رسم تقرير للأمم المتحدة صورة قاتمة عن وضع الأطفال السوريين اللاجئين في الدول المحيطة ببلادهم، وحذر من أنهم يفقدون فرص التعليم وينشؤون في ظروف اجتماعية غير طبيعية، وغالبا ما يجدون أنفسهم أمام مسؤولية العمل لإعالة أسرهم.
ووصفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقريرها أعداد الأطفال السوريين اللاجئين بأنها "صادمة"، وأن أغلبهم يتواجدون في الأردن ولبنان، مشيرة إلى أن ما يزيد عن سبعين ألف عائلة سورية لاجئة فقدت الأب، وأن أكثر من ثلاثة آلاف طفل لاجئ يعيش بدون أبوين.
ويشير التقرير إلى أن عدد الأطفال الذين لا يحصلون على التعليم يفوق عدد نظرائهم الذين يحظون بهذه الفرصة، بينما يرسل عدد لا يحصى من العائلات النازحة أطفالهم للعمل لتأمين احتياجاتهم المعيشية الأساسية.
ومن الإفرازات التي تولدت نتيجة هروب السوريين من بلادهم طلبا للأمن، ولادة عدد كبير من الأطفال في المنفى وفي المخيمات، وذلك يحرمهم من الحصول على شهادات ميلاد وأوراق ثبوتية مناسبة. وقد كشف استقصاء حديث أجرته المفوضية حول تسجيل المواليد في لبنان أن 77% من الرضع ليست لديهم شهادات ميلاد رسمية.
وقد أنجز التقرير بعدما تحدث القائمون عليه إلى أطفال سوريين لاجئين في الأردن ولبنان. ويركز التقرير المكون من 60 صفحة، على الصدمة التي أصابت هؤلاء الأولاد الذين فروا بسبب النزاع في بلادهم والذي أسفر عن مقتل أكثر من 120 ألف شخص.
ولم يكشف التقرير الاسم الكامل للأولاد الذين تم التحدث إليهم حماية لهم ولأسرهم.
حتى لا ننسى
وقال المسؤول عن الحماية الدولية في المفوضية فولكر ترك للصحفيين في جنيف "من الأهمية بمكان إبراز الوجه الإنساني لأزمة اللاجئين لكي لا يُنسى"، وأضاف "إذا رأيتم ما يعاني منه الأطفال فإنهم يترجمون فعليا ماهية هذا النزاع".
وتقول التقديرات إن الأطفال يكوّنون قرابة نصف عدد اللاجئين السوريين الذين فاق عددهم الثلاثة ملايين نسمة بحسب أرقام الأمم المتحدة، مما يعني أن نحو 1.5 مليون طفل سوري يعيشون كلاجئين.
وقال ترك "إذا ما عدنا عشرين عاما إلى الوراء فإن أزمة اللاجئين السوريين بالنسبة لنا غير مسبوقة منذ أزمة رواندا"، في إشارة إلى الإبادة التي وقعت في ذلك البلد الأفريقي عام 1994.
ولفت المتحدث إلى أن هناك 6.5 ملايين سوري نزحوا عن ديارهم داخل سوريا، وهذا يعني أن الأطفال أيضا يشكلون نصف ذلك العدد تقريبا.
ويورد التقرير وصف الأطفال للفظاعات التي شاهدوها والصدمة التي تبعت ذلك، وقد عبروا عن مشاعرهم إما بالعبارات المكتوبة أو بالرسوم.
وقال طه (15 عاما) إنه شاهد سبع جثث قرب منزله في سوريا لعاملين في المفوضية العليا للاجئين، ووصف ذلك بقوله "لا يمكن أن أنسى هذا الأمر، وعندما أتذكر المشهد كأنني أصاب بطعنة سكين".
وبينما قالت سالا (17 عاما) إن "إراقة الدماء فظيعة في سوريا"، قال ماهر (16 عاما) الذي تعرض للتعذيب في سوريا ولا يزال والده مفقودا إن "أول ما أتمناه هو أن أعود إلى سوريا، وأن يفرج عن والدي".
خيال مضطرب
ورسم بعض الأطفال صور أسلحة حربية وجثث، وقد لفت ذلك نظر القائمين على التقرير وكيف أن خيال الطفل السوري اللاجئ يختلف عن خيال الطفل الذي يعيش في ظروف طبيعية. وعبّر ترك عن ذلك بالقول "شُطبت فكرة الدفء والمنزل في لحظة".
وأضاف "هناك خوف نفسي كبير وآثار صدمة (...) نرى ذلك في الأرق والانطواء على النفس والتأتأة والتبول في الفراش".
وأشار التقرير إلى أن مشاعر الغضب تنتشر هي الأخرى بين الأطفال، حيث يرغب بعض الفتية -الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما- بشدة في العودة إلى سوريا للقتال.
وهناك أيضا جروح جسدية، إذ يقول التقرير إن 741 طفلا تلقوا علاجا في المستشفيات اللبنانية خلال النصف الأول من العام الجاري، بينما خضع ألف طفل لاجئ في الأردن لعلاجات ترتبط بآثار الحرب خلال عام واحد.
وقال المتحدث باسم المفوضية العليا للاجئين أدريان إدواردز "يمر الأطفال بمحنة كبيرة، وهناك أيضا الضغوط الاقتصادية، مما يعني أن العديد من الأطفال ليسوا في المدارس وبالتالي ليسوا في هذه البيئة التي تبعث على الاطمئنان".