البحث

التفاصيل

أعمال يوم المؤمن وليلته الرمضانية

الرابط المختصر :

أعمال يوم المؤمن وليلته الرمضانية

الشيخ بنسالم باهشام

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

ما دامت أعمال العارفين بالله من المصحوبين الذين هم ورثة الأنبياء عليهم السلام، لا تحيد عن مقاصد الشرع، فإنهم يرتقون بمن يصحبهم، فيربونهم على أن تكون أمنيتهم الدنيوية، أن يكونوا أولياء لله، والله عز وجل ما فرض شهر رمضان على المؤمنين إلا ليحققوا هذه الأمنية العالية، ليصبحوا أولياء لله تعالى، قال عز وجل:( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ، ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ، فبالإيمان والتقوى يصبح الفرد –  ذكرا كان أو أنثى – وليا من أولياء الله تعالى، بل إن شرط قبول كل الأعمال الصالحة هو التقوى، قال تعالى:(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، بل إن التقوى هي الزاد الوحيد للآخرة، قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) ، ومن رحمة الله تعالى بكل مسلم أنه سبحانه وتعالى راعى ضعفنا، وعلم أننا لا نقدر على تقواه حق التقوى طول العام، ففرض علينا صيام رمضان لنتقيه  سبحانه وتعالى شهراً ، ويكتبنا بمنِّه وفضله وكرمه من المتقين دهراً، لأن بهذه الدورة التكوينية التربوية الربانية الرمضانية، سنمارس الكثير من العبادات، والتي ستصبح بعد رمضان وردا لنا إن نحن وضعنا لها برنامجا محكما، وسعينا بكل جهودنا لممارستها دون إفراط أو تفريط، وذلك بالتعاون مع إخواننا في إطار الصحبة والجماعة ليتم التنافس، قال سبحانه:( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).

فما هي إذن مواد هذا البرنامج؟ التي يمكن أن نسميها “أعمال يوم المؤمن وليلته الرمضانية.

أولا: المحافظة على الصلوات الخمس في وقتها، ومع الجماعة في المسجد إن أمكن.

عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: “خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّة”

بل على كل مؤمن أن يحرص على التبكير إلى الصلوات الخمس في المسجد وألا يتأخر عن الحضور وقت الصلاة حتى لا يفوت عليه الخير الكثير مثل:

أولاً: ترك السكينة والوقار، فقد روى أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ :(إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا). والتفريط في حضور الجماعة مبكرا يفوت على الفرد السكينة والوقار.

ثانياً: كثيراً ما تفوت المؤمن بهذا التأخر فضيلة الرواح والغدو إلى المساجد، فقد روى أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي – صلى الله عليه وسلم- قَالَ :(مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ في الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا وَرَاحَ).

ثالثاً: فوات كثرة الخطى حيث يجيء أحدهم مسرعاً، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ :(“أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ “. قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:”إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى المكاره وكثرة الْخُطَى إِلَى المساجد وانتظار الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ”).

رابعاً: فوات استغفار الملائكة لمن ينتظر الصلاة في المسجد قبل الإقامة، وكونه في حكم المصلي، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (صَلاَةُ الجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ، وَأَتَى المَسْجِدَ، لاَ يُرِيدُ إِلَّا الصَّلاَةَ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدْخُلَ المَسْجِدَ، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ، كَانَ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَتْ تَحْبِسُهُ، وَتُصَلِّي – يَعْنِي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ – مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ )  وفي رواية: (لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا في الصلاة).

خامساً: في التأخر فوات الصف الأول غالباً مع ما فيه من الفضل، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- 🙁 لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِى النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى التَّهْجِيرِ – أي التبكير إلى الصلاة- لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا).  وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا).

سادساً: في التأخر غالباً فوات تكبيرة الإحرام وهي أفضل التكبيرات، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم -: (إن لكل شيء أنفَةً، وإن أنفَةَ الصلاة التكبيرة الأولى، فحافظوا عليها)، وروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لِكُلِّ شَيْءٍ صَفْوَةٌ وَصَفْوَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى).

سابعاً: هذا التأخر يفوت السنن الراتبة القبلية التي سنبينها ونفصل في فضلها إن شاء الله تعالى.

ثامناً: هذا التأخر يفوت وقت إجابة الدعاء، وهو ما بين الأذان والإقامة، فعن أنس – رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ).

تاسعاً: كثيراً ما يفوت المتأخر متابعة المؤذن والمقيم، والدعاء بعد الأذان، فإن متابعة المؤذن بالذكر مع الإخلاص سبب لدخول الجنة، فعَنْ جَابِرٍ- رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: (مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ اَلنِّدَاءَ: اَللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ اَلدَّعْوَةِ اَلتَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ اَلْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا اَلْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا اَلَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ).

عاشراً: هذا التأخر قد يفوت إدراك صلاة الجماعة، وصلاة الجماعة تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة. فقد روى الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ :(صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً).

حادي عشر: هذا التأخر قد يفوت إدراك ميمنة الصف، لما ثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، من فضل الصلاة على يمين الصف. فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- :(إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ).

ثاني عشر: ومما يفوت المتأخر عن الصلاة التأمين وراء الإمام في الصلاة الجهرية، فقد روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، وهذا لا شك فضل عظيم وخير كثير، يدفع العبد إلى التبكير إلى الصلوات حتى لا يفوته هذا التأمين.

ثالث عشر: إن التبكير إلى الصلاة والاهتمام بها دليل على أن صاحبها ممن تعلق قلبه بالمساجد، وحينئذ يكون ممن يظلهم اللّه يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله كما في الحديث المتفق عليه. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ :(سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ…، وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا فِى الْمَسْجِدِ، …)

رابع عشر: هذا التأخر يفوت الاشتغال بالذكر والدعاء وقراءة ما تيسر من القرآن، فإن المتقدم إلى المسجد وقت الأذان أو بعده بقليل يبقى في المسجد نحو ساعة، وقت الصلاة وقبلها وبعدها، يتقرب إلى اللّه تعالى بأنواع العبادات، من ذكر ودعاء وقراءة للقرآن، وإنصات له، وتفكير في آلاء اللّه تعالى، وخلوه بذكره ومناجاته، وانقطاع عن الدنيا وهمومها، ليكون ذلك أدعى إلى الإقبال على الصلاة والخشوع فيها، بخلاف المتأخر فإنه يصلي وقلبه منشغل بهمومه وأحزانه، فلا يقبل على صلاته ولا يحضر فيها قلبه، ولو أن الإنسان عود نفسه على التقدم مرة بعد مرة لسهل عليه الأمر وأصبح محبوباً عند نفسه، يلتذ بجلوسه في المسجد أتم من لذته مع أهله وولده، فلنحرص على التقدم حتى لا نكون ممن توعدهم النبي بالتأخر في كل شؤونهم الدنيوية والأخروية ، فعن أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- رَأَى فِى أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُمْ: (تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِى وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ. لاَ يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ).

ثانيا: الحرص على النوافل القبلية والبعدية (الرواتب).

عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ صَلَّى ثِنْتَي عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ) ، وفي رواية زيادة : «أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ ، وَاثْنَتَيْنِ بَعْدَهَا ، وَاثْنَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ ، وَاثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، وَاثْنَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ ». قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا تَرَكْتُهُنَّ بَعْدُ. قَالَ عَنْبَسَةُ: مَا تَرَكْتُهُنَّ بَعْدُ. قَالَ عَمْرُو: مَا تَرَكْتُهُنَّ بَعْدُ. قَالَ النُّعْمَانُ: وَأَنَا مَا أَكَادُ أَنْ أَدَعُهُنَّ بَعْدُ.

أ) سنة الفجر

1- عن عَائِشَةَ رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ من الدُّنْيَا وما فيها) وفي رواية (لَهُمَا أَحَبُّ إلي من الدُّنْيَا جميعاً)

2- وعنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم:( لم يَكُنْ على شَيْءٍ من النَّوَافِلِ أَشَدَّ تعَاهَدَاً منه على رَكْعَتَيْ الفجر)

3- وعنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم (كان لا يَدَعُ أَرْبَعاً قبل الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْغَدَاةِ).

ب) سنة الظهر

1- عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم: (كان لا يَدَعُ أَرْبَعاً قبل الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قبل الْغَدَاةِ)

2- وعنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم (يُصَلِّي في بَيْتِي قبل الظُّهْرِ أَرْبَعاً ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وكان يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ)

3- عن بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: (صَلَّيْتُ مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قبل الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ)

4- عن أُمَّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النبي صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:( من حَافَظَ على أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قبل الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ الله على النَّارِ)

5- عن عبد اللَّهِ بن السَّائِبِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (كان يُصَلِّي أَرْبَعاً بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قبل الظُّهْرِ وقال: إنها سَاعَةٌ تُفْتَحُ فيها أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لي فيها عَمَلٌ صَالِحٌ).

ج) سنة الجمعة

1- عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: (صَلَّيْتُ مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قبل الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ)

2- عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (إذا صلى أحدكم الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً)

3- عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم (كَانَ لا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حتى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ في بَيْتِهِ).

د) سنة العصر

1- عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم: (يُصَلِّي قبل الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ على الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ من الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ)

2- عن بن عُمَرَ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رَحِمَ الله إمرا   صلى قبل الْعَصْرِ أَرْبَعاً).

ج) سنة المغرب

1 – عن عبد اللَّهِ بن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صَلُّوا قبل صَلاةِ الْمَغْرِبِ قال في الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا الناس سُنَّةً)

2 – عن أَنَسِ رضي الله عنه قال: (لقد رأيت كِبَارَ أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ)

3- وعنه قال:( َكُنَّا نُصَلِّي على عَهْدِ النبي صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قبل صَلاةِ   الْمَغْرِبِ فقيل: أَكَانَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاهُمَا قال كان يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا فلم يَأْمُرْنَا ولم يَنْهَنَا)

4 – وعنه قال:( كنا بِالْمَدِينَةِ فإذا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلاةِ الْمَغْرِبِ ابْتَدَرُوا السَّوَارِيَ فَيَرْكَعُونَ رَكْعَتَيْنِ حتى إِنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلاةَ قد صُلِّيَتْ من كَثْرَةِ من يُصَلِّيهِمَا)

5- عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال:( صَلَّيْتُ مع رسول اللَّهِ   صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قبل الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ).

د) الصلاة بين المغرب والعشاء

1- عن حذيفة رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فَصَلَّيْتُ معه الْمَغْرِبَ فَصَلَّى إلى الْعِشَاءَ)

2- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) قَالَ: (كَانُوا يَتَيَقَّظُونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلُّونَ مَا بَيْنَهُمَا)، وكان الحسن يقول: (قيام الليل).

ج) سنة العشاء

1-عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: (صَلَّيْتُ مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قبل الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ).

ثالثا: المحافظة على صلاة الضحى.

أ) مشروعية صلاة الضحى

جمع الإمام ابن القيم رحمه الله الأقوال في حكمها فبلغت ستة أقوال، وأرجح الأقوال إنها سنة مستحبة، كما قرره ابن دقيق العيد، والصنعاني في سبل السلام، والشوكاني في نيل الأوطار، قال الشوكاني: ” ولا يخفاك أن الأحاديث الواردة بإثباتها قد بلغ مبلغاً لا يقصر البعض منه عن اقتضاء الاستحباب”.

ب) فضل صلاة الضحى

لا شك أن الالتزام بتعاليم الإسلام مجلبة لكل خير، والابتعاد عنها مجلبة لكل سوء وشر. ومن تعاليم الإسلام الجميلة، المحافظة على صلاة الضحى، وهي من النوافل المستحبة، ولها فضل عظيم.

قال صلى الله عليه وسلم أنه: (يُصْبِحُ عَلَىَ كُلّ سُلاَمَىَ مِنْ أَحِدكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ. وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئُ، مِنْ ذَلِكَ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضّحَىَ).

قال صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره).

 

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (بعثَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم سَرِيَّة فغنِموا وأسرعوا الرَّجعة، فتحدَّث النَّاس بقُرْبِ مَغزاهم وكَثرَة غنيمَتهم وسُرعة رَجعتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ألا أدلُّكم على ما هو أقرَب منهم مَغزى وأكثر غَنيمَة وأوْشَك رَجعة؟ من توضأ ثم غَدَا إلى المسجدِ لِسبحَة الضحى فهو أقرَب مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة).

ج) وقت صلاة الضحى

يبدأ وقت صلاة الضحى من بدء حل النافلة. وهو مقدار ارتفاع الشمس رمحا أو رمحين، ويحصل ذلك بعد خمس عشرة دقيقة تقريباً بعد بزوغ الشمس، وينتهي وقتها قبل وقت الظهر، وهو قُبيل زوال الشمس بزمن قليل، وقدَّره بعض العلماء بعشر دقائق تقريباً قبل دخول وقت الظهر. فيمكن أن تؤدى في أي ساعة من هذا الوقت. زاد ابن أبي شيبة في المصنف: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون الضحى، فقال: ” صلاة الأوَّابين إذا رَمَضَت الفِصالُ مِن الضُّحَى ” ) وفي رواية لابن مردويه في تفسيره، (وهم يصلون بعدما ارتفعت الشمس)، ومعنى رَمَضَت: احترَقت أخفافها مِن شِدّة الحرّ. والرَّمْضاء: هي التراب السَّاخن مِن شِدَّة وَهَج الشَّمس. وهي شدة الحرِّ. والفصيل: هو الصَّغير مِن الإبِل. قال الإمام المناوي في فيض القدير: وفي رواية لمسلم (إذا رمضت الفصال) أي حين تصيبها الرمضاء فتحرق أخفافها لشدة الحر، فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد حر الرَّمضاء، فتحرق أخفاف الفصال لمماستها. لهذا فإن أفضل أوقات صلاتها، أن تكون في آخر الوقت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، يعني حين تقوم الفصال من الرمضاء لشدة حرارتها، ولهذا قال العلماء: إن تأخير ركعتي الضحى إلى آخر الوقت أفضل من تقديمها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب أن تؤخر صلاة الضحى إلى آخر الوقت، إلا مع المشقة.

د) صلاة الضحى وفوائدها العلاجية

قال صلى الله عليه وسلم: (يُصْبِحُ عَلَىَ كُلّ سُلاَمَىَ مِنْ أَحِدكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ. وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئُ، مِنْ ذَلِكَ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضّحَىَ)، والسُلامى هي العظام أو مفاصل العظام، يعني أنه يصبح كل يوم على كل واحد من الناس صدقة في كل عضو من أعضائه، في كل مفصل من مفاصله. قالوا: والبدَن فيه ثلاثمائة وستون مفصلا ما بين صغير وكبير، فيصبح على كل إنسان كل يوم ثلاثمائة وستون صدقة. ولكن هده الصدقات ليست صدقات مالية، بل هي عامة، كل أبواب الخير صدقة، كل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، كل شيء يقرب إلى الله عز وجل من قول أو فعل فإنه صدقة. حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنك إذا أعنت الرجل في دابته وحملته عليها أو رفعت له عليها متاعه فهو صدقة) قراءة القرآن صدقة، طلب العلم صدقة، وحينئذ تكثر الصدقات، ويمكن أن يأتي الإنسان بما عليه من الصدقات وهي ثلاثمائة وستون صدقة.

ثم قال عليه الصلاة والسلام:( ثم يجزئ من ذلك) يعني عن ذلك (ركعتان يركعهما من الضحى) يعني أنك إذا صليت من الضحى ركعتين أجزأت عن كل الصدقات التي عليك، وهذا تيسير الله عز وجل على العباد.

وفي هذا الحديث: دليل على أن الصدقة تطلق على ما ليس بمال.

وفيه: أيضا دليل على أن ركعتي الضحى سنة، سنة كل يوم، لأنه إذا كان كل يوم عليك صدقة على كل عضو من أعضائك، وكانت الركعتان تجزئ، فهذا يقتضي أن صلاة الضحى سنة كل يوم، من أجل أن تقضي الصدقات التي عليك، وانطلاقا ًمن هذا الحديث كان أحد الأطباء المسلمين يوصي بعض المرضى من المصابين بحمى المفاصل أو التيفود بالمحافظة على صلاة الضحى. وذلك لأن المفاصل في جسم الإنسان وعددها ثلاث مئة وستون مفصلا كما هو مبين في حديث آخر، وكما أثبته علماء التشريح. نعمة عظيمة من الله ويجب شكرها، ويكون شكرها بما مرّ أعلاه في الحديث من السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإماطة الأذى وكافة الصدقات والأعمال الصالحة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الضحى تجزئ عن ذلك كله.

ولا شك أن الذي لا يشكر النعم يستحق العقوبة ومصادرة تلك النعمة بل وتحويلها إلى نقمة وعذاب.

وصلاة الضحى التي هي شكر لنعمة المفاصل ـ من شأنها تخفيف آلام المفاصل كما هو ثابت لدى هذا الطبيب بالتجربة.

ويقول أهل الاختصاص بالساعة البيولوجية وإيقاعاتها في الجسم البشري: إن ذلك الوقت تكون مخاطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية في أعلى معدلاتها. ولعل صلاة الضحى مع الوضوء قبلها والسجود المصحوب بالطمأنينة فيها، تساهم في درء تلك المخاطر وخفض معدلاتها.

وقد ورد في صحيح مسلم في حديث آخر عن المفاصل: أن من يقوم بتلك الأعمال التي هي شكر لنعمة المفاصل (فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار) والعلاقة بين النار والشيطان واضحة فهو الذي يقود إلى النار، كما أنه يمكن أن يفهم ـ أيضاً ـ أنه زحزح نفسه عن الشيطان الذي ـ حقيقته ـ نار منتشرة في الجسد.

وصلاة الضحى تكون علاجاً للروح ـ أيضاً ـ ومدخلاً للتوبة وساعة تصفو فيها الروح وتزكو لضعف الشيطان القرين الموسوس ـ آنذاك.

ولذلك قال عنها الرسول عليه الصلاة والسلام: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)

وتأمل معي قول الله تعالى: (والضحى. والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى)، كيف أن الله أقسم بالضحى وقدمه على سكون الليل الذي منزلته عظيمة، ليجعل جواب القسم أنه مازال على العهد محباً لك فأقبل ولا تخف مهما بلغت ذنوبك فهنا الرحمة والمغفرة.

ه) صلاة الضحى وسيلة للاستقامة

صلاة الضحى من أفضل وسائل الالتزام والاستقامة والتغيير نحو الأفضل. يقول علماء التربية لكي تغير الشخص لا بد من تغيير اهتماماته، وصلاة الضحى فيها نوع من تغيير اهتمامات الشخص وذلك أنها تنقل الشخص من بيئة العمل والبيع والشراء وهمومها إلى بيئة المسجد والمصلى حيث الطهارة والنقاء.

و) الحكمة في تسمية المحافظين على صلاة الضحى بالأوابين

قال النبي صلى الله عليه وسلم:(صلاةُ الأوَّابين إذا رمَضَت الفِصالُ)، وفي رواية: “صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى”. فصلاة الضحى هي صلاة الأوابين، والحاصل أن صلاة الأوابين هي (صلاة الضحى).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يُحَافِظُ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى إِلَّا أَوَّابٌ. قَالَ: “وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ”.).

وإنما أضاف الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة في هذا الوقت إلى الأوابين لأن النفس تركن فيه إلى الدعة والاستراحة، فصرفها إلى الطاعة، والاشتغال فيه بالصلاة رجوع من مراد النفس إلى مرضاة الرب، ذكره القاضي عياض.

ز) عدد ركعات صلاة الضحى

صلاة الضحى من النوافل المستحبة ولها فضل عظيم، وأقل صلاة الضحى ركعتان. ولا حد لأكثرها، وحددها الشافعية بثماني ركعات. وحددها آخرون باثنتي عشرة ركعة. وقد ثبت أن النبي – صلي الله عليه وسلم – صلاها أربعا. وصلاها ثمانية وصلاها أكثر من ذلك.

ركعتان: قال صلى الله عليه وسلم: ” يُصْبِحُ عَلَىَ كُلّ سُلاَمَىَ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ. وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئُ، مِنْ ذَلِكَ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضّحَىَ”.. فأقلها ركعتان لهذا الحديث.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (أوْصاني خَلِيلي بِثلاثٍ: صيامِ ثلاثةِ أيامٍ مِن كُلّ شَهر، ورَكْعَتي الضُّحى، وأنْ أوتِر قَبل أنْ أنام).

أربع ركعات: قال صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (ابْن آدَم ارْكَع لي أرْبَع رَكْعَات مِن أوَّل النَّهار أكْفِكَ آخِرَه.)

ثماني ركعات: عن أم هانئ رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها؛ غير أنه يتم الركوع والسجود).

ثنتا عشرة ركعة: ذهب أكثر العلماء إلى أن لها عدداً محدداً واختلفوا فيه اختلافاً كثيراً، والراجح أنه ثنتا عشرة ركعة، لأدلة منها: حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” مَن صلَّى الضُّحى ثَنْتي عَشرَة رَكْعَة بَنى اللهُ لَه قَصراً في الجنَّة”.  وعليه، فمن صلى ركعتين أجزأته، ومن زاد فقد أحسن، والأولى ألا يزيد عن ثنتي عشرة ركعة، لأنها أكثر ما صح فيه الدليل.

ح) كيفية صلاة الضحى

إذا صلى الأواب أكثر من ركعتين، فالأفضل له أن يسلم من كل ركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “صلاةُ الَّليلِ والنَّهارِ مَثْنى مَثْنى”. وأن تكون القراءة فيها سرية.

والأفضل أن تُصلَّى صلاة الضحى فُرادَى كل ركعتين بسلام، ويجوز أن تصلَّى جماعة أحيانا. وقد روى ابن وهب عن مالك أنه قال: لا بأس بأن يؤم النفر في النافلة، فأما أن يكون مشتهراً ويجمع له الناس فلا. كما يجوز أن تصلى شفعاً بأكثر من ركعتين بسلام واحد كأربع أو ست.

ط) دعاء العز والغنى بعد صلاة الضحى

لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء خاص بصلاة الضحى، وللمسلم أن يدعو الله تعالى بما شاء مما ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم، سواء دعاه بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو دعاه بما يتيسر له هو من دعائه الخاص، إلا أن الدعاء بالمأثور من أنواع الأدعية العامة غير المحددة بزمان أو مكان أفضل إذا كان الداعي يحفظ شيئا منها، ولا بأس ببعض الأدعية التي وردت على بعض العلماء ورجال التربية ولو لم يكن لها سند ما دام مضمونها حلال، شريطة أن نعرف مضمونها لأن الله لا يقبل دعاء من قلب لاه، ومن هذه الأدعية التي ورد قولها بعد صلاة الضحى،  كما جاء في كتاب “خلاصة المدد النبوي في أوراد آل باعلوي “لعمر بن محمد بن سالم بن حفيظ ابن الشيخ أبي بكر بن سالم، وهو كتاب مختصر جمع فيه عمر أوراد طريق السادة آل أبي علوي من كتب المأثورات وكتب السادة آل باعلوي. دعاء يقال بعد صلاة الضحى، فقال: هذا دعاء يقال عقب صلاة الضحى فيه من المنافع وطلب الأرزاق الحسية والمعنوية وكل ما فيه خير: الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم، يا الله يا واحد يا أحد يا واجد يا جواد، انفحنا منك بنفحة خير (ثلاثا) في كل لحظة أبدا عدد خلقك ورضاء نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك. ثم تقول رافعا يديك: يا باسط (عشرا) ثم تضمهما قائلا: ابسط علينا الخير والرزق، ووفقنا لإصابة الصواب والحق، وزينا بالإخلاص والصدق، وأعذنا من شر الخلق، واختم لنا بالحسنى في لطف وعافية. اللهم إن الضحاء ضحاؤك، والبهاء بهاؤك، والجمال جمالك، والقوة قوتك، والقدرة قدرتك، والسلطان سلطانك، والعظمة عظمتك، والعصمة عصمتك.

اللهم إن كان رزقي وأحبابي والمسلمين أبدا في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدا فقربه، وإن كان قليلا فكثّره، وإن كان معدوما فأوجده، وإن كان حراما فطهره، بحق ضحائك وبهائك وجمالك وقوتك وقدرتك وسلطانك وعظمتك وعصمتك. اللهم آتنا في كل حين أفضل ما آتيت أو تؤتي عبادك الصالحين، مع العافية التامة في الدارين آمين.

رابعا: صلاة التراويح كلها دون نقصان:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا).

 

ـــــــــــــــــــــــــــ

 * ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.





البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع