البحث

التفاصيل

ما هي قصّة “شهر الفخر” عند الشّواذّ المثليّين؟ ولماذا شهر حزيران “يونيو”؟

الرابط المختصر :

ما هي قصّة “شهر الفخر” عند الشّواذّ المثليّين؟ ولماذا شهر حزيران “يونيو”؟

بقلم: محمد خير موسى

 

في شهر حزيران/ يونيو من كلّ عامٍ ينشط الشواذّ المثليّون في العالم للإعلان عن أنفسهم واستجلاب الدّعم لما أصبح مجتمعًا خاصًّا بهم في شهرٍ غدا يُطلَقُ عليه “شهر الفخر” أو ” LGBT pride”، تنتشرُ فيه مسيراتُهم في مختلف أنحاء العالم، وتتضامن معهم الشركات الاقتصاديّة والتجاريّة والإعلاميّة في شهرٍ يُرادُ له أن يُظهِر العالمَ داعمًا للشّذوذ.

كيف بدأت قصّة شهر الفخر؟

حتّى نهاية الستّينات من القرن الماضي كانت المثليّة الجنسيّة بكل صورها وأشكالِها سلوكًا مخالفًا للقوانين في معظم أنحاء الولايات المتحدة الأمريكيّة، وكانت القوانين تنصّ على تجريم استدراج أو ممارسة الجنس مع شخص من نفس الجنس، كما تنصّ على منع ارتداء ملابس مختلفة عن تلك المخصّصة لهم عند الولادة، أي اللّباس الخاص بالذّكر واللباس الخاصّ بالأنثى، وبناءً على هذه القوانين كانت الشرطة الأمريكيّة تتعامل مع أيّ تجمّعٍ للمثليين مهما كان عدده يسيرًا بوصفه تجمعًا “غير منضبط” فيتمّ التّعامل معه تفريقًا أو اعتقالًا.

في نيويورك كانت عائلة “جنوفيس” المشهورة بأنّها من أكثر العائلات إجرامًا في المدينة تدير سلسلة كبيرة من الحانات، فبدأت باستقطاب المثليين وعقد تجمعاتهم غير القانونيّة في عددٍ من حاناتها، وذلك لأنّ عموم الحانات والمطاعم في المدينة كانت ترفض دخول المثليّين إليها، وكانت الشرطة تداهم هذه الحانات باستمرار وتفضّ تجمّعات المثليّين فيها، حتّى كان يوم الثّامن والعشرين من حزيران “يونيو” من عام 1969م، تجمع ما بين ثلاثمئة وخمسمئة من المثليّين في حانة ستونوول “”Stonewal في حي غرينويتش في مانهاتن، وذلك لإحياء مناسبة مرور أسبوع على وفاة نجمة السينما والمطربة “جودي غارلاند” التي ماتت في السابعة والأربعين من العمر نتيجة جرعة مخدّرات زائدة، وكانت هذه الممثّلة مدافعة عن الحقوق المدنية ومساندة للمثلييّن وفي الوقت نفسه معروفةً بنشاطها ضدّ التّمييز العنصري.

داهمت الشرطة المكان كما هو المعتاد في هكذا تجمّعات، غير أنّ المثليين والعاملين في الحانة قرّروا المواجهة، فحدثت اشتباكات أدّت إلى اعتقال ثلاثة عشر من المثليين والعاملين الذين يرتدون ألبسةً مخالفةً للقوانين.

قام المثليّون بمظاهرات على مدار يومين في المدينة، استغلّوا فيها اسم الممثلة التي كانوا يحيون مرور أسبوع على وفاتها، وركبوا موجة مناهضة العنصريّة والتّمييز ضدّ السّود التي كانت تتبنّاها تلك الممثلّة فكسبوا بذلك تعاطف شرائح مجتمعيّة شاركت معهم في المظاهرات التي عرفت فيما بعد باسم “أعمال شغب ستونوول” و”انتفاضة ستونوول” و”تمرّد ستونوول”.

تشكّلت “جبهة تحرير المثليين” “Gay Liberation Front” والمختصرة باسم “GLF” في أعقاب أعمال شغب ستونوول، وذلك على يد رجل الأعمال “كريج رودويل” والنّاشطة النّسويّة “”بريندا هوارد” واستمرّت الجبهة حتى عام 1973م، وركبت موجة التّضامن مع السّود، وكان من أشهر أعمالها في هذا المسيرة إلى بيت احتجاز النساء لدعم السجينة السّياسية السوداء “أفيني شاكور”.

وبعد عام واحد من “أعمال شغب ستونوول” في الثّامن والعشرين من يونيو من عام 1970م؛ تم تنظيم مسيرة للاحتفال بما كان يسمى في ذلك الوقت “يوم تحرير شارع كريستوفر” للاحتفال بالذكرى السنوية لانتفاضة ستونوول، وحدثت مسيرات متزامنة في لوس أنجلوس، وشيكاغو مما جعلها أوّل مسيرات فخر للمثليين في التّاريخ.

الإعلان الرّسمي عن شهر الفخر

كان الاحتفال بيوم فخر المثليين سنويًا يتمّ في يوم الأحد الأخير من شهر يونيو، ثم بدأ التّخطيط لتكون الفعاليات والبرامج على مدار الشهر كاملًا.

كان الإعلان الرسميّ عن شهر يونيو شهرًا للفخرِ على لسان الرّئيس الأمريكي بيل كلينتون عام 1999م، وطالب المجتمع الأمريكيّ بمختلف أطيافه ومؤسّساته بدعم المثليين ومشاركتهم في شهر الفخر.

وفي عام 2011م حدث تطوّر على مفهوم شهر الفخر، وذلك عندما أصدر الرّئيس الأمريكي باراك أوباما إعلانًا بتوسيع شهر الفخر ليشمل مجتمع ثنائيي الجنس والمتحولين جنسيًا، وتمّ الإعلان في بداية شهر يونيو من عام 2011م، أنّه شهر فخر المثليّين ومزدوجي الميول الجنسيّة والمتحولين جنسيًا، وطالب أوباما المؤسسات والشركات الأمريكيّة المختلفة بالمشاركة في هذا الشهر الذي يراد له أن يغدو تظاهرةً عالميّة.

واستجابت العديد من الشّركات العالميّة للتفاعل مع المثليين وغدت تشارك في شهر الفخر سنويًّا بتصميمات خاصّة تطرح في الأسواق العالميّة تحمل علم المثليين وعبارات داعمة لهم، ومن هذه الشركات؛ “شركة ديزني” التي أعادت في عام 2022م تسمية “مجموعة قوس قزح ديزني” باسم مجموعة “ديزني برايد”، و”شركة أبل” التي أصدرت ساعات بأحزمة تحمل علم المثليين، و”شركة نايك” التي أصدرت حذاء بألوان راية المثليين، و”شركة أديداس” التي أصدرت سترة رياضيّة أطلقت عليها اسم “الحبّ يجمع” عليها علم المثليّين، أمّا “شركة أولاي” لمستحضرات التجميل فأصدرت مرطب Olay اللّيلي الشهير لتنعيم التّجاعيد، في عبوة مزينة بألوان علم المثليّين مكتوبًا عليها “Love is Love”، وغير ذلك من الشركات العالميّة الكثير، وهذه نماذج للتمثيل لا الحصر.

هذه هي القصّة الكاملة لشهر الفخر الذي غدا يملأ الأبصار والأسماع من خلال الفعاليات والمظاهرات والإعلانات التجاريّة والتّضامنيّة في محاولةٍ لتصوير تطبيع البشريّة مع شذوذ المثليّة، وممارسة البلطجة ضد أيّ صوت مخالف، ويبقى للفطرة فخرها وأهلها المنافحون عنها المفتخرون بها ولكّلٍ وجهةٌ هو مولّيها.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

 


: الأوسمة



التالي
خطاب مفتوح إلى فخامة رئيس جمهورية طاجيكستان إمام علي رحمن
السابق
التوكل في أمر الرزق

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع