البحث

التفاصيل

الشباب المسلم ومشكلات المنهج (3)

الرابط المختصر :

الشباب المسلم ومشكلات المنهج (3)

بقلم: سعد الكبيسي

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

**

الشباب المسلم ومشكلات المنهج (1) و (2)

**

 

نستكمل معكم في هذه التدوينة الثالثة والأخيرة بقية التحديات والمشكلات المنهجية التي تواجه الشباب المسلم.

التحديات المنهجية الحضارية

قد يكون بداية القرن التاسع عشر بداية الظهور الجلي للتباين الحضاري بين العالم الإسلامي وبين العالم الغربي الذي بدا أنه القوة القادمة التي ستقدم نموذجا حضاريا يتمثل بنظم سياسية جديدة ومنظومات فكرية حداثية عن الدين والمجتمع والإنسان، مصحوبة بتقدم صناعي سريع وهائل يضمن لها التفوق على من سواها، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم كان هناك صراع حضاري ظاهر أو خفي بين الأمة وشبابها وبين العالم الغربي وحتى العالم الشرقي، أدى إلى انقسام النخب والجماهير إلى مناد باللحاق بركب هذه الحضارة على سبيل التبعية، ومناد ببيان عوارها والتحفظ على مخرجاتها خوف الذوبان فيها.

ولقد كان العنوان الكبير للمنادين باللحاق بهذه الحضارة هو تجاوز الدين كنظام حياة واعتباره العائق الأكبر، حيث لم تصنع الحضارة المعاصرة إلا بتجاوزه، لكن ما حصل فعلا في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي أنهم مع تجاوز هذا الدين فإن الفشل كان حليفهم فلا هم حافظوا على هويتهم ولا هم لحقوا حقيقة بالحضارة التي انبهروا بها وتابعوها.

واليوم وبعد أحداث غزة، حدث تحول عالمي هائل وإسلامي على وجه الخصوص في انكشاف الكثير من القيم الزائفة لهذه الحضارة، وخبا بريقها بسرعة لم يتوقعها أحد.

ومواجهة هذا التحدي إنما يكون في إيجاد النموذج الحضاري الخاص بالأمة، وبيان خارطة الطريق في الوصول إليها، وعدم الاقتصار على توضيح عوار الحضارة المناوئة وتكثيف الجهود نحو العمل الفكري الجاد وإشراك الشباب النابه والذكي في صياغة نموذج حضاري يستطيع ملء الفراغ.

تعميق فكرة الحرية وتوسيع مدياتها دون ضابط، لتحاصر أي مفهوم إصلاحي ديني أو عرفي، مثل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتدخل الأعراف والتقاليد في الحد من هذه الحرية.

التحديات المنهجية الرسالية والإصلاحية

لم تعد نزعة التأكيد على حرية الفرد سائدة في البيئة التي نشأت فيها في العالم الغربي، بل انتقلت وبقوة إلى المجتمعات الإسلامية، بل قد تكون تطلعات هذه المجتمعات للحرية أكبر بفعل البيئة التي يعيشون فيها، ومن هنا فقد تعرضت مفاهيم رسالية وإصلاحية كثيرة للتسقيط والاتهام، وأن الدين يمارس نوعا من التسلط كما تمارسه النظم بأنواعها كافة، وقد تجلى ذلك في أمور ثلاثة:

* الأول: استدعاء النموذج الغربي في الحرية والاستدلال على صلاحيته بتقدم هذا الغرب وتراجعنا وتخلفنا بالنسبة إليه.

* الثاني: تربية الفرد في البيت والمدرسة والمسجد والشارع على أن يكون صالحا لا مصلحا وتجريم فكرة التدخل في شؤون الآخرين.

* الثالث: تعميق فكرة الحرية وتوسيع مدياتها دون ضابط، لتحاصر أي مفهوم إصلاحي ديني أو عرفي، مثل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتدخل الأعراف والتقاليد في الحد من هذه الحرية.

ومواجهة هذا التحدي ببساطة إنما يكون ببناء الحس الرسالي وتعميق المنهج الإصلاحي فكرا وسلوكا.

يجب تكثيف الورش الشبابية التي تعطينا تصورا حقيقيا عن تحدياتهم الواقعية لا الافتراضية، وفهم واقعهم بأدوات البيانات والإحصاءات والعلوم الإنسانية والاجتماعية في التحليل والتوصيف

تلك عشرة كاملة من التحديات المنهجية التي يواجهها الشباب المسلم توصيفا ومعالجة، ولهذا نقترح في هذا الصدد:

* العمل على مشروع علمي يمكن تسميته بالنوازل الشبابية يكون مرجعا للعاملين مع الشباب ونقصد هنا النوازل الفكرية والفقهية والتربوية معا، وتوضيح فقه الواجب في التعامل معها تأصيلا وتنزيلا، وتجاوز المسائل الفكرية والشرعية التقليدية التي لم تعد تهم كثيرا شباب اليوم وما يواجهونه من تحديات.

* إنشاء مجلس تنسيقي للأكاديميات والمنظمات الطلابية يجتمع فصليا لتبادل الخبرات النظرية والعملية وإقامة الأنشطة المشتركة.

* العمل على وضع منهاج نظري وعملي يكون صالحا لبناء الشباب فكريا وسلوكيا، والاجتهاد في اختيار أفضل الوسائل النظرية والعملية في ذلك، ثم يترجم للغات عدة.

* الاتصال بوزارات الشباب في الدول الاسلامية حسب المتاح، وتبني عمل الأنشطة المرئية والمسموعة والمكتوبة.

* تكثيف الورش الشبابية التي تعطينا تصورا حقيقيا عن تحدياتهم الواقعية لا الافتراضية، وفهم واقعهم بأدوات البيانات والإحصاءات والعلوم الإنسانية والاجتماعية في التحليل والتوصيف، مع الأخذ بنظر الاعتبار خصائص وسمات المستهدفين هنا وهم الشباب.

* تأهيل المربين والمتعاملين مع الشباب منهجيا وعمليا وميدانيا من خلال دورات ودبلومات متخصصة.

* توجيه مصادر المال عند المسلمين لهذا الملف من خلال قنوات شتى، مثل دفع الزكاة تحت سهم في سبيل الله حيث الجهاد هنا جهاد عقدي وعلمي ودعوي، ودفع الصدقات والتبرعات، وأن الحاجة إلى بناء عقول شباب الأمة وقلوبهم، أولى في كثير من الأحيان من إشباع بطونهم وتأمين كسوتهم فحسب.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 * ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.





البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع