندعو جميع المؤسسات العاملة والجهات الفاعلة على اختلاف تخصصاتها وتوجهاتها أن يكون لها سهمٌ رئيس ودورٌ مركزيّ في هذا الأسبوع من خلال تبني الأسبوع وفعالياته، وإصدار البيانات الرسميّة في تبنّيه والدّعوة إليه والاحتفاء به، وتوجيه أعضائها إلى الانخراط في فعاليات الأسبوع والمشاركة فيها على أوسع نطاق، بل إن المطلوب من كل جهة فاعلة ومؤسسة رائدة أن تبادر إلى القيام بالفعاليات المختلفة من أنشطة وبرامج على مدار الأسبوع كامل، وقد أنجزت اللجنة العليا دليلًا لأسبوع القدس يمكن الاسترشاد به في هذه البرامج.
ثالثًا: ندعو علماء الأمة والخطباء والدعاة أن تكون خطبتا الجمعة القادمتان ضمن فعاليات أسبوع القدس العالمي، ويتركز الحديث فيهما عن واجب الأمة تجاه قبلتها الأولى وغزّة وأهلها ودفع العدوان ودعم المقاومة الباسلة والمجاهدين الأبطال، كما ندعو العلماء أن يتقدموا صفوف الفعاليات الشعبية والجماهيريّة في أسبوع القدس العالمي فهم أهل الريادة في حشد الطاقات واستنفار الهمم.
رابعًا: ندعو إلى طوفان جماهيريّ يوم الجمعة عقب صلوات الجمعة في عموم بلدان العالم الإسلامي وأنحاء العالم، ويستمر على مدار الأسبوع لا سيما أيام العطل الرسمية يومي السبت والأحد في البلاد الغربيّة بحيث تمثل الحشود الشعبيّة المتظاهرة في الميادين ضغطًا لإيقاف الحرب وفضح العدو الصهيوني؛ فلتنطلق الحشود السلمية إلى الميادين الكبرى أمام سفارات وقنصليات الاحتلال والدول المشاركة والداعمة له في العدوان على أهلنا في غزة أو المتواطئة مع العدوان والمشاركة في الحصار الجائر/ ونخصّ هنا بالدعوة أبناء أمتنا الإسلاميّة في الدول التي تصرّ أنظمتها على دعم الكيان الصهيوني وفتح أراضيها لقوافل الكيان وأعوانه لفك الحصار عنه وتلك التي تحاصر شعبنا في غزة أن ينتفضوا في الساحات والميادين للضغط على هذه الأنظمة لوقف تواطئها وغرقها في وحل مساندة المجرم الصهيونيّ.
خامسًا: يعلن أسبوع القدس العالمي يوم الإثنين القادم الرابع والعشرين من رجب الموافق الخامس من شباط "فبراير" يومًا لدعم أهلنا في غزة والمقاومة للمحتل الصهيوني الغاصب ورفض الاتهامات الباطلة التي تحشد لها الدوائر الغربية وبعض وسائل الإعلام العربيّة تواطؤًا مع الصّهاينة، وندعو جماهير أمتنا إلى المشاركة في الفعالية المركزيّة الافتراضيّة التي ستقام في هذا اليوم وتضمّ نخبة من علماء ورموز ومؤثري الأمة، كما ندعو المؤسسات والجهات الفاعلة إلى القيام بأنشطة على مدار هذا اليوم لدعم المقاومة بالوسائل المختلفة ماديًا ومعنويًا؛ فالمقاومة ضد الاحتلال هي درع أمتنا وهي التي تدافع اليوم عن كل عواصم الأمة الإسلاميّة وعن الحرمين الشريفين لا عن الأقصى المبارك وغزة العزة فحسب.
سادسًا: نعلن في أسبوع القدس يوم الثلاثاء القادم الخامس والعشرين من رجب الموافق السادس من شباط "فبراير" طوفان العطاء، ليكون هذا اليوم يومًا عالميًا للبذل والعطاء والدعم المالي والجهاد بالمال في سبيل الله تعالى لنصرة أهلنا في غزة وتخفيف المعاناة عنهم، فهذا يوم البرهان على صدق العواطف الجياشة ويوم الإيثار والتدليل على صدق الأخوّة الإيمانيّة.
سابعًا: نعلن في أسبوع القدس العالميّ يوم الخميس القادم السابع والعشرين من رجب الموافق الثامن من شباط "فبراير" يومًا للضراعة والدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، وإننا إذ ندعو أن تكون أيامنا كلّها أيامًا للضراعة والدعاء نلجأ فيها إلى الله تعالى أن ينصر إخواننا المجاهدين ويثبت أقدامهم ويربط على قلوب أهلنا في غزة ويكف عنهم بأس المجرمين الصهاينة؛ فإننا ندعو إلى أن يكون يوم الخميس يومًا مركزيًا يفزع فيه المؤمنون إلى المساجد يعتكفون فيها ويجأرون إلى الله تعالى بالدعاء والضراعة.
هي القدسُ تناديكم وهو الأقصى يستصرخ ضمائر أبنائه ومحبّيه وتستصرخكم أشلاء أطفال غزة التي ما تزال تحت الأنقاض المدمّرة، وتناشد ضمائركم الدماء المراقة والقلوب الملهوفة ألا تخذلوها، وترنو إليكم أبصار المجاهدين الذين يذيقون عدونا وعدوكم وبال أمره ويدافعون عن أمنكم وأمن كل بلاد المسلمين. وأنتم خير من يلبّي النداء ويسارع في نصرة فلسطين الجريحة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
20 رجب 1445هـ
الموافق 1 فبراير2024م
اللجنة العليا لأسبوع القدس
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين