(سلسلة خطبة الجمعة) | تعرف على صفات ولي الله لترفع عتبة أمنياتك الدنيوية
الشيخ بن سالم باهشام
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
عباد الله، تختلف أمنيات الناس في الدنيا، باختلاف هممهم، وأعلى ما ينبغي أن يتمناه الشخص في هذه الحياة الفانية، أن يكون وليا لله، وكل من خرج من الدنيا ولم يعرف الله، ولم يفز بالله، فلا نهاية لحسرته، والولاية ليست عصمة، ولا شيئا مستحيلا لا يستطيع الشخص تحقيقه، وإنما أولياء الله هم بشر يصيبون ويخطئون، يذنبون فيستغفرون، وباستطاعة كل مؤمن وكل مؤمنة أن يكون وليا لله إن سلك طريق الولاية، واتصف بصفات أولياء الله.
عباد الله، إن أولياء الله هم أهل التقوى والأمن والبُشرى، قال سبحانه وتعالى في حقهم في سورة يونس: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ، ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [سورة يونس، الآيتان 62-64].
عباد الله، في هذه الآيات ذكر سبحانه وتعالى أن أولياء الله هم أهل الأمن والسكينة، وأنهم قد نالوا هذه الدرجة بتقواهم وخشيتهم لربهم، لذا استحقوا البُشرى بالفوز والنجاة، والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره، في شأن هذه الآية: “يُخبِر تعالى عن أوليائه وأحبائه، ويذكر أعمالهم وأوصافهم، وثوابهم فقال: ”أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ”، فيما يستقبلونه مما أمامهم من المخاوف والأهوال، “وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”، على ما أسلفوا، لأنهم لم يسلفوا إلا صالح الأعمال، وإذا كانوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ثبُت لهم الأمن والسعادة، والخير الكثير الذي لا يعلمه إلا الله تعالى؛ لأن الله تعالى أعطاهم صكَّ الأمان، فهم آمنون من العذاب؛ لأنهم حفظوا الله تعالى في دنياهم، فحفظهم في الدنيا والآخرة، أما التقوى التي هي اساس الولاية، وعليها مدار الدين كله، فهي: “أن لا يجدك الله حيث نهاك، وألا يفتقدك حيث أمرك”، وهي وصية الله لجميع الرسل عليهم السلام، ووصية الرسل لأقوامهم؛ يقول المولى عز وجل في سورة النساء: ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [سورة النساء، من الآية 131]، والتقوى هي اللباس الذي يستر عوراتنا الداخلية؛ من حقد وحسد… وأمراض قلوب أخرى، إذ يقول المولى عز وجل في سورة الأعراف: ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ) [سورة الأعراف من الآية 26.]، والتقوى هي سبب النجاة من النار، إذ يقول الله تعالى في سورة مريم: ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [سورة مريم، الآية 72]، فلنتقِ الله ما استطعنا حتى نكون من أولياء الله، وفي تفسير قوله تعالى: (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)؛ روى مسلم في صحيحه، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن)، وفي رواية: (ويٌحبّه الناس عليه)، وفي رواية: (ويَحمده الناس). [أخرجه مسلم، ح2642]، فالبشارة في الدنيا هي الثناء الحَسن، والمودة في قلوب المؤمنين، والرؤيا الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به، وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرفه عن مساوئ الأخلاق، كما روى أحمد، ومسلم، وابن حبان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إن الله إذا أَحَبَّ عبدا دعا جبريل فقال: إني أُحِبُّ فلانا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جبريل، ثم ينادى في السماء، إن الله يحب فلانا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أهل السماء، ثم يُوضَعُ له القبول في الأرض، وإذا أَبْغَضَ عبدا دعا جبريل فيقول: إني أُبْغِضُ فلانا فَأَبْغِضْهُ، فَيُبْغِضُهُ جبريل، ثم ينادى في أهل السماء، إن الله يبغض فلانا فَأَبْغِضُوهُ، فَيُبْغِضُونَهُ،ثم تُوضع له البغضاء في الأرض) [أخرجه أحمد (2/413، رقم 9341)، ومسلم (4/2030، رقم 2637)، وابن حبان (2/86، رقم 365)]، وأما البشرى في الآخرة، فالبُشرى لهم عند الموت، يقول المولى عز وجل في سورة فصلت: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ) [سورة فصلت، من الآية 30]، تُبشِّرهم الملائكة في لحظة الاحتضار بالجنة، وليس هذا فقط؛ بل يؤمّنهم ربهم يوم القيامة من الفزع الأكبر، لأنهم لم يخافوا في الدنيا؛ فيبشرهم بالجنة والرضوان من المولى عز وجل، والفوز برؤيته سبحانه وتعالى، وفي حقهم يقول الله تعالى في سورة الأنبياء: ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ. لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ. لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ، وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [سورة الأنبياء، الآيات101-103]، هكذا أولياء الله في بُعد عن النار، لا يسمعون صوتها، فضلاً عن أنهم لا يرونها.
عباد الله، والآن ليسأل كل واحد منا نفسه، هل أنا ممن لا يخاف من المستقبل، ولا يحزن على الماضي؟ فإن كنتَ كذلك، فأبشر أنك من أهل الأمن والتقوى في الحياة الدنيا.
عباد الله، إن أولياء الله هم أهل التقرب إلى الله بما يحب، روى البخاري في صحيحه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عبدي بشيء أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عبدي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شيء أَنَا فَاعِلُهُ، تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ)، [أخرجه البخاري 8/131 (ح 6502)]، فبالمحافظة على الفريضة؛ والتزوُّد بالنوافل من صيامٍ وقراءةِ القرآنٍ، وقيامِ لليلٍ، وصدقاتٍ تتقرّب بها إلى المولى عز وجل، فإنه يتقرّب هو منك سبحانه بالحفظ، فيحفظك بقرآنك من النظرة الحرام، ويحفظك بالمداومة على المسجد؛ من السير إلى الحرام، ويحفظك بالصيام من أكل مالٍ حرام، وهكذا، كلما اقتربت، أصبحت وليا لله، وتجده سبحانه يكره أن يُسئ إليك، ويُعيذك من كل ما تخافه، فأنت من الآمنين في الحياة الدنيا.
عباد الله، في إطار المحاسبة، ليسأل كل واحد منا نفسه، هل أنا ممن يتقرّب إلى الله بالنوافل؟ فإن كنت كذلك، فهذه بشرى أنك ولي لله، فهؤلاء هم الذين إذا رُؤوا ذُكِر الله، قال سبحانه وتعالى في سورة الفتح: (… سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ…) [سورة الفتح، من الآية 29]، فهؤلاء يبدو على وجوههم أثر الطاعة، وإن للطاعة نوراً وإشراقاً وحلاوةً ولذةً تبدو على أهل الطاعات، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وقوةً في البدن، وسعةً في الرزق، ومحبةً في قلوب الخلق، بأنهم من خيار الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم)، [نسبه ابن القيم في “روضة المحبين”:(ص441)، لأنس، وابن عباس رضي الله عنهم]،
وروى أحمد في المسند، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمُ؟ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَنَتَ). [غاية المقصد في زوائد المسند، للحافظ علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي(2/ 535)].
فيا عبد الله، هل رأيت يوماً رجلا على وجهه النور، ذكّرك بصلاتك الفائتة، أو بدرسِ علمٍ قد تركته من فترةٍ طويلةٍ وانشغلت؟ ألا تريد أن تكون من هؤلاء الناس؟ ألا تسأل الله في كل ركعة أن يجعلك من الذين أنعم الله عليهم؟ سُئل أحد الصالحين: (ما بال المتهجدين أحسن الناس وجهاً؟، فقال لهم: أولئك قومٌ خلَوا بالحبيب فألبَسَهم من نوره).
عباد الله، إن أولياء كانوا طِوال الليل مع الله سبحانه وتعالى في حالة ذكرٍ وسجودٍ وقيامٍ وركوعٍ وتلاوةٍ ودعاءٍ واستغفار، فألبسهم الله تعالى من نور عبادته، وأذاقهم من حلاوة طاعته، فظهر ذلك على وجوههم نوراً وسِيماً، وعلامةً يعرفهم بها الناس، فإذا رأوهم ذكروا الله تعالى، فاسأل نفسك يا عبد الله، واسألي نفسك يا أمة الله، هل أنا ممن إذا رُؤوا ذكر الله؟ فإذا كنت كذلك، فأبشر أنك ولي لله.
عباد الله، إن من صفات أولياء الله تعالى، صفاء قلوبهم وسلامتها، ومن ثمار هذا الصفاء، وهذه السلامة، تحابهم في الله، روى البيهقي في شعب الإيمان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ مِنْ عِبَادِي لَعِبَادًا يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ، قَالَ: ” هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللهِ عَلَى غَيْرِ أَمْوَالٍ، وَلَا أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ، عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ “أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” )، [يونس: 62]،[رواه البيهقي، في شعب الإيمان 11/ (315)].
عباد الله، إن هذه الصفة التي حدّدها النبي صلى الله عليه وسلم للأولياء، هي صفة عظيمة، فهم يجتمعون على طاعة الله، ويتفرقون على طاعته، ويتعاونون على البِرّ والتقوى، روحهم روحٌ إيمانية، ومجالسهم مجالس ذكر ووعظ وتلاوة للقرآن. وإنهم قوم ذاقوا طعم الإيمان؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري، عن أنسٍ – رضي الله عنه – : ( ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سَوَاهُمَا، وَأنْ يُحِبّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إلاَّ للهِ، …) [البخاري في صحيحه ج1/ص16 ح21].
عباد الله، إن من علامة الولاية، إجابة الدعاء، ألم يقل الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: (وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ)؟، يا له من كرم رباني، يمنحه سبحانه وتعالى لأوليائه، وخاصةً أنه يُعطيهم درجةً عظيمة، ألا وهي: إجابة الدعاء، من ذلك مثلاً ما كان يُروى عن سيدنا سعد بن أبي وقّاص رضي الله تعالى عنه، وهو أحد المبشَّرين بالجنة، وكان وأصحابه معه، يردّون ذلك إلى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له.. فذات يوم وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم منه ما سرّه وقرّ عينه، دعا له هذه الدعوة المأثورة،“ اللهم سدد رميته.. وأجب دعوته".
وهكذا عرف سعد رضي الله عنه، خال رسول صلى الله عليه وسلم، بين إخوانه وأصحابه، بأن دعوته كالسيف القاطع، ورغم ما أكرمه الله بنعمة إجابة الدعاء، لم يكن يدعو على أحد الا مفوّضا إلى الله أمره، روى الحاكم في المستدرك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كم من ضعيفٍ متضعّف ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك) [رواه الحاكم في المستدرك]، ثم إن البراء لقي زحفاً من المشركين، وقد أوجع المشركون في المسلمين، فقالوا له: “يا براء، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أقسمتَ على ربك لأبرك، فاقسم على ربك”، فقال: “أقسمتُ عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم”، فمُنِحوا أكتافهم، ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين، فقالوا: “أقسم يا براء على ربك عز وجل”، قال: “أُقسِم عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيك صلى الله عليه وسلم” فمُنِحو أكتافهم، وقُتِل البراء شهيداً).
فيا عبد الله، إذا أردت أن تكون من مستجابي الدعوة، فنفّذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال لسعد بن معاذ رضي الله عنه فيما رواه الطبراني في المعجم الأوسط: (يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)، [أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط]. فتحرّ المال الحلال. وأوقات إجابة الدعاء، كجوف الليل، وبين الأذان والإقامة، وبعد كل طاعة لله، وعند استحضار القلب، وعدم الاكتفاء بالدعاء باللسان فقط.
فيا عبد الله، والآن؛ اسأل نفسك هل أنت من مستجابي الدعاء؟ فإن كنت كذلك، فأبشر أنك من أولياء الله، الذين عرفوا الله فاستقاموا على منهجه، قال تعالى في سورة فصلت: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُون. نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ). [سورة فصلت، الآيات30-32]. ومن تفسير هذه الآية: ثم استقاموا على أن الله ربهم وحده، أو على إخلاص الدين، والعمل إلى الموت، أو في قول آخر: ثم استقاموا سِرّاً كما استقاموا جهراً، فالاستقامة سبب في تيسير أمور الحياة، كما قال الله تعالى في سورة الجن: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا . لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) [سورة الجن، من الآيتين16-17]؛ فيشربون الماء عذباً زلالا، ولا يجهدون أنفسهم في شيء، ولا يحملون همّ شيء، وهي كلمة إذا اتخذتها طريقا لا تحتاج بعدها أن تسأل أحدا عن شيءٍ في الإسلام، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه فيما رواه مسلم قال: (قلتُ يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك”، قال: قل: آمنت بالله ثم استقم). [رواه مسلم (ح 38)]. فاللهم اهدنا الصراط المستقيم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.