تحت سمع العالم وبصره، أعلن (حسن نصر الله) حربه الطائفية على الشعب السوري، وأنه سيزجّ بعشرات الألوف في هذه المعركة، وكانت عصابات حزبه قبل هذا الإعلان، تشارك مع عصابات بشار الأسد، في عمليات القتل والذبح التي ترتكبها هذه العصابات المجرمة، بحقّ أهلنا في مختلف المدن والبلدات السورية.
وفي زيارة مفاجئة إلى بغداد بعد ذلك بيوم واحد، يعلن وليد المعلم، أن (سورية) قررت فتح أبوابها أمام أفواج السياح العراقيين، بدون تأشيرة دخول، مع أن سلطات بشار الأسد لا تسيطر على معابر الحدود السورية العراقية، بل تقع كلها تحت سيطرة الجيش الحرّ والثوار.
وأمام هذه الحرب المعلنة، وهذه التصرّفات الرعناء، لا بدّ من وضع هذه المواقف في إطارها السياسيّ والقانونيّ، واستحضار الحقائق التالية:
إن (حسن نصر الله) مواطن لبنانيّ، وشريك أساسيّ في الحكومة اللبنانية، وبالتالي فإن موقفه هذا ينسحبُ على الدولة اللبنانية، ويعرّض العلاقة بين الشعبين الشقيقين الجارين، إلى تداعيات خطيرة لا يمكن لأحد التكهّن بمآلاتها.
إن ارتباط (حسن نصر الله) المعلن، بالوليّ الفقيه في طهران، وكونه أداة من أدواته، يؤكّد أن هذه الحرب التي أعلنها على شعبنا، إنما تأتي في سياق الحرب التي تشنّها إيران، على الشعب السوريّ، مع عصابات بشار الأسد، ، منذ بداية ثورة الحرية والكرامة، مما يرتّب على ذلك استحقاقات ومسئوليات عربية وإسلامية ودولية..
إن استقواء عصابات بشار الأسد، بالعصابات الطائفية في إيران ولبنان والعراق، بالإضافة إلى أنه دليل ضعف ومؤشر هزيمة.. فإنه يفتحُ أبوابَ الوطن للتدخّل الخارجيّ، ويحمّلها مسئولية كلّ التداعيات التي ستنتج عن هذا التدخّل، ويضعُ الدولَ والقوى السياسية العربية الرافضة للتدخل الخارجيّ في سورية، أمامَ مسئولياتها في وقف هذا التدخّل.
إن البُعدَ الطائفيّ المعلنَ والمكشوف، الذي تنطلقُ منه عصابات (بشار الأسد، وخامنئي، والمالكي، وحسن نصر الله)، سيفتح البابَ واسعاً أمامَ تفجّر صراعٍ طائفيّ دوليّ، ليس من السهل على العقلاء السيطرة عليه، ويحمّلُ الصامتين من القوى والحكومات العربية والإسلامية والدولية، مسئولية إشعال المنطقة كلها، ونقل الصراع إلى دول المنطقة والجوار.
إن توقيتَ إعلان هذه الحرب على الشعب السوري، وتزامنَها مع دعوة المجتمع الدوليّ إلى مؤتمر جنيف، للبحث عن حلّ سياسيّ.. سيجعلُ من هذه الدعوة - تحتَ تهديد هذه العصابات - والاستجابة إليها، نوعاً من العبث.
إن تجاهلَ المجتمع الدوليّ، والقوى السياسية، والدول العربية، للمذابح التي ترتكبها هذه العصاباتُ على الأرض السورية، وينفذها عشرات الآلاف من المرتزقة الطائفيّين، المدجّجين بمختلف الأسلحة الفتاكة، إنما هو اشتراكٌ فعليّ في حرب الإبادة، التي تشنّها هذه العصابات على الشعب السوري وثورته، وإخلالٌ بالالتزامات والمواثيق العربية والدولية، ومبادئ وشرائع حقوق الإنسان.
إن جماعة الإخوان المسلمين في سورية، وهي تصدرُ بيانَها التحذيريّ هذا.. لتدعو كافة أبناء الشعب السوريّ الأبيّ، وجميعَ قوى الثورة والمعارضة الوطنية، والألوية والكتائب في كافة الأراضي السورية، إلى وحدة الصفّ والتضامن والتعاون، والوقوف جبهة واحدة صامدة، وصفاً واحداً مرصوصا، للتصدّي لمواجهة هذا الغزو الطائفيّ الخارجيّ، واعتبار ذلك أولوية لا تتقدّم عليها أيّ أولوية أخرى.
وندعو رئيسَ الجمهورية اللبنانية وحكومته، إلى تحمّل مسئولياتهما في وقف العدوان الصارخ على الأرض السورية والشعب السوري، من قبل (حسن نصر الله) وحزبه الطائفيّ.
كما ندعو الدولَ العربية والشقيقة، الداعمة للثورة السورية، وأصدقاءَ الشعب السوري، إلى تحرّكٍ سريعٍ جادّ، لوقف هذا العدوان السافر، وإجبار القوات الغازية المعتدية على الانسحاب الفوريّ من الأراضي السورية.
كما ندعو المجتمعَ الدوليّ، إلى تحمّل مسئولياته كاملة، في حماية الشعب السوريّ، والأرض السورية، من هذا العدوان الخارجيّ، ومن محاولات تقسيم سورية.. واتخاذ الإجراءات الضرورية، الكفيلة بوقف حرب الإبادة، التي تشنّها عصاباتُ بشار الأسد والقوى الخارجية المتحالفة معها، على الشعب السوري.
وإننا إذ نحيّي المواقفَ الجريئة للعلماء الشيعة، الذين رفضوا المنطقَ الطائفيّ لـ (حسن نصر الله)، وأكّدوا على وحدة المسلمين، ووقفوا مع ثورة الشعب السوري، من أمثال المرجع (محمد حسن الامين)، والشيخ (صبحي الطفيلي).. ندعو علماءَ المسلمين جميعاً إلى إعلان كلمة الحقّ، وبيان الموقف الشرعيّ من هذه العصابات الطائفية المعتدية.
وإن جماعة الإخوان المسلمين في سورية، إذ تحيّي صمودَ شعبنا وثواره الأبطال، وتعاونَ كتائب الجيش السوريّ الحر وألويته، وتضامنَهم في مواجهة هذا الغزو الخارجيّ.. لتهيبُ بالإخوة المرابطين على الحدود والمعابر والثغور، من فرسان الجيش الحر الأشاوس، ومن أهلنا من قبائل عرب الأنبار الشرفاء.. أن يتحمّلوا مسئولياتهم القومية والوطنية، في مواجهة هذه العصابات الغازية.
يا أبناء شعبنا السوريّ المصابر.. يا ثوارنا الأشاوس.. يا أبطال الجيش السوري الحرّ.. امضوا على طريق ثورتكم المجيدة ثورة العدل والحرية والكرامة.. واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا.. ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. والله أكبر ولله الحمد.
19 من رجب 1434، الموافق 29 من أيار 2013
جماعة الإخوان المسلمين في سورية