من منطلق الإيمان الراسخ بأن الدعوة الإسلامية الوسطية الجامعة بين الأصالة والمعاصرة والقائمة هويتها ومنهجها تصوراً وعملاً على الإسلام بشموله لكل شئون الحياة ولأن هذه الدعوة أصبحت العامل الأهم في واقع الأمة والأمل الأبرز لنهضتها ومستقبلها ولأن هذا المسلك هو أصوب الطرق لوضوح منهجيته وسلامة منطلقاته الشرعية وتصديق الواقع والتجربة لما حققه من نجاحات واسعة ولوسطيته في الفكر والعمل دون إفراط ولا تفريط فقد رأيت طرح رؤية أصيلة عصرية حول أهم معالم الهوية والمنهج الإسلامي أملاً أن تسهم في توحيد الفهم وتقليل الخلاف وجمع الكلمة حول الأهداف الكبرى ، وقد استفدت في تصويب هذه المعالم من رأي أكثر من مائة عالم ومفكر ومازال الباب مفتوحا للتقويم والتسديد والموافقة والتأييد ولعل هذه المرحلة يتلوها مرحلة أخرى في البحث والدراسة والتأليف حول هذه المعالم ولعلها في مرحلة لاحقة تتحول إلى برامج ومواثيق ومشاريع وتتلخص وتقوم هذه المعالم على ما يلي :
١. المرجعية في الدين هي الكتاب والسنة وتفهم في ضوء قواعد الإستنباط واللغة العربية ومقاصد الشريعة ويبنى على ذلك فقه المصالح والمفاسد ومآلات الأمور/ ومصادر المعرفة تنحصر في الوحي والعقل والحس والفطرة .
٢. نشر العلم الشرعي والتفقه في الدين وكثرة العلماء الراسخين المجتهدين الصادقين والعناية بذلك شرط لإستعادة الأمة لخيريتها وتجاوزها لمحنتها والحفاظ على أصالتها .
٣. منهج النبوة المحمدية الذي يربط الدنيا بالآخرة والغيب بالشهادة والتشريع بالوحي والعمل بالنية هو المنهج الحق الذي لاسعادة للإنسان في غيره
٤. معتقد ومنهج أهل السنة والجماعة من سلف الأمة هو المعتقد الحق ويسار إلى الترجيح بين أقوال السلف عند الخلاف ولايتهم أحد ممن دخل في عقد الإسلام بالكفرأو البدعة بأعيانهم مالم يصرحوا بذلك أو يصدر منهم مكفر أو بدعة من غير جهل ولا تأويل ولا خطأ ولا إكراه وفق القواعد المعتبرة شرعا .
٥. الأصل في العبادات الإتباع والوقوف عند النص الشرعي والأصل في المعاملات والعادات الإباحة والجواز والحل ولا تحريم فيها إلا بدليل شرعي .
٦. الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى واجبة على كل مسلم والسير في ذلك يقوم على الإصلاح والبناء بالحكمة مراعياً السنن الربانية وحدود الإستطاعة وأحوال المجتمع وخصوصية الزمان والمكان وفق القواعد الشرعية مع اليقين أن طرائق العمل للإسلام ووسائل الدعوة إليه متعددة ولاحرج على من أخذ ببعضها دون بعض بناء على إجتهاد سائغ والتعاون مع كل من يعمل للإسلام واجب شرعي لا يمنع منه الإختلاف في بعض القضايا .
٧. الإجماع الصحيح في الأصول أو الفروع حجة يحرم مخالفته والخلاف الفقهي من أهله وفي محله وبشروطه وآدابه رحمة واسعة لا يمكن رفعه ولا ضرر من وجوده مع حسن الظن بالمخالف من المسلمين مالم يظهر غير ذلك ولا يتعصب لمذهب ولا لجماعة بغير حق ويعرف لأهل الفضل حقهم ويقبل الحق وإن جاء ممن نبغض ويرد الخطأ بالتي هي أحسن وإن جاء ممن نحب ويسعى للحوار البناء القائم على الدليل والبرهان بين جميع طوائف ومذاهب الأمة .
٨. التربية الإسلامية الصحيحة بأهدافها وشروطها وآلياتها ضرورة لصلاح الإنسان ونهضة المجتمع ورقي الأمة .
٩. الإعتناء باللغة العربية ونشرها والارتقاء بالآداب والفنون الإنسانية بأي لغة كانت في إطار القيم الأخلاقية وبالضوابط الشرعية ضرورة لنهضة الأمة .
١٠. الشورى ملزمة فيما لم يرد فيه نص ولا إجماع من السياسات والخطط والبرامج والمواقف في الشأن العام ويقبل من تطبيقاتها المعاصرة مافيه مصلحة للأمة ولا يتعارض مع الشرع وتتاح الفرصة لجميع الآراء من خلال الحوار البناء للتوصل إلى الصواب ويرجع في كل علم إلى المتخصصين فيه .
١١. إصلاح الحكم وتطويره بالوسائل السلمية والتعاون مع الحكام وغيرهم في كل مافيه مصلحة للمجتمع وفق منهج الشرع مطلب ضروري لأي إصلاح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقول كلمة الحق والمناصحة بشروطها الشرعية ليست خروجاً على الحاكم بل هي من باب التعاون على البر والتقوى ولايجوز الخروج على الحاكم الشرعي مالم ير منه كفر بواح وكان في الخروج حينئذ مصلحة راجحة للأمةي تفق عليها أغلب أهل الحل والعقد وكانت الأمة قادرة على ذلك ، والتعددية السياسية الملتزمة بالأحكام الشرعية والأنظمة المرعية هي من باب المصالح المرسلة والخلاف الفقهي السائغ .
١٢. الحفاظ على وحدة أي وطن إسلامي واستقلاله وأمنه ومنجزاته واجب شرعي لايجوز التهاون فيه مع التأكيد أن لهذا الوطن (السعودية) خصوصية ليست لغيره فهو مهبط الوحي ومنطلق الرسالة ومأرز الإيمان ومحضن الحرمين وقبلة المسلمين ويقرر نظامه الأساسي سيادة الشريعة على جميع شئون الحياةولا تناقض بين الإنتماء الفطري للأسرة والقوم والوطن والإنتماء الإختياري للدين والمبدأ .
١٣. نهضة الأمة وحريتها واستقلالها والحفاظ على كرامتها لا يتحقق إلا بالتنمية المستمرة الشاملة إجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وعلمياً وتعليمياً ، ولن يتحقق ذلك على الوجه الصحيح إلا بتطبيق الشريعة في جميع مناحي الحياة وبما سيؤدي إليه من إستقلال القضاء وحماية حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص وحماية الثروات والعدالة في التوزيع وتوفير الخدمات والإرتقاء بالوعي وحماية البيئة وتسهيل إيجاد مؤسسات المجتمع المدني وضمان الحريات المكفولة بالضوابط الشرعية ومنع جميع صور الفساد والإستغلال والظلم والكسب الحرام وحماية المقدسات و الأخلاق والقيم .
١٤. العرب والمسلمون أمة واحدة والسعي لوحدتهم واجتماع كلمتهم والدفاع عن قضاياهم واجب شرعي والتواصل مع شعوبهم وبخاصة العلماء والدعاة منهم أمر في غاية الأهمية مع مراعاة خصوصيات أهل كل بلد ومؤثرات التأريخ والواقع .
١٥. الجهاد ذروة سنام الإسلام وإحدى الوسائل الشرعية لمواجهة العدوان وإعزاز الأمة وإعلاء كلمة الله والإقتتال بين المسلمين مرفوض مهما كان مبرره .
١٦. الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع يجب الحفاظ عليها وقيام العلاقات بين أفرادها على المودة والسكن والبر والتعاون وحفظ الحقوق وأداء الواجبات والنساء شقائق الرجال بينهما مشتركات ولكل منهما خصوصية في الخلق وفي أحكام الشريعة .
١٧. خلق الله الناس سواسية أحرارا لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والحفاظ على كرامة جميع الناس وحقوقهم واجب شرعي ولايجوز النيل من ذلك إلابحكم قضائي .
١٨. للأمة الإسلامية إسهام ريادي حضاري عالمي إنساني أخلاقي يجب أن تنهض به لأن البشرية في أشد الحاجة إليه مع التأكيد على الإنفتاح الرشيد المتبصر على مدنيات العالم المختلفة والتواصل معها أخذا وعطاء من غير ذوبان ولاتنازل عن خصوصيتنا وثوابتنا الشرعية ولن يتحقق إلا بالأخذ بأسباب القوة والنهضة